لمن يهمه الأمر
(ا.ل) – تذكر إدارة وكالة “أخبار لبنان” بشخص مديرها العام المسؤول زاهر عباس بدرالدين ان الوثائق المنشورة في صفحاتها وغيره من الانباء لا تعني بالضرورة تبني الوكالة مضمونها ولا تلزم أي شخص بها ولا تشكل أية قرينة قانونية بالنسبة للموقف القانوني لعائلات سماحة الإمام السيد موسى الصدر والزميل الأستاذ السيد عباس بدر الدين وفضيلة الشيخ محمد يعقوب في الدعاوي التي قد تقام مستقبلاً في القضاء الدولي وهي من باب الإطلاع وللقارىء أن يختار، وهذا ما يميز الإعلام اللبناني عن غير.
كما تفيد إدارة وكالة “أخبار لبنان” أنه بلغها بأن الزميلين: علي ورشيد بدر الدين وهما من الوسط الإعلامي والذين يصدران مجلة للمغتربين منذ زمن واسمها: “البحار”اصبحا يعرفان بانهما شقيقا الزميل الاستاذ السيد عباس بدرالدين علما ان اشقاء السيد عباس قد توفوا ما عدا شقيقة له.وانما الصحيح هو أنهما ليسا أشقاء الصحفي الاستاذ عباس حسين بدر الدين
وتؤكد إدارة الوكالة أنّه ليس لديها مكاتب خارج لبنان حالياً أو مندوبين أو أي ممثل عنها في بلاد الاغتراب او في الوطن وهي قائمة على مكتب رئيسي لها في بيروت المزرعة.
كما تعلن الادارة عن انتهاء العمل بالبطاقات على أنواعها الصادرة عنها منذ نهاية العام ألفين وثمانية وقبله..
وبالختام تعلم الادارة أن هناك صفحة إلكترونية وهي:
www.akhbarloubnan.com
وارقامها الهاتفية:
009613878933\00966533141516
وعلم أن صاحبها هو يوسف خليل وتحمل اسم “أخبار لبنان” وتصدر من “المملكة العربية السعودية” وليس لها أية صفة قانونية في وزارة الإعلام اللبناني.لذا تحذر إدارة الوكالة من انتحال الاسم واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة(انتهى)
_________________________
في يوبيلها الذهبي-50 عاما
وكالة “اخبار لبنان”
نبذة وسيرة
بعد التحيــة والسلام،
اسمحوا لنا بأن نعرفكم قليلا وفي صفحات معدودات على وكالة “أخبار لبنان” فهي وكالة يومية ، مرخّص لها من وزارة الاعلام اللبنانية ومن معالي وزير الانباء في ذلك الحين الشهيد رشيد كرامي – رحمه الله – بموجب القرار الوزاري الرقم 64 تاريخ 13/5/1959.
تاريخها
وقد أسسها الصحفي المغيّب السيد عباس بدر الدين المدرج اسمه في اتحاد الصحافة اللبنانية، ومن قبل رئيس هذا الاتحاد الشهيد الأستاذ رياض طه – رحمه الله – تحت رقم 124 في أوائل الستينات بالتعاون مع الرئيس تقي الدين الصلح في بناية العسيلي بالقرب من تمثال الصلح مباشرة. وكانت هذه الوكالة على مدى السنوات الطويلة ومنذ تأسيسها، محط احترام الجميع لموضوعيتها ونأيها عن الصراعات الداخلية ، وكل ما يسيء إلى الرسالة الاعلامية، وإلى العلاقات اللبنانية الداخلية والاقليمية والعالمية.
سياسة الوكالة ومضمونها
ونوضح ان الوكالة استئنفت إصدار نشرتها منذ أوائل العام ألفين ، بعد توقف قسري في التسعينات، وذلك من اجل تنظيم ادارة الوكالة وفقا لما تنصه قوانين الاحوال الشخصية.
وعلى خطى مؤسسها استمرت وكالة “أخبار لبنان” منبراً اعلامياً موضوعياً صادقا و معتمدا للجميع، وجهدت خلال أعوامها الماضية للإبقاء على موقعها والتطوير والتحديث من تلقاء ذاتها مواكبة للتطورات في حقل الإعلام والتقنية، حيث لم يقتصر أداؤها على مجال معين، فجاءت نشرتها شاملة تضم بين دفتيها : السياسة ، والاقتصاد ، والاغتراب ، والثقافة ، والرياضة ، والفن ، والقضاء، والحوادث ، والتحقيقات ، والاحاديث ، والاجتماع ،والريبورتاجات، وغير ذلك من المجالات، بما يتيح لمشتركيها بالإضافة إلى متابعة الاخبار اليومية، والاطلاع شؤون وملفات الساعة واخر المستجدات، والإحاطة بما يجري من مداولات ومواقف ضمن سياق من الموضوعية وتوخي الدقة والأمانة الاعلامية.
وظيفتها
و نعرف ان الوكالة هي الوسيلة بين القارىء والوسيلة الاعلامية من مرئي ومقروء ومسموع وبالتالي فلا غنى عن دورها في ظل الحداثة والمنافسة الحاصلة في يومنا هذا،لانها ككل وسيلة اعلامية فهي مصدر أيضا للمعلومات وتتميز بسياستها وهويتها الاعلامية.
والاقبال على وكالتنا ناتج عن مستوى الخدمات الذي نقدمه على الصعيد الاعلامي حيث نقوم بنشر احداث و نشاطات و بيانات اليوم بكامله و بكل عناية و دقة و مسؤولية و اخلاص مما يجعلنا وسيلة اعلامية معتمدة و موثوقة نظرا لمصداقيتها ونقلها الخبر لوسائل الاعلام المحلية كافة والمختصين ونلفت الى انها قد تحتوي ما قد لا تحمله وسائل الاعلام الاخرى .
نضيف الى ذلك كله ان هذه الوكالة تحمل تاريخا و صدى طيب في الوسط الاعلامي نظرا لما في طياتها من اخبار موضوعية متنوعة و صادقة و مسؤولة و حديثة و هذا امر لطالما حافظت ادارة الوكالة عليه وهذه السياسة المتبعة كان قد اعتمدها مؤسسها الاستاذ عباس بدرالدين في نهجه الوطني و ما تزال.
عناوين الوكالة
و يضم الفريق العامل في الوكالة عددا من المحررين و المراسلين في مختلف المواقع الرئاسية ، والرسمية ، و غيرها من المحطات المفصلية.وهي تتألف من عدد من المكاتب الفرعية لها اما قسم التوزيع والاخراج فيكمن على العنوان الاتي:
الطابق الارضي –
كولومبيا سنتر –
شارع المتنبي –
بيروت – لبنان
و تعتمد الارقام الهاتفية التالية:
هاتف :700831 1 00961
فاكس:700830 1 00961
اما البريد فهو:
وكالة “أخبار لبنان”
ص.ب:5285-14
بيروت – لبنان
علماً ان عنوان البريد الالكتروني لأخبار الوكالة هو:
[email protected]
والموقع الالكتروني هو:
www.akhbarlubnan.net
والبريد الاداري:
[email protected]
التوزيع
اما قسم الاشتراكات فيتولى متابعة عملية التوزيع ، وتأمين إيصال النشرة إلى المشتركين بعد التأكد من نشر أخبارهم و نشاطاتهم في عدد الوكالة الصادر، ومتابعة ملاحظاتهم عليها من خلال استمارات دورية.
وتعمد الوكالة وضمن خطوة تشجيعية إلى تعميم نشرتها ، بواسطة البريد الالكتروني على مشتركيها كسلة واحدة مع النشرة الورقية.
وتتميز الوكالة بانها تتمحور حول مختلف المجالات والاصعدة والدليل انه اصبح لها قراؤها من رسميين، ودبلوماسيين، واداريين، حاليين، أو سابقين، حتى أنها امست متداولة و تلقى تجاوبا حسنا ضمن حلقة جامعة للأشخاص النافذين في الوسط السياسي، والاقتصادي ، والروحي، والاجتماعي…
ونشير هنا إلى ان عدد صفحات الوكالة مفتوح : أي غير محدد ، فتحمل الوكالة في طياتها تفاصيل كان قد تم اجتزاؤها،( نظراً لضيق المساحة او سياسة الجريدة)، من مناسبات ، أو احتفالات ، أو اجتماعات ، أو محاضرات .. وبالتالي فان الوكالة تهم الاعلاميين و المختصين و المتابعين للشأن العام اولا و الخاص ثانيا وكذلك جميع الفئات.
أما طريقة توزيع الوكالة فتتم يومياً الساعة الخامسة مساءً على عناوين المشتركين فيها، كما يتم توزيعها للمشتركين من خلال الوكالة الورقية التقليدية ، و بواسطة البريد الالكتروني و الموقع الالكتروني للمشتركين ، وفي طليعتهم الصحف المحلية كافة ومحطات المرئي و المسموع المحلية والعربية، وغيرها من وسائل الاعلام و المراكز المختصة المعنية، وذلك ايام الاثنين والثلاثاء والاربعاء والخميس والجمعة .
إن إدارة الوكالة التي تجدد تحيتها واحترامها لحضرتكم ،وهي بدورها تسعى الى الفوز بانضمامكم الى أسرتها و مشاركتم رسالتها الحضارية الواعية ونشرها للخبر الصادق والامين، وذلك عبر الاشتراك بقيمة مدروسة، ترضي الجميع وذلك مقابل خدماتها الاعلامية التي تقدمها الوكالة في الوسط المحلي بامتياز منذ تاريخ تأسيسها للمحافظة على استمراريتها وديمومة العمل فيها.
وبعد الدراسة وضعنا أسعارا تناسب القراء الذين يودون الاطلاع على كل جديد وآخر مستجدات الساعة والاحداث و التطورات.و يقارب عدد النشرات في العام الواحد-12 شهرا حوالي المئتين و السبعون عددا حاليا أما بالنسبة لقيمة الاشتراك فيتم تحديده ، حسب الخدمات المقدمة للمشترك – لا سيما في الحملات الانتخابية – او لعدد الاشتراكات التي يبغيها او في حال الرغبة في حملة اعلامية او اعلانية.
