جمال عبد الناصر ومنهجه القيادي.. جَدَلُ قرن
لماذا جمال عبد الناصر الآن.. ومجدداً؟
هاني الحلبي- موقع تحولات- العدد81
يبدو التساؤل مشروعاً عن المبرر العلمي الذي يسوّغ البحث في الموضوع الناصري الذي عالجته عشرات أو مئات الدراسات ومنها أطاريح دكتوراه ورسائل دبلوم تخصصية، لكنها لم تعالجه حسب علاقته بمعطيات زمانه ومكانه عينهما وتأثيرهما في تكوّن المنهج القيادي الناصري وتأثيره فيهما، وكذلك تأثيرهما في تكوين البناء الاجتماعي المصري الحاضن العام الذي يستمد منه ذلك المنهج روحه وقوته المؤسسة. على الأرجح رآه معظم هذه الدراسات من زاوية انقطاعه عنهما وعن البنية الاجتماعية وخصائصها، كمنظومة كلية مفارقة للزمان وللمكان وللبناء الاجتماعي الناشئ فيه. وهذا ما يجدر استكشافه في بحث “جمال عبد الناصر ومنهجه القيادي.. جدل قرن.
وكي يمكن تحليل المنهج القيادي الناصري واستجلاء خصائصه تتم دراسة البناء الاجتماعي وفلسفة القيادة وطبيعة كل منهما والأنماط التي يحفلان بها والأشكال التي يمكن أن يتمظهرا من خلالها في الواقع الاجتماعي وعلاقة التأثر والتأثير المتبادلة بينهما عموماً، وفي الواقع المصري خصوصاً.
وحيث افتراض أن نموذج جمال عبد الناصر القيادي، تتوفر فيه شروط اختيار النموذج الأمثل لدراسة موضوعية، فيكون قريباً بمقدار وبعيداً بمقدار، في توفّر ملاءمة القيادة الناصرية ومنهجها مع خصائص البناء الاجتماعي وروائز الشخصية المصرية.
يعود اختيار موضوع منهج جمال عبد الناصر القيادي لأسباب عديدة منها، أن الأحداث الجسام المعيشة تحفز القرائح والعقول على التساؤل والبحث في بحث الماهية الاجتماعية المترابطة للجماعة القومية، وفي بحث البناء الاجتماعي وماهيته وتنوعاته المؤسسية وعلاقاته النفسية الروحية الرابطة أنسجته الاجتماعية المتباينة. وحيث يسهم البناء الاجتماعي للأمة في جلاء شخصيتها الذاتية المميّزة بالنسبة لغيرها من الأمم، معبرة عن نفسها بقواعد سلوك قومي تكون لحمة طريقتها الخاصة في حياتها وفهمها ذاتها، بحيث يمكن وفقاً لرصد تلك القواعد تعيين فعاليات عقلها العام. ومحاولة تعيين أسباب الويل التي تعظم تدريجاً في العالم العربي، في بحث السببِ المسبِّب للمأساة القومية في أبعد آفاقها وأعمق معانيها ودلالاتها، خصوصاً أن جمال عبد الناصر مثّل حالة فريدة بين رؤساء الدول في نجاحه الشعبي الواسع والذي تخطى حدود دولته إلى العالم العربي والإسلامي وما بعدهما.
إن حالة تطبيق البنية النظرية المستخلصة في البناء الاجتماعي وفلسفة القيادة ينبغي فحصها بعناية بالغة وبتوقع علمي ملائم لإمكانية تحقق معايير البحث للبناء الاجتماعي والقيادة فيها. وينبغي في هذه الحالة أن تكون في سياقها التاريخي والمنطقي مستوفية معطيات النمو والاكتمال، وعلى درجة من البُعد عن الباحث، لا تقربه بدرجة قرابة ما تخرجه عن جادة النزاهة أو توقعه في حرج أو تهافت غرضي، فتكون حالةً مؤثرة ذات وزن وتأثير حاسمين في سير الأحداث ومجراها خلال فترة كافية من الزمن، لرصد روائزها الحقيقية في التطبيق الفعلي، وليس فقط في ما تتضمّنه الخطب والتصريحات المدبجة بأدب سياسي وبعناية بالغة.
