الشرارة
العمليات الحربية
الحرب على الجبهة السورية
(مصحح في :5-10-2013)
تنقسم العمليات العسكرية التي تمت على الجبهة السورية منذ بدء القتال حتى وقف إطلاق النار إلى ثلاث مراحل أساسية هي:
1- مرحلة الهجوم السوري.
2- مرحلة الهجوم المعاكس المعادي.
3- مرحلة توازن الجبهة.
• المرحلة الأولى:
بدأت هذه المرحلة باندفاع القوات السورية والمغربية وقوات جيش التحرير الفلسطيني من قواعد انطلاقها في شرقي الجولان والمنطقة الغربية من حوران. وتم تقدم هذه القوات نحو مواقع العدو على طول خط وقف القتال تحت غطاء من نيران المدفعية والصواريخ والطيران. وتحققت المفاجأة الكاملة بالنسبة للعدو بفضل العوامل الاستراتيجية والنفسية وبسبب ساعة بدء الهجوم. مما أدى إلى اجتياح ما يعرف بخط الون على الجبهة السورية واسترداد موقع جبل الشيخ منذ اليوم الأول للقتال.
ركزت القوات السورية المهاجمة تقدمها على ثلاثة محاور:
1- المحور الشمالي (ثانوي) وهو يخرق هضبة الجولان باتجاه مجدل شمس – مسعدة – بانياس. وكان من المنتظر تحرك جزء من هذا المحور نحو الجنوب على طريق مسعدة – واسط (العرضاني) لمشاركة قوات القطاع الأوسط المنطلقة من واسط باتجاه الشمال لتطويق القوات المعادية الموجودة بين طريق مسعدة – واسط (العرضاني) وخط وقف إطلاق النار.
مقاتلون سوريون بعد اقتحامهم موقعا للعدو في جبل الشيخ
ولقد اشتركت القوات البرية (مدرعات، مشاة ميكانيكية، مهندسون، صواريخ مضادة للدبابات) في هذا التقدم، وحققت الخرق منذ الساعة الأولى واندفعت لتطهير المواقع والخنادق والتغلغل في عمق الدفاع. وفي الوقت نفسه أنزل السوريون وحدات محمولة بالهليكوبتر على مواقع العدو الحصينة في جبل الشيخ، واستولوا عليها وطهروها وغنموا أجهزة الرصد والرادارات الموجودة فيها.
2- المحور الأوسط (رئيسي). ولقد حققت الدبابات والمشاة الميكانيكية على هذا المحور خرقين أساسيين يتجه أولهما على محور خان أرينبة – الحميدية – طريق القنيطرة (مسعدة) ويطوق القنيطرة من الشمال. ويتجه الثاني إلى المرتفعات الواقعة جنوبي القنيطرة لتطويقها من الجنوب والتوجه بعد ذلك غرباً على طريق القنيطرة – واسط – قنعبة، وطريق القنيطرة – كفر نفاخ – صنابر. ولقد رافق هذه العمليات إنزال قوات محمولة بالهليكوبتر على التلال المجاورة للقنيطرة، وتطهير هذه التلال بالقنابل اليدوية والسلاح الأبيض.
3- المحور الجنوبي: (ثانوي) يخرق الجبهة عند الرفيد وينقسم إلى فرعين فرع يتجه شمالاً على محور الرفيد – تل فرس – الفرارة – القنيطرة لتطويق القوات المحصورة بين الخط الأمامي وطريق الرفيد – القنيطرة. وفرع يتجه نحو الجنوب الغربي على طريق الرفيد – الجوخدار – فيق – كفر حارب الحمة، بالإضافة إلى ضربة تتجه من تسيل باتجاه طريف الرفيد – فيق لقطع المواصلات لقوات العدو في الجوخدار. ورافق تقدم القوات البرية على هذا المحور عملية إنزال بالهليكوبتر على تل فرس وكفر نفاخ وواسط، وعمليات مغاوير لاحتلال العال وخسفين.
ولقد حققت الهجمات على المحاور الثلاثة أهدافها وحررت أجزاء كبيرة من أراضي الجولان، ودخلت الكثير من القرى وطوقت القنيطرة بفكي كماشة من الشمال والجنوب وبدا في نهاية هذه المرحلة التي استمرت أربعة أيام أن الجزء الأكبر من هضبة الجولان قد تحرر، وأن متابعة التقدم والتقاء القوات السورية المتقدمة على الطرقات العرضانية الممتدة وراء جبهة العدو سيطوق قوات هذه الجبهة ويقسمها إلى جيوب صغيرة مبعثرة تمهيداً لإبادتها أو إجبارها على الاستسلام، ودفع القوات الإسرائيلية الموجودة على المنحدر المعاكس باتجاه الغرب.
ولقد فشل الطيران الإسرائيلي في إيقاف الهجوم السوري، كما عجزت الهجمات المعاكسة التكتيكية المدرعة عن استعادة المواقع التي سقطت بيد القوات السورية أو زحزحة المدرعات والمشاة عن النقاط التي وصلت إليها وتشبثت بها.
• المرحلة الثانية:
في اليوم الخامس للقتال (10/10) أنهى العدو جمع احتياطيه المدرع الاستراتيجي، ودفع قوات احتياطية كبيرة (مدرعات، ومشاة، ومدفعية، وصواريخ مضادة للدبابات) نحو الجبهة السورية. وكان من المفروض أن يتم هذا الأمر في اليوم الثالث أو الرابع للقتال على أبعد تقدير، ولكن اضطراب القيادة الإسرائيلية واضطرارها للعمل في ظروف صعبة عرقل جمع الاحتياطيين وجعل هذه العملية تستغرق وقتاً أطول من الوقت المحدد لها من قبل. وكانت خطة العدو في هذه المرحلة:
1- محاولة استعادة السيطرة الجوية مهما كلف ذلك من خسائر بالطائرات وذلك عن طريق قصف المطارات وتدمير قواعد الصواريخ أرض – جو وبطاريات المدفعية المضادة ومراكز الرادار ومجابهة الطائرات في الجو.
2- القيام بقصف جوي وبحري ضد أهداف استراتيجية ومنشآت حيوية مدنية وتهديد المناطق السكنية لتشتيت انتباه القيادات السورية والتأثير بشكل غير مباشر على معنويات المقاتلين.
3- القيام بعمليات تشتيتية بحرية على الساحل السوري، وخلق احتمالات إنزال بحري لإجبار القيادة السورية على سحب جزء من قواتها الاحتياطية وتجميدها لمجابهة احتمالات الخطر الذي يمكن أن يأتي من البحر.
4- شن هجوم معاكس استراتيجي على طول الجبهة السورية قبل وصول كبد القوات العراقية البرية والجوية وانتشارها وأخذ مواقعها القتالية على مسرح العمليات.
جنود سوريون يقتحمون استحكامات اسرائيلية فوق مرتفعات الجولان
جنود سوريون عند اقتحامهم لموقع جبل الشيخ في الجولان.
وكان تركيز العدو على الجبهة السورية نابع من عدة دوافع أهمها: العمق الذي وصلت إليه القوات السورية خلال المرحلة الأولى وخوف القيادة العسكرية الإسرائيلية من تحرير القنيطرة وما يمثله هذا التحرير على الصعيد المعنوي، واحتمالات احتلال السوريين لمجمل سطح الهضبة الأمر الذي يجعل الهجمات المعاكسة المقبلة صعبة جداً ويجبر القوات الإسرائيلية العاملة على السفح المنحدر على القتال في ظروف جغرافية غير ملائمة، تقلص هامش المناورة بالمكان نظراً لاقتراب القوات السورية من حدود 1967 الأمر الذي يعرض سهل الحولة الآهل بالسكان للخطر، وقرب العاصمة السورية من الجولان وإمكانية تحطيم معنويات السورية بل وإجبارهم على وقف القتال والخروج من المعركة إذا ما تعرضت دمشق لخطر جدي.