بالختام ان ادارة الوكالة تتمنى لكم دوام النجاح والتوفيق في مهامكم و عملكم الرائد وسعيكم الجاهد والمستمر نحو مستقبل مبشر ومزدهر للوطن عامة عل أبناءنا يحظون بأيام أفضل من التي ممرنا بها.(انتهى)
_________________________________
جريدة الاخبارالعدد 1006 يوم الثلاثاء19 كانون الاول 2009
وكالة “اخبار لبنان”
توضح إدارة الوكالة لصاحبها المدير العام المسؤول زاهر بدرالدين المسجل في نقابة الصحافة انها مؤسسة مستقلة وليست شركة مساهمة وممثلها الوحيد صاحبها المذكور اعلاه ولا احد من عائلة او ذوي عباس بدرالدين-المؤسس يمارس مهنة الصحافة كما تشير لانتهاء العمل بجميع البطاقات الصادرة حتى تاريخه.
الادارة:زاهر.ع.بدرالدين
________________________________
وكالات الأنباء
تعتبر وكالات الأنباء بين وسائل الإعلام الأولى لأن وظيفتها جمع الأخبار التي تمس الصالح العام، وتزويد الصحف في العالم بأفضل سرد ممكن لأهم الأخبار الداخلية والخارجية، ويتطلب هذا السرد للأنباء نقلاً فيه عمق وحياد واختصاص، ليس لأنباء الحوادث نفسها فحسب، بل لما يستتر وراء الحوادث والأنباء. والخبر هو الحجر الأساسي في بناء الصحافة قديماً وحديثاً، وهو المادة التي تقوم عليها الصحافة المعروفة: كالمقال، والتعليق، والزاوية، والتقرير، والتحقيق، والنقد. ولولا النبأ لما عرفت الفنون الصحفية الأخرى، ذلك لأن القارىء الحديث لم يعد يكتفي بأن يعرف الخبر، بل يتوق دائماً إلى معرفة معناه ومغزاه ومقدماته ونتائجه وتأثيراته المقبلة.
وتقوم وكالات الأنباء بواسطة شبكة خطوطها اللاسلكية الواسعة الانتشار والسريعة النقل، بتأمين أخبار وأنباء ومواد صحفية مختلفة أكثر مما يمكن لجريدة واحدة أن تستعمله، وذلك لإعطاء محرري الصحيفة مجالاً واسعاً للاختيار من بين تلك الأنباء. وفي الوقت نفسه، فإن تدفق الاختبار بواسطة وكالات الأنباء المنوعة يساعد المحرر على تنمية معلوماته، والإحاطة بكل ما يجري في العالم، مع أن حدود المكان في صحيفته قد لا يسمح إلا بنشر جزء صغير فقط من المواد التي يتسلمها من وكالات الأنباء المتعددة.
نشأة وكالات الأنباء:
ليست وكالات الأنباء بالفن الحديث، إذا عنينا بها رواية الأنباء وعرضها على الجمهور، بل هي قديمة قدم الدنيا، وليست النقوش الحجرية الدالة على الأخبار والإعلام وإذاعتها بين الناس (كما عرف في مصر والصين وعند العرب أيام الجاهلية) إلا ضرباً من نقل الأنباء في العصور القديمة. وذلك لأن حب الاستطلاع من طبيعة البشر. وقد كان الإنسان ساكن الكهوف في العصور البدائية يتلهف لسماع ذبح أسد، أو القتال مع إنسان آخر من سكان الغابات والأحراج. وتدل أوراق البردي المصرية القديمة، والتي يظن أنها ترجع إلى 40000 سنة قبل الميلاد، على إحساس صحفي لما كان يثير السامعين.
وقد كانت الأخبار والأنباء في العصور الأولى خليطاً من قصص الخيال، والحقائق تمشياً مع رغبات السامعين، وعلى هذا الأساس إذا كان المقصود من التعرف على نشأة وكالات الأنباء، هو تاريخ نشر الأنباء يوماً فيوماً، فإن هذا التاريخ يبدأ مع فجر الإنسانية فأول صحيفة في العالم التي دعيت (Acta Diurna) أي السجل اليومي للأخبار، والتي صدرت عام 58 قبل الميلاد، كان لها مراسلون في الخارج يوافونها بالأخبار في رسائلهم الإخبارية. ولا ننسى الإشارة إلى “رسائل الأخبار” التي استمرت طوال العصور الوسطى، وإلى أن الخبر المخطوط “المنسوخ باليد” ظهر في انكلترا في القرن الثالث عشر. وقد عرف العرب نشر الأنباء وفنون الصحافة منذ عصر الجاهلية وكذلك الإعلام وتناقل الأخبار ووضع المذكرات واليوميات، وتسجيل الوقائع التاريخية وإطلاع الرأي العام على ما يجري في دور الخلفاء وقصور الحكام من أعمال سياسية وغير سياسية وما يصدر عنهم من قرارات وبلاغات وأوامر… ونشر الأنباء في الماضي إن اختلف من حيث الشكل والأسلوب والنشاط عما هو عليه اليوم، فإنه لم يختلف من حيث الجوهر عما يجري في الوكالات الأنبائية المختلفة.
ثم تطورت الصحافة بعد أن مرّت بمراحل متتالية( )، وقد كان لازدهار الصحافة واتساع نطاقها الأثر الأولي في تكوين وكالات الأنباء. ومنذ نشأتها الأولى انقسمت وكالات الأنباء إلى قسمين:
1 – وكالات الأنباء العالمية.
2 – وكالات الأنباء المحلية أو الوطنية.
وكالات الأنباء حتى الحرب العالمية الأولى:
نمت وكالات الأنباء في الولايات المتحدة الأميركية بطريقة طبيعية، فكان هناك صحف عديدة ومصادر للأنباء كثيرة. وعند اختراع التلغراف أصبح في استطاعة الصحف أن تتبادل الأنباء المحلية فيما بينها. وقد أنشئت شركة الصحافة المتضامنة (أسوشييتديس) لتحقيق هذا الغرض عام 1848، وكان مبدأها إذاعة أنباء صحيحة لا التواء فيها. وعندما أُنشئت “شركة الصحافة المتحدة (يونيتد بريس) عام 1907 سارت على منوال الوكالة السابقة.
وفي أوروبا أنشئت وكالة الأنباء الألمانية (وولف) وكانت تابعة لبنك “روتشيلد” الذي كان مركزه الرئيسي في برلين، وكان القيصر غليوم الثاني يسيطر على تلك الوكالة ويوجهها لنشر الأنباء التي تهمه وبالأسلوب الذي يريده، ويتخذ منها أداة لإثارة الحماسة في نفوس الألمان، والحيلولة دون وقوفهم على حقيقة الموقف الدولي.
وفي انكلترا عندما أنشئت (شركة رويتر) لم تكن في بداية الأمر وكالة أنباء بمعنى الكلمة، إذ كانت مهمتها مقصورة على نقل الرسائل الحكومية والبيانات والمعلومات الخاصة بالأسواق بين العواصم الأوروبية. وعندما اخترع التلغراف أقنعت “رويتر” مجموعة من صحف لندن بأن تجمع لها الأنباء الخارجية وتمدها بها. وعندئذ أصبحت شركة “رويتر” وكالة للأنباء. وفي تلك الأثناء أنشئت شركة “هافاس” في فرنسا، وكانت هذه الوكالة مع وكالتي وولف الألمانية ورويتر الإنكليزية تسير على خط واحد من ناحية إذاعة الأنباء بالكيفية والطريقة اللتين تريدهما الحكومات التابعة لها، ومن ناحية الحصول على أكبر ربح ممكن.
تعاونت الوكالات الثلاث في الأعوام التي تلت عام 1870، وكونت جبهة احتكارية “كارتيل” بسطت سيطرتها على الأنباء الدولية، وقسمت العالم إلى مناطق ونفوذ فيما بينها. فكانت انكلترا والممتلكات المستقلة والمستعمرات الإنكليزية ومصر وتركيا واليابان والصين من نصيب شركة “رويتر” وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وسويسرا وإيطاليا وأميركا الجنوبية من نصيب شركة “هافاس”. وألمانيا والدول السكندنافية وروسيا والدول السلافية والنمسا من نصيب شركة “وولف”، وكان الغرض من التعامل بالأنباء – كالتعامل بالسلع والبضائع – هو الربح ولا سيما إذا حاولت حكومة من الحكومات أو مصرف من المصارف استغلال نبأ أو مجموعة من الأنباء.
وبعد ذلك انضمت وكالة الصحافة المتضامنة الأميركية “أسوشيتد برس” إلى تلك الجبهة الاحتكارية، واستطاعت إبعاد وكالة رويتر عن الولايات المتحدة، فقد وافقت على تلقي تلغرافات “رويتر” كما وافقت “رويتر” على تلقي تلغرافات “الأسوشيتدربرس” بيد أنه اتضح لهذه الأخيرة أن الجبهة الاحتكارية لم تكن تتعاون معها تعاوناً صادقاً، فقد كانت وكالة “رويتر” لا ترسل إلى الولايات المتحدة إلا الأخبار التي يريد الإنكليز أن يطلع عليها الأميركيون، ولم تكن ترسل مع أنباء الولايات المتحدة إلى بقية أجزاء العالم إلا تلك التي يريد الإنكليز أن تطلع عليها الأمم الأخرى، وكانت شركتا “هافاس” و”وولف” تتبعان هذه الطريقة، كل منها في منطقة نفوذها، وكان من جراء ذلك أن الأنباء التي كانت تذاع عن الولايات المتحدة، ضئيلة ومشوهة، حتى أن سكان آسيا ظلوا يعتقدون مدة طويلة أن الولايات المتحدة هي بلاد تتحكم فيها قبائل الهنود وعصابات الغانغستر.
وفي الوقت نفسه كان الأمريكيون يجهلون الشيء الكثير من شؤون العالم، لا بمحض إرادتهم بل مرغمين، وأبلغ دليل على ذلك أن شركة “رويتر” كانت، حتى بعد أن وضعت الحرب الإسبانية الأمريكية أوزارها، تنقل أنباء الفيلبين إلى لندن قبل وصول تلك الأنباء إلى الولايات المتحدة، وحدث عام 1912 أن عمد اليابانيون إلى اضطهاد رجال الإرساليات الأمريكية في كوريا، إلا أن شركة رويتر التي كانت تربطها بالحكومة اليابانية صلات ودية امتنعت عن إذاعة نبأ الحركة الاضطهادية.
وكالات الأنباء العالمية بعد عام 1939:
لم تقض الحرب العالمية الأولى على الجبهة الاحتكارية، وكل ما فعلته أنها وسعت نفوذ شركتي “رويتر” و”هافاس” على حساب شركة “وولف” الألمانية، ويقال أن الحكومة الإنكليزية كانت إبان الحرب تملك شركة رويتر وفي أعقاب الحرب ابتاعها “رودريك جونس” الذي كان أثناء الحرب مديراً للدعاية الإنكليزية، وكان في الوقت نفسه يتولى إدارة شركة رويتر.
