الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط
الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط - Page 5
الوطن العربي" تذهب بعيداً مع "صانع" القرار 242
اللورد كارادون:كامب ديفيد مولود ميت
القرار 242 يحتاج الى بندين إضافيين
المصدر: "الوطن العربي" 2/3/1980 العدد 168-مصحح
(أ.ل)- اللورد كارادون لا يحتاج الى تعريف. لقد رافق القضية الفلسطينية منذ الثلاثينيات. وتوصل في 12 تشرين الثاني (نوفمبر) 1967, وهو سفير لبرطانيا في الامم المتحدة, الى وضع صيغة القرار 242 المعروف, هذا القرار المطروح اليوم للتعديل, بإضافة بندين عليه, كما يقول كارادون نفسه.
كتب هيوغ فوت (اللورد كارادون) في العديد من الصحف الانكليزية, وقام بعدة زيارات للارض المحتلة, كان اخرها منذ اسبوع, حيث عاد بشهادات حية من المواطنين هناك. وقد التقته "الوطن العربي" اثر عودته, وقبل سفره الى الولايات المتحدة لالقاء سلسلة محاضرات عن القضية الفلسطينية في الجامعات الاميركية. واللقاء جاء شاملاً. لقد بدأ بذكريات اللورد كارادون في فلسطين وانتهى بتصوراته لمستقبل المنطقة, وأزمة الشرق الاوسط.
فلورنس رعد
بريطانيا ... وسياسة الوجهين
- ما هي وجهة نظرك كبرطاني في فلسطين ابان الانتداب . وممثل لدولة وثبت ما لا تملك وفرطت ما أؤتمنت عليه؟
• إن فشل الادارة البريطانية في فلسطين امر مؤكد, فقد ارتكبت خطيئتين: الاولى جعلت العرب الذين قاتلوا الى جانب الحلفاء لطرد الاتراك في الحرب العالمية الاولى يعتقدون بأنهم يحاربون من اجل حريتهم, وفي الوقت نفسه جعلت اليهود يعتقدون بعد اعلان وعد بلفور عام (1917) انهم سوف يحصلون على وطن قومي لهم في فلسطين. ويشارك بريطانيا في هذه المسؤولية بصورة خاصة الولايات المتحدة الاميركية التي شجعت بريطانيا على انتهاج هذه السياسة, لكن اعترف بأن المسؤولية الاساسية تقع على عاتق بريطانيا.
نعم, ان سياسة الوجهين التي اتبعتها كانت كارثة.
ذكرياتي في فلسطين
- كنت في فلسطين منذ العام 1929 حتى 1939. فما هي ذكرياتك عن هذه الفترة؟
• في الفترة الاولى كنت موطفاً حديثاً, لكن في العام 1936 أصبحت مسؤولا عن منطقة "السامرة", وذلك في خلال الثورة العربية (1936 – 1939) وسكنت في نابلس مدة ست سنوات. وقد التقيت في هذه الفترة الكثير من الشخصيات الانكليزية منهم السير ونستون تشرشل, وكنت متفهماً لأسباب الثورة العربية, لكن التزامنا بسياسة الدولة كانت تمنعنا نحن الموظفين الصغار من التعبير عن أرآئنا الشخصية. لقد تحدثت آنذاك عن صعاب ضبط الوضع في فلسطين مع تشرشل في مكتبي. في احد تنقلاته بين دمشق والقدس.
كانت معظم اقامتي في القرى العربية, لكن كان عليّ ان أولي بعض الاهتمام للمناطق الساحلية في فلسطين. لم يكن عدد المستوطنات اليهودية كثيراً في تلك الايام, لكن عمليات شراء اليهود للاراضي كانت تتفاقم وتتزايد وبالتالي كانت المشاكل تزداد تعقيداً يوما بعد يوم.
ونظراً لطوفان المهاجرين اليهود, وزيادة شراء الاراضي, توقعنا ان يكون رد الفعل العربي عنيفاً خصوصاً. بعدما بدأت تصدر في دمشق وبغداد تصريحات مؤيدة للفلسطينيين, وتعدهم بالدعم العسكري.