قوات سورية وعراقية مشتركة اثناء عمليات اقتحامها لمواقع قوات اسرائيلية في الجولان.
شهدت المرحلة الثانية وصول القوات العراقية إلى الجبهة السورية واشتراكها في المعركة. وكان لوصولها أثراً كبيراً على ميزان القوى لأنها كانت تتألف من فرقة مدرعة وفرقة ميكانيكية عملت بالتعاون مع الفرقة الرابعة المدرعة السورية وبالتعاون مع الطيران السوري والعراقي لتدعيم الدفاع والاشتراك في الهجمات المعاكسة.
كما وأن القوات الأردنية (لواء مدرع) ومعها قوات سعودية وصلت إلى الجبهة خلال المرحلة الثانية. وقد وضعت هذه القوات في النسق الثاني كما واشتركت (خاصة في المرحلة الثالثة) في العمليات التكتيكية لتحسين خط القتال.
احد مواقع المدفعية السورية تقصف تجمعات اسرائيلية في الجولان
كانت معارك يوم 11 تشرين الأول من أعنف معارك الهجوم المعاكس الاستراتيجي المعادي الذي اشترك فيه الطيران والاحتياط الاستراتيجي. ولقد حقق هذا الهجوم عدداً من النجاحات على المحاور الثلاثة. وأجبر القوات السورية على التراجع باتجاه الشرق. وترجع هذه النجاحات إلى عدم قيام السوريين بتحصين جيد للمواقع التي استولوا عليها خلال المرحلة الأولى، وتقدم قواتهم إلى مدى أبعد من مدى الحماية الجوية التي تؤمنها لهم قواعد الصواريخ أرض – جو (المحدود نسبياً) نظراً لمبالغة قادة الوحدات المدرعة في التوغل بعمق خلال مطاردة فلول العدو.
وكان جهد العدو الرئيسي مركزاً على المحورين الشمالي والأوسط نظراً لأنهما ينفتحان على الطرق المؤدية إلى دمشق ولأن الجناح الأيسر للقوات المتقدمة عليهما يستند إلى سفوح جبل الشيخ، على حين ينفتح المحور الجنوبي على حوران بشكل يجعل القوات المتقدمة عليه باتجاه دمشق مضطرة لقطع مسافات طويلة تتعرض خلالها لهجمة معاكسة جانبية تشنها القوات العراقية، كما تتعرض مؤخرتها لأخطار هجمة معاكسة قد يشنها الجيش الأردني الذي لم يكن قد اشترك في القتال بعد. وكان الإسرائيليون يستهدفون من التقدم نحو دمشق استغلال هذا التقدم إعلامياً ونفسياً، والوصول إلى المدى الذي يسمح لهم على الأقل بقصف العاصمة السورية بالمدفعية بعد أن عجز الطيران عن تحقيق هذا القصف بسبب قوة الدفاعات الأرضية ضد الطائرات.
حتى اليوم الاخير من القتال ظلت الجبهة السورية مشتعلة على خطوط وقف اطلاق النار 1967
وفي نهاية يوم 11 تشرين الأول بدا بوضوح أن العدو قد نجح على القطاع الشمالي أكثر من أي مكان آخر، وأنه ينوي استثمار هذا النجاح المحلي في اليوم التالي. وبالفعل تحشدت المدرعات والمشاة الميكانيكية الإسرائيلية على محور القنيطرة – سعسع واستعدت للقيام بهجوم كبير. وفي ليلة 11 – 12 تشرين الأول استخدمت القوات السورية تكتيكاً جديداً يتمثل في إعداد وحدات مغاوير مسلحة بعدد كبير من الأسلحة الخفيفة المضادة للدبابات ودفعها للتسلل ليلاً إلى مواقع الدبابات ومهاجمتها من مسافة قريبة. ولقد نجح هذا التكتيك في بلبلة القوات المدرعة التي فوجئت بالهجوم ثم تعرضت عند الصباح لقصف مدفعي من جانبي الخرق تلته هجمات معاكسة شنتها قوات سورية – عراقية مدرعة أجبرت المدرعات المتقدمة على التراجع. ولقد قامت سرايا الدفاع السورية المعززة بالدبابات بهجمات مغاوير من هذا النوع قرب خان أرينبة وأجبرت العدو على التراجع. واستمرت محاولات العدو البرية المدعومة بالطائرات طوال يومي 13 و14 تشرين الأول، وكان الجيب الإسرائيلي يتسع ببطء ويتعرض لهجمات معاكسة ليلية ونهارية. ولقد أبلت القوات المدرعة السورية والقوات المدرعة العراقية، وخاصة اللواء المدرع الثاني عشر العراقي بلاء حسناً خلال هذين اليومين وشاركتها في القتال وحدات المغاوير وبطاريات المدفعية وبطاريات الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات والمحمولة على عربات مصفحة.
الامير سلطان،وزير الدفاع السعودي،يتفقد القوات السعودية في الجولان
وكان الإسرائيليون قد اعتقدوا بعد صد الهجوم السوري والتقدم في القطاعين الأوسط والشمالي وتجاوز خط وقف إطلاق النار أنهم سينتقلون بعد الخرق إلى حرب الحركة التي تبنوا عقيدتها وطبقوها بنجاح في أواخر حرب 1948 وفي حربي 1956 و1967 ولكن اعتقادهم كان نابعاً من فهم خاطىء لحقائق الحرب الرابعة وموازين قواها على أرض المعركة.
لقد طبقوا حرب الحركة بنجاح في نهاية حرب 1948 والمعارك التي تلتها لأن حلفائهم زودوهم خلال الهدنتين بأسلحة ضاربة وحرم العرب من كل تسليح حديث، وأمن لإسرائيل التفوق على العرب مجتمعين وطبقوها في حرب 1956 بعد أن دمر التدخل الانكلو – فرنسي الطيران المصري وشله، وأجبر الجيش المصري على الانسحاب من سيناء لحماية الأراضي المصرية من الغزو الانكلو – فرنسي. وطبقوها في حرب 1967 عندما دمروا بالمفاجأة الطيران المصري على الأرض وحرموا القوات البرية المصرية من أي غطاء جوي وأجبروها على القتال في ظروف غير ملائمة، وعلى أرض مكشوفة لا تقدم أي ساتر أو تمويه. ولكنهم جابهوا هذه المرة وضعاً مختلفاً كل الاختلاف فالمواقع السورية التي عززها قدوم قوات عراقية مبنية على صفحة لا على خط، وممتدة بالجبهة والعمق ومحمية بدفاعات قوية ضد الطائرات وهذا يعني أن خرق أي خط أمامي لا يعني انهيار الجهاز الدفاعي وفتح الطريق أمام المتقدمين بل يعني تعرض المتقدمين لهجمات معاكسة ونيران سدود المدفعية. وزاد من مناعة الدفاع وفشل الانتقال إلى حرب الحركة اضطرار القوات الإسرائيلية إلى العمل على أرض وعرة صخرية محدودة المسالك لا تسمح بالمناورة السريعة ولا تعطي القوات المدرعة والمشاة الميكانيكية فرصاً جيدة لاستغلال إمكاناتها الحركية.