ولما كانت شركة الصحافة المتحدة “يونيتد برس” لم تدخل في الجبهة الاحتكارية لوكالات الأنباء، فقد أخذت تذيع الأنباء الأمريكية في البلدان الأخرى على أوسع نطاق. وفي الوقت نفسه ضاعفت وكالة أسوشيتد برس مراسليها في الخارج، وأخذت هاتان الشركتان تتنافسان ولكنهما كانتا، على الرغم من اشتداد التنافس بينهما تعملات بحياد.
وقبل الحرب العالمية الثانية انتقلت ملكية شركة رويتر طوعاً واختياراً إلى صحف انكلترا. وصرح مدير وكالة رويتر بعد ذلك بأن وكالته هي حليفة لشركات الأنباء الأمريكية وقانون الوكالة الأساسي يكفل لها النزاهة والاستقلال عن إشراف الحكومة أو المصالح السياسية أياً كان نوعها.
وأثناء الحرب العالمية الثانية حلت، في فرنسا، صحف المقاومة محل شركة “هافاس” التي تولى إدارتها الألمان. وبعد تحرير باريس ظهرت “وكالة الصحافة الفرنسية” وأعلنت أنها ستكون وكالة أنباء أهلية مستقلة، وطلبت من الوكالتين الأميركيتين أن ترسلا لها نسخة من قانونيهما لكي تهتدي به.
وفي عهد هتلر أنشئت وكالة الأنباء الألمانية (D.N.B) وارثة وكالة “وولف” وأصبحت وكالة الأنباء النازية الرسمية وكانت هذه الوكالة تابعة للحكومة الألمانية وتديرها وتشرف عليها مباشرة وفي إيطاليا استخدم موسوليني شركة “سنتيغاني” الوكالة الرسمية للحكومة الفاشستية الإيطالية، وكان موسوليني يقول: “الصحف ووكالات الأنباء الإيطالية هي جوقة موسيقية أتولى أنا قيادتها، ولا أحب أن أسمع نشاذاً أياً كان نوعه. وإننا في غنى عن القول بأن هذا النشاذ معناه الحرية”.
وفي الاتحاد السوفياتي أنشأت الحكومة وكالة أنباء رسمية أطلقت عليها اسم “تاس” وهي وكالة تخضع لإدارة وإشراف الحكومة وهي الناطقة باسم اللجنة المركزية للحزب الشيوعي والحكومة السوفياتية.
وظيفة وكالات الأنباء:
وظيفة وكالة الأنباء الأساسية هي: تزويد الصحف والإذاعات والتلفزة وأشرطة الأخبار السينمائية بالأنباء من جميع أنحاء العالم. وللنبأ أو الخبر تعريفات عديدة منها أنا لخبر هو إيراد لحادث وقع حالاً يبعث على اهتمام القارىء به. والخبر هو كل ما يريد القراء أن يلموا به، فكل ما يود عدد كاف من الناس قراءته هو خبر شرط ألا يخالف قواعد الذوق. والخبر بناء للتعريف الحديث هو كل ما يحدث من أمور، وكل ما توحي به الأحداث، وكل ما يترتب على مثل تلك الأحداث، ويضم الخبر جميع أوجه النشاط الجاري الذي يثير الاهتمام الإنساني العام، وخير الأخبار ما أثار اهتمام أكبر عدد من القراء.
ووظيفة المخبر في وكالة الأنباء تقدير القيمة الحقيقية للخبر، فالحادث الذي له قيمة إخبارية هو الحادث الذي ينشىء سلسلة متصلة من الأحداث تؤثر في كثير من الناس، أو الحادث الذي من شأنه التسبب في مثل تلك السلسلة، أي أن يكون حادثاً كثير النتائج والعواقب. ومن الأحداث ما تزيد عواقبه على غيره، فتفسح لها وكالات الأنباء مجالاً أرحب من غيرها، لأنها أحداث ذات قيمة إخبارية.
وتصل الأخبار إلى الوكالات من مخبري الوكالة الموزعين في العالم إذا كانت وكالة أنباء عالمية، ومن مخبري الوكالة في المناطق إذا كانت وكالة محلية. فمجرد أن يقع حادث له قيمة إخبارية، يبادر المخبر إلى جمع الوقائع المتعلقة بالحادث، وذلك عن طريق الأحاديث والتحريات الصحفية. ويشجل هذه الوقائع، ثم يكتب تفاصيل النبأ ويرسله إلى مركز الوكالة الرئيسي إما بواسطة الهاتف أو بواسطة البرق أو بواسطة التلكس أو مباشرة إذا كان الخبر محلياً بواسطة المندوبين، أو بواسطة الهاتف إذا كان مصدر الخبر من خارج العاصمة…
وأخيراً فإن مهمة وكالات الأنباء الأولى هي الحصول على الأخبار والبحث عنها وإيصالها إلى الصحف والإذاعة والتلفزة… والخبر كما عرفناه هو سرد لعلاقات المرء المتغيرة، وسرد لأحداث وقعت فعلاً وغيرت حالة قائمة أو أنذرت بتغييرها.. ولموضوعات الخبر خصائص ذاتية أصيلة هي “القيم الإخبارية” فإن وجدت هذه القيم أو انتفت أمكن، الحكم على ما للخبر من قيمة، وبالتالي على ميل القارىء إلى مطالعته. فالقيم الإخبارية لها أهميتها في قياس أهمية الأحداث وفي الحكم على مستوى وأهمية وكالة الأنباء التي تنقل الخبر. ومع أن القيم الإخبارية لا تقرر في حد ذاتها أهمية الخبر بل تقرر طبيعته ليس إلا، فإن المشهود أنه كلما زادت القيمة الإخبارية لحادث ما، زاد اهتمام الناس به، وزادت بالتالي أهميته. والقيم المختلفة للخبر يجب أن تكون ذات وزن. وعلى هذا الأساس فإن تنوع عناصر استمالة القراء يعد قياساً، كغيره من المقاييس، لتعيين جسامة الخبر، متى تساوى خبران في غير ذلك من القيم.
وكالات الأنباء وسيلة إعلامية:
رأينا أن وظيفة وكالات الأنباء على أنواعها إخبار الناس بكل ما يقع من أحداث هامة داخلية كانت أو خارجية، سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية فلا تترك حدثاً أو حادثاً صغيراً كان أو كبيراً إلا واختصته بجزء من مساحتها، وبهذا تساهم وكالات الأنباء في تنوير المواطن وتجعله يحيط بشؤون وطنه وقضايا العالم.
ومهمة وكالات الأنباء كوسيلة من وسائل الإعلام دقيقة وهامة فالإعلام يجب أن يكون في خدمة الحقيقة المجردة عن الأهواء والغرض أو المنافع السياسية أو الشخصية ولا شك أن موضوعية الإعلام تتوقف إلى حد كبير على لون وكالة الأنباء وسياستها. فوكالات الأنباء وكذلك الصحف الحزبية تعمد إلى تلوين الأخبار لتتمشى مع مبادئها السياسية أو اتجاهاتها الحزبية، وقد تشوه هذه الوكالات الحقيقة في بعض الأحيان أو تطمس معالمها. وهذا ما يجعل تلوين الأخبار في الوكالات الرسمية أو الحكومية على أشده طالما أن هذه الوكالات تخدم رأياً خاصاً هو رأي السلطة الحاكمة. وعلى هذا فإن وكالات الأنباء المستقلة التي لا تتقيد برأي حزب أو سلطة تعمل للإعلام وحده، لأن اهتمامها ينصرف إلى استقصاء الأخبار أياً كانت دون التقيد برأي من الآراء الحزبية أو السياسية. والملاحظ أن وكالات الأنباء المستقلة والتجارية تسير دائماً مع التيار الغالب لأنها تعلم مقدماً الطريق الذي ستسلكه الجماعة أو الرأي العام. وتضرب – في الغالب – على نفس الأوتار التي تستخدمها الوكالات الرسمية أو الوطنية، وقد تكون أنغامها أحياناً من طبقة أعلى، زيادة منها في الحرص، أو طمعاً في مغانم أخرى( ).
لهذه الأسباب، وحتى تقوم وكالات الأنباء بوظيفتها الإعلامية الواجبة، فإن عليها أن تعتبر أن العنصر الأخلاقي في الأخبار هو حجر الزاوية، وأن الصرامة في رواية واقع الأحداث لا تقل في الصحافة شأنها عن الصرامة اللازمة في الأخلاق نفسها. فالخبر في تعريفه العام هو رواية الحقيقة لا رواية شائعة أو كلام مختلق، وهو كالصورة الفوتوغرافية، ينقل ولا يعلق، ولا سبيل إلى تقديس عنصر الحقيقة في الخبر إلا بتجريد ذلك الخبر من كل رأي. فالخبر الذي يساهم في تكوين الرأي العام، وفي تنويره وإرشاده يجب أن يكون رواية صادقة كاملة دقيقة وسليمة وبعيدة عن الهوى… فالإعلام كفن وسلطة يجب أن يكون منزهاً حتى يتاح له أن يفرض سلطته ويكون تأثيره نظيفاً وقوياً وفاعلاً…
في استقصاء الخبر ونقله وعرضه:
أجمع القيمون على وكالات الأنباء، على أن الخبر بناء لمفهوم الصحافة الحديثة هو التقرير عن الأحداث والمواقف والأفكار. وتقاس أهمية الخبر بجدته وبروزه ومساسه عن قرب بمصلحة القارىء العادي. ثم بنتائجه المحتملة وغرابته. ومصادر الأخبار متعددة، وفي ما يتعلق بالأخبار المحلية، فأهمها يعتمد عليه مندوب الوكالة من صداقات وعلاقات واسعة في المجتمع، وما يتحلى به من جرأة وذكاء وحس صحفي، أو ما يسمى بالحاسة السادسة، وهي عند مندوب وكالة الأنباء ذات أهمية كبرى تعينه على تقسيم الأخبار والحصول عليها. وتقدير أهمية كل ما يسمعه من أخبار قد يكون بعضها بنظر من يرويها له غير ذات أهمية، بينما هي في الواقع ذات أهمية قصوى. ومن مصادر الأخبار المحلية ما تعمد إليه كل وزارة من الوزارات في جميع البلدان، إلى إنشاء مكاتب للاستعلامات أو “إدارة الشؤون العامة” أو ما يسمونه بالوكالات الرسمية التي مهمتها تزويد الصحفيين بالأخبار والبلاغات الرسمية والنشرات.
