العقيد القذافي - Page 36
ياسر الزعاترة: المعارضة الليبية تتحرك من أجل التغيير!!
نقلا عن صحيفة الدستور الاردنية
بعد سبات طويل بدأ منذ نهاية الثمانينات يبدو أن المعارضة الليبية قد قررت العودة إلى ساحة الفعل من خلال مؤتمر ستعقده الشهر القادم في العاصمة البريطانية لندن، وذلك كمقدمة لإعادة »الحياة الدستورية« إلى البلاد، مع حرص على »حماية القرار الوطني من التدخل الخارجي وحماية المصالح الوطنية لليبيا في أي تحرك يهدف إلى تغيير سياسي حقيقي«.
خلال السبعينات والثمانينات خاضت قوى المعارضة الليبية بزعامة جبهة الإنقاذ جملة من المغامرات الرامية إلى وضع حد لعبث العقيد القذافي بمصير ليبيا، لكن العقيد الذي حول البلاد إلى ثكنة عسكرية، كان لها بالمرصاد، فقتل واغتال في الداخل والخارج وملأ السجون بالمعتقلين ومارس مختلف أشكال الاختراقات في صفوف المعارضين الذين كانوا يستخدمون في كثير من الأحيان من قبل الآخرين للضغط على النظام وابتزازه، وليس لإحلال المعارضين مكانه، لاسيما بعد أن تبينت الخلفية الإسلامية للكثيرين منهم.
هكذا تمكن القذافي من تفكيك المعارضة وضربها، وجاءت الهجمة على الحالة الإسلامية في تونس ثم في الجزائر لتطال المعارضة الليبية التي انقرضت فيما بقي رموزها في لندن وما حولها بلا تأثير حقيقي، بما في ذلك الإخوان المسلمون الذين كانوا ولا يزالون القوة الأساسية في الشارع الليبي، فيما تعرضوا لضربات كثيرة كان آخرها ضربة عام 1998 التي طالت أكثر من مئة وخمسين قياديا حكم على بعضهم بالإعدام وعلى من تبقى بأحكام عالية.
خلال السنوات الأخيرة كان النظام الليبي يعيد تأهيل نفسه بتنازلات لا تحصى من جيب الشعب الليبي، فيما المعارضة تتفرج من دون قدرة على الفعل، وهكذا نجح القذافي في الخروج من دوائر الإرهاب، مستثمراً حالة التنافس بين أوروبا والولايات المتحدة على ثروات بلاده.
الحالة الليبية كانت واحدة من تجليات فضيحة الإصلاح الأمريكي والأوروبي، فما أن دفع القذافي المطلوب أو الجزء الأولي منه حتى جرى تجاهل مسألة الإصلاح والحرية والديمقراطية، ولعل ذلك هو ما أصاب المعارضة بالإحباط، فضغوط الخارج لم تعد قابلة للاستثمار بعد أن حيّدها العقيد، وفي حين يأتي مسعى المؤتمر الجديد لتجاوز تلك الحالة، فقد غابت عنه جماعة الإخوان التي وجدت فيه تصعيداً بلا جدوى تبعاً لكون المشاركين فيه من القوى القديمة غير ذات الحضور في الداخل الليبي، الأمر الذي لا ينطبق عليها، هي التي تملك مئات المعتقلين في السجون وتسعى إلى إخراجهم، ومن ثم التحرك بنفس مختلف ضمن المعطيات الجديدة.
من الواضح أن النظام الليبي قد التقط الموقف الإخواني فقرر الإفراج عن معتقلي الجماعة في السجون، الأمر الذي لم يحدث إلى الآن، لكن المعلومات تشير إلى أنهم سيخرجون خلال الأيام أو الأسابيع القادمة، وفي حين يتحدث نجل القذافي عن تعهدات من قبل المعتقلين بالعمل ضمن النظم القائمة، فإن أحداً لا يعرف ما هي تلك النظم، إذ أن النظرية الثالثة ومقولة »من تحزب خان« ومهزلة اللجان الشعبية لا زالت على حالها في ليبيا، فيما لا يمكن للإخوان ولا غيرهم أن يقبلوا بمسار سياسي من هذا اللون إذا أرادوا أن يحترموا أنفسهم ووطنهم وجماهيرهم.
من هنا يغدو مؤتمر المعارضة الجديد على درجة من الأهمية بصرف النظر عن المجموعات المشاركة فيه، وهي مهمة في أي حال، ذلك أنه يلقي الضوء على تناقضات المواقف الأمريكية الأوروبية حيال ملف الإصلاح والديمقراطية والحرية، فيما يضغط على النظام في ليبيا كي يتحرك في اتجاه إعادة تأهيل نفسه داخليا بعدما نجح في تأهيل نفسه خارجياً، مع أن العدل والمنطق لا زالا يطالبانه بالرحيل كما يذهب بيان مؤتمر المعارضة، إذ يكفي الليبيين ما أصابهم جراء عبثه ومغامراته طوال أربعة عقود عجاف.(انتهى)
______________________________________