وبالفعل, بدأت المعركة الاولى في التلال بين نابلس وجنين, وذلك بين شرطة الانتداب والمتظاهرين العرب.
وتابع:
لقد عرفت كل قرية من اقليم نابلس وطولكرم وجنين ومعظم القرى الاخرى في شمال فلسطين, كما اعرف بلادي.
وقد عملت فيما بعد في قرى ما يسمى آنذاك شرق الاردن. وسرت وحيداً على قدمي من صيدا الى دمشق.ومررت فوق جبل الشيخ.
يرمي قطعة حطب في الموقد الذي يزداد التهاباً ويتساءل: أين وصلنا؟ أيوه... لقد قضيت 15سنة من شبابي في منطقة الشرق الاوسط التي اتمنى ان تعيش في تآلف سياسي ورخاء اقتصادي...
مسألة القرار 242
- لقد رافقت مشكلة فلسطين منذ بداياتها.. ومن ثم ارتبط اسمك عبر القرار 242 بمحاولة تسوية من وحي الخضوع للأمر الواقع .. وعلى اساس هذا القرار الذي عاد الى الواجهة في ظل الطريق المسدود الذي وصلت اليه مباحثات الحكم الذاتي ...
فهل تعتقد بأن تعديل القرار 242 يمكن ان يؤدي الى ازالة الاعتراضات الفلسطينية والعربية علة كأساس للتسوية؟
• ليس ثمة حاجة الى تعديل للقرار 242, بل يتوجب اضافة بعض الفقرات عليه وبالأخص فقرتين هما:
- الفقرة الاولى: النص على العودة الى حدود ما قبل حزيران (يونيو) 1967.
- الفقرة الثانية: النص على الحقوق الفلسطينية المشروعة.
- اجتماع كارتر – بيغن – السادات مسرحية جديدة في موسم الانتخابات
لقد كان من المفروض التركيز على استعادة الاراضي المأخوذة بالقوة في العام 1967 في الشرق الاوسط.
فنحن لم نهدف لجعل حدود 1967 حدوداً دائمة, بسبب أن هذه الحدود كانت مجرد خطوط لوقف اطلاق النار رسمت في ليلة ما قبل عشرين سنة.
وهذه الحدود غير مناسبة لإعتبارها حدوداً دولية ودائمة.
- إن الانتقال الاكثر جدية يتركز حول ان القرار 242 يدعو الى حل مشكلة اللاجئين متجاهلاً حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
• ان الفلسطينيين لم يتقدموا بمطالبهم الا بعد صدور القرار, لكنه كان تطوراً بالغ الاهمية بالنسبة اليهم. اجل يجب الاقرار وجاهة مطالب الفلسطينيين والاقرار بحقوقهم, ولكن ليس بالتخلي عن مبدأ 1967 المتمثل في القرار 242, لكن بإضافة مبدأ حق تقرير مصير الشعب الفلسطيني في ارضه المسترجعة فلسطين.
وقد قال الملك حسين في هذا المجال: "اسرائيل لن تتحمل وجود دولة مستقلة فلسطينية في فلسطين أو الضفة الغربية" واسرائيل ليس لها الحق بإتخاذ هذا القرار وليس لي هذا الحق, وليس لأحد الحق في اتخاذ مثل هذا القرار غير الفلسطينيين انفسهم".
هذا هو المطلوب
- ما هو المطلوب الان؟
• ان المطلوب ليس تصحيح او تغيير القرار 242. لكن اضافة قرار جديد يجعل القرار المتخذ قبل عشر سنوات يتوافق والوقت الحالي عبر هذه الفقرات المقترحة:
1- الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره في اراضيه.
2 – تحت اشراف الامم المتحدة وبضمانتها تجري في خلال مرحلة انتقالية تمتد سنتين انتخابات حرة في المناطق المحتلة يقرر فيها سكانها مصيرهم بحرية.
3 - يجب التوصل الى اتفاقية لوقف اساليب العنف كلها والاستيطان في الارض المحتلة.
4 – تشكيل لجنة حدود دولية تقدم اقتراحاتها لمجلس الامن, بخصوص ايجاد حدود دائمة وآمنة ومعترف بها بين اسرائيل والدول العربية المجاورة لها.