أما مصادر الأخبار الخارجية فإن وكالات الأنباء العالمية تعتبر المصدر الرئيسي لجميع الأخبار الخارجية. ولا بد من الإشارة إلى أن كل وكالة من هذه الوكالات محلية كانت أو خارجية تصيغ الخبر بحيث يتلاءم مع سياسة الوكالة. وقد تطور فن عرض الخبر في وكالات الأنباء الحديثة فأصبح ينشر بشكل هرم مقلوب قاعدته في الأعلى، أي أن الخبر يبدأ بعرض أبرز ما فيه أولاً ثم يلي ذلك شرح تفاصيله بحيث يصل إلى نهايته وقد قلت أهميته تماماً. والمهم أن تتضمن رواية الخبر إجابة كاملة واضحة عن أسئلة خمسة: من؟ ماذا؟ متى؟ أين وكيف. ويجب أن يكون الصدق هو القاعدة الأساسية في العمل في وكالة الأنباء، وعلى كل مخبر أن يتحرى الدقة في جميع الأخبار وتحريرها وعرضها بطريقة موضوعية. لأن وكالة الأنباء التي تحترم نفسها لا يمكن أن تنشر أخبار كاذبة أو مختلقة. وهذه الموضوعية التي يجب أن تتوفر في الأخبار التي تنشرها وكالة أنباء، لا يمكن أن تكون مطلقة أو كاملة، لأن الذين يجمعون الأخبار ويكتبونها ويراجعونها وينشرونها هم بشر لهم آراءهم واتجاهاتهم، ولا بد أن تتأثر الموضوعية إلى حد ما باختلاف الأشخاص.
وعلى هذا فالمطلوب من المخبر أن يتحرى الموضوعية بقدر الإمكان، وعلى كل حال فإن الموضوعية الكاملة واللازمة في استقاء الأخبار استقاء يبلغ حد الكمال هي نسبية وليست مطلقة فجميع الوقائع التي ترويها وكالات الأنباء ينبغي أن تمر على عقل المخبر أولاً، فهو يراقب الحادثة ويستوعب حقائقها في ضوء تجاربه الماضية وعلى لوحة عواطفه الخاصة، وما هو بمرآة مجلوة كاملة، ولا هو بعدسة مانعة من كسر الأشعة. وهذا الضعف البشري يعلل الخطأ في استقاء الأخبار وروايتها متى كانت النية صادقة والجهد كافياً.
وباستطاعة وكالة الأنباء ومندوبيها ومخبريها أن يخدموا المجتمع، ويحافظوا على المستوى الإعلامي لمهمتهم الدقيقة متى أكدوا دائماً عناصر الشمول والصحة والأمانة في رواية الأنباء. ولا يستطيع مندوب وكالة الأنباء أن يظفر بكل مادة ذات قيمة إخبارية من المصدر الذي يقصده يومياً، إذ لا بد له من الرجوع كذلك إلى الموسوعات والمكتبات والأساتذة والخبراء، ومختبرات العلوم، حتى يحصل على معلومات أساسية تخرج عن نطاق عمله اليومي الرتيب.
فالناس في الدول الديمقراطية تحاول أن تحكم نفسها بنفسها. وهي تحتاج إلى قواعد راسية من الحقائق تستند إليها عند اتخاذ قرارات صائبة وعند الإقدام على عمل حاذق، غير أن الأمور التي تروي الصحف أنباءها كثيراً ما تنتصر على الحقائق المجردة العارية التي تفتقر إلى أسس واضحة مفهومة يستجمع المخبر أطرافها من المكتبات. والمخبر يستطيع أن يسدي لمجتمعه خدمة كبيرة عندما يعرف هذه الحقائق ويواجهها بحكمة وثقافة وتجرّد.
مسؤولية مدير وكالة الأنباء وموظفيها:
يفترض في مدير وكالة الأنباء والمسؤول عن إصدارها: أن يكون أميناً في ما ينشره من أخبار، ودقيقاً صادقاً في روايتها، ونزيهاً محايداً في آراءه، وأن يراعي مشاعر الناس في الأسلوب، الذي تصاغ فيه الأنباء، والذي يجب أن يكون مهذباً يستسيغه الذوق السليم، وأن يكون عادلاً في أحكامه لا ينحاز لطبقة أو حزب انحيازاً عاطفياً وأن يكون محباً للناس لا ينشر الكراهية والبغضاء ولا يشجع أسباب الخصام والضغائن وأن يكون مثقفاً واسع الإطلاع وعميق الخبرة والتجربة على علم ودراية بأصول المهنة الصحفية مؤهلاْ للاضطلاع بتبعاتها.
وفي ما يتعلق بباقي العاملين في وكالة أنباء ما، من رؤساء تحرير ورؤساء أقسام ومخبرين ومندوبين فيجب أن يتحلوا بثقافة واسعة، وأن يكونوا ملمين إلماماً واسعاً بالشؤون المحلية العامة والقضايا العالمية والخارجية المنوعة. وبما أن المهمة الرئيسية في وكالات الأنباء تقوم على المخبرين والمندوبين فقد أجمع العاملون في الصحافة وفي وكالات الأنباء على أن يتوفر في هؤلاء الشروط التالية: أهم الخصائص المطلوبة في المخبر هي التميز بحب الاستطلاع، ومرونة الشخصية، وارتياد المجتمعات، والميل إلى الترحيب بالتجارب المختلفة. وما لم يكن المخبر ذا عقل واع كثير التساؤل والاستفسار، فقد لا ينفع وكالته كثيراً، لأن عمله سيكون عديم الجدوى. وما لم يكن المخبر قادراً على مخالطة المجتمعات والتحدث إلى الناس فقد لا يفيد من الاتصال الشخصي بالجماعات مع أنها مصادر أخباره، ومع أن عمل المخبر يغلب عليه طابع الرقابة والتكرار، إلا أن الصورة التي يراها في كل يوم تتنوع أشكالاً وأصنافاً بحيث يتعين عليه أن ينقل اهتمامه من ناحية إلى أخرى. وما دام مندوب وكالة الأنباء عرضة لأن يلبي نداء الحوادث أينما وقعت، فعليه أن يتأهب لاستجابة هذا النداء بحماسة اجتماعية متدفقة وحب استطلاع لا يخمد. فإذا تسنى له أن يفعل ذلك باستمرار فقد ملك ناصية حرفة استقاء الأخبار.
وإذا أتيح للمخبر أو لمندوب الوكالة أوفر قسط من الثقافة العامة، فضلاً عن شيء من التدريب الصحفي فإن ذلك لا يحيي الرغبة في الاستطلاع عنده فحسب بل يزوده كذلك بالأداة اللازمة للانتفاع من تلك الرغبة. ويتحتم على المخبر أن يكون، بالإضافة إلى تمتعه بالثقافة العامة، ذا شغف بالسياسة والاقتصاد والاجتماع، وأن يتهيأ له أوفر حظ من المعلومات العامة، وأن يكون قادراً على البحث والدرس، وأن يدخل على حرفته شعوراً بالمسؤولية الاجتماعية وبالقيادة.
القواعد العامة التي يجب أن تراعيها وكالات الأنباء:
سواء أكانت وكالات الأنباء محلية وطنية أم خارجية دولية، فإن هناك قواعد عامة أخلاقية اتفق العاملون في حقل الصحافة والأنباء على مراعاتها والسير على شرعتها وهذه أهم تلك القواعد المتفق عليها:
-على وكالة الأنباء أن تروي الأخبار وليس عليها أن تصنعها، فالمبالغة في رواية حادث صغير رغبة في تحسين الموضوع، هي صنع للأخبار وتلفيق لها. وكذلك فإن الروايات المختلفة التي يستمد المخبر عناصرها من مخيلته هي أخبار مختلقة. وينبغي على المخبر أو المحرر في وكالة الأنباء أن يحرص على حدود اللياقة والأدب وعدم التعرض للحياة الخاصة لشخص ما، فليس من حق المخبر إكراه أحد على أن يفضي إليه بحديث للنشر. فحرية الصحافة لا تخوّل أحداً حق الاعتداء على الملكية، ولا حق سرقة المعلومات والأخبار أو الحصول عليها بالإكراه.
-على وكالة الأنباء أن تنصف الأشخاص الذين تقتبس أقوالهم وتستشهد بهم. فإذا تحدث مندوب الوكالة عن شخص ما، وجب عليه أن يوضح له أن حديثه سينشر. ثم إن الاستشهاد بأقوال وردت في خطب ينبغي أن لا يؤوّل تأويلاً يخالف ما قصده الخطيب رغبة من الوكالة في جعل الموضوع أدعى إلى الاهتمام. وعلى الوكالة أن تحافظ على سرية مصادر أنبائها. وينبغي عدم نشر الروايات الإخبارية قبل الموعد الذي يحدده المصدر لإذاعتها. وينبغي للمخبر ألا يخلف وعوده لمصادر أخباره ولكن لا يجوز له أن يعد بالامتناع عن نشر أخبار تستحق النشر.
-يجب على الوكالة ألا تمنع نشر أخبار مما ينبغي عرضه على الجمهور وليس من شأنها أن تلحق بغير حق أذى بشخص ما في سبيل نشر رواية إخبارية وأحياناً كثيرة تمتنع الوكالات عن نشر أخبار أو أسماء معينة متى تعلق الأمر برجال بارزين في الجماعة اتهموا في قضايا تافهة لا تهم الرأي العام أو المصلحة العامة في شيء. وعلى المخبر أن يحيل إلى رؤسائه كل رجاء يتلقاه بمنع نشر خبر ما.
-على وكالة الأنباء الصحفية أن تخدم المجتمع كله لا مجرد طبقة واحدة منه. ويجب أن يلقى الجميع عناية واحدة من الوكالة مهما تكن منزلتهم الاجتماعية أو الاقتصادية في المجتمع، وعلى الوكالة بصورة خاصة وعلى الصحافة بصورة عامة أن تكافحا الجريمة وتزهدا الناس فيها، فلا يجوز تمجيد المجرمين أو حمايتهم أو إثارة عطف الناس عليهم أو التهويل في نشر أخبار الجريمة والتهوين من الأحكام الصادرة فيها. وعلى وكالة الأنباء أن تحترم القانون والمحاكم وتعمل على تشييد صرح مجتمع أفضل.
ويجب على وكالة الأنباء ألا تسيء إلى أقرباء شخص في محنة أو إلى أصدقاء ذلك الشخص، فلا يصح إلحاق ضرر عن طريق النشر بأقارب شخص منهم.
