الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط

الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط - Page 30

Friday, 05 June 2009 19:19 | PostAuthorIconWritten by | PDF Print E-mail
Article Index
الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط
Page 2
Page 3
Page 4
Page 5
Page 6
Page 7
Page 8
Page 9
Page 10
Page 11
Page 12
Page 13
Page 14
Page 15
Page 16
Page 17
Page 18
Page 19
Page 20
Page 21
Page 22
Page 23
Page 24
Page 25
Page 26
Page 27
Page 28
Page 29
Page 30
Page 31
Page 32
Page 33
Page 34
Page 35
Page 36
Page 37
Page 38
Page 39
Page 40
Page 41
Page 42
Page 43
Page 44
Page 45
Page 46
Page 47
Page 48
Page 49
Page 50
All Pages
Page 30 of 50

البلقنة آتية الى الشرق الاوسط
من الباب الايراني!

المصدر: "الحوادث" الجمعة 9 آيار 1980 العدد1227 (مصحح)
    انتخابات البيت الابيض تضع اميركا في حالة انعدام الوزن
بقلم سليم نصّار
     منذ قرن تقريبا, وفي عام 1885, امر رئيس وزراء بريطانيا غلادستون بشن حملة تأديب ضد المهدي الكبير في السودان. واعترف اثر مصرع قائد الحامية العسكرية الجنرال غوردون على يد المهدي وأنصاره, بأنه إرتجل قراره على نحو مخالف لارادته وقناعته.ولكنه فعل هذا  استجابة لحماس الجمهور البريطاني الذي رأى في "المهدية" وجوده السياسي والاقتصادي في افريقيا والشرق الاوسط! وبعد مرور مائة سنة على مجزرة الخرطوم, ادعى الرئيس جيمي كارتر انه واجه ظروفاً مشابهة للظروف التي أملت على غلادستون قراره المتهور, لذلك امر بالمغامرة العسكرية في ايران لاعتبارات ملحة أهمها: هياج الرأي العام الاميركي, واستفزاز السياسة "الخمينية".  وهي القوة الغامضة الجديدة التي اربكت نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الاوسط, وهددت مصالح الغرب الحيوية في المنطقة.
  من الواضح ان الادراة الاميركية تواجه في الشرق الاوسط مناخاً سياسياً مشحوناً بدعوات اجتماعية غير مألوفة. وكلها من نوع التيارات الروحية والدينية والعصبية التي أزعجت الامبراطورية البريطانية في "غاندية" الهند, و"مهدية" السودان, و"ملاية" الصومال. وبدلا من ان تحتوي تفاعلاتها بمرونة وحكمة وحذر, فقد تصدت لها بانفعال,وضيق صدر, وعداء بلغ حد الانتحار. وكأن عملية انقاذ الرهائن ليست اكثر من لغم موقوت دسه كارتر وبريزنسكي وبراون لتحريض الطلاب في طهران على قتل اسراهم. وفي رأيهم ان مشهد الضحايا ومنظر الدماء قد يستثيران الثور الاميركي الهائج, وتصبح الحملة العسكرية مطلباً شعبياً يقوي سلطة سيد البيت الابيض لدى الكونغرس, ويبرر مغامراته الحربية امام منافسيه داخل الحزبين, الديمقراطي والجمهوري.
   ومثل هذه الميكافيلية ليست بدعة جديدة في سياسة البيت الابيض. فالوثائق التي نشرت عن الحرب العالمية الثانية تشير بصورة التأكيد الى ان المخابرات الاميركية قد أبلغت الرئيس روزفلت مسبقاً معلومتها حول خطة الهجوم الياباني. واحتفظ الرئيس المقعد بالسر مع كبار معاونيه, وكتب لتشرشل ينبئه بأن إدارته تبحث عن المبررات المقنعة لتوقيت اعلان الدخول في الحرب. ثم جاءت عملية "بيرل هاربور" لتثبيت الظنون, وتقدم لروزفلت العذر السياسي الذي يطلبه, والمبرر العسكري الذي يتوقعه. وكانت صور جثث البحارة الاميركيين وهي طافية بالمئات فوق سطح مياه "الباسفيك" ... ومشاهد البوارج المحترقة, هي الدم الاحمر الذي كان يبحث عنه سيد البيت الابيض لشحن الثور الاميركي بالسخط والهياج ورغبة الانتقام. ولهذا قيل ان الولايات المتحدة دخلت الحرب عام 1941 عن طريق مرفأ "بيرل هاربور". كما يقال حالياً, انها تستعد لدخول الحرب عن طريق مضيق "هرموز". ومعنى هذا انها بحاجة الى مزيد من الاحداث الدراماتيكية كعملية انقاذ الرهائن, التي انتهت بفشل مذل ومهين للجيش الاميركي, لتوليد اكبر كمية من السخط والغضب لدى الرأي العام, خاصة بعدما نقل التلفزيون مشاهد الايرانيين وهم يعبثون بجثث الجنود المحروقة. والمهانة عند الجيش والغضب عند الشعب, هما المادتان الاساسيتان اللتان يصنع منهما الرئيس كارتر قراره العسكري.
   يبد ان هذا القرار لم يحقق النتائج المرجوة, على الصعيدين الداخلي والخارجي. فقد انقسم السياسيون حول تقديم استقالة وزير الخارجية سايروس فانس, واحتاروا في تفسير ما عجز هو عن ايضاحه كسبب يتعلق بمبدأ عام. وفانس هو ثاني وزير للخارجية الاميركية يتخلى عن منصبه لخلاف مبدئي مع رئيسه بعد "بريان" عام 1915.