استجمع نموذج عبد الناصر إلى الفرادة خصائص أخرى تسمح باختياره موضوعاً لدراسة أكاديمية، فاستمرار حضوره بعد عقود من رحيله المفاجئ 28 ؟؟؟؟ أيلول 1970 كقائد شعبي وأمل قومي يستعاد في الملمات، وتلوذ إليه أوساط شعبية واسعة لاستمداد عزيمة وروحية قوية في مواجهة التحديات المصيرية. وهو حالة أصبحت بعيدة زماناً أي تسمح، بنتيجة المذكرات التي أصدرها البارزون من الضباط الأحرار ومعاصروهم والدراسات النقدية المختلفة الاتجاهات وما يمكن أن تكون نشرته دول أو جهات دولية ذات علاقة. وهو حالة بعيدة مكاناً ما يمكّن البحث من الاتصاف بالدقة من دون جواذب كثيرة أو مغريات مصلحية معينة أو خشية لوم أو قمع سلطة يصبو إليها المتقربون من ذويها بالتجلّة والاحترام بحيث يوظفها القائد الممسك بالسلطة للتأثير على موضوعية البحث، بحكم التطرق إلى قضايا ومسائل هي موضع سجال إلى اليوم.
“بعد الإطلاع يمكن تكوين رأي” يصحّ وصفه بالنزاهة والتوازن العلمي، بعيداً عن ثنائية الحق والباطل الصارمة وثنائية التأييد والموالاة أو المعاندة الضدية والحكم المسبق أو الإيديولوجي، ما يمكن اعتبار نموذج جمال عبد الناصر حالة بحثية مكتملة أكثر من أية حالة رسمية في العالم العربي بدءاً من مشاركته العامة والسياسية في مظاهرات الثلاثينيات، ودخوله إلى الكلية الحربية وتأسيسه تنظيم الضباط، فالثورة ومن ثم مشاركته اللواء محمد نجيب الحكم والقرار بالفعل، ثم عزله نجيباً وتحديد إقامته وتوليه الحكم مطلقاً حتى رحيله وهو في قمة الذروة من الاكتساح النفسي والإعلامي للجماهير وقدرة الإمساك بأسباب القوة وخيوط النفوذ من دون أي منازع، مصرياً على الأقل. لذا فهي حالة منتقاة وليست حالة عشوائية أو يمكن الوقوع عليها بالصدفة.
يشكل موضوع “جمال عبد الناصر ومنهجه القيادي.. جدل قرن” إشكالية مزدوجة الوجهة، من وجهة أولى ما هي العوامل التي تكسب البناء الاجتماعي في سياق كينونته هوية وانتماء؟ وإذ يتبين القسط الأوفر من هذه العوامل تبرز إشكالية أخرى في مدى تأثير البناء الاجتماعي على فاعليات أنسجته وأفراده، خصوصاً القادة منهم، وإلى أي مدى يمكن رصد هذا التأثير؟
من وجهة أخرى لا يُرى البناء الاجتماعي مؤثراً وحيد الاتجاه في القيادة، لتعاظم الدور القيادي في العصر الحديث، ما يسوّغ السؤال الإشكالي هل القيادة مؤثرة في البناء الاجتماعي ويمكن تعديل خصائصه تقدمياً أو رجعياً، وفق مقاصدها وخططها؟ إذا كانت القيادة مؤثرة فإلى أي حد يبلغ هذا التأثير؟ بتبيين العلاقة المتبادلة التأثير بين البناء الاجتماعي والقيادة أصبح ممكناً النظر إلى موضوع البحث في النموذج الناصري المنتقى للدراسة فيه،- بوصف عبد الناصر قيادة من طراز خاص والمجتمع المصري بناء اجتماعياً بخصائصه الذاتية المحددة هويته-، للإجابة على السؤال التالي ما هو تأثير البناء الاجتماعي المصري في فلسفة القيادة الناصرية ومنهجها؟ وما هو دور هذا المنهج القيادي الناصري في سيرورة المجتمع المصري؟ وإلى أي مدى كان هذا المنهج تعبيراً عنه وعن نفسيته العامة ومصالحه في الحياة؟