-يتاح لوكالة الأنباء وللمخبر أن يخدما المجتمع متى أكدا دائماً عناصر الشمول والصحة والأمانة في رواية الأخبار. فمندوب وكالة الأنباء في حقيقة عمله ناقل لما يراه ويلمسه ويسمعه من حقائق يتحرى صدق تفاصيلها ويتثبت من جميع أطرافها ويروي ما رآه ولمسه وسمعه، رواية تفيض بالصدق والدقة والشمول دون مراعاة لرأيه الشخصي…
الرأي حر والخبر مسؤول:
المثل العلى في وكالات الأنباء بصورة خاصة، وبالصحافة بصورة عامة، هو الفصل تماماً بين الرأي والخبر، فللرأي موضعه وللخبر مكانه. وكما أن الزيت والماء لا يختلطان حتى وإن وضعا في إناء واحد، فالرأي والخبر ينبغي ألا يمتزجا حرصاً على ثقة القراء والرأي العام. فالقارىء أو الصحيفة التي تأخذ أخبارها عن وكالات الأنباء تستطيع أن تميز الخبر الصادق من الخبر الكاذب، بالمقابلة بين الروايات المختلفة الصادرة عن الوكالات المتعددة. والمثل الأعلى في باب الأخبار هو توفية الخبر حقه من البيانات والتفاصيل، وروايته بمنتهى الدقة والصدق والصحة دون تهويل أو إهمال. فالخبر حق القارىء وحده، ففي ما عدا العناصر الأساسية التي ينبغي أن يتألف منها الخبر، ليس لوكالة الأنباء أن تضيف إليه ما يخرجه عن نطاق الخبر إلى نطاق التوجيه.
والمخبر الصحفي سواء أكان مندوباً لوكالة أنباء أم محرراً في جريدة، لا يجوز له إقحام رأيه في الأخبار التي يستقيها من مصادرها ويرويها في الوكالة أو الصحيفة التي يعمل فيها. فالخبر لا بد أن يكون رواية صادقة كاملة دقيقة سليمة بعيدة عن الهوى لما وقع فعلاً من أحداث رآها بعض الناس وصاروا بذلك رقباء على المخبر أو المندوب وعلى هذا فالخبر، سواء أكان بسيطاً مجرداً أم طويلاً مركباً، هو ما اجتمعت له عناصر الصدق والواقعية والموضوعية، وهو أيضاً المحور الرئيسي لوكالة الأنباء، فالتعليقات والمقالات والافتتاحيات ترجع في أساسها إلى أصل الخبر وتستند إليه. فإذا كان الخبر خاطئاً أو مختلقاً أو محرفاً، جاء التعليق أو الافتتاحية مشوهاً بعيداً عن الدقة والأمانة.
وقد أجمعت مواثيق الشرف الصحفي التي اقترحت ووافقت عليها المؤتمرات الدولية ومنظمة الأونسكو أن الخبر حر وهو ملك للقارىء وللحقيقة. والرأي مسؤول لأنه يصدر عن المحرر المسؤول الذي يعطي رأيه في الأخبار ويعلق عليها، وهدفه من وراء ذلك التوجيه أو الإرشاد أو الدعاية. ويجب على كاتب الرأي، تعليقاً كان أو افتتاحية توجيهاً كان أو دعاية، أن يكون حراً حتى يستطيع أن يعبر عما يدور في عقله تعبيراً صادقاً صريحاً. وحرية التعبير عن الرأي لا تعني نشر الآراء المغرضة التي ترمي إلى التهجم على معتقدات الناس وتقاليدهم، والحرية في مراقبة أعمال السلطات الحاكمة لا تعني حرية مندوب الوكالة أو المخبر الصحفي أو رئيس التحرير في التهجم على المسؤولين ونشر المعلومات الكاذبة عنهم. وحرية إبداء الرأي في القضايا الاقتصادية، لا تعني مطلقاً التأثير في الحياة الاقتصادية الوطنية تأثيراً ضاراً بإشاعة الذعر الاقتصادي، والبلبلة الفكرية بقصد التأثير على الحياة الاقتصادية. وهذا الموضوع يدفعنا لبحث موضوع هام يتعلق بالصحافة بشكل عام وهو الحرية سواء في نشر الخبر أو الرأي. فالمتفق عليه أن حرية القول، وقد يطلق عليها، مجازاً، حرية الرأي أو الفكر، لأن القول لا يعدو أن يكون إعلاناً لرأي أو جهراً به، ولأن الرأي لا تكون له قيمة أو شأن إلا بقدر ما يجهر به، ويتبادل بين الناس، وهي أن الإنسان يقول ما يشاء ويعلن ما يعرف أو يرى. أما حرية الرأي بالمعنى الحقيقي فهي ألا يعطي المرء رأياً غير ما يرى ويعتقد، وهي حرية لازمة أي أنها لا تعني إلا صاحب الرأي، أما حرية القول فحرية متعدية لأنها تعني حق القائل في القول والمستمع في الاستماع، وحق الجدل والمناقشة، إلا أن بين الحريتين صلة، فحرية القول هي التي أتت بالحرية السياسية وهي من مستلزمات الديمقراطية، لأن النظم الحرة لا تعيش إلا في ظل حرية القول.
ومهما كانت التعريفات فالمتفق عليه في هذا المجال، إن للحرية بوجه عام معنى يصنف صلات الناس في المجتمع، سواء أكانت الصلات بين فرد وآخر أم بين الفرد والمجتمع، ولا يمكن أن تكون مطلقة، بل مقيدة بشكل يقي الحرية ويحافظ على وجودها والتمتع بها. فإن وضع بعض القيود المعقولة على حرية الصحافة أمر مفيد للصحافة وللدولة والمجتمع، لأن هذا من شأنه أن يساعد الصحافة على أداء رساتها الاجتماعية بطريقة سليمة تستهدف خير المجتمع والصالح والخير العام…
حرية الإعلام وعهد الشرف:
نعود لموضوعنا الأساسي فنقول بأن “الخبر حر والرأي مسؤول” يستتبع حتماً البحث في الحرية والتقييد وقد رأينا أن تطور الصحافة جعل لهذا المبدأ أصولاً واضحة وجذوراً متينة وأن عمل الصحافي، رئيس تحرير أو سكرتير تحرير أو مخبر أو مندوب، يجب أن يقوم على الأمانة في مصادر الأخبار وعلى العناية برواية الخبر رواية صحيحة، وهذا ما قررته، لجنة حرية الإعلام التابعة للجنة حقوق الإنسان، بالتعهد باحترام الحقيقة وعدم المساس بالمسائل الشخصية، وعدم الخضوع للمؤثرات، وذلك في الميثاق الذي وضع لآداب مهنة الصحافة، والذي أطلق عليه “عهد الشرف ليلتزم به المشتغلون بالإعلام” ويتألف هذا الميثاق من البنود التالية:
1 – يجب على رجال الصحافة والإعلام أن يبذلوا كل ما في وسعهم لتزويد الجمهور بالأنباء الصحيحة المطابقة للحوادث التي وقعت أو أن يتحققوا من صحة المعلومات التي يحصلون عليها وأن لا يغفلوا أي حادث مهم أو يشوّهوا الوقائع عمداً.
2 – يتحتم على رجال الصحافة والإعلام أن لا يقبلوا لأنفسهم أو يكلفوا غيرهم بأعمال لا تتفق مع أمانة المهنة وكرامتها، ويجب أن تسري هذه القاعدة على جميع الذين يشتركون في الأعمال الاقتصادية والتجارية التي تتصل بالمهنة الصحفية. ولا بد للمشتغلين بإذاعة وكتابة التعليقات أن يتحملوا كامل المسؤولية المترتبة عليها ما لم يرفضوا صراحة ومقدماً تحمل المسؤولية.
ولكل من تمسه تهمة في أخلاقه أو سمعته الحق في تيسير الرد على هذه التهمة التي قد ترد في الأنباء والتعليقات، إذ يجب أن يكون احترام سمعة الناس قاعدة من قواعد المهنة الصحفية ولا يجوز التعرض لحياتهم الخاصة أو المساس بسمعتهم إلا إذا اقتضت ذلك المصلحة العامة.
ومن واجب الصحافي مخبراً كان أو مندوباً الاحتفاظ بسرية المصادر التي يستقي منها الأنباء، إذ أن الأخبار والمعلومات التي يصرح بها بعض المصادر بصفة سرية لرجال الصحافة تسري عليها سرية المهنة الصحفية التي ينبغي الحفاظ عليها والاستمساك بها إلى أقصى الحدود.
3 – تتطلب المزاولة الشريفة للمهنة الصحفية الإخلاص للمصلحة العامة، لذلك يجب على الصحفيين أن يتجنبوا السعي وراء منفعتهم الشخصية أو تأييد المصالح الخاصة المتعارضة مع المصلحة العامة أياً كانت الأسباب والدوافع. فإن الافتراء والتشهير المتعمد والتهم التي لا تستند إلى دليل وانتحال أقوال الغير، كل ذلك يعد غلطات مهنية خطيرة.
وإن خلاص النية إزاء الجمهور يعتبر أساساً للصحافة المحترمة الجديرة باسمها. وكل نبأ يتضح كذبه وضرره بعد إذاعته يجب تصحيحه على الفور طواعية، كما يجب صياغة الشائعة والأنباء التي تفتقر إلى الإثبات في قالب متسم بطابعها الحقيقي.
4 – يجب على الصحفيين الذين يريدون الكتابة والتعليق على الحوادث التي تقع في بلاد غير بلادهم أن يحصلوا على معلومات تتيح لهم الكتابة والتعقيب على هذه الحوادث بإنصاف وصدق.
5 – وبمقتضى هذا المبدأ الذي يقوم عليه هذا الميثاق أو “عهد الشرف” تقع المسؤولية في كافة احترام المهنة وشرفها على رجال الصحافة والإعلام لا على الحكومات. ومن ثم لا يجوز تفسير أية مادة من مواد هذا الميثاق على نحو يسوغ تدخل الحكومات أياً كان هذا التدخل لتنفيذ الالتزامات الواردة في وثيقة عهد الشرف.