   والمبدأ الذي عناه فانس يتعلق برفض استخدام الكذب والدجل والغش, كوسيلة من وسائل التعامل السياسي, ان كان مع الاعداء او مع الاصدقاء. فالحقيقة التي أوصاه كارتر بنقلها الى زعماء الحلف الاطلسي في اوروبا كانت غير الحقيقة التي نفذها في ايران. فقد حمله شرطا تعجيزيا قبلته الاسرة الاوروبية الغربية على مضض, عندما طلب تأييدها في الحصار الاقتصادي لئلا يضطر الى استعمال القوة! وبعد الاعلان عن الحظر الاقتصادي فوجئت اوروبا بالعملية العسكرية. وكانت مفاجأة الوزير المخدوع سايروس فانس مزدوجة: مرة لأن رئيسه تعمد غشه في المهمة الاوروبية...  ومرة ثانية لأنه نقل كذبة يجهلها بصورة حقيقة كان يبشر بها. ولكي لا يسبغ على نفسه صفة "الديبلوماسي الدجال" فقد آثر التواري في الظل لأن  واجبه نحو الحقيقة كان اقوى من واجبه نحو الرئيس. أو حتى نحو فلسفة الكذب التي طرحها أمامه الاكاديمي بريزنسكي كخطة تمويه لخداع السوفيات فقد حاول اقناعة بشعار ونستون تشرشل القائل: "في زمن الحرب تبقى الحقائق محفوظة بفضل حراسة الاكاذيب!"
   وهكذا سقط من هذه الادارة خامس مسؤول.وكان سقوطه احتجاجاً على وسائل التعامل السياسي مع الاصدقاء والاعداء, لا فرق. وفي رأيه أن توظيف مشكلة المحتجزين في ايران ليست اهم من قضية احتلال افغانستان, الا اذا كانت انتخابات الرئاسة اهم من وحدة الحلف الاطلسي مع اوروبا والوفاق الدولي مع السوفيات.
   ويعتقد زعماء اوروبا ان قبول استقالة فانس بهذه العجالة, هو مؤشر سياسي خطير يؤكد اصرار كارتر على تنفيذ خطوات عسكرية اضافية في وقت لاحق من هذا الربيع.وقد تكون مغامرته مستقلة عن اوروبا, كما حدث في محاولة انقاذ الرهائن. ولكنها حتماً ستورط كل اعضاء الحلف الاطلسي, حسبما حذر المستشار شميت. فهو يرى ازمة الشرق الاوسط نسخة جديدة للاحداث التي قادت الى "البلقنة" عام 1914 فقد كانت تلك المنطقة ساحة مثالية للانقلابات والاغتيالات, والحريات القومية, والتيارات الطائفية والاضطرابات الوطنية, والاعدامات السياسية. كما  كانت في الوقت ذاته,مسرحاً لصدامات القوى الخارجية مع القوى الداخلية, تماما ًكما يحدث الان فوق ساحة الشرق الاوسط بدءاً بلبنان وانتهاء بايران.
  ويرى المراقبون ان ساحة النزاع هذه قد اتسعت على طول الخط الدفاعي المهتز من ايران حتى يوغسلافيا وقد تكون وفاة الزعيم تيتو مدخلاً لتحول تاريخي ومقدمة لتوسيع مسرح العمليات الدموية. ولكن الشرق الاوسط ليس البلقان ... وعملية "الدست الكبير" في ايران لا يجوز مقارنتها بعملية خليج الخنازير في كوبا. لأن بحر الخليج غير البحر الكريبي. انه المنطقة الوحيدة في العالم التي تلتقي فيها المواقع الاستراتيجية فوق الارض, بالمواد الحيوية تحت الارض. اي انها خط الدفاع الاول لاوروبا... ودم الحياة الاساسي للحضارة الصناعية. والتاريخ مليء بالحروب التي نشأت بسبب انقطاع العلاقة بين الاستراتيجية العسكرية والحاجات الحيوية. ان ترابط الاحداث بين ما يجري في ايران وما وصلت اليه ازمة الشرق الاوسط, قد اثر بشكل عميق على التفكير الاميركي, وعلى الرئيس كارتر بنوع خاص, فلو لم تصبح اتفاقية "كامب ديفيد" مجمدة وفاشلة في بعض نواحيها, فإن الهزيمة السياسية والاقتصادية التي حصلت بعد سقوط الشاه ربما كانت اقل وقعاً. والعكس صحيح ايضاً. من هنا يرى المراقبون ان الرئيس بدأ يقترب في سياسته اكثر فأكثر من خطوات كيسنجر. كما بدأت شوكة "الصقور" من حوله تشتد وتقوى وتطالب بالتدخل في كل مكان ... وكل زمان, سواء وافقت دول حلف الاطلسي على المشاركة ام لم توافق. من هنا اصبحت الولايات المتحدة اكثر عزلة عن حلفائها في عهد كارتر منها في عهد اي رئيس سابق. كما اصبحت في سياستها الخارجية اكثر غموضاً من أي وقت مضى. وهذا ما تأخذه عليها الانظمة اليمينية المتعاطفة معها في الشرق والغرب. لأن كارتر لم يحدد خصومه... ولم يحدد اصدقاءه ... ولم يحدد الذين يقعون بينهم. وعلى هذا استحق لقب "رئيس التذبذب", و "الحاكم الذي يحيل الامور الحسنة الى ... سيئة".
  ان القرار العسكري يشبه دائماً بالسلم الكهربائي. من السهل الصعود عليه ... وإنما من الصعب النزول عليه, دون التعرض للسقوط. ولقد اكتشف "كارتر" بعد عملية ايران الفاشلة,  ان السلم العسكري الذي صعد فوقه لا يمكن النزول بواسطته الا اذا خسر رئاسة الجمهورية. وبما انه عازم على تجديد ولايته بكل الوسائل الملتوية والدموية, فإن ايران ستظل المختبر الاول والاخير لمثل هذه المغامرات.
   بين الطروحات الايجابية التي قدمها مرشح الحزب الجمهوري "ريغان" كان الكلام الذي كرره بعد 140 سنة عن "الكسي دوتو كافيل" وفيه يقول "ان اميركا تصبح في حالة انعدام الوزن عندما يقرر احد رؤسائها تجديد ولايته". لهذا طالب بتعديل الدستور لجهة حصر الولاية بدورة واحدة فقط.
   ويبدو ان هذا الكلام كان مشكلة داخلية منذ مائة واربعين سنة. ولكنه اليوم اصبح مشكلة داخلية وخارجية, لأن للرئيس الاميركي مسؤوليات عالمية تتعدى حدود بلاده. وعندما يكون هذا الرئيس "رئيساً للتذبذب", فإن مزاج العالم يصبح عرضة للانهيارات النفسية والسياسية.
وهذا مايحدث بالفعل! (انتهى)
___________________