اللواء مصطفى طلاس،وزير الدفاع السوري خلال اجتماعه بالرئيس السادات
وتابعت القوات الإسرائيلية محاولتها بعناد لتحقيق خرق تنفتح بعده على أرض مكشوفة وتطبق مناورة المطاردة أو التطويق (المروحة) ولكنها اصطدمت بدفاعات قوية ورمايات مدفعية وصواريخ كثيفة. ولم يتمكن طيران العدو من تأمين الدعم الجوي اللازم للتقدم كما لم يستطع إسكات بطاريات المدفعية التي نصبت أمام العدو سداً نارياً محكماً. وطبقت القوات السورية – العراقية أساليب الدفاع الديناميكي وشنت هجمات معاكسة شديدة كسرت حدة الهجمات المعادية وأوقفتها على جميع المحاور، وأجبرتها على التراجع عن بعض المواقع التي احتلتها في القطاعين الشمالي والأوسط. وفي 14 تشرين الأول توقفت الآلة الإسرائيلية عن التقدم، وانتهت المرحلة الثانية، وتوازت قوى الطرفين المتجابهين، ولم تعد دمشق مهددة بأي خطر، ولم يعد لدى الإسرائيليين أي أمل بتحقيق مفاجأة استراتيجية حاسمة.
• المرحلة الثالثة:
لم يكن خط الجبهة في المرحلة الثالثة منطبقاً على خط وقف إطلاق النار لعام 1967، بل كانت قوات الطرفين تقف على خط متعرج متشابك. ويرجع ذلك إلى أن الهجمات السورية الأولى حققت النجاح في مختلف القطاعات، ثم جاءت الهجمات الإسرائيلية المعاكسة لتحقق بعض النجاح على القطاعين الشمالي والأوسط، وشن السوريون – والعراقيون بعد ذلك هجمات معاكسة ردت الإسرائيليين وانتزعت منهم بعض الأراضي. ولقد تجمد الموقف على هذا الخط المتعرج طوال المرحلة الثالثة وخاصة بعد أن نقل الإسرائيليون جهدهم الجوي نحو الجبهة الجنوبية لتحقيق خرق الدفرسوار.
وكانت المعارك خلال هذه المرحلة محدودة ذات أهداف تكتيكية وكان كل طرف من الطرفين يحاول تحسين وضعه عن طريق احتلال مرتفع أو طرد قوة معادية من مكان حاسم أو خط يصلح للدفاع أو الانتشار. وجرت خلال هذه المرحلة مبارزات بين بطاريات الصواريخ ومدفعية الميدان (رمي معاكس البطاريات)، ومبارزات بين مواقع الدبابات دون أن تقوم هذه الدبابات بحركات واسعة. ولقد اشتركت في هذه المبارزات الصواريخ الموجهة ضد الدبابات فاستخدم السوريون صواريخ “ساغر” و”سنابير” السوفياتية واستخدم الإسرائيليون صواريخ “س. س – 11” الفرنسية. وتحول القتال إلى حرب استنزاف برية وجوية يتبادل فيها الطرفان ضربات متعاقبة محدودة. وكان السوريون والعراقيون يحشدون المزيد من القوى ويراهنون على تحقيق التفوق للبدء بهجوم واسع جديد. وكانت احتمالات القيام بهذا الهجوم كبيرة خاصة بعد أن وجه العدو أنظاره نحو الجبهة الجنوبية، وزج معظم قواه الاحتياطية لتأمين نجاح عمليته غرب قناة السويس. ووسط الحديث عن الهجوم والاستعداد له جاء قرار وقف القتال الذي فاجأ السوريين والعراقيين معاً. ولقد سبق وقف القتال معركة كبيرة على موقع جبل الشيخ بدأت في الساعة الثالثة من بعد ظهر 21 تشرين الأول واستمرت طوال ليلة 21 – 22 تشرين الأول وطوال نهار 22 تشرين الأول استخدم العدو فيها طيرانه وقواته المحمولة بالهليكوبتر. ولم يستطع احتلال الموقع إلا بعد أن اشتبك مع القوات السورية وقوات جيش التحرير بالسلاح الأبيض وتكبد خسائر بشرية كبيرة، وأضاع عدداً كبيراً من طائرات القتال وطائرات الهليكوبتر، ولم تصمت المدافع نهائياً بعد يوم 22 تشرين الأول وشهدت خطوط وقف القتال أكثر من اشتباك بالمدفعية والدبابات ونيران الأسلحة الخفيفة. بالإضافة إلى اشتباكين جويين وقعا فوق الجولان. وبالرغم من موافقة الجانبين على وقف إطلاق النار فإن الوضع لا يحمل سمات الاستقرار اللازمة لمنع كل احتكاك بشكل كامل.
لعبت الصواريخ السوفياتية الصنع دوزا حاسما في حرب تشرين الاول ،
كانت تشكل جدارا من النار يحول دون اختراق الطائرات المعادية للاجواء
السورية.اما في الداخل،فقد اشتركت الطائرات السورية من طراز ميغ
في الدفاع عن الاجواء ضد الغارات على الاماكن المدنية.
ويمكن إيجاز العمليات العسكرية على الجبهة السورية بأنها كانت ضربة سورية إجهاضية لمنع التحشدات الإسرائيلية من شن العدوان، تلتها هجمة معاكسة معادية حاولت استثمار النجاحات الأولوية وتطويرها إلى مطاردة بالعمق ولكنها اصطدمت بدفاع قوي وهجمات معاكسة شرسة استنزفت قواها وحدت من اندفاعها وأجبرتها على الوقوف حيث بدأت مرحلة “تناطح الأكباش” بين قوتين متوازنتين. ولقد لعبت القوات السورية بمساعدة قوات جيش التحرير الفلسطيني والقوة المغربية دورها كاملاً في المرحلة الأولى، ثم انضمت إليها القوات العراقية في المرحلتين الثانية والثالثة وقامت بدورها بشكل مشرف. أما الوحدات الأردنية والسعودية التي التحقت بالجبهة السورية وتمركزت على القطاع الجنوبي فقد كان اشتراكها في العمليات محدوداً نظراً لوجودها في الانساق الاحتياطية لمحور ثانوي.
_____________________________
هامش:
يوميات الدول العربية
سوريا النشاط الديبلوماسي
6/10
ـ الرئيس الأسد يوجه رسالة إلى الشعب السوري يبلغه فيها بدء القتال.
10/10
ـ سوريا تدعو جميع الدول العربية إلى مشاركتها في المعركة وتدعو الرأي العام العالمي إلى شجب الاعتداءات على المدنيين.
14/10
ـ وزير الإعلام السوري يعلن بأن هدف سوريا في الحرب هو رد العدوان وتحرير الأراضي العربية المحتلة واستعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني – كما يعلن أن المستشارين السوفيات لا يزالون في سوريا.
15/10
ـ الرئيس الأسد يعلن في خطاب موجه إلى الشعب والقوات المسلحة أن القوات السورية استطاعت أن تحرر الجزء الأكبر من الجولان. ودعا الدول التي تدعم إسرائيل إلى أن تفكر في مصالحها الكثيرة في الدول العربية.
20/10
ـ رئيس الحكومة السورية يعلن ارتياح سوريا وغبطتها من الموقف العربي وخاصة إقدام كل من السعودية والكويت على قطع نفطها عن الولايات المتحدة.
22/10
ـ سوريا تعلن أن القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية والقيادتين القطرية والقومية لحزب البعث تدرس موضوع وقف إطلاق النار في اجتماع مشترك وأنه جرت اتصالات مع الملوك والرؤساء العرب لتبادل الرأي.
24/10
ـ سوريا تعلن موافقتها على وقف إطلاق النار بموجب قرار مجلس الأمن رقم 338 وعلى أساس انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة في حزيران 1967 وما بعده، وضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
28/10
ـ الرئيس السوري يجري اتصالاً هاتفياً بالعاهل الأردني.
29/10
ـ الرئيس الأسد يعلن في خطاب إلى الشعب أن قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار كان مفاجأة لسوريا ومخالفاً لتصوراتها وأن روسيا “ضمنت لنا الانسحاب الإسرائيلي الكامل” وأن سوريا مستعدة لاستئناف القتال إذا دعت الضرورة.
ـ مساعد وزير الخارجية يقول أن سوريا لم تطلب من الأمم المتحدة إرسال مراقبين دوليين للمرابطة على خطوط وقف النار.
