الثورة الاسلامية الايرانية - الوكالة تقلب نظام مصدق في إيران
الوكالة تقلب نظام مصدق في إيران
المستقبل - الخميس 17 كانون الثاني 2008 - العدد 2849 - ثقافة و فنون - صفحة 20
توفيق المديني
الكتاب: Le livre noir de la CIA
الكاتب: Yvonnick Denol, Gordon Thomas
(Prfacier), Laure Motet (Traducteur), Judith
Strauser (Traducteur)
الناشر: NOUVEAU MONDE
(أ.ل)- الكثير لا يعرفون أن ثمة ثلاثة أشخاص تحمل أسماء روزفيلت وكيرميت والجد ثيودور وأيضا العم فرانكلين, ولكن كيرميت يظل هو اللغز الوحيد في هذه العائلة والتاريخ ظلمه ضمن من ظلم على الرغم من أنه كان الشخصية المفتاح في العلاقات ما بين الولايات المتحدة الأميركية والشرق الوسط أثناء الحرب الباردة. الرجل المفتاح في وكالة الإستخبارات الأميركية قبل أن يلتحق بالصناعة البترولية, وأصبح صديقاً حميماً لأمراء عرب, وأدار الأمور من وراء الستار في اللعبة الكبرى الشرق الأوسطية. ولكن الإنجاز الأكبر لكيرميت يظل هو ضربة معلم في إيران سنة 1953.
يكتب غوردون توماس: في بداية سنوات الخمسينات بدأت الحركات القومية الإيرانية في البرلمان الإيراني تنتقد توزيع الريع النفطي وإنتهى الأمر بإعدام رئيس الوزراء الذي كان موالياً لبريطانيا سنة 1951 وحل مكانه الزعيم الوطني محمد مصدق الذي قام بتأميم شركة النفط الإيرانية البريطانية. لم يتأخر موقف البريطانيين الذين ذهب بهم الغضب الى درجة محاولة زعزعة مصدق, وبدأوا حصاراً على صادرات النفط الذي يمنع البلد من عائداته. هنا قام الشاه, وهو موال للغرب , بإقالة مصدق , ولكن البرلمان الإيراني أعاده على الفور.
السياق التاريخي لم يعد يساعد بريطانيا على القيام بحركة سياسية كبرى ضد الزعيم مصدق: بريطانيا التي خرجت من الحرب الكونية الثانية منهوكة القوى ,يديرها زعيم كاريزمي ولكنه عجوز , ونستون تشيرشل, كانت على وعي بأنها لم تعد تهيمن على الوضعية , وبالتالي طلبت تدخل الولايات المتحدة الأميركية. والظروف الأميركية كانت ملائمة حسب المؤلف. فقد إنتخب الأميركيون رئيساً جديداً وهو إيزنهاور, الذي كان على خلاف سابقه, متحمساً لحركة سرية لقلب مصدق الذي كان من أنصار سياسة عدم الإنحياز, وإذن فهو متهم , في المنظور الأميركي , بالتعاطف مع الشيوعيين. من هنا جاء مشروع أجاكس Ajax, الذي صاغته وكالة الإستخبارات الأميركية, ويروم قلباً شبه قانوني لمصدق من خلال التحكم والسيطرة على الرأي العام الإيراني وعلى البرلمان. وحين سيصل التذمر الى نقطة اللاعودة يقوم الشاه بخلع رئيس الوزارء ويكون قراره مدعوماً ومقوّى من قبل إضرابات وتظاهرات شارع تلقائية وحينها سيتم إستبدال مصدق بجنرال موال للغرب. ولكن الشاه لم يقبل على الفور وأظهر تردداً واضحاً على الرغم من تطمينات المبعوث الأميركي جينها وهو الجنرال نورمان شوراتزكوف أبو الجنرال الذي كان رئيساً لأركان الجيش الأميركي في حرب العراق الأولى 1991 . .الرغبة الأميركية في الإطاحة بمصدق إذن كانت واضحة. ولكن يبدو أن تصرفات ومواقف مصدق عجلت من تصميم الأميركيين على الحسم. إذ أنه بدأ مفاوضات تجارية مع السوفييت لتعويض الحصار البريطاني. وهو ما جعل منه حليفاً للسوفييت في نظر الاميركيين العملاء الإيرانيون لكيرميت روزفيلت طلبوا مبلغ 5 ملايين دولار لتنفيذ العملية. وعلى الرغم من شكوك مصدق في الأمر وعلى الرغم من هروب الشاه الى إيطاليا فإن روزفيلت إستطاع تجنيد وتحريك مضربين ومتظاهرين دفعت لهم أموال كبيرة كما إستطاع إستمالة قطاعات واسعة من الجيش وكانت أول مرة تختار فيها الولايات المتحدة, بإسم محاربة الشيوعية وفي تناقض مع سياستها, بطريقة مباشرة وشبه مفتوحة, قلب حكومة شرعية في بلد أجنبي, مؤثرة على تاريخه بشكل جذري. لكن العملية عادت بأهمية قصوى على الولايات المتحدة: إذا إعتبرت نجاحاً كبيراً منح وكالة الاستخبارات الاميركية مكانة المنظمة التي لا تقهر وأظهرت الرغبة في تجريب الأمر في مناطق أخرى ساخنة من الكرة الأرضية. (انتهى)
__________________