كما وضعت اللجنة الفرعية لحرية الإعلام “اتفاقية التصحيح” التي أقرها المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وكذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتنص الاتفاقية على أن من حق كل حكومة ترى أن صحيفة أو وكالة أنباء او أية وسيلة من وسائل الإعلام الأخرى… قد صدر عنها ما يمس هذه الحكومة أو ما يمس مقومات الأمة التي تمثلها هذه الحكومة، وتطلب إليها العمل على إذاعته ونشره، فإذا مضت خمسة أيام على وصول الإبلاغ من جانب الحكومة الشاكية إلى الحكومة المشكوّة، ولم يذع التصحيح اتجهت الحكومة الشاكية إلى السكرتير العام للأمم المتحدة. وفي هذه الحالة يتولى هو بوسائل إعلام الأمم المتحدة نشر هذا التصحيح، وهي أوسع انتشاراً وأقوى في سبيل النشر من وسائل أية دولة قائمة بذاتها.
وكالات الأنباء والدولة:
بعد أن تكلمنا عن التطور الحديث للصحافة في العالم، والاهتمام العالمي لهذه الوسيلة نتكلم هنا عن علاقة الدولة بوكالات الأنباء بصورة خاصة وعن علاقة الدولة بالصحافة بصورة عامة، أي التشريعات التي يجب أن تضعها كل دولة للصحافة بمعناها الواسع، مهما اختلف شكل النظام السياسي، وعلاقة هذا الاختلاف بالتشريعات الصحفية المختلفة ونظرة كل منها إلى الحرية، وإن كانت التشريعات الصحافية في كل دولة تقابل أكثر الأحيان بالمعارضة خوفاً من طغيان هذه التشريعات على الحرية. إلا أن المتفق عليه أن فرض بعض القيود على الصحافة من شأنه تأمين حفظ الأمن والسلام ورعاية الحقوق. وقد ذهب بعض المهتمين في قضايا الأنباء والصحافة إلى القول: أن الصحافة التي لا عقوبة عليها ليست صحافة حرة، وأن القانون ما لم ينظم بشيء من الحكمة نوع المعرفة التي تتداول بين الناس عن طريق الصحافة، فإن الحضارة الإنسانية تكون معرضة للانهيار.
وقد ذهب البعض الآخر من الكتاب إلى القول بأن حرية الصحافة ليست ذات قيمة ثابتة قائمة بذاتها، كما أن معناها ليس واحداً في كل زمان ومكان، وإنما هي حق يمارسه المجتمع، وينبغي أن يختلف في طبيعته باختلاف الأحوال، فحرية الصحافة تختلف في أوقات السلم عنها في أوقات الحروب والأزمات، كما تختلف هذه الحرية باختلاف ثقافة المجتمع وعاداته.
وقد علق الكاتب الأميركي جون آدامز على تنظيم الصحافة والأنباء بقوله: إن تنظيم الصحافة هو أصعب وأخطر وأهم مشكلة ينبغي أن يجد لها المفكرون الحل الحاسم. ولتحقيق هذا الغرض يجب ألا يعتمد على رجال القانون وحدهم، بل يجب إشراك الفلاسفة وعلماء الاجتماع معهم، حتى يأتي التشريع محكماً معتدلاً لا تطغى فيه سلطة القانون على حرية الصحافة، أو تطغى فيه هذه الحرية على صالح الجماعة.
وتنقسم آراء المهتمين بقضايا الصحافة والأنباء حول التشريعات التي يجب أن تنظم الصحافة والأنباء. فيرى البعض الاكتفاء بالقانون العام على اعتبار أن قانون الجزاء يعدد جميع الجرائم التي تضر بالمجتمع ويعرفها ويضع لها عقوبة. ويرى البعض الآخر إيجاد تشريعات خاصة بالجرائم الصحفية على اعتبار أن تأثير الصحافة يصيب الجماعة، وأن كثيراً من الجرائم الصحفية لا يمكن أن يقع مرتكبوها تحت طائلة العقاب إذا طبق القانون العام. وكلما كان المشرع مؤمناً بالديمقراطية كانت القوانين التي تنظم الصحافة والأنباء حرة وأقرب إلى العدالة، وإذا كان المشرع في نظام استبدادي أو ديكتاتوري كانت القوانين التي تنظم الصحافة قاسية تميل إلى الاستبداد وكبت الحريات. والمجمع عليه أن المبادىء التي يجب أن تقوم عليها التشريعات الصحفية والأنبائية تنحصر في الأمور التالية: حماية الدولة والنظام العام – عدم تضليل الرأي العام – حماية الأخلاق – حماية الأفراد – رعاية حرية الصحافة ونشر الأنباء.
وكالات الأنباء في لبنان
تنقسم وكالات الأنباء في لبنان إلى قسمين: وكالات الأنباء الخارجية أو العالمية ووكالات الأنباء المحلية. ففي ما يتعلق بوكالات الأنباء الخارجية فلكل وكالة من هذه الوكالات مركز رئيسي في بيروت ومندوبون وآلات استقبال وإرسال. ولهذه الوكالات حرية كاملة في تلقي الأخبار ونشرها. أما الوكالات المحلية فهي الوكالات التي تغذي الصحف بالأخبار المحلية المختلفة، وقد نظم قانون المطبوعات الأخير الصادر بتاريخ 14 أيلول 1962، وكالات الأنباء المحلية، وبين واجباتها ومسؤولياتها.
وسنعرض في هذا الفصل لتنظيم وكالات الأنباء والقوانين والأنظمة التي تحكمها، وتنظيم الوكالة الوطنية للأنباء ومهامها والمسؤولية الملقاة على عاتقها.
1 – القوانين التي تنظم وكالات الأنباء:
– عرّف قانون المطبوعات وكالات الأنباء في الفقرة الثانية من المادة الخامسة ووضعها من ضمن المطبوعات الدورية (يعني بالمطبوعات الدورية: الوكالة الصحفية الإخبارية المعدة فقط لتزويد مؤسسات نشر الأخبار والمقالات والصور والرسوم) ويشترط في صاحب الوكالة الإخبارية المحلية أن تتوافر فيه الشروط المفروضة على صاحب الصحيفة وأن يكون حاملاً توكيلاً لدى الكاتب العدل من عشر صحف يومية سياسية تصدر بصورة فعلية ودائمة بتكليفه جمع الأخبار لصحفها لقاء أجور معينة، وتعين في النظام الداخلي لنقابة الصحافة الشروط الواجب توفرها في صاحب الوكالة وصاحب النشرة الاختصاصية، وعلى الوكالات الأخبارية المحلية القائمة حالياً أن تتقيد بجميع الشروط الواردة في قانون المطبوعات وهذه أهم تلك الشروط:
– يجب أن يكون لكل وكالة أنباء محلية مدير مسؤول يظل معتبراً مسؤولاً حتى إبلاغ وزارة الإرشاد والأنباء والسياحة خطياً تنحيته أو تنحيه عنها، وعلى هذه الوزارة أن تبلغ الأمر صاحب الوكالة بتوقفها فوراً ريثما يتم تعيين مدير مسؤول جديد لها وإلا صودرت نسخها.
– إذا نشرت وكالة أنباء، أنباء كاذبة أو مغلوطة تتعلق بمصلحة عامة فلوزير الإرشاد والأنباء والسياحة أن يطلب إلى المدير المسؤول نشر تصحيح أو تكذيب يرسله إليه وعلى هذا الأخير تحت طائلة العقوبة أن ينشر التصحيح أو التكذيب مجاناً في العدد التالي وفي المكان الذي نشر فيه المقال و الخبر المردود عليه بالأحرف ذاتها. ويفرض هذا الموجب على كل مطبوعة أجنبية توزع في لبنان فإذا لم تذعن للأمر منعت من الدخول إلى الأراضي اللبنانية.
– كل خبر أو مقال تنشره إحدى المطبوعات الصحفية ويرد فيه إشارة إلى شخص معين أو يقصد به ولو تلميحاً شخص معين يعطى هذا الشخص حق الرد، وإن حق الرد هذا هو حق مطلق وتجوز ممارسته من قبل واضعي الآثار الأدبية والفنية والعلمية عند انتقاد آثارهم. وإذا تجاوز الرد قياس الخبر أو المقال الذي كان سبباً له يحق لمدير المطبوعة أن يتوقف عن نشره إلى ان يدفع له صاحبه أجر النشر عن العبارات الزائدة. وإذا توفي صاحب حق الرد انتقل الحق إلى ورثته على أن يمارسه مجموعهم أو أحدهم مرة واحدة، وللورثة أيضاً حق الرد على كل مقال أو خبر ينشر بشأن مورثهم بعد وفاته، ويحق لمدير المطبوعة أن يرفض نشر الرد والتصحيح أو التكذيب في الأحوال التالية:
– 1 – إذا كانت المطبوعة قد صححت المقال أو الخبر بصورة لائقة.
– 2 – إذا كان الرد أو التصحيح أو التكذيب موقعاً بإمضاء مستعار أو غير واضح، وإذا كان مكتوباً بلغة غير اللغة التي استعملت في الخبر أو المقال المعترض عليه.
– 3 – إذا كان مخالفاً للقانون أو تضمن عبارات يعرّض نشرها للمسؤولية أو عبارات منافية للآداب أو مهينة للمطبوعة أو للأشخاص أو إذا ورد الرد، تصحيحاً كان أو تكذيباً، بعد انقضاء ثلاثة أشهر من النشر.
إذا رفضت إدارة المطبوعة نشر الرد متذرعة بالأسباب الواردة أعلاه فلصاحب الرد أن يطلب من قاضي الأمور المستعجلة أن يتخذ قراراً بوجوب نشره ويبلغ الطلب إلى الخصم الذي له أن يبدي ملاحظاته خطياً خلال ثلاثة أيام. يصدر القاضي قراره بذيل الاستدعاء خلال أسبوع ويكون غير قابل أي طريق من طرق المراجعة.
الأخبار المحظر نشرها:
يحظر على جميع المطبوعات أن تنشر:
1 – وقائع التحقيقات والمحاكمات السرية والمحاكمات التي تتعلق بالطلاق والهجر والبنوة الطبيعية، ووقائع ومناقشات جلسات اللجان البرلمانية ويجوز نشر مقرراتها وكذلك تقاريرها بعد إيداعها مكتب المجلس ما لم تقرر اللجنة خلاف ذلك.
2 – وقائع تحقيقات إدارة التفتيش المركزي والتفتيش العدلي ما خلا القرارات والبلاغات الصادرة عنها.
3 – الرسائل والأوراق والملفات، أو شيئاً من الملفات العائدة لإحدى الإدارات العامة والموسومة بطابع عبارة “سري” والتي من شأنها إذا نشرت أن تعرّض سلامة الدولة وأمنها الداخلي والخارجي، وإذا تضرر من جراء النشر أشخاص أو هيئات فلها الحق بملاحقة الصحيفة.
