نشرة الأربعاء 11 تموز 2012 العدد2108
Wednesday, 11 July 2012 16:18 | Written by |
من المؤكد والثوابت
بقلم: زاهر ع. بدر الدين
(أ.ل) – في ظل الأخبار المتضاربة حول قضية إخفاء سماحة الإمام السيد موسى الصدر والأستاذ السيد عباس بدر الدين مؤسس وكالة “اخبار لبنان” وفضيلة الشيخ محمد يعقوب أردت أن أطرح بعض الثوابت.
فما هو مؤكد في جريمة الخطف أنها لم تكن من مصلحة “الجماهيرية” الليبية ولا “الدولة” الليبية لأن ليبيا قد خسرت شعبيتها من مناصرين ومؤيدين على الأراضي اللبنانية حيث التواجد الفلسطيني المتحالف مع ليبيا القذافي والحاملين بدورهما لمبدأ مصارعة ومحاربة الكيان الصهيوني في جنوب لبنان وذلك بهدف تحرير القدس والأراضي الفلسطينية. و للتوضيح عندما نقول تحرير القدس فهذا يعني أن الغلبة ستكون لمن يحررها وهذا يعني أيضاً بأن القيادة والسلطة للعالم العربي من بعد رحيل جمال عبد الناصر القائد العربي ستكون لمن يحرر القدس والأراضي الفلسطينية وبالتالي يمكننا القول أن المنافسة على القضية الفلسطينية كانت الشغل الشاغل للعرب.
أما اليوم فإن ما يعني العرب هو الحفاظ على وجودهم اقتصادياً أولاً كما حصل في الإمارات العربية المتحدة وتحديداً “ظبي” وثانياً سياسياً كما هو حاصل اليوم بعد انتهاء الربيع العربي في بعض الدول العربية وبالأخص سوريا لاعتناقها القضية الفلسطينية العربية وما يعرف بدول الممانعة وهي تتلقى اليوم ضربات من الداخل لثباتها على موقفها.
وعلى هذا الصعيد دائماً نؤكد أن الإمام الصدر لم تكن حدوده لتتوقف عند لبنان أو حتى إيران وإنما كما نعلم كان يهدف إلى إرجاع الحق إلى أصحابه أي القدس الشريف.وكما قلنا فإن نجاح السيطرة على القدس يعكس تلقائياً القيادة والسيطرة والسلطة للمنطقة العربية. فهل من الممكن أن تسمح الدول الغربية الداعمة لإسرائيل بأن تفقد سيطرتها على بلاد الذهب الأسود لصالح غيرها! خصوصاً بعد طرح الملك فيصل سلاح النفط خلال الحرب العربية -الإسرائيلية. وبالتالي فإن الإمام الصدر يكون قد تخطى الخطوط الحمراء ولذلك تم إنهاء دوره لأنه كما ذكرنا فإن نجاحه في تحرير القدس يعني ترؤس إيران للمنطقة كون الإمام كان سيأتي رئيساً للجمهورية الإسلامية الإيرانية حتماً وهذا كأضعف تقدير.
وبذلك يكون قد دفع الإمام موسى الصدر ثمن اعتداله واستقامته وصدقه كما هو الحال بالنسبة للشهيد محمد باقر الصدر في العراق… وذكرت الإمامين لأقول أنه لا مكان للاعتدال في الشرق الأوسط فإما نكون مع أو ضد وهذا ما هو حاصل في لبنان اليوم .
وفي سياق الثوابت والتأكيدات كنا بدأنا نقول أن الخسارة الليبية في لبنان قد جاءت لصالح سوريا التي استفردت في سلطتها على لبنان الذي تعتبره وما زالت جزءاً لا يتجزأ منها. وبهذا تكون سوريا قد أزاحت من دربها هيمنة ونفوذ القذافي بأمواله المجنونة الأرقام. ومن هذا المنطلق يمكننا أن نفهم رفض حركة “أمل” للأموال الليبية التي عرضها علناً القذافي (كدية) عن الإمام وصحبه كون الحركة متحالفة مع سوريا التي كانت على درجة من الاتفاق مع الولايات المتحدة الأميركية في سياستها الاقليمية. وإنما تبقى الحركة على ثوابتها بأن يبقى الإمام الصدر قائداً لها حتى بعد إزاحته عن ساحة الصراع الدولي في لبنان وعلى لبنان بالرغم من استفادة المحسوبيات اللبنانيين الشيعة من رزقهم من خلال العمل في ليبيا أثناء حكم القذافي واليوم كذلك الامر بعد رحيله.
وما هو مؤكد أيضاً أن عملية إزاحة الإمام الصدر عن الساحة اللبنانية لم يكن فجائياً أو وليد ساعته وإنما جرى التحضير له مسبقاً وقد تم توقع هذا الأمر نتيجة الخلافات والتنافس الذي كان قائماً بين القوى الثورية الفلسطينية التي كانت تمارس سلطتها قيادياً بشكل متفرق ومنفرد مع غياب لقيادة موحّدة مما أدى إلى تجاوزات سلوكية وميدانية عسكرية وسياسية حولت من جنوب لبنان إلى جبهة قتالية بعد سيناء والجولان في ظل تفاوت هائل فيما يتعلق بالتكنولوجيا والعتاد العسكري والفني مع العدو الاسرائيلي.