المحاولة في هذا البحث، كإجابة مقترحة، تسعى إلى الإجابة على الأسئلة الإشكالية في فرضيتين، في سياق بحث الماهية الاجتماعية هل المجتمع بنية ضرورية اجتماعية ذات هوية وانتماء، أم أنه ميدان فوضى عارمة تعصى على التنظيم؟ وحيث يصح بالدليل المحسوس احتمال التنظيم العام للمجتمع القومي المحدد الهوية، فلماذا تسود الفوضى بعض المجتمعات وقد تتردى بها إلى التهلكة؟ لكن التنظيم غالب على الفوضى، فهل يُحدث التنظيم نفسه؟ التنظيم محدَث بفعل المنظم وبالتالي هو نتيجة المنظِّم ومن المنطقي نفي فرضية أنه يُحدث نفسه؟ إذاً مَن يحدث التنظيم؟ يقيم البحث البرهان على أن التنظيم أحد مهام القيادة أية قيادة، خصوصاً ذات البنية الإدارية. الفرضية الثانية أين تكمن مسببات الهزيمة والانحطاط؟ أهي في القيادة وفلسفتها؟ أم في البناء الاجتماعي ذاته؟ أم في عدم انسجام هذه القيادة بالذات لبنائها الاجتماعي عينه؟ وهذا يلزم عنه بحث فلسفة القيادة وعلمها وانبثاقها وأنماطها ومسوغاتها من حيث كونها ماهية وذاتاً، ومن ثم من حيث هي أداء فكر وسلوك مؤسسة متفاعلة في منظومة المدى الاجتماعي والمؤسسي. ومن ثم من حيث هي ظاهرة تاريخية قابلة الدرس والفحص، دالة على عقل الوجود والتاريخ ونبض روحيهما في الحياة البشرية خصوصاً.
في المنهج:
لا شك في أن دراسة نهج عبد الناصر كحالة سابقة زمنياً، لا يصح من دون استعادة وقائعها ومفاصلها المميَّزة، وهذا ما ييسره المنهج التاريخي، إذ يسمح بإجراء تقويم لهذه الوقائع بعد نضجها الزمني وتعدد وجهات النظر الباحثة فيها من زوايا ومنطلقات متناظرة، ما يسمح بنقدها موضوعياً، بدقة أعمق مما لو كان البحث متزامناً وحصولها، إنما للمنهج التاريخي عيوبه المعروفة كنسبية صحة الاسترداد وكنسبية الوثائق الى مجريات الوقائع وموضوعيتها وذاتية كاتبي الوثائق وأغراضهم التي قد تزيف الوقائع عما كانت عليه. فلا مناص من تقويم عيوبه واستكماله بمناهج أخرى، أبرزها منهج تحليل النصوص، عندما تعرض للبحث وثيقة، أو نص تصريح أو خطاب أو ميثاق وحدة واتفاق وما شابه، وعطف هذا التحليل، منهج المقارنة بين النص وشعاراته وأمانيه اللاهبة وبين متحققات النهج الذي يقول به النص وإنجازاته الفعلية في الواقع، من دون تهويل أو انتقاص أو محاباة وتأييد لعبد الناصر، ولم تكن تلك تكفي من دون الالتفات إلى الإحصاء حيث توفرت الأرقام في الشأن السكاني والاقتصادي والعلمنفسي والاجتماعي عموماً، ما يفيده منهج السوسيومتري (Sociometrie) (*) الذي يدعّم النظر بدقة الرقم والجدول مع التحوُّط لهامش الخطأ والعيب النسبي للإحصاء، وربط كل هذه المعطيات المحصلة بمنهجية علمية موضوعية، مترابطة بالوصف والتصنيف والتفسير والشرح( ).