4 – وقائع دعاوى القدح والذم في الحالات التي لا يجوز فيها الإثبات. ووقائع الدعاوى الحقوقية التي تحظر المحكمة نشرها.
5 – التقارير والكتب والرسائل والمقالات والصور والأنباء المنافية للأخلاق والآداب العامة.
وللمدعي العام الاستئنافي توقيف المطبوعة حتى خمسة أيام ومصادرة أعدادها.
ويحظر نشر الإعلان عن فتح اكتتابات للتعويض عما يقضي به من غرامة ورسوم وعطل وضرر على المحكوم عليهم بجناية أو جنحة.
– ونص قانون المطبوعات على العقوبات المفروضة على المطبوعات الدورية من صحف ووكالات أنباء ومجلات، في حال نشر أخبار كاذبة عن سوء نية أو من شأنها تعكير السلام العام، كما إذا وجهت المطبوعة اتهامات مشينة أو أطلقت نعوتاً تحقيرية تطعن بالأخلاق أو الكرامة أو السمعة، وتتوقف الملاحقة في هذه الحالة على شكوى المتضرر.
– وفي حال نشر إحدى المطبوعات ما من شأنه أن يعرض سلامة الدولة، أو وحدتها، أو سيادتها، أو حدودها، أو كان من شأنه إثارة النعرات الطائفية أو العنصرية أو ما تضمن ذماً أو قدحاً أو تحقيراً بحق رئيس دولة أجنبية، يحق للنائب العام الاستئنافي أن يوقف بقرار المطبوعة لمدة لا تتجاوز الخمسة أيام، وأن يصادر أعدادها وعليه أن يحيلها إلى القضاء، وللقضاء أن يقرر في غرفة المذاكرة استمرار توقيف المطبوعة حتى نتيجة المحاكمة، وللمحكمة في هذه الحالة الحق بتوقيف المطبوعة مؤقتاً على أن لا تتجاوز مدة التوقيف السنة في حال وقوع جرم الذم أو القدح أو التحقير بحق رئيس دولة أجنبية، والخمس سنوات في خلاف ذلك.
– وفي ما يختص بنشر الأخبار أو المقالات المتعلقة بالتهويل فقد نص قانون المطبوعات على عقوبة كل من يهدد شخصاً بواسطة المطبوعات والإعلانات أو أية صورة من الصور بفضح أمر أو إفشائه أو الإخبار عنه، وكان من شأن هذا الأمر أن ينال من كرامة ذلك الشخص أو شرفه أو من كرامة أقاربه أو شرفهم لكي يحمله على جلب منفعة غير مشروعة له أو لغيره.
وكالة الأنباء الوطنية:
نص التنظيم الأخير لوزارة الإرشاد والأنباء والسياحة الصادر عام 1961 على إنشاء مصلحة للأنباء أطلق عليها اسم “وكالة الأنباء الوطنية” وهذه أهم صلاحياتها:
تعنى مصلحة الأنباء بالمهام التالية:
جمع الأنباء والأخبار التي تتعلق بالأحداث الآنية اللبنانية والخارجية ونشرها بواصحة الصحافة والإذاعة والتلفزيون وغيرها من وسائل الأنباء الخاصة أو العامة، وجمع الأخبار والتعليقات، والبيانات، والبلاغات وإعدادها وتأمين نشرها بواسطة الصحافة والإذاعة.
– تأمين مجموعة يومية من الأخبار والتعليقات والريبورتاجات المصورة وإبداء الرأي في البرامج ذات الطابع السياسي، وتأمين توجيه البرامج الإخبارية في الإذاعة والتلفزة في لبنان من الناحية السياسية الوطنية ومراقبتها.
وتضم مصلحة الأنباء أمانة السر الإدارية مع دائرتين: الأولى دائرة الأنباء العامة، والثانية دائرة الأنباء الإذاعية. ويكون رئيس مصلحة الأنباء مسؤولاً عن إعداد نشرات الأنباء والأخبار والتعليقات والتحليلات والريبورتاجات والمعلومات والدراسات المتعلقة بالأحداث الجارية، ومراقبة برامج الأنباء في الإذاعة والتلفزيون من الناحية السياسية الوطنية وتوجيهها، وتنظيم شبكة تعاون خارجية مع الوكالة من المعلقين والمحررين والمراسلين والمخبرين، وتأمين العلاقات مع إدارات الدولة وجمع المعلومات المتعلقة بها، وكذلك العلاقات مع أجهزة الأنباء اللبنانية والدولية، وتأمين انتشار تأثير وكالة الأنباء الوطنية في العالم.
1 – دائرة الأنباء العامة:
تتولى دائرة الأنباء العامة تحري الأنباء وتحريرها ونشرها مع التعليقات والبلاغات وبصورة خاصة ما يتعلق منها بنشاطات الدولة وبالحياة السياسية في البلاد وتضم هذه الدائرة قسم أمانة سر التحرير، قسم الأخبار والتعليقات، قسم الدراسات واستعراض الصحف – قسم الشبكة الدولية.
ويكون رئيس دائرة الأنباء العامة مسؤولاً بصورة خاصة عن توزيع العمل بين وحدات دائرته، وعن السرعة في جمع الأخبار والسهر على صحتها، والاتصال بالهيئات الرسمية في العاصمة والمحافظات، وتأمين العلاقات مع المراسلين في الخارج، وتوزيع الأخبار على الصحافة وعلى أجهزة الأنباء والوكالات اللبنانية والأجنبية.
ويقوم قسم أمانة سر التحرير بجميع ما تنتجه دائرة الأنباء العامة فيبوبه ويعنى بإعداده من الوجهة المادية ويؤمن إرساله، وهو ما يعنى بالنشاطات والخدمات التكميلية التي من شأنها إعلام الجمهور بأسرع وأكمل وجه ممكن وبصورة خاصة: العلاقات الدائمة مع الصحافة أو الشخصيات الرسمية في ما يتعلق باستكمال الأبحاث والتأكد من صحة الأخبار، وفي جمع البيانات الرسمية ونشرها، وفي أعمال الترجمة والتعريب وجمع المعلومات وإعداد الملفات، ويكون المصدر الدائم لنشر الأخبار بالهاتف. ويكون هذا القسم المساعد المباشر لرئيس دائرة الأنباء العامة.
أما قسم الأخبار والتعليقات فيقوم بجمع الأنباء وتحريرها وإعداد المقالات والتعليقات والمقابلات والدراسات المتعلقة بالأحداث الآنية اللبنانية، ولا سيما بنشاطات الدولة والأحداث السياسية. أما قسم الدراسات واستعراض الصحف فيتتبع بصورة مستمرة الأنباء والآراء في لبنان وخارجه من خلال الصحافة والإذاعة، ويقوم بتحليل وعرض أنباء الصحف اليومية والدورية ونشرات الاستماع الإذاعي بغية تقديمها إلى المراجع الرسمية والأهلية.
ويقوم قسم الشبكة الدولية بنشاط الوكالة على الصعيد الدولي وتنميتها ولا سيما في الإسهام في وضع نظام دولي للأنباء، والتعاون مع الوكالات الدولية أو الأجنبية التي يمكن الاستفادة منها وإعداد مشاريع الاتفاقيات والعقود اللازمة لهذه الغاية من الناحية الفنية وكذلك تهيئة نشرات أخبار خاصة باللغات الأجنبية، معدة للنشر على الصعيد العالمي بواسطة الوكالات.
2 – دائرة الأنباء الإذاعية:
تقوم دائرة الأنباء الإذاعية بتهيئة برامج الأنباء المعدة للإذاعة ولا سيما نشرات الأخبار اليومية، من عربية وأجنبية، والتعليقات على الأحداث الآنية واستعراض أقوال الصحف، والمناقشات والآراء المتعلقة بالأحداث السياسية.
وتتعاون هذه الدائرة مع الإذاعة على إنتاج برامج الأحداث الجارية والريبورتاجات ومراقبتها، وإعادة نقل البرامج المتعلقة بالأحداث الآنية السياسية، وكذلك توجيه البرامج الإذاعية المختلفة من الناحية السياسية ومراقبتها. وتتألف هذه الدائرة من قسمين: قسم الصحيفة الإذاعية، وقسم الأحداث الآنية السياسية. ويقوم قسم الصحيفة الإذاعية بإعداد نشرات الأخبار والصحف الإذاعية بالاستناد إلى العناصر التي تزوده بها وكالة الأنباء الوطنية والإذاعة والوكالات اللبنانية الأخرى والوكالات الدولية أو أي مصدر آخر موثوق به، أما قسم الأحداث الآنية السياسية فيقوم بإعداد إذاعات خاصة، وبإعداد الافتتاحيات والتعليقات الرسمية المعدة للرأي العام اللبناني والعالمي وبإنتاج نشرات الأنباء باللغات الأجنبية المعدة للموجات القصيرة.
اتحاد وكالات الأنباء العربية
قرر وزراء الإعلام في اجتماعهم المنعقد في القاهرة في آذار 1964، تشجيع إنشاء اتحاد لوكالات الأنباء العربية يكون من أغراضه:
تيسير تبادل الخدمات الإعلامية، وتيسير حصول الوكالات العربية على ما يلزمها من معدات وأجهزة، وكذلك تيسير تنقّل الصحفيين بين البلاد المختلفة واتصالهم بمصادر الأخبار دون عوائق، وضمان الحصول على تسهيلات لاسلكية وأجور برقية مخفضة.
وبناء لقرار مجلس وزراء الإعلام اجتمع ممثلو وكالات الأنباء العربية على هيئة جمعية تأسيسية في شهر تشرين الأول عام 1964 وأقروا النظام الأساسي لاتحاد وكالات الأنباء العربية على الشكل التالي:
النظام الأساسي لاتحاد وكالات الأنباء العربية
ديباجة:
إن ممثلي وكالات الأنباء العربية، استلهاماً لروح ميثاق جامعة الدول العربية وتحقيقاً للقاء العربي في كافة المجالات وأوجه النشاط، وتأكيداً لروح الإخاء العربي.
واقتناعاً بأن قيام تعاون بين وكالات الأنباء العربية هو خطوة إيجابية لتدعيم التضامن والتفاهم العربيين وتعريف الرأي العام العربي والعالمي، بأسرع الطرق وأيسرها بأحداث الوطن العربي وإنجازاته ومفاهيمه وقضاياه.
ورغبة صادقة في قيام علاقات وثيقة منتظمة بين سائر وكالات الأنباء العربية تيسيراً لعملها وتقوية له.
