الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط
الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط - Page 41
إنه مأزق العولمة والرأسمالية الجديدة المتوحشة
الأزمات تجتاح أسواق المال العالمية.. والخليج ليس بمنأى
الثبات الجمعة 19 ايلول 2008-
لم يكن سقوط عملاق المصارف الاميركية "ليمان براذرز" و"ميريل لينش", والذي انعكس على "وول ستريت" انهياراً بشكل مدوً, إلاّ مظهراً جديداً لأزمة العولمة الجديدة, التي تولد الازمات تلو الاخرى, مما يؤكد ان هناك خللاً في المنظومة الرأسمالية الحالية, يترجم في كل فترة في شكل انفجارات في مؤسسات اقتصادية ومالية عملاقة نمت بشكل مصطنع, قد لا يتفق احياناً حتى مع مفاهيم اقتصاد السوق. ولهذا, مع اندلاع ازمة "ليمان براذرز" و"ميريل لنش", لم تنجح الاجراءات المالية الاميركية, التي تم تنسيقها بين مختلف المصارف المركزية حول العالم من لجمها, ولا في تهدئة عمليات البيع المحمومة لأسهم المصارف والمؤسسات المالية والصناعية في مختلف بورصات العالم, بعد مرور اكثر من ثلاثة ايام, لا بل تكشفت المزيد من الازمات, التي تطال مؤسسات مالية واقتصادية اميركية عالمية.
هكذا بعد اقل من 24 ساعة من إفلاس "ليمان براذرز" وإنقاذ "ميريل لينش" بصفقة مع "بنك اوف اميركا", اندلعت ازمة لا تقل خطورة تهدد مصير الشركة الاكبر في العالم في مجال تأمين, وهي شركة "اميركان انترناسيونال غروب – إيه أي جي", التي تبين انها تحتاج الى اكثر من 80 بليون دولار لإنقاذها, وبرزت شدة وخطورة المصير الذي وصلت اليه هذه الشركة, ان حاكم نيويورك, دايفيد باترسن, لم يجد امامه الثلاثاء في 16 ايلول, سوى 24 ساعة فقط, ليعطيها مهلة للأنقاذ!
الازمات التي تعصف بالمؤسسات المالية والعقارية والتأمينية وغيرها, باتت تفرض على النظام الرأسمالي – بحكوماته ومؤسساته المالية – إعادة النظر في مفاهيم ومبادىء العولمة ونظام السوق, ذلك لأنه حتى في زمن الكساد العظيم 1929 – 1934, وفي زمن انهيارات البورصات العالمية عام 1987, لم يكن النظام المالي والمصرفي مهدداً بهذا الشكل الخطير والمرعب, مما يعني ان النظام الرأسمالي الحالي سيكون امام مهمة ملحة, وهي التخلي عن احد اهم مبادئه: عدم التدخل في الاسواق المالية, وترك الحرية للسوق ليقرر مصير ومسار الامور الاقتصادية.. وهو امر بأي حال لم تتخلّ عنه قائد العولمة والنيوليبرالية, الولايات المتحدة الاميركية, التي ظلت على الدوام حكومتها تتدخل في الاسواق, وتضخ بلايين الدولارات لإنقاذ مؤسساتها المتعثرة.
الأزمة المالية الجديدة اميركياً, كان لها انعكاسها المدوى على اسواق العالم, ومنها الاسواق العربية, وتحديداً الخليجية, التي أُجبرت او فُرض عليها الانخراط في مجموعة الاسواق العالمية, والانفتاح عليها تحت ضغوط العولمة, فوجدت نفسها في صميم الازمة, رغم ان علاقات المؤسسات المالية ورجال الاعمال الخليجيين مع اسواق المال العالمية لا تتميز بالشفافية, فاجتمع حكام المصارف المركزية الخليجية في جدة, وتداولوا في التخفيف من وطأة الازمة وانعكاساتها على الاسواق العربية, وما يمكن تأكيده على حد مصادر مصرفية عربية على صلة بعمليات الاستثمار المالي, ان هناك بنوكاً إسلامية وتجارية وصناديق سياسية في الخليج متضررة جراء الازمة الحالية, وهي مكشوفة ولو اسمياً خصوصاً ان هناك هيئات استثمارية خليجية كانت قد اشترت قبل اقل من ستة اشهر بنك سيتي غروب, كما تم عقد صفقة ببليوني دولار لإنقاذ ميريل لنش, ناهيك عن ان هناك بنوكاً اسلامية وخليجية توظف اكثر من 30 في المائة من ودائعها المقدرة بأكثر من 500 بليون دولار في اسواق غربية واميركية.
هل من انعكاس للأزمة على اسواق لبنان؟
يبدو انه لن يكون هناك اي تأثير على الاسواق المالية في لبنان, بسبب صغر السوق المالي اللبناني, وعدم وجود إقراض مالي غير مسؤول من قبل المصارف اللبنانية, اضافة الى تركيز المصارف على الودائع في السوق اللبناني, وعدم اتجاهها الى اي مغامرة غير محسوبة, لا بل هي لا تجيدها في الاسواق العالمية.. واذا كان من خطر قد يلوح في الافق, فهو إقراض المصارف اللبنانية للدولة اللبنانية بقدر كبير, خصوصاً ان هذه الدولة مضطرة لتلبية استحقاقات داهمة في العام 2009. (انتهى)
___________________