5 – إيجاد ضمانات دولية, للحفاظ على حقوق كل دولة بالعيش بسلام وحرية.
- انك تعود من زيارة قريبة العهد الى الارض الحتلة. ما هي انطباعاتك عن الوضع هناك. وهل ترى ان اسرائيل مستعدة لمنح الفلسطينيين بعض الحقوق؟
• ان اخطر الانطباعات التي حملتها من الشرق الاوسط هي انطباعي بأن المؤشرات تدل على عناد الاسرائيليين, ورفضهم ايجاد نقاط تفاهم, أو لقاء مع الفلسطينيين.
ان السياسة الاسرائيلية في هذا المجال تصر على موقفها السلبي والمتعصب والمعادي للفلسطينيين, والذي تبرره بدواعي حقد منظمة التحرير الفلسطينية على الكيان الاسرائيلي. وتبدو اسرائيل كأنها تعامل فلسطينيي الداخل على انهم رهائن, والأسوأ من ذلك انها تهمل استشارتهم أو اخذ آرائهم بعين الاعتبار.
وفي المناقشات الجارية حول الحكم الذاتي تظهر بوضوح ضآلة الاهتمام الذي تبديه الحكومة الاسرائيلية لهذه المشكلة وضعف استعدادها لإعطاء الفلسطينيين بعض الحقوق اذا فكرت بذلك. بعد سنوات من التأخير والمماطلة. ويعني ذلك انه يجب على الفلسطينيين ان يعيشوا حتى ذلك تحت سيطرة الجزمة الاسرائيلية, ينظرون الى ماتبقى من اراضيهم التي لا تتجاوز مساحتها ربع المنطقة التي كانوا يعيشون فيها, والتي تنتزع منهم لإقامة مستوطنات ومدن اسرائيلية جديدة.
وبينما كنت استمع الى ما يقوله الفلسطينيون في القدس وجنين وطولكرم والخليل, ادركت بوضوح اسباب ودوافع هذا اليأس الذي يعيشه الفلسطينيون ودواعي النقمة التي يشعرون بها من جراء اعمال الاضطهاد التي تمارس بحقهم, والتي تهدف الى تدميرهم نفسيا.
كما استمعت الى تصريحات زعماء اسرائيليين, وكلها تشير الى : ان جوانب القضية الفلسطينية تناقش في الحاضر والمستقبل من دون الالتفات الى امنيات واهداف الشعب الفلسطيني.
ويضيف اللورد:
• عندما اعلنت غولدا مئير ان الفلسطينيين ليس لهم وجود, كانت في الحقيقة تعبر عن أمل يراود الاسرائيليين جميعاً بأن مشكلة مستقبل الفلسطينيين يمكن, بكل بساطة, تجاهلها الى ان تتلاشى هذه المشكلة من تلقاء ذاتها!!
ومن المؤكد ان الكثير من الزعماء الاسرائيليين يشاطرونها هذا الرأي. ويبدو ذلك من الحركة الاستيطانية في الخليل فيما يتفاوض المصريون مع الاسرائيليين حول الحكم الذاتي للفلسطينيين.
هذه الامور ليست سراً, فمنذ فترة طويلة عرض ايغال يادين مشروعه بإقامة حزام من المستوطنات على طول وادي الاردن ظناً منه ان هذا الحزام يضمن لإسرائيل الامن, بينما يدعو اريل شارون الى بناء مئات المستوطنات في الاراضي الفلسطينية... في حين يذهب عيزرا وايزمان بعيداً جدأ في التحدث عن مدن اسرائيلية في الضفة الغربية...
والمؤكد انها ليست سياسات جديدة اوجدها مناحيم بيغن, كلما فعله بيغن كان تبني اقتراحات زملائه الذين سبقوه في الحكومات المتعاقبة في اسرائيل.
- ما هي المعالم البارزة في ذكرياتك عن آخر زيارة قمت بها للارض المحتلة؟
• اجتمعت في القدس بإمرأة فلسطينية كانت تمتلك منزلاً في القسم العربي من القدس الذي احتلته القوات الاسرائيلية.