صعوبات البحث كانت كثيرة، أهمها جدة الموضوع القيادي في الدراسة الأكاديمية الفلسفية فندرت المراجع والمصادر ذات المستوى والمنهجية الدقيقة، وجلُّها من إصدارات مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت، ومنها بعض حلقات سلسلة أطاريح الدكتوراه، وشكلت عزاء كبيراً لما تشغله في المكتبة العربية. لذا كان لازماً جمع مادة البحث من علوم إنسانية عديدة من خلال دراسة أبحاثها المختلفة لظاهرة القيادة وفق مناهجها التطبيقية، وتكييف تلك النتائج في ما يخدم البحث ويعزز التأمل فيها مقاربة ومقارنة. ثم ضخامة المنشورات التي شكل عبد الناصر وقيادته محورها المركزي كالخطابات والأحاديث الصحافية والإذاعية والبيانات والمذكرات الشخصية والسياسية والصحافة و..، ولعل مردّ الضخامة إلى حجم تأثير عبد الناصر في حقبة شديدة الحساسية والأهمية للمشروع الناصري العربي وكذلك للمشروع الصهيوني وحلفائه، فاحتاج كل مشروع إلى إعلام ودعاية سياسية واقتصادية وحربية كاسحة ليمكن أن يحقق فوزاً بالضربة القاضية أم بالنقاط. ناهيكم عن ضخامة البروباغندا الإعلانية الدعائية التي كانت تشنّها الإذاعات العربية والعالمية، كإذاعة لندن وكصوت أميركا وإذاعة صوت العرب، فتلقي على الوقائع نقاباً سميكاً يحجب حقيقتها ويغلفها بغلاف سياسي براق للموالين ومشوِّه للخصوم، ما يجعل لهذه الدعاية الكاسحة فعالية كسيف ذي حدّين يضع البحث المكتوب أو المنقول في حينه وزمنه في موضوعية ودقة نسبيتين ويزداد احتمال عيبه بالإيديولوجيا اللاعلمية.
وينبغي التحوط الى عيوب أخرى فصَّلت في المنهج الناصري تظهر في طغيان الشفاهية والخطابية وقلة الكتابية التي لم يمارسها عبد الناصر بنفسه، ويرجح أنها من جراء استغراق القيادة وتركزها في شخصه. ومحذور آخر ينبغي أخذه بعين الاعتبار، وهو رسوخ عبد الناصر كأبرز الأبطال القوميين في العالم العربي شعبياً، من دون تفقّه الجماهير ولا حتى نُخبها بسرّ هذه البطولة وبروزها، ما يعارض بالفعل مستقبل أية دراسة جدية وحقيقية تعارض الدوغما (Dogme) (*) السائدة والمروَّجة بإتقان شديد لعقود خلت، إن تعارضت مع نقد فلسفي مهما كان معمّقاً يهدف إلى تقويم تجربة عبد الناصر موضوعياً، بهدف إضاءة مسار الأمة التي تبقى بعد زوال أفرادها مهما عظموا، حيث إن الأمة هي الحامل (Le support) للتجربة الناصرية في الواقع وفي الحكم وعبر التاريخ. تعارض النقد البحثي مع الدوغما المروجة بما لها من امتداد وتصويت وقدرة على الترويج والنشر في أوساط دينية ومذهبية واسعة الانتشار يؤسس لغرابة النقد العقلي الفلسفي واستهجانه في السياسة والاعتقاد المباين للعرف السائد والتقليد! وتصبح هذه المعارضة اكثر خطورة وجسامة متى كانت تتعلق بمصر كنموذج للزعامة العربية بحجمها السكاني وموقعها، في تأثر وتأثير متبادلين بين الموضع والموقع ومعادلة الزمان والمكان في النهج القيادي، وفي تنازع مستمر مع أقطاب إقليميين آخرين (السعودية، العراق- وسوريا) وعلى زعامة عربية منشودة.
في بنية البحث:
يحتاج البناء الاجتماعي ضرورة لقيادة تنبثق عن مؤسساته وبناه المادية النفسية الاجتماعية، ما يعني أن البناء الاجتماعي تلزمه قيادة لهذه البنى. ولاحتياج القيادة لبناء اجتماعي هو الوجود الاجتماعي المعاين المحسوس بالمجتمع الحي، تكون تعبيراً لازماً عنه منبثقة منه ومتسقة في أنسجته الجمعية المتنوعة ومصوغة منها. هكذا تربط علاقة متبادلة بين البناء الاجتماعي والقيادة، كقطبين متلازمي الوجود والتأثير.
