مجلة “المجلة”
بيروت 11/4/2004 العدد 1261
عباس بدر الدين
ذهب السيد موسى الصدر ولم يعد، وذهب معه رجل دين ولم يعد. وذهب معهما صحافي ولم يعد أيضاً.
كان عباس بدر الدين مراسلاً لوكالة أنباء عربية وصاحب وكالة أنباء محلية في لبنان.
كان صحافياً جم النشاط، دقيقاً في خبره وغير منحاز في روايته.
كنت أتهم صديقي عباس بالتهذيب الشديد مع الناس والساسة، لكني كنت معجباً بشجاعته.
عندما راحت الحرب الأهلية تمطر شوارع بيروت بالرصاص والكاتيوشا وقنابل الهاون، كان عباس يأتي في سيارته بمحرريه وموظفيه من بيوتهم واحداً واحداً، ويعيدهم إليها واحداً واحداً.
وفرقتني ظروف العمل عن الصديق عباس. ثم جاء في صوته عبر الهاتف في عام 1978 ليقول لي إنه سيرافق السيد موسى الصدر إلى ليبيا لحضور احتفالات الفاتح من سبتمبر…
وما زلت أنتظر عباس بدر الدين منذ 25 سنة، فقد ذهب إلى مجهول آخر ولم يعد.
فلم تعد حياة الصحافيين تساوي شيئاً في مواسم قتلهم في العراق وغير العراق.
إننا نحزن عندما يفارقنا عزيز أو حبيب. لكن بقاء عباس معلقاً بين الموت والحياة عذاب لزوجته وأولاده. فهم يعيشون بين الشك والأمل طيلة هذه السنين.
وأنا أيضاً تعذبني الهواجس. أتمنى أن أعرف هل صديقي وزميلي عباس بدر الدين حي فيرجى، أم ميت فينعى؟.
(غين)