<< Prev - Next >>

 
القائمة الرئيسية
  • الرئيسية
  • الأرشيف
  • عن الوكالة
  • عباس بدر الدين
  • قالوا في عباس بدر الدين
  • الصحف اليومية
  • راسلنا
Banner
Banner
حول ملف الإخفاء
  • س س
  • العقيد القذافي
    • ليبيا القذافي
  • لكلمته صولة
  • مطالبات
  • مطالبات - تابع
  • التوطين
  • د.مسيكة :هذه هي وقائع التحقيق
  • التحقيق الايطالي في جريمة الاخفاء
  • من المؤكد
  • قانون انشاء المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى ونظامه الداخلي وملاك موظفيه العام
  • موسى الصدر لماذا هو؟
  • معلومات عن خطف الإمام وصحبه
Banner
للعلم والمعرفة
  • العلمنة
  • الوفاق الذي عاش 30 عاماً
  • مصير لبنان في مشاريع
  • تاريخ قوات حفظ السلام في لبنان
  • الخريطة الاميركية للشرق الاوسط
  • الاستراتيجية الاميركية في المنطقة
  • الثورة الإسلامية الإيرانية
  • طائرة الموت الايرانية
Banner
Banner
Banner
Banner

Copyright © 2010 LNA.
All Rights Reserved.

Designed by MS Graphics.