30/10
ـ وزير الإعلام السوري يقول أن قرار مجلس الأمن لا ينص على إجراء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل والقضية يمكن أن تحل فقط بانسحاب القوات الإسرائيلية والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.
31/10
ـ سوريا تعلن التزامها بجميع الاتفاقيات الدولية وخصوصاً اتفاقيات جنيف حول معاملة المدنيين وأسرى الحرب شرط التزام إسرائيل بهذه الاتفاقيات.
3/11
ـ نائب وزير الخارجية السورية يجتمع في واشنطن إلى وزير خارجية الولايات المتحدة ويصفه بأنه “مفيد” وأنه جاء بمبادرة أميركية.
ـ الرئيس الليبي يصل إلى دمشق ويعقد اجتماعين مع الرئيس الأسد وكبار المسؤولين السوريين.
ـ سوريا تبلغ الصليب الأحمر أنها لن تتقدم بقائمة بأسماء الأسرى الإسرائيليين لديها قبل أن تقوم إسرائيل بتنفيذ ميثاق جنيف.
5/11
ـ الرئيس الأسد يستقبل نائب رئيس وزراء اليمن الشمالية ووزير خارجيتها.
ـ وزير خارجية سوريا يعلن أن سوريا ومصر ترفضان المفاوضات المباشرة رفضاً باتاً.
6/11
ـ الملك حسين يصل إلى دمشق ويعقد اجتماعاً مع الرئيس الأسد.
ـ الرئيس الأسد يستقبل وزير الدفاع السعودي ومبعوث الملك فيصل.
7/11
ـ الرئيس الأسد يستقبل رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ـ الحكومة السورية تبلغ دول السوق الأوروبية المشتركة ارتياحها لموقفها من أزمة الشرق الأوسط.
10/11
ـ الرئيس الأسد يستقبل وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي كما يستقبل مبعوث الملك حسين.
11/11
ـ وزير خارجية سوريا يعلن أمام الوفد البرلماني الفرنسي أن سوريا لن تقبل الاشتراك في مؤتمر السلام الدولي إلا إذا مثلت فيه دول أوروبا وأفريقيا ولم يقتصر فقط على أن يكون برعاية أميركية – روسية.
ـ حركة المواصلات المدنية في الأجواء والمطارات السورية تستأنف بعد أن توقفت 36 يوماً بسبب الحرب.
دولة اتحاد الإمارات العربية
7/10
ـ تبلغ كل من مصر وسوريا أنها تضع كل مواردها تحت تصرفهما
17/10
ـ تخفض إنتاج النفط بمقدار 5% استجابة لقرار مؤتمر وزراء النفط العرب في الكويت.
ـ تخفض إنتاج النفط إلى الولايات المتحدة بشكل كامل.
21/10
ـ الشيخ زايد يلمح إلى اتخاذ خطوات أخرى ضد الولايات المتحدة.
ـ الشيخ زايد يتعهد إلى الرئيس الأسد بتأييد أي قرار تتخذه دول المواجهة وباستعداده لمزيد من المقاطعة ضد الولايات المتحدة.
24/10
ـ توقف تصدير النفط إلى هولندا.
6/11
ـ الملك حسين يصل إلى أبو ظبي ويجتمع إلى الشيخ زايد بن سلطان ضمن جولة سريعة في بعض العواصم العربية.
تونس
7/10
ـ تضع الجيش التونسي في حالة تأهب. الرئيس التونسي يعلن أنه سيرسل قوات تونسية للاشتراك في القتال.
ـ الرئيس التونسي يدعو ليبيا إلى الاشتراك في القتال.
ـ يبلغ كل من مصر وسوريا تأييد تونس لهما.
14/10
ـ تستأنف العلاقات الدبلوماسية مع الأردن.
6/11
ـ وزير خارجية الولايات المتحدة يصل إلى تونس ويجتمع بالرئيس بورقيبة.
البحرين
7/10
ـ تشكل لجنة لتنسيق المساعدات المالية والمادية.
20/10
ـ تلغي من جانب واحد اتفاق منح الولايات المتحدة تسهيلات في قاعدة بحرية.
21/10
ـ توقف تصدير النفط إلى الولايات المتحدة.
30/10
ـ البحرين تقطع النفط عن هولندا.
11/11
ـ الملك حسين يصل إلى البحرين ويجتمع بحاكمها.
قطر
18/10
ـ تخفض إنتاج النفط فوراً بنسبة 10%.
21/10
ـ توقف تصدير النفط إلى هولندا والولايات المتحدة.
24/10
ـ توقف تصدير النفط عن هولندا.
8/11
ـ تخفض إنتاج النفط بنسبة 25% من متوسط إنتاج أيلول.
11/11
ـ أمير قطر يجري محادثات في الدوحة مع الملك حسين.
سلطنة عمان
11/10
ـ ترسل بعثات طبية إلى كل من مصر وسوريا.
ـ تفتح باب التبرع أمام المواطنين.
25/10
ـ توقف تصدير النفط لكل من الولايات المتحدة وهولندا.
11/11
ـ الملك حسين يقوم بزيارة لعمان ويجري محادثات مع السلطان حول تطورات الشرق الأوسط.
الأردن
7/10
ـ المدفعية الأردنية تتصدى لطائرات إسرائيلية اخترقت المجال الجوي الأردني.
8/10
الملك حسين يتلقى رسائل من الرئيس السادات.
11/10
ـ المدفعية الأردنية تتصدى لطائرات إسرائيلية اخترقت المجال الجوي الأردني.
13/10
ـ يرسل قوات للقتال على الجبهة السورية.
22/10
ـ يعلن موافقته على قرار مجلس الأمن بوقف القتال ويبقي قواته العاملة على الجبهة السورية تحت إمرة القيادة السورية.
30/10
ـ الملك حسين يبعث برسالة إلى ملك المغرب.
1/11
ـ قائد القوات الأردنية في الجبهة السورية يعلن أن قواته “على أتم الاستعداد لاستئناف القتال إذا ما صدر لها الأمر من قيادة الجيش السوري”.
6/11
ـ الملك حسين يتوجه إلى السعودية ويعقد اجتماعاً مع الملك فيصل ثم يغادرها إلى الكويت ويجتمع إلى أمير الكويت ومنها إلى أبو ظبي حيث يقابل الشيخ زايد. ويختتم جولته بزيارة دمشق ويجتمع بالرئيس الأسد.
8/11
ـ وزير خارجية الولايات المتحدة يصل إلى عمان ويعقد اجتماعاً موسعاً مع الملك حسين.
11/11
ـ حكومة الولايات المتحدة تقدم 10 ملايين دينار أردني لدعم الخزينة الأردنية للسنة المالية الحالية.
ـ الملك حسين يقوم بجولة خاطفة في عواصم عربية ابتداء من سلطنة عمان والبحرين.
المغرب
6/10
ـ القوات المغربية المتواجدة في سوريا تشترك في القتال.
7/10
ـ يعلن أنه سيرسل مفرزة ثانية من قواته إلى سوريا.
10/10
ـ الخطوط الجوية الملكية المغربية توقف رحلاتها لتتفرغ لنقل الجنود إلى الجبهة.
17/10
ـ وزير خارجية المغرب يقابل الرئيس نيكسون إلى جانب وزراء خارجية كل من السعودية والكويت والجزائر.
24/10
ـ يدعو إلى عقد اجتماع عاجل لوزراء الخارجية والدفاع العرب.
5/11
ـ وزير خارجية الولايات المتحدة يصل إلى الرباط ويجتمع بالملك الحسن الثاني في ابتداء جولته إلى عدد من الدول العربية.
السودان
7/10
ـ يضع قواته في حالة تأهب.
8/10
ـ يرسل قوات إلى الجبهة المصرية.
15/10
ـ يحتج على 5 دول إفريقية تسمح بسفر المتطوعين إلى إسرائيل.