ومن المؤكد أيضاً وأيضاً أن الإمام قد عمل لتمتين وتوطيد الصلات والأواصر بين اللبنانيين في ظل الهجمة القوية والظالمة من الغرب والشرق المتفقين على تقسيم لبنان وتوطين الفلسطينيين ولهذه الأسباب كان يجب إنهاء دور الإمام والمساومة على حياته إذا صحّ التعبير مع الاشارة أنه كان الجسر بين إيران والدول العربية ولو أنه بقي لما وقعت الحرب الايرانية – العراقية.
وبالتالي فإن مطالب الإمام الصدر بعدم السماح لـ”فتح لند” أن تأخذ مكانها كانت لصالح أبناء الجنوب الذين كانوا يتعرضون للتنكيل والاضطهاد كما أن هذه المطالب هي في الوقت نفسه لصالح “إسرائيل” وذلك بأن تؤمن حدودها الشمالية كما في الجولان و التي كانت تستهدفها القوى الفلسطينية عسكرياً وعشوائياً. والنتيجة التي وصلنا إليها في العام 2006 هو ما أراده الإمام قبل أن يغادر لبنان، لذا فهو كان صاحب نظرة بعيدة المدى ومستقبلية واقعية واستباقية. وهو إنما أراد في العام 1978 ومن خلال جولته العربية ما هو واقع اليوم منذ 2006 أي بعد مضي 28 سنة لنجد بذلك أن السّاحة اللبنانية لم تكن قد نضجت في ظل المصالح الدولية المتشابكة.فمتى سيفهم اللبنانيون أنهم يخوضون حروب الدول الكبرى على أرضهم وبارادتهم.
ويمكننا التأكيد على نقطتين اثنين:
الاولى هي أن جريمة الخطف وقعت على الأراضي الليبية الأمر الذي يحمل السلطات الليبية مسؤولية الجريمة تلقائياً حتى مع وقوع انقلاب للنظام الحاكم.
والثانية هي أن رواية رحيل الإمام وصحبه إلى روما هو أمر مرفوض بحجة العقل والمنطق القائمة على نتائج التحقيقات القضائية الإيطالية في هذه القضية.
ومن الثوابت أيضاً أنه لو أردنا معرفة لماذا خطف الإمام فما علينا إلا أن نعود بالتاريخ إلى يوم حادثة الإخفاء في 31/8/78 حتى تاريخ اليوم وهذه اللحظة لنراجع كل ما جرى منذ ذلك التاريخ من أحداث مهمة ومفصلية في المنطقة من اتفاق كامب دايفيد إلى الثورة الإسلامية في إيران والاجتياح الإسرائيلي للبنان وصولاً إلى الربيع العربي.
ونشدد أنه من المؤكد أيضاً أن الإمام الصدر كان ليأتي رئيساً لجمهورية إيران لكونه ركناً أساسياً من أركان الثورة الإسلامية وهو الذي شرّع للإمام الراحل الخميني أبواب فرنسا والغرب لأن إقامته في العراق من بعد تركيا لم تكن آمنة ولا مريحة. لذا فإنه من الطبيعي أن يكون الإمام قد أزيح لمشاركته البناءة والأساسية ومن لبنان في الثورة الإسلامية في إيران الحاملة لراية القدس ونصرتها… والنفوذ في المنطقة.
ومن المؤكّد أن الأخبار التي رويت بشأن الحادثة سمعنا من خلالها أن الإمام تارة دفن في البحر وأخرى في الصحراء وفي الإسمنت والأسيد… مصدرها واحد والامر المشترك فيما بين وسائل الاعلام هذه منها المحلي ومنها الدولي أن واحدة منها لم تتطرق الى امكانية ولو ضئيلة جدا حول امكانية ان يكون الامام وصحبه أحياء.
ومن المؤكد أنّ هذه الجريمة هي الوحيدة التي أقدم عليها القذافي على الأراضي الليبية علماً أن القذافي كان باستطاعته قتل الإمام في لبنان ولكن كان بإمكانه أيضاً قتله منذ اليوم الأوّل للإمام في ليبيا أو حتى تسميمه أثناء إقامته في الفندق أو خطفه أثناء تنقلاته المتفرقة في ليبيا.
وسؤال آخر يطرح نفسه لماذا لم يتم إخفاء الإمام عندما كان في الجزائر؟
ولماذا أرجأ القذافي مقابلة الصدر وصحبه أياماً متتالية؟
ولماذا جوازي السفر الدبلوماسيين للإمام والشيخ يعقوب كان في داخلهما (فيزا) تأشيرة دخول إلى فرنسا من بيروت فهل كان الشيخ يعقوب يريد الاطمئنان على صحة زوجة الإمام التي كانت تقيم في فرنسا وعائلة الإمام أم أن الإمام الصدر والشيخ يعقوب كانا متجهين إلى فرنسا لمقابلة الإمام الخميني والتنسيق معه بشأن الثورة الإسلامية في إيران ومع الإيرانيين الذين يعملون من فرنسا للثورة في إيران؟
وهنا نتساءل لماذا تم التخلص من أتباع الإمام الصدر مثل بني صدر وصادق طبطبائي وقطب زاده وإبراهيم يزدي ومهدي بزركان والدكتور مصطفى شمران والفقيه شريعتمداري الذي وضع تحت الاقامة الجبرية وغيرهم وذلك بعد تاريخ وقوع الثورة .