تندرج الإجابة المقترحة على الإشكالية لهذا البحث في سياق من مقدمة وبابين وخاتمة:
* مقدمة: تعرض لقيمة موضوع بحث المنهج القيادي عند الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في هذا الواقع العام، ومسوغات محاولة قراءة في ضوء درس البناء الاجتماعي المصرية والتجربة الحضارية المصرية التاريخية العريقة وحصيلة الخصائص العامة لها، وأبرز الصعوبات التي اعترضت البحث وأمكن علاجها، وعرض بنية البحث.
– الباب الأول: بعنوان “البناء الاجتماعي المصري” ويتألف من أربعة فصول: الفصل الأول “لمحة تاريخية في البناء الاجتماعي المصري وخصائصه” العامة، الفصل الثاني “الإقليم المصري وتأثيره”، الفصل الثالث “في البناء الاجتماعي النفسي المصري وخصائصه”، الفصل الرابع: “في خصائص الحضارة الفرعونية المصرية” بوصفه حصيلة عامة للتفاعل الطبيعي والأولي بين الإقليم المصري والجماعة البشرية المصرية عبر التاريخ المنتج الخصائص النفسية الاجتماعية لهذه الحضارة.
– الباب الثاني: بعنوان “في منهج القيادة الناصرية” ويتألف من فصلين: الفصل الأول بعنوان “جمال عبد الناصر مشروع قائد” تُستعرض فيه البيئة الأسرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي يرجح تأثيرها في المنهج القيادي الناصري، وتحضير واسطة الثورة التنفيذية بإنشاء “تنظيم الضباط الأحرار” وإدارة الصراع الخفي مع الملك ومن ثم العلني بعد تحول التنظيم قوة جامعة في الجيش، عبر انتخابات نادي الضباط، ومن ثم إطلاق الثورة فجر نهار الأربعاء 23/7/1952. الفصل الثاني وعنوانه “جمال عبد الناصر قائداً” يستعرض فيه مفهوم القيادة الناصرية ومعاييرها المحللة والمسندة بأقوال عبد الناصر، ودينامية القيادة ومستوياتها التنفيذية الثلاثة: المركزية المصرية في قيادة فردية جماهيرية في آن، المدى العربي في محاولاته الدؤوب لبناء دولة عربية متحدة عن طريق مشاريع الاتفاقات الوحدوية الثنائية والثلاثية المتعددة، والمدى الدولي في تأسيس مبدأ الحياد الإيجابي الذي شكل نواة أولية لمنظمة عدم الانحياز، للاانحياز إلى أحد المعسكرين الدوليين آنذاك المعسكر الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة والشيوعي الشرقي بزعامة الاتحاد السوفياتي السابق، وإظهار قيمة الديبلوماسية الناصرية في السياسة الخارجية لتجنب استخدام القوة العسكرية في المنازعات الدولية.
* خاتمة: يتم التركيز فيها على الخلاصات والتوصيات التي تحصلت من البحث، فتستخلص فيها النتائج التي توصلت إليها الدراسة، واقتراحات يمكن أن تسهم في استكمال دراسة التراث الناصري، خدمة للمعرفة ولتصحيح المسار العربي نحو نهضة ضرورية، وللتدليل على مفهوم “القيادة التعبيرية” كمفهوم مستنتج من الفة الانسجام بين القيادة الناصرية وخصائص مجتمعها بوصفها تعبيراً عنه.
يهدف هذا البحث إلى الإضاءة على المنهج القيادي الناصري بموضوعية ونزاهة، لا يطعنهما الحافز الوطني ولا غاية قطف العبرة من سجل التاريخ الزاخر لتقويم التجارب الكبرى وفهمها فهماً أفضل ومن خلالها الالتفات لتقويم الأداء المعاصر للقيادات الراهنة في تلافيها أخطاء القيادات السابقة وما آلت إليه. هذه الأخطاء التي تعظم نتائجها في التاريخ المعاصر بسبب الاستهداف الأجنبي الجديد، الأشد خطورة من سابقيه.