7/11
ـ الحكومة السودانية ترحب ببيان السوق المشتركة المؤيد للعرب.
ليبيا
7/10
ـ الرئيس القذافي يعلن أن ليبيا ستقدم الأموال اللازمة لكل من سوريا ومصر لدعم المجهود الحربي وتموينها كذلك بالنفط.
ـ يحذر الولايات المتحدة من التدخل في الحرب.
ـ يوجه رسالة إلى الرئيس الفرنسي بومدين يعرب فيها عن دهشته للموقف الفرنسي “المتحفظ” تجاه القتال.
8/10
ـ السفير الليبي في باريس يقول أن بلاده ستدخل الحرب إذا لم تتوقف بقرار دولي.
12/10
ـ الرئيس الليبي يوجه رسالة إلى الرئيس المصري.
14/10
ـ تقدم 170 مليون دولار لمصر.
15/10
ـ تنفي أن طائراتها اشتركت في القتال.
17/10
ـ تخفض إنتاج النفط بمقدار 5% استجابة لقرار مؤتمر وزراء النفط العرب بالكويت.
19/10
ـ توقف تصدير النفط إلى الولايات المتحدة.
22/10
ـ الرئيس الليبي يهاجم الاتحاد السوفياتي وإسرائيل ويقول أن الحرب هي “أوبرا” وأنه يعارضها لأنه يريد تحرير فلسطين كلها.
ـ ترفض قرار مجلس الأمن بوقف القتال.
25/10
ـ الرئيس الليبي يصل إلى القاهرة للاجتماع بالرئيس المصري.
30/10
ـ ليبيا توقف ضخ النفط عن هولندا.
3/11
ـ الرئيس القذافي يصل إلى بغداد ويعقد اجتماعاً مع الرئيس البكر وكبار المسؤولين العراقيين.
4/11
ـ الرئيس الليبي يتوجه إلى دمشق ويجتمع بالرئيس الأسد وكبار المسؤولين السوريين.
5/11
ـ الرئيس القذافي يجتمع قبل مغادرته دمشق برئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
الجمهورية العربية اليمنية
7/10
ـ تعلن حالة الطوارىء وتضع قواتها المسلحة في حالة الاستعداد.
5/11
ـ نائب رئيس وزراء اليمن الشمالية ووزير خارجيتها يقوم بزيارة دمشق ويجتمع إلى الرئيس حافظ الأسد.
جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية
7/10
ـ تعلن تأييدها التام لكل من مصر وسوريا.
23/10
ـ إسرائيل تعلن أن هناك حصاراً فرضته اليمن الجنوبية على مضيق باب المندب.
لبنان
6/10
ـ بلغ كل من مصر وسوريا تأييده.
ـ يضع قواته تحت الاستعداد على أساس الرد على كل عدوان.
7/10
ـ رئيس الحكومة اللبنانية يدعو سفراء الدول الكبرى إلى منع إسرائيل من القيام بعدوان على لبنان معلناً أن حكومته تتمسك باتفاق الهدنة.
ـ فرق طبية تتوجه إلى دمشق.
8/10
ـ رئيس الحكومة اللبنانية ينقل إلى السفراء العرب تهديد إسرائيل للبنان ويبلغهم استعداد بلاده للرد على كل اعتداء إسرائيلي.
ـ المدفعية اللبنانية تتصدى لتشكيل من الطيران الإسرائيلي اخترقت المجال الجوي اللبناني.
9/10
ـ رئيس الحكومة اللبنانية يقول أن إسرائيل وجهت إلى لبنان ثلاثة إنذارات. ويطلب من وفد لبنان في الأمم المتحدة أن يبلغ دول المنظمة تفاصيل الاعتداء الإسرائيلي على الرادار في الباروك وعلما الشعب.
ـ إدارة مستشفى جاورجيوس تضع المستشفى بكل أجهزته ومعداته وأطبائه تحت تصرف الحكومة السورية.
10/10
ـ لبنان يرفع شكوى إلى مجلس الأمن بخصوص الاعتداء الإسرائيلي على مركز رادار الباروك.
ـ إدارة مستشفى جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية تضع كل إمكانات مستشفاها “في خدمة معركة التحرير والعدالة”.
11/10
ـ المدفعية اللبنانية تسقط طائرة فانتوم إسرائيلية اخترقت المجال الجوي اللبناني.
ـ وزير الدفاع اللبناني يعلن أن الأوامر أعطيت للجيش لصد أي اعتداء على لبنان وأن لبنان لن يفتح جبهة مع إسرائيل لأنه ملتزم باتفاق الهدنة.
13/10
ـ المجلس النيابي اللبناني يوجه نداء إلى المؤسسات التمثيلية والشعبية والبرلمانية في العالم يتضمن عرضاً للحالة الراهنة في الشرق الأوسط.
15/10
ـ الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة وأفراد الحكومة يتبرعون بمرتب شهر لضحايا الحرب.
21/10
ـ رئيس الحكومة اللبنانية يقوم بزيارة تضامن للعاصمة السورية.
23/10
ـ يعلن استعداده للاشتراك في المفاوضات المقرر إجراؤها تحت إشراف دولي.
31/10
ـ رئيس الحكومة يستقبل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية وعدد من قادة المقاومة.
2/11
ـ الرئيس اللبناني يدعو الفلسطينيين إلى تحديد حقوقهم.
5/11
ـ رئيس الحكومة يعلن أن لبنان يؤيد الدعوة إلى عقد مؤتمر قمة عربي.
ـ وزير الخارجية يتوجه إلى دمشق ويجتمع بوزير الخارجية السوري.
6/11
ـ رئيس الحكومة يطلب إلى السفير الإيراني أن تنسجم سياسة بلاده مع الوضع العربي لأن ذلك يشكل فرصة كبيرة لتحقيق تقارب إيراني – عربي.
8/11
ـ رئيس الحكومة يتوجه إلى القاهرة في زيارة رسمية.
10/11
ـ الرئيس السادات يستقبل رئيس الحكومة اللبنانية.
ـ مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط جوزف سيسكو يصل إلى بيروت ويجتمع إلى وزير الخارجية.
10/11
ـ الرئيس فرنجية يستقبل وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية.
_________________________
فكرة!
عزيزي الجندي العربي
لقد رفعت رأسي، رفعت رؤوس كل العرب بانتصاراتك التي لم نعرفها منذ مئات السنين.. فإن آخر المعارك الحربية التي انتصرنا فيها كانت معارك صلاح الدين منذ مئات السنين! حتى انتصارات إبراهيم باشا التي كانت تهدد جيوشه وأساطيله الحدود التركية انتهت بهزيمة، أعقبها احتلال بلادي ثمانين سنة!
وقد عشنا في هزائم كبيرة وفي هزائم صغيرة أطلقنا عليها انتصارات حتى نسترد ثقتنا بأنفسنا! وفي عام 1967 انهزمنا هزيمة كبرى في بضع ساعات، وأصبحنا سخرية الدنيا! وكنت يومها أقيم في فندقي بلندن! وأحسست أن الكرسون الإنكليزي الذي أغرقه بالبقشيش يتطلع نحوي باحتقار! لم أستطع يومها أن أغادر حجرتي لأنني لم أحتمل سخرية الناس! فقد أصبحنا نكتة على لسان رجل الشارع!
واستمرت النكات والضحكات الساخرة ست سنوات كاملة! كانت صورة العملاق وهو يجري أمام القزم تظهر على شاشة التلفزيون وعلى المسارح الهزلية، وفي الصور الكاريكاتورية.
وحاولنا أن ندافع عن أنفسنا، ونبرر هزيمتنا… ولكن الكلمات لم تستطع أن ترد اعتبارنا.