زوجها كان مريضاً ولا مكان اخر لديها تذهب اليه والتعويضات التي عرضت عليها لم تكن كافية لشراء بيت آخر, وكانت هذه الامرأة مجبرة على الذهاب, لكنها رفضت؟ "العربي يجب ان يبقى في منطقته".
اجتمعت مع طالب من جامعة بيت لحم كان يشعر بالنقمة من تدخل الادارة العسكرية الاسرائيلية في شؤون جامعته. واذكر انني سمعت من الطلاب قبل ذلك كيف ان الجنود الاسرائيليين جاءوا ومزقوا كل ما حوته مجلة "الحائط" الجامعية, والملصقات كلها على جدران الجامعة من دون ابداء اي سبب.
اجتمعت بمزارع فلسطيني صودرت مئات من الدونمات من ارضه لإعطائها للمستوطنين اليهود وكان يشعر بالخوف من احتمال قيام السلطات الاسرائيلية بالخطوة التالية وهي تحويل مصادر مياهه الى هذه الاراضي المصادرة. الامر الذي يؤدي الى القضاء على المزروعات في الارض الصغيرة التي بقيت له.
اجتمعت باستاذ فلسطيني وكان عليه ان يسرع للاجتماع بالحاكم العسكري الفلسطيني والتوسل اليه لتمديد فترة اقامته ووظيفته كمدرس قلت له: ولكنك فلسطيني في وطنك. اجاب المدرس: نعم ولكني في جامعة اميركية ولا استطيع البقاء هنا إلا بإذن من السلطات الاسرائيلية وهي تستطيع في اي لحظة ان تحجبه عني.
لكن الغضب الذي شعرنا به بعد سماعنا قصة هذا الفلسطيني قد تضاءل أمام ادراكنا ان مليون فلسطيني لا يملكون حق العودة الى ارضهم ابداً.
حيثما توجهت في الضفة الغربية وشرقي الاردن. كنت اواجه بشكاوى وباحتجاجات مؤلمة وربما كان اسوأها بقاء المستوطنين الاسرائيليين في الاراضي العربية في حماية الجيش الاسرائيلي والادارة العسكرية بينما على الفلسطينيين ان يقبلوا بشيء مجهول اسمه الحكم الذاتي في ارض ورثوها عن اجدادهم.
كنت اتمنى لو....
- اليس هناك احتجاج اسرائيلي؟ ولا حتى صوت واحد يتعاطف مع الام الفلسطينيين؟
• كنت اتمنى ان يتجنب الاسرائيليون الذين هربوا من الضغط والارهاب انفسهم القيام بممارسة اساليب الارهاب نفسها على شعب اخر بعدما اقاموا وطنهم القومي على انقاض وطنه. كنت اتمنى بأن هؤلاء اليهود الذين عانوا من احتجاز حرياتهم. لن يحجبوا هذه الحرية عن شعب آخر, كنت اتمنى ان يدرك الاسرائيليون ان امنهم لا يمكن تحقيقه عن طريق سياسات الهيمنة والقمع والتسلط. فهذه السياسات ستؤدي بشكل حتمي الى ميلاد جيل آخر يؤمن باراقة الدماء والتدمير, لم تراود وحشيتها مخيلة ابناء الجيل الحالي.
ويقول بعض السياسيين المتفائلين انه يجب تغيير اهداف ومواقف السياسة الاسرائيلية وان هنالك مؤشرات على امكان تغييرها... ولكن يجب الاعتراف انني اجد نفسي مرغماً على القول ان البيانات الحكومية الاسرائيلية لا تتضمن دليلاً واحداً على هذه النية في التغيير.
وفي الحقيقة. قال لي بعض الساسة الاسرائيليين الذين يتشوقون مثلي لترك السياسات البالية القائمة على تجاهل الحقوق الفلسطينية: ان القيادة السياسية الاسرائيلية لا تفكر حتى بإعطاء الفلسطينيين حق تقرير المصير وبناء دولتهم المستقبلية على الرغم من قيام السادات بزيارته للأرض المحتلة.