ترى لماذا كان آخر اتصال لعباس بدر الدين عند الساعة 1:30 (بتوقيت ليبيا) بالقائم بالأعمال في السّفارة اللبنانية نزار فرحات في ليبيا ولم يجده. وعند الساعة 2:15 (بتوقيت لبنان اي 1:15 بتوقيت ليبيا)نقلت صوت لبنان خبر حادثة إخفاء الإمام وصحبه من خلال مندوبين لها في الفندق وكيف علم هذين المندوبين بأنهم خطفوا؟ونلفت هنا ان اللقاء كان قد حدد عند الساعة 1:30 بتوقيت ليبيا دائما، مع القذافي. وبناءا عليه يمكننا أن نقول أن الزميل عباس بدرالدين اتصل عند الساعة الواحدة و النصف للسؤال عن جواز السفر الخاص به ان كان قد تم انهاء العمل في الحصول على تأشيرة دخول له الى فرنسا في الموعد الذي يجب أن يكون الثلاثة عند القذافي وهذا ما يفسر أن الامام وصحبه لم يقابلوا القذافي كالعادة وتعرضوا لتجاهل القذافي كالعادة.أما الامر الغريب فهو اذا كان الزميل عباس بدرالدين قد شدد في وعده لعائلته وأصدقائه وزملائه في العمل أنه لن يطيل الغيبة وستكون مدة السفر لمجرد أربعة أيام وهذا ما ذكره بالتحديد لأخيه المرحوم عصام بدرالدين(ونشرته مجلة الحوادث) كيف انتهى به الحال أن ينوي السفر الى فرنسا وهو لا يتقن اللغة الفرنسية واقتصرت رحلاته في حياته على البلدان العربية.
(ملاحظة:ذكرت مجلة النهار العربي والدولي والصياد أن الذي اتصل بالسفارة اللبنانية عند الواحدة والنصف هو الشيخ محمد يعقوب وليس الاستاذ عباس بدرالدين)
وما هو مؤكد أخيراً هو أن القذافي وليبيا مسؤولين عن الحادثة سواء كان القذافي متفرجاً أو مشاركاً أو فاعلاً مرتكبا للجرم أو حتى غير مدرك لما حصل. وستبقى هذه القضية دون جواب كونها مصنفة والمطلوب من الدولة اللبنانية القيام بواجباتها لربما حصل أحفادنا على الإجابة على ما حصل ولكن لا حياة لمن تنادي.
ونشدد أنه يجب عطف مساعي الجمهورية الإسلامية في إيران على تحرك الدولة اللبنانية لأن هذه القضية هي إيرانية قبل أن تكون لبنانية فالإمام قد جاء إلى لبنان حاملاً الجواز والجنسية الإيرانية في عهد الشاه وبمباركته لتعزيز وضع الشيعة في لبنان والإسهام في نشر الدعوة الشيعية وحاز على الجنسية اللبنانية في عهد الرئيس فؤاد شهاب بعد مجيئه إلى لبنان حيث عمل على الثورة وكانت علاقاته جيدة بالجميع في إيران من تيار يميني ويساري كما يروي الشيخ هاني فحص هذا الأمر حتى أنه كان على علاقة جيدة مع الشاه دون السافاك.
ومن الثوابت قبل الختام هو أن العلاقات الليبية الاسرائيلية متينة وهذا أمر منشور في الكتب الاجنبية والقذافي عميل صهيوني واننا اذا ألقينا نظرة حول تزوير جوازات السفر في ايطاليا فانما هو امر قامت به اسرائيل لدى تزويرها وانتحال شخصيات من حزب الله في الامارات والامر الاخر المتطابق في هذه القضية هو اغتيال فتحي الشقاقي الذي اغتاله الموساد في مالطا بعد أن غادر ليبيا لان القذافي لم يكن ليعيد خطأه في خطف الامام وصحبه . ان سوريا وايران كانتا متحالفتين مع القذافي ثم ان احدا من الدول لم يتجرأ على اتهام الموساد او السافاك فهل هل هذا خوفا أو نتيجة رضا لما حدث للامام وصحبه.وعندما قال الامام الراحل الخميني أنه سيصلي في القدس مع الامام موسى الصدر فان لهذا الكلام دلالاته الكبيرة اولها ان الامام الصدر له دور اولي ورائد في الثورة الاسلامية الايرانية لا يمكن لاحد نكرانه ومن اهدافه تحرير القدس كما الخميني.
وبالختام فاني اطرح هذه المعطيات للوصول إلى نتيجة شافية وبالتعاون بين البلدين (لبنان و ايران) وإن طال الوقت.(انتهى)
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكالة أخبار لبنان وكالة أخبار لبنان