ثم جئت أنت بمدفعك وصواريخك وشجاعتك، ومسحت الصورة الظالمة التي رسمها العالم لنا. قلبت نظريات الخبراء العالميين رأساً على عقب. أثبت ما تصوره العالم هزيمة نهائية، هو في الواقع مجرد خسارة معركة من معارك الحرب. كشفت للدنيا جبروت الجندي العربي، وقدرته على الوقوف بعد أن يقع على الأرض. أثبت أننا لم نخسر معركة 1967 لعدم كفاية الجندي العربي، وإنما لعدم كفاية بعض قادته. أعدت للعملاق الجريح كرامته وسمعته.
أكتب اليوم لك لأقول لك إنك لا تحارب وحدك… وأن كل الأسلحة العربية تحارب لأول مرة معك..
سلاح الزيت دخل المعركة إلى جانبك.
سلاح المال أصبح تحت تصرفك.
الملوك والحكام الذين كانوا يكتبون برقيات التأييد… أصبحوا يكتبون الشيكات بالملايين!
كل إمكانيات الحكومات والشعوب العربية وطاقاتها هي الآن تحت أمرك.
فلقد أعدت لنا ما تعتز به أمة من الأمم.
أعدت لنا احترامنا لأنفسنا، واحترام العالم لنا.
علي أمين
الأنوار: 20/10/1973
_______________________________
بكاء وعويل في تل أبيب
بعد أن تخضبت أرضنا بدماء الشهداء والأبطال، وبدماء الآمنين المدنيين من أبناء أمتنا وشعبنا، وبعد أن حمل جيشنا مشعل الفجر يبعث به نور الأمل في عتمة يأسنا المرير، بما قدمه من بطولات، جعلت العالم يرمقنا بإعجاب، وهو يصنع النصر للأمة بكاملها، لا لشعبنا فحسب، بعد هذا، يصدر قرار عن مجلس الأمن بإيقاف النار على الجبهتين، المصرية والسورية. وتستجيب القيادتان لهذا القرار تعبيراً منهما عن أننا ما حاربنا إلا إحقاقاً لحق وزهقاً لباطل، ورداً لكرامة ودفعاً لعدوان.
ولا شك أن كل مواطن عربي يحاول مع ذاته أن يزين المعركة الأخيرة غير أن الربح والخسارة، ومثل هذا ما يحاوله العالم بأسره، الذي كان يرقب باهتمام بالغ أحداث القتال ويسعى إلى درء المزيد من الانفجارات. ومما لا شك فيه كذلك، أن العالم سينتهي إلى الحكم الذي سينتهي إليه كل مواطن في قرارة نفسه. اللهم إذا نظر بعين عادلة تعرف أننا عرفنا كيف تخاض المعارك، ودبرنا لها كل مستلزمات النصر، وعرفنا بالتالي كم أعطت المعركة من مكاسب لشعبنا ولجيشنا وللأمة بأسرها.
نحن، المحاربين، بمعركتنا هذه، هدمنا الخرافة التي قامت وتقوم إسرائيل على غرسها حقيقة في أذهان العالم المأخوذ بشعوذة الصهاينة، ومؤدى تلك الخرافة أن وجود إسرائيل هو الوجود الحقيقي والطبيعي وأن وجود العرب من حولهم وجود مصطنع جاءت المعركة فكشفت زيف المشعوذين والسحرة.
الاستخبارات الإسرائيلية، تحطمت أمام التخطيط العربي، وقد كانت أقوى من استخبارات أسيادها. وكان التقدم في الجولان، وعبور القنال، واجتياح التحصينات هنا وهناك، وإيقاع الخسائر الكبيرة بجيش المعتدين في الأفراد والعتاد رغم مساندة الإمبريالية.
وإذا كان الاستعمار منذ سنين، قد استطاع سلخ المواطن العربي عن أرضه وحياض أمته، وقطعه عن تراثه، فقد أتى جيشنا اليوم ليعيد لنا ذلك التلاحم بأقوى مما كانت عراه بعد أن غطى بالنجاح ترابنا المقدس، وصاغ من الدماء مشاعل تتقدم طلائع التحرير والنصر. وأثبت للمشككين في العالم أننا ما زلنا ذوي حمية يعربية، وإن أصالتنا لم تمت! وأنه مهما باعدت بيننا الحدود المصطنعة، والاتجاهات المتعارضة فإن وحدة التاريخ تجمعنا، ووحدة التراث والدم تصهر الكل في واحد. وما وحدة المعركة الأخيرة سوى برهان ساطع على ذلك. وليست سوى باعث على خوض معارك أخرى تنتهي بالتحرير الشامل الكامل، فعودة الإيمان بعد نزوح، وعودة الأمل بعد ارتحال العنصر الأهم في كل معركة وهذا ما حققته لنا معركتنا الأخيرة بالإضافة إلى الكثير من المكاسب الأخرى. والتاريخ ناطق في هذا المجال، جحافل نابليون لم ترتد عن موسكو إلا بعد أن صدها إيمان الشعب ودفعها تصميمه على حماية مقدساته. وكذلك هتلر لم يندحر إلا باعتصام شعوب العالم بحقوقها ومقدساتها وأجدادنا عبر التاريخ لم يحققوا ما حققوا إلا نتيجة محبتهم لأرضهم وارتباطهم بتراثهم. بذلك طردنا الصليبيين وأجلينا العثمانيين، وحققنا الاستقلال ودفعنا بنير الانتداب. وذلك الشعب الذي حقق تلك المعجزات هو شعب الجولان اليوم وسيناء وروحه هنا التي أبداها هي روحه التي دحرت أولئك الغاصبين. وإذا كان لنا أن نفاخر بنصر، فبالنصر الذي أثبتنا به أن روحنا لم يمت! وأن محاولات إماتته قد تحطمت فعدنا كما كنا إيماناً واحداً وصفاً واحداً. لذا يحق لنا الفرح والابتهاج ويحق للصهيونية أن تولول فقد قرب تحقيق وعيد الله على أيدينا “الهاوية في أسفل مهتزة لاستقبالهم”.
يا أبناء أمتي،
كل ما في الآفاق يبشر بالخير ويبعث على الإيمان بأن وعد الله لنا قريب، العالم بأسره بدأ ينزع عن عينيه غشاوة التضليل فشرع يرانا على حقيقتنا ويرى عدالة قضيتنا وما أفريقيا سوى شاهد على ما أقول. وما كان ذلك ليكون، لو لم نشعر العالم بأننا ما زلنا أحفاد تلك الأمجاد التي حملت مشعل الحضارة للعالم طيلة قرون وقرون. ولو لم يشعر العالم بالفرق العظيم بين أمة تحمل النور وشعب لا يحمل إلا الدماء والدمار. فلنحافظ على ما سبكتنا به المعركة، وحدة صف، ووحدة قضية، ولنرفع رأسنا عالياً لأننا ما زلنا بأعين العالم وبعين أمتنا أحفاد من صنعوا الأمجاد وحملوا الحريات إلى العالم من خالد بن الوليد حتى جمال عبد الناصر…
استجبنا لقرار مجلس الأمن، لا جبناً ولا خوفاً، ولا وهناً ولا ضعفاً، بل إظهاراً لأصالة ودفعاً لغشاوة. واستجابتنا هذه بداية معركة ثانية طاحنة وطويلة يحكم بعدها التاريخ لنا أو علينا. وقد من الله علينا، نحن من عاصرنا القضية وحصنتنا المعركة، بشرف عظيم تحسدنا الأجيال عليه، شرف الإسهام في المعركة بمجهوداتنا، وشرف إعداد الأبناء من ناشئتنا ليظلوا جنوداً لقضاياهم حماة لأمجاد ورثوها ليصونوها. ولنفرح مهللين ليوم السادس من تشرين، ولنمجد بفخر أبطال سيناء والجولان معاهدين أرواحهم أننا سنتابع المسيرة، وأن دماءهم ستظل مشاعل تحرير تستصرخ الهمم لنتابع ما بدأوه. لنفرح بوحدة الصف العربي، بمن حارب، وبمن وضع جميع الإمكانات في المعركة. لنهلل لقرار الدول الشقيقة المنتجة للنفط، لأنها بقرارها أرعبت العدو ومن هم وراءه، وتساهم بفرض السلام العادل وبالإقرار بالحق العربي.