- ما هي انطباعاتك حول مستقبل المنطقة؟
• ان انطباعاتي الاساسية تتلخص في ان مستقبل امن جميع البلدان المعنية بما فيها اسرائيل يمكن التوصل اليه فقط بالإتفاق والمساواة والاحترام والثقة المتبادلة. ان تصور اسرائيل انها تستطيع تحقيق الامن بالسيطرة العسكرية, وبالقمع وبتشريد الفلسطينيين ضلال مطلق, فلا شيء اكثر قدرة على جلب الكوارث على اسرائيل مثل هذه الفكرة. وعلى الجميع عدم الاعتماد على القوة, لأن مثل هذه المحاولة تؤدي يقيناً الى تجدد النزاع, وبنتائج رهيبة بالنسبة الى الجميع.
وفي قرارنا رقم 242 الصادر عن مجلس الامن, تحدثنا عن حدود آمنة ومعترف بها, فالأمن لا ينتج عن الاخضاع وانما عن الاتفاق, وهذا احد الاسباب الاساسية لأهمية حق الفلسطينيين في تقرير المصير.
القدس ... بوابة السلام
من المعروف ان القدس هي عقدة العقد في السلام العربي الاسرائيلي. فكيف ينظر الى وضع القدس في القرار 242؟
• لقد كان متداولا في الامم المتحدة قبل الاقتراح (القرار) بعدم تقسيم المدينة وبوضعها تحت سلطة دولية خصوصاً ان الاطراف المعنية تريد جعلها ساحة للاشتباكات مرة اخرى. وهذا ما يجعل الاقتراح بعدم تقسيم المدينة عملياً وممكناً.
لكن هذا الاقتراح لم يعد مقبولاً, فلا العرب يوافقون عليه ولا الاسرائيليون يقبلون به. وعلى العموم, فإننا نعتقد ان من الافضل ان يحكم العرب الجزء الشرقي من المدينة. وان يحكم الاسرائيليون الجزء الغربي, اما الاشراف الدولي, فيمكن ان يوجه الى ضمان حرية الاديان وحرية الانتقال الى الاماكن المقدسة للجميع.
وتبعاً لذلك, يمكن تعيين مبعوث دولي لا لكي يدير المدينتين, وإنما لكي يضمن من خلال السلطات المسؤولة في كلا الجانبين حرية الانتقال وحق التوجيه للجميع الى الاماكن المقدسة, كما ان من المتفق عليه تجريد المدينة كلياً من السلاح.
الالقاب لا تكفي...
- هل ترى ان بداية فترة "تطبيع" العلاقات بين مصر واسرائيل. قد يساعد مفاوضات الحكم الذاتي؟
• لقد فندت سابقاً آرائي حول التفكير الفلسطيني والاسرائيلي داخل اسرائيل, واضيف بأن بدء التطبيع بين اسرائيل ومصر من دون الاقرار الاسرائيلي العلني, ولا حتى الضمني, بوجود الشعب الفلسطيني, والاستمرار في تجاهل حقوقه في بناء المستوطنات المستمر, ذلك كله يقيم الدليل على ان مصر فقدت آخر اوراقها التفاوضية في مجال الحكم الذاتي, خصوصاً في ضوء التصريحات الدائمة والمكررة للزعماء الاسرائيليين في هذا الموضوع.
- ما هو رأيك بفوز السادات وبيغن بجائزة نوبل للسلام. ولقب امير السلام الذي تعتزم الجامعات الاميركية منحه للسادات؟
• الالقاب لا تكفي لصنع السلام...
- هل تظن ان اجتماع الرئيس كارتر الاخير بكل من بيغن والسادات سيؤدي الى "حلحلة" مفاوضات الحكم الذاتي؟
• انها مسرحية في موسم الانتخابات, واتفاقيات كامب ديفيد هي مولود ميت, ولا اظن ان اميركا في تناقضاتها وسياستها المترددة, ولا سيما في هذه الفترة بالذات تستطيع القيام بأي ضغط كان على إسرائيل خصوصاً في ضوء احتياج كارتر للأصوات اليهودية.
