الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط
الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط - Page 13
رسالة خاصة من واشنطن
سياسة الخطوة خطوة أدت مهمتها في الشرق الأوسط!
• حل النزاع لا يبدأ من سيناء بل من ... مخيمات الفلسطينيين
• واشنطن: آن الأوان لإتباع سياسة أميركية أخرى لتحقيق السلام الشامل
المصدر (الجمهور 14 حزيران 1979) (مصحح)
التطورات المتلاحقة والمصيرية التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط منذ التوقيع على اتفاقية السلام المصرية – الإسرائيلية, دفعت بالاوساط السياسية في واشنطن الى المطالبة بإدخال عقلية جديدة على الاستراتيجية الاميركية في مجال تصوراتها لحل أزمة الشرق الأوسط.
وفي رأي تلك الاوساط أنه مهما تجاهلت اسرائيل وجود منظمة التحرير الفلسطينية فإن الوقائع والاوضاع الراهنة في المنطقة تبرهنان عكس ذلك لا بل تلزمان الدول المعنية بالأمر بتخطيط سياسة جديدة هي أقرب إلى فكرة الانفتاح على منظمة التحرير الفلسطينية منها الى التباعد والجفاء.
إن سياسة الخطوة خطوة, كما قال أحد المحللين السياسيين الاميركيين, أدت مهمتها في الشرق الاوسط ويجب الان اتباع سياسة اخرى نحو تحقيق سلام شامل في المنطقة يشمل قبل كل شيء الفلسطينيين واسرائيل بحدود آمنة وأيضاً دولة فلسطينية مستقلة.
وقال المحلل ان على اليهود والعرب ان يتعاونوا معاً ضمن شعور بالانسانية المتبادلة والحقوق المشروعة.
وأضاف انه عندما يفترض شعب ما أن الشعب المتاخم له هو أقل انسانية منه, ولهذا السبب فأنه لا يحتاج الى حقوق أقليمية ولا يحتاج الى وطن أو الى حرية أو حتى الى اعتبار, فإن الامر سينتهي الى مزيد من الضغينة والارهاب. وهذا بالضبط ما يعمل على أساسه بعض الزعماء في إسرائيل إزاء الدول العربية وبنوع أخص, الشعب الفلسطيني.
ويتفق رأي بعض المسؤولين الاميركيين في إدارة الرئيس كارتر مع ذلك الرأي وهم يرون أن شعباً مثل الشعب اليهودي الذي قاسى الاضطهاد والعذاب كان عليه أن يشعر بالمآسي التي تعرض ويتعرض لها الشعب الفلسطيني ويعمل بدوره على فهم قضيته من الوجهة الانسانية والحقوقية اكثر منها من الناحية العسكرية.
ويضيف هؤلاء المسؤولون ان استناد بيغن على المعنى الديني "للسامرية واليهودية" أي الضفة الغربية وقطاع غزة لتحقيق أحلام إسرائيل هو تصور خاطئ من أساسه. لأنه إذا عاد المرء الى تلك الحقبة من الزمن عندما كان اليهود يقطنون هاتين المنطقتين, فمن الواجب إذا من الناحيتين الحقوقية والدينية, إعادة حيفا وتل أبيب ويافا الى العرب لأن هذه المدن كانت ضمن الدولة الفلسطينية لمئات السنين.
وأكد المسؤولون الاميركيون أن من واجب العرب أيضاً أن يتخلوا عن أعمال العنف لأنها, كما قالوا, تعطي اسرائيل الذريعة للإدعاء "كيف بامكاننا العيش مع هؤلاء الارهابيين؟" ومقابل ذلك حث المسؤولون إسرائيل على التخلي عن مضايقة العرب في الضفة الغربية وقطاع غزه وملاحقة الفلسطينيين ومنع السكان من حصد غلالهم.
وعلى الرغم من ان الفكرة السائدة في واشنطن هي انه لا يمكن لأي تسوية أن تتحقق في الشرق الاوسط دون موافقة اسرائيل, فإن البعض يتساءل وكيف يمكن تحقيق سلم عادل وشامل دون حل القضية الفلسطينية حلاً عادلاً بعيداً عن التعنتات الاسرائيلية الدينية والعنصرية. وترى هذه الفئة ان من واجب الولايات المتحدة ادخال تغييرات جذرية على تصوراتها لحل أزمة الشرق الأوسط وذلك عن طريق إدخال منظمة التحرير الفلسطينية في عملية السلام كفريق فعال وأساسي.
لقد حان الوقت لفتح حوار شامل بين جميع الاطراف المعنية في نزاع الشرق الاوسط وما لم تدرك الولايات المتحدة ان القضية لا يمكن ان تحل إلا عبر الحوار الهادئ مع منظمة التحرير الفلسطينية, فإن جميع عمليات السلام الجزئية والثنائية مهدده بالفشل والخيبة. ومن جهة أخرى, في حين ان المستوطنات الاسرائيلية الجديدة في الضفة الغربية تجعل مفاوضات السلام في الشرق الاوسط أكثر صعوبة فإن المسؤولين الاميركيين يحاولون على ما يبدو, العمل على التصدي للمشاكل الكامنة وراء المستوطنات.
وجاء في شهادة أدلى بها هارولد ساوندرز مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى وجنوب آسيا, ان من المهم ان تركز الولايات المتحدة التفكير على القضايا الاساسية المتعلقة بهذه المستوطنات.
وأضاف أن هذه القضايا هي: من يملك السيطرة على الاراضي العامة وانتقالها؟ ومن لديه سلطة مصادرة الاراضي؟
وكان ساوندرز قد صرح في شهادة سابقة ان الحكومة الاميركية تعتبر المستوطنات الاسرائيلية غير قانونية وان مثل هذه المستوطنات تضر بالمفاوضات المقبلة.
وتابع ساوندرز كلامه فقال أن تجميد العمل بالمستوطنات قد لا يكون الانجاز الوحيد الذي يمكن أن يستميل الاردن وسوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية لإعادة تقييم موقفهم من عملية المفاوضات في الشرق الاوسط, ولكنه على الاقل يشكل عاملا ايجابياً في تقريب وجهات النظر.
ومما لا شك فيه ان محادثات الشرق الأوسط تمثل فرصة تاريخية لمعالجة القضايا التي تهم الفلسطينيين ولكن هذه الفرصة تفقد كثيراً من زخمها اذا هي تجاهلت الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة وذات سيادة.
لقد أدخلت معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية معادلة جديدة في المنطقة قابلتها معادلة أخرى تمثلت بالموقف العربي الرافض الذي تمخض عنه مؤتمر بغداد.
وإذا اخذنا بعين الاعتبار الموقفين المتجابهين لوجدنا ان القضية الفلسطينية هي القضية المشتركة التي يدور حولها الخلاف الرئيسي. وعلى هذا الاساس فإن حل قضية الشرق الأوسط يجب أن يبدأ لا من سيناء بل من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين. وعندما تدرك الولايات المتحدة واسرائيل ان ضمان الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني هو المدخل المنطقي لعملية السلام في الشرق الاوسط, عندئذ يمكن القول ان أزمة المنطقة بدأت سيرها في طريق الحل. وهذا ما أكده النائب بول فيندلي عندما قال " يجب على الولايات المتحدة ان تتحرك بسرعة من أجل الشروع بإتصالات مباشرة مع منظمة التحرير الفلسطينية". وأضاف "وبدون حوار أميركي مع منظمة التحرير الفلسطينية, فإن الجهود نحو السلام في الشرق الأوسط قد تصل سريعاً الى مأزق". (انتهى)
___________________