تحية يا من نلتم شرف المشاركة والمساندة والدعم، ثابروا على وحدة الصفوف ودعموها، ولا تتركوا العزائم تترهل، فلن يغيب عنا اليوم الموعد كثيراً، يوم يحقق الله لنا وعده، “أنا أسلم عدوك بين يديك”.
إن وعده حق، وهو أصدق الواعدين.
المطران باسيليوس سماحة
الأنوار: 29/10/1973
__________________________
“مجد” دايان في التصفية
عندما تستدعي إسرائيل جنرالات الاحتياط، وعلى رأسهم قادة حرب 1967، فمعنى ذلك تسليم بفشل قيادتها الحالية.
ولكن عودة قدامى الحرب المنتصرين لا تعني أنهم أقدر من زملائهم المنهزمين، كما لا تعني أنهم مؤهلون لتكرار دورهم السابق. فالذي حدث في ذلك العام كان ضربة تاريخية لعب فيها عنصر الخدعة والمباغتة الدور الأول، وهذا ما يمكن أن يتكرر.
وقد أثبتت حرب تشرين أن إسرائيل بمجرد أن تفقد فرصتها الأولى تصبح فوراً في طريق التراجع، وهذا هو وضعها الآن.
ومنذ نشوئها في عام 1948 وإسرائيل تمارس دورها في الفرصة الأولى، وقد كسبت عطف الرأي العام العالمي بذكائها وليس بشجاعتها.
وذكاؤها الذي كان يتعدى الميدان العسكري إلى ميدان الإعلام حجب جانباً كبيراً من وجودها اللاشرعي والقائم على القرصنة والاغتصاب.
وإسرائيل كانت دائماً تخشى الهزيمة الأولى لأنها تكشف، ليس فقط ضعف كيانها، بل تكشف حقيقة القوى العربية وحجمها وفعاليتها. وبالتالي تضع إسرائيل بسرعة في مواجهة مصيرها.
ولا شك في أن جنرالات إسرائيل، القدامى والحاليين يراجعون حساباتهم الآن، ولا بد أن يكون أمامهم السؤال الضخم التالي: ماذا ستكون النتيجة إذا استمرت الحرب عدة أسابيع؟
هذا سؤال رهيب بالنسبة لإسرائيل. ذلك أن كل مخططاتها تتركز على حرب خاطفة. أما حرب الأسابيع فإنها لا تقوى عليها، لا عسكرياً ولا مالياً، والدليل أنها بعد يومين من بدء المعارك طرحت الصوت على المنظمات الصهيونية في العالم لجمع التبرعات والمساعدات فكانت الحصيلة حوالي مئة مليون دولار لا تكفي نفقات يوم حربي واحد.
طبعاً إن رساميل الصهيونية العالمية لم توضع بعد في معركة إسرائيل، وأميركا لن تتخلى عنها، ولكن كل ذلك يؤكد من جديد، وهذه المرة أكثر من أي مرة سابقة، أن التفوق الإسرائيلي كان قائماً على معادلة غير ثابتة ومعرضة للانهيار عند أي مفاجأة لمصلحة العرب.
ومن هنا يمكن القول أن “مجد” دايان وبقية زعماء الحزب الحاكم في إسرائيل دخل مرحلة التصفية، خصوصاً أنهم على أبواب المعركة الانتخابية.
وعندما نعلم أن جماعة دايان هم جناح التطرف الذي يمضي بإسرائيل في طريق المغامرات نستطيع أن نتصور الوضع الداخلي الذي سينفجر بعد توقف هذه الحرب، وربما قبل توقفها.
يبقى أن كل هذا خاص بإسرائيل، رغم أن انعكاساته الجيدة هي لمصلحة العرب.
أما فيما خص العرب فيكفي، حتى الآن، أن المعركة تدار برصانة، حتى لا نقول بتواضع. وهذه ظاهرة أذهلت العالم الخارجي.
ولا شك في أن هذا العالم، رغم سيئاته التي لا تحصى بالنسبة للعرب، يحترم الحقيقة عندما تفرض نفسها بالقوة مع الكبرياء.. كما يحصل الآن.
عزت صافي
الأنوار: 11/10/1973
__________________________________
البترول في المعركة
البترول العربي هو سلاح من أهم الأسلحة التي تملكها الأمة العربية والتي يمكن ويجب أن نزج بها بلا تردد في معركة المصير والكرامة التي تدور رحاها الآن بيننا وبين المغتصب الإسرائيلي.
وإن لم تقدم الحكومات العربية على استعمال هذا السلاح على الفور، فإنها تكون قد فوتت على نفسها، مرة جديدة، فرصة ثمينة لاستعادة حقوقها وأراضيها المغتصبة وللضغط على الدول الكبرى، وفي طليعتها الولايات المتحدة الأميركية التي تساند إسرائيل وتمدها بطائرات “الفانتوم” وبسائر الأسلحة التي تستعمل الآن ضد الجيوش وضد الأهداف المدنية في مصر وسوريا، كما استعملت في الأمس ضد مخيمات اللاجئين وضد المدنيين من أبناء الأمة العربية.
أما الأوجه العملية لاستعمال هذا السلاح فكثيرة ويمكن تلخيصها فيما يلي:
أولاً – بإمكان كافة الدول العربية المصدرة للبترول أن تبادر إلى تأميم ممتلكات شركات البترول الأميركية العاملة في أراضيها، كما فعل العراق بعيد نشوب المعارك المسلحة، أو على الأقل تأميم 51 بالمئة منها كما فعلت ليبيا مؤخراً. هذا بعد أن اتضح خلال مناقشات مجلس الأمن في 8 تشرين استمرار الولايات المتحدة في مساندتها العمياء للعدو الصهيوني.
ثانياً – بإمكان الدول العربية أن توجه دون تأخر إنذاراً إلى الولايات المتحدة وغيرها، بأنه في حال تدخلها المباشر إلى جانب إسرائيل، أكان ذلك عن طريق الدعم العسكري أم عن طريق الدعم السياسي، فإن صادرات البترول العربي إلى هذه البلدان تتوقف على الفور. ويكون طبعاً من الأفضل أن يصدر هذا الإنذار من قبل منظمة البلدان العربية المصدرة للبترول بعد أن تدعى هذه المنظمة لاجتماع استثنائي لتدارس الأوضاع الراهنة.
ثالثاً – في حال تلكؤ إحدى أو بعض الدول العربية في استعمال السلاح البترولي، فعلى المنظمات العمالية والمنظمات الشعبية العربية الأخرى أن تتحمل مسؤولياتها في هذه الظروف الحاسمة، وتبادر إلى إيقاف ضخ البترول إلى الدول التي تساند إسرائيل.
إن البترول العربي هو سلاح ذو فعالية كبرى لإلحاق الأذى وللضغط على الدول التي تناصبنا العداء، وهو إلى جانب ذلك أداة سياسية لكسب الأصدقاء في العالم ولتحويل الدول المستهلكة إلى حليفة موضوعية للدول العربية.
وهو أخيراً أداة لدفع عجلة التقدم الاقتصادي في البلاد العربية.
وأود الإشارة في هذه المناسبة إلى أن إحدى الصحف اللبنانية قد نسبت لي مؤخراً في عنوان بارز القول أن البترول وسيلة تنمية وليس أداة ضغط. والواقع أن هذا يناقض تماماً ما قلته وما ذكرته نفس الجريدة في صلب النص الوارد على لساني حول هذا الموضوع.