- ما هو السبب في تأخير المبادرة الاوروبية. وتأجيل النظر في مجلس الامن لمدة شهرين في موضوع اعطاء الفلسطينيين حق تقرير المصير. أي تأجيله الى ما بعد إنقضاء الفترة المحددة لإنتهاء المفاوضات المصرية الاسرائيلية حول الحكم الذاتي. وهذا على الرغم من الاتجاه الاوروبي المتزايد نحو الاعلان عملياً عن وجوب معالجة القضية عبر الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني؟
• مما لا شك فيه ان التطور الرئيسي هو ازدياد حجم الرأي العام الدولي الذي يؤيد حقوق الفلسطينيين, وهذا التطور جاء في وقت متأخر مع ان الحجج التي تدعو الى تأييد حقوق الفلسطينيين كانت واضحة منذ اكثر من عقد من الزمن.
ولا شك ان الاستفزازات الاسرائيلية و الاخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة اسهمت في تحقيق الوعي الدولي الجديد بالقضية الفلسطينية وتشجيع هذه الاتجاهات وثمة عامل آخر كان له اثر من دون ادنى شك. وهو الاجراء المسؤول والموحد الذي اتخذه رؤساء بلديات فلسطين في وجه تدخل سلطات الاحتلال دفاعاً عن تأييدهم لمنظمة التحرير الفلسطينية. واعتراضهم الجماعي على استمرار السيطرة العسكرية الاسرائيلية.
ان قوة التأييد لحقوق الفلسطينيين في تقرير المصير لا تقتصر على اوروبا حيث يقوم اجماع على هذا المبدأ بالاضافة الى الاجماع على وجوب تحقيق التسوية استناداً الى المبادىء التي نصّ عليها قرار 242 الصادر في 1967.
والمهم ان الاتحاد السوفياتي لم يسحب تأييده لهذا القرار. كذلك, مصر واسرائيل في اثناء توقيعهما معاهدة كامب ديفيد. لذلك. عندما قرر طرح موضوع الدولة الفلسطينية في مجلس الأمن, فضلت اكثرية الدول لا سيما الاوروبية منها تأجيل مناقشته لمدة شهرين. شعوراً منها بأن مهلة مفاوضات الحكم الذاتي النهائية في 26 أيار (مايو) ستمر من دون تقدم يذكر وحينها تكون هذه الدول في موقف افضل لدعم الاجراء المؤيد لمنظمة التحرير الفلسطينية في المجلس.
ان التأجيل لا يعني الرفض. كما ان الولايات المتحدة قد استخدمت حق النقض في العام 1976. ومن المؤكد انها قد تفعل ذلك ثانية إذا اعيد طرح الموضوع في خلال حملة الرئاسة الاميركية.
لكن حجة الدول لا سيما الاوروبية الممثلة في مجلس الامن تكون اقوى بكثير بعد 26 أيار (مايو).
- إذن لا بد من بادرة دولية مستقلة جديدة؟ هل هي المبادرة الاوروبية التي اعلن عنها اللورد كارينغتون؟ ما هي مبادئها؟
• من الواضح ان المبادرة الدولية المستقلة عن الفلسطينيين والاسرائيليين, حتى يقبلها الطرفان, كما تقبلها الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي ستكون اوروبية غربية.
ولن تكون هذه المبادرة دعائية او مجرد بيان بالمبادىء, بل ستكون خطة اعدت بحرص وجرت مناقشتها مناقشة تامة من اجل التوصل الى سلام شامل. وقد كانت الاهداف الاساسية منذ زمن طويل مقبولة, لكن من الضروري الآن ان نعالج ليس مجرد الاهداف, بل اساليب التنفيذ والحدود والوصايا الانتقالية والمناطق المنزوعة السلاح تحت اشراف وضمان دولي. كما يجب ان تكون الخطة مفصلة وعملية ووافية.
ان الاعداد لهذه المبادرة سيحتاج الى عدة شهور. ولا شك ان الحاجة ستدعو الى تعيين فريق دولي من المملكة المتحدة وفرنسا والمانيا لضمان حصول مفاوضات بلا تأخير. وبعدئذ. ربما يعد مؤتمر للسلام للرجوع الى الامم المتحدة والاتحاد السوفياتي لتوقيع معاهدات السلام في جنيف.
- هل ستكون عضواً في هذا الفريق الدولي؟
• لن استبق الامور. لكني لا استبعد ذلك. فالمبادرة الاوروبية تستند في خطوطها العامة الى القرار 242. (انتهى)
___________________