وهكذا يمكن القول أن سلاح البترول يجب أن يستعمل كل يوم في أيام العرب وفي أيام السلم على حد سواء كوسيلة لردع الأعداء، وكوسيلة لتكييف علاقاتنا الاقتصادية والسياسية مع الدول المستهلكة وفق مصالحنا الوطنية. خاصة وأن الموقف العربي يزداد قوة بسبب أزمة الطاقة التي تعاني منها الآن كافة الدول الصناعية.
أما التشكيك في حق العرب واستعمال البترول كسلاح سياسي، فالجواب عليه أن استعمال المواد الأولية أو غيرها من المصالح الاقتصادية كسلاح سياسي ليس بالأمر الجديد. وقد سبقنا إلى ذلك عدد كبير من بلدان العالم وفي ظروف أقل خطراً من الظروف التي تعانيها الأمة العربية، ويكفي مثلاً على ذلك الحظر الذي فرضته أميركا خلال السنوات الماضية على التجارة مع الصين الشعبية، أو الحظر الذي سبق وفرضته ألمانيا الغربية على تصدير أنابيب البترول إلى الاتحاد السوفياتي.
والأبلغ من ذلك أن أميركا نفسها اشترطت مؤخراً لبيع الحنطة للاتحاد السوفياتي أن يسمح بهجرة اليهود إلى إسرائيل. كما أن إسرائيل هددت مؤخراً بالضغط الاقتصادي على النمسا وبمقاطعتها سياحياً بعد حادثة فيينا الأخيرة. ومن البديهي أن العرب أحق من غيرهم باستعمال هذا النوع من الأسلحة وذلك بسبب ما يتعرضون إليه من عدوان عسكري ومن تهديد لسلامة شعوبهم، وبسبب تحكم أميركا بالقسم الأكبر من إنتاج البترول العربي.
إن المعارك التي تدور الآن على الجبهتين المصرية والسورية، يتعلق عليها مصير ومستقبل كل عربي. وعلى كافة الدول العربية المصدرة للبترول أن تلقي بوزنها في ميزان القوى لكي تحقق النصر، وتمحو ربع قرن من العار والهزيمة.
الدكتور نقولا سركيس
الأنوار: 15/10/1973
________________________________
… وسلاح النفط أيضاً
أطلقت الرصاصة الأولى في معركة النفط العربي فانفجر صداها في أرجاء العالم كله، وكان دويها عظيماً.
ويمكنني الآن، دون أن أنكث بوعد أو أخون عهداً قطعته على نفسي، أن أذيع سراً اؤتمنت عليه، وكتمته مدة سبعة وثمانين يوماً، منذ 19 تموز الماضي إلى هذه الدقيقة التي أكتب فيها هذه السطور.
ففي ذلك اليوم – 19 تموز 1973 – كنت في الطائف، المقر الصيفي للملك وحكومته، في فندق “العزيزية”. وكنت أعرف أنني سأتشرف بمقابلة الملك في الساعة الحادية عشرة من صباح ذلك اليوم، فقد أبلغتني الموعد “التشريفات الملكية”.
وعند الفجر استيقظت على صوت المؤذن: الله أكبر! الله أكبر! فنهضت ولبست ثيابي، ونزلت إلى بهو الفندق. فرأيت أحمد، سائق السيارة الرسمية الموضوعة تحت تصرفي يصلي مع رجلين آخرين. فلم أعكر عليهم صفو الصلاة. حتى إذا فرغوا أشرت إلى أحمد أن يتبعني إلى السيارة. وصعد إليها وصعدت: نذهب مسافة ساعة إلى الصحراء، على طريق “الرياض”.
وفي الصحراء ترجلت ورحت أمشي وأملأ صدري بهوائها النقي المنعش. وأدير نظري في هذا المنبسط من الأرض الذي يبدو وكأنه لا نهاية له، كالسماء التي تعلوه والتي لا نهاية لها.
وصار رأسي نهباً للأفكار، وصدري خلية للمشاعر، لكن فكرة واحدة طغت علي، وملكت لبي.
من هذه البطاح خرج النبي العربي الكريم.
لقد اخترقت السيارة بي عشية أمس، وأنا في طريقي من جدة إلى الطائف، مكة المكرمة.
لم أتبرك بزيارة الكعبة المشرفة هذه المرة، لكن قلبي هفا إليها واشتد خفقانه حين كان السائق أحمد يقول لي، وهو يحسب أنني لا أعرف: هذه “منى”، وهذه عرفات، وهذا… وهذا…
من هذه الأرض المقدسة انتشر الإسلام، وحقق المعجزات، وأبدع الفنون، واستوى على ذروة الفكر والفلسفة، وكان هدياً للمهتدين، ومثلاً في السماح، والحق، والعدالة، والخير.
من هنا… إلى أبواب الصين!
وبعد أربعة عشر قرناً تهزم هذه الأمة العربية عصابة من شذاذ الأرض وفدوا إلى فلسطين من كل قطر على مراكب من حقد، وسفن من طغيان، وطائرات من كراهية وبغضاء.
كيف حدث ذلك؟ وكيف يمكن أن يكون ما حدث حقيقة لا وهماً من الأوهام؟
كلما أسعدني الحظ ومثلت في مجلس الملك فيصل تهيبت، وتملكني شعور قوي هو مزيج من الرهبة والاحترام والغبطة والاعتزاز.
لا أدري كيف قلت له: إن حديث جلالتك للصحافة الأميركية عن تمادي أميركا في مساعدة إسرائيل وأنها إذا استمرت في سياستها هذه فستعيد النظر في سياستك البترولية، إن هذا الحديث كان له في العالم دوي عظيم.
استوى فيصل في مجلسه وقال:
أمس أدليت بحديث إلى محطة “ن.بي.سي.” التلفزيونية الأميركية عن البترول. لقد انتقلنا من التحذير إلى الإنذار.
وأضاف الملك وأنا أسمع بأذني وعيني وقلبي وكياني جميعاً كل كلمة من كلماته: إن إسرائيل قد طغت وبغت وتكبرت وتجبرت. أنها انتهكت أرضنا، ودنست مقدساتنا، وقتلت، وجنت، والعالم يتفرج عليها ولا يفعل شيئاً. وأميركا تساعدها. إن الله سبحانه وتعالى قد أمرنا بالجهاد في سبيله جل جلاله. ونحن مؤتمنون على الأماكن الإسلامية المقدسة.
وصمت الملك قليلاً، ثم ارتفع صوته، لكنه لم يخرج عن هدوئه ووقاره الشهيرين وقال: لقد عيل صبرنا..
وأنهى كلامه بقوله: وإذا عزمتم فتوكلوا..
أدركت، منذ تلك الساعة، أن في الجو شيئاً، انتابني إحساس عجيب يشبه حدس النساء، أو الشعور بأمر آت لا ريب فيه. وأقسمت بيني وبين نفسي على أن لا أبوح بشيء.
وصعد فيصل تحذيره، إلى إنذار بقطع العلاقات مع الدولة التي تساعد إسرائيل على تقتيل العرب.
ثم تتالت الأحداث، سريعة، قاطعة حاسمة، فتصالح العرب بعضهم مع بعض.
وما كان حلماً أصبح حقيقة، ورؤوسنا التي كانت مطأطئة رفعها إلى السماء أبطال العرب المقاتلون في سيناء، وفي الجولان.
هذه الحرب هي حرب كل العرب. لن يبقى عربي خارج المعركة. لأن هذه، لا غيرها هي معركة الحياة والموت.
وغداً، حين يجتمع في الكويت ممثلو بلدان النفط العربي، سيضيفون بإذن الله إلى الأسلحة الماضية التي يحارب بها العرب عدوهم سلاح النفط، وهو لا يقل مضاء وأهمية وفتكاً عن المدفع، والطائرة والصاروخ.
خليل تقي الدين
الأنوار: 16/10/1973
___________________________________