والمجتمعين على هيئة تأسيسية في القاهرة في المدة 24 إلى 28 أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1964.
يقرون إنشاء اتحاد لوكالات الأنباء العربية ويوافقون على الأحكام التالية المتضمنة له:
الباب الأول – أحكام عامة
المادة الأولى: ينشأ في نطاق جامعة الدول العربية اتحاد يضم وكالات الأنباء الوطنية في البلاد العربية ويسمى “اتحاد وكالات الأنباء العربية” تكون له الشخصية القانونية.
المادة الثانية: وكالة الأنباء الوطنية هي كل هيئة لها وجود قانوني في الدول والبلاد العربية تقوم بجمع وتوزيع الأنباء للصحافة والإذاعة والتلفزيون وسائر وسائل الإعلام.
المادة الثالثة: اللغة العربية هي اللغة الرسمية للاتحاد.
المادة الرابعة: مقر الاتحاد مدينة القاهرة.
المادة الخامسة: الجمعية العامة واللجنة التنفيذية هما الجهازان الرئيسيان للاتحاد.
الباب الثاني – أهداف الاتحاد:
المادة السادسة: يهدف الاتحاد إلى: تعزيز روح الإخاء العربي وتنمية الاتجاهات المشتركة وتعريف شعوب العالم بواقع الأمة العربية وإمكانياتها وأمانيها وقضاياها وذلك:
أ – بإنشاء وكالة أنباء عربية مركزية في نطاق الجامعة العربية.
ب – توثيق الصلاة المهنية والتعاون الفني بين وكالات الأنباء في الدول العربية خدمة لمصالحها المشتركة وزيادة معدل توزيع أنبائها في الدول العربية وفي الخارج.
ج – توثيق الصلاة المهنية والتعاون الفني بين هذا الاتحاد واتحادات وكالات الأنباء في العالم.
الباب الثالث – العضوية وإجراءات الانضمام:
المادة السابعة: ينقسم أعضاء الاتحاد إلى:
1 – أعضاء عاملين
2 – أعضاء منتسبين
المادة الثامنة: أ – الأعضاء العاملون: هم وكالات الأنباء في الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية.
ب – الأعضاء المنتسبون: هم وكالات الأنباء في الدول والبلاد العربية الأخرى غير الأعضاء في جامعة الدول العربية.
المادة التاسعة: عند وجود أكثر من وكالة أنباء وطنية في دولة عضو في الجامعة العربية، فإن وكالة واحدة فقط منها، والتي تعينها حكومة الدولة المعينة، هي التي تقبل عضواً عاملاً.
المادة العاشرة: الأعضاء المنتسبون يتمتعون بنفس حقوق الأعضاء العاملين فيما عدا حق التصويت وحق الترشيح لعضوية اللجنة التنفيذية.
ويكون قبول طلبات انضمامهم بأغلبية ثلاثة أرباع أصوات أعضاء الاتحاد العاملين.
المادة 11: يجوز للجنة التنفيذية بالنسبة للدول والبلاد العربية التي لا توجد فيها وكالة وطنية للأنباء أن تقبل بصفة مراقب مندوباً واحدا عن المنظمة الوطنية الرسمية المسؤولة عن جمع وتوزيع الأنباء إلى حين إنشاء وكالة الأنباء الوطنية.
المادة 12: تمثل جامعة الدول العربية بمندوب أو أكثر في اجتماعات الاتحاد.
الباب الرابع – الجمعية العامة
المادة 13: تتألف الجمعية العامة للاتحاد من ممثلي الوكالات العاملين، ولكل ممثل أن يصطحب اثنين من المستشارين على الأكثر ولا يكون انعقادها صحيحاً إلا بحضور ثلثي الأعضاء العاملين على الأقل، وتمثل هذه الوكالات بمديريها أو رؤساء التحرير فيها، ويدعي الأعضاء المنتسبون والمراقبون إلى اجتماعات الجمعية العامة.
المادة 14: تجتمع الهيئة العامة مرة في العام، في شهر يناير (كانون الثاني)، ويمكن دعوتها إلى انعقاد غير عادي بناء على طلب نصف عدد وكالات الأنباء الأعضاء العاملين في الاتحاد على الأقل، بموجب طلب كتابي يوجه إلى اللجنة التنفيذية بتاريخ اجتماعات الجمعية العامة ومكانها.
المادة 15: لكل عضو عامل صوت واحد في الجمعية العامة، وتتخذ القرارات بالأغلبية العادية لأعضاء الاتحاد.
الباب الخامس – اللجنة التنفيذية
المادة 16: تباشر اللجنة التنفيذية السلطة التنفيذية للاتحاد، وتتولى الجمعية العامة انتخاب اللجنة التنفيذية من الأعضاء العاملين وتتكون اللجنة من رئيس وأربعة أعضاء. وتتخذ قرارات اللجنة التنفيذية بالأغلبية المطلقة.
المادة 17: تعين اللجنة التنفيذية سكرتيراً إدارياً لها.
المادة 18: تقوم اللجنة التنفيذية بتطبيق برنامج العمل الذي تصدره الجمعية العامة وبإعداد الدراسات وتشجيع التعاون بين وكالات الأنباء العربية في المجالات الآتية:
أ – التدريب المهني.
ب – المساعدة على إنشاء وتطوير الوكالات الوطنية.
ج – تبادل خدمات الإعلام والموضوعات والصور.
د – التبادل المشترك للمراسلين واستخدام المواصلات السلكية واللاسلكية في نقل مواد الإعلام بصورة أنجح وأكثر اقتصاداً.
و – السعي لدى الحكومات لتيسير إجراءات السفر لمندوبي الوكالات الأعضاء في أرجاء الوطن العربي.
ز – وضع سياسة مشتركة بالنسبة للعلاقات مع الوكالات العالمية.
المادة 19: يجوز للجنة التنفيذية، كلما رأت حاجة لذلك أخذ رأي الوكالات الأعضاء كتابة، وكل اقتراح يحوز على الأغلبية المطلوبة يعتبر موافقاً عليه.
الباب السادس – الأحكام المالية
المادة 20: تتكون ميزانية الاتحاد من:
أ – أنصبة الوكالات الأعضاء وتحددها الجمعية العامة.
ب – المنح والهبات والإعانات، ويشترط لقبولها موافقة اللجنة التنفيذية عليها، على أن تقدم من الجامعة العربية أو الحكومات العربية أو المنظمات ذات الطابع الدولي.
المادة 21: تتولى اللجنة التنفيذية القيام بالمصروفات اللازمة لضمان سير العمل بالاتحاد ويوقع أمين الصندوق مع الرئيس أو نائبه على الوثائق المالية.
المادة 22: تعين الجمعية العامة مدققي الحسابات.
الباب السابع – أحكام عامة
المادة 23: تعتبر الاقتراحات الخاصة بتعديل هذه اللائحة نافذة بموافقة ثلثي أعضاء الاتحاد العاملين.
المادة 24: تضع الجمعية العامة الأنظمة واللوائح الداخلية للاتحاد.
المادة 25: مدة الاتحاد غير محددة ولا يجوز حله إلا بموافقة ثلاثة أرباع أعضاء الاتحاد العاملين، وفي حالة حله تؤول أمواله إلى جامعة الدول العربية.
المادة 26: يصبح هذا النظام الأساسي نافذاً بعد مصادقة مجلس جامعة الدول العربية.
الرأي العام
بعد أن بحثنا الإعلام كفن واستعرضنا وسائله وأساليبه، سنبحث في هذا القسم الإعلام كسلطة، والذي نعنيه في الإعلام سلطة هو دراسة الرأي العام ومعانيه وتكوينه ووظيفته، والتأثير المتبادل بينه وبين وسائل الإعلام في الحياة السياسية المختلفة، والتطور الجديد لمفهوم الإعلام وأهميته في عصرنا الحاضر. فكما تؤثر وسائل الإعلام في الرأي العام، فهي بدورها تتأثر به. ولا بد من الكلام عن الدعاية ومعناها وتأثيرها والفرق بينها وبين الإعلام.
فدراسة الإعلام كسلطة موضوع جديد لم يعالج إلا قليلاً في البلاد العربية، ونرجو أن نستطيع في محاولتنا معالجة هذا الموضوع الهام والخطير، التمكن من إعطاء فكرة واضحة وأسساً حديثة تستفيد منها أجهزة الإعلام في لبنان والبلاد العربية. فدراسة الإعلام كسلطة أساسها، كما رأينا، الإطلاع على تأثير وسائله التي تكون الرأي العام وتجعله مجموعة من التأثيرات والأحكام التي تصدرها الجماهير على عمل ما، وطاقة قوية تسير عبر الجماهير لتفرض إرادتها في السلطة والحكم.
فما هو الرأي العام؟
اختلف الفقهاء والمفكرون والعلماء في تعريف الرأي العام، وقد اخترنا التعريفات التالية لوضوحها وشمولها وقربها للمنطق والواقع:
– الرأي العام هو ميول الناس إزاء قضية ما حينما يكونون أعضاء في نفس الفئة الاجتماعية أو الجماعة المحلية.
– الرأي العام هو مجموعة من الأفكار والمعتقدات التي تكونها الشعوب عادة في مسألة معينة وفترة معينة تحت تأثير التوجيه والإرشاد أو الدعاية.
– الرأي العام هو اصطلاح مستخدم للتعبير عن مجموعة من الآراء التي يدين بها الناس إزاء المسائل التي تؤثر في صالح الجماعة.
– الرأي العام هو الحكم الذي تصل إليه الجماعة في مسألة ذات اعتبار عام بعد مناقشات علنية وافية.
خصائص الرأي العام
الرأي العام بحسب التعريفات المختلفة، عبارة عن حكم وضمير حساس ومحكمة، وإن كانت هذه المحكمة مجردة من السلطة القضائية، فإنها مرهوبة الجانب. وهو صوت الأمة الباطني الذي يمكن أن يصبح قوة سياسية وإن لم يرد ذكرها في الدستور، والسؤال: كيف تتكون هذه القوة الفاعلة وما هي مصادرها؟ الجواب: إن الرأي العام لا يوجد عندما تسود وحدة تامة في الأفكار بل لا بد من مقاومة فعالة أو على الأقل ممكنة ليوجد الرأي العام، فالرأي العام لا يتألف بالضرورة من خلاصة الآراء الفردية، حتى ولا من أكثرية هذه الآراء. إن مثل هذا الرأي لا يمكن الحصول عليه إلا بإجراء استفتاء، إلا أن الرأي العام ليس استفتاء كما ظن البعض بل هو الرأي الذي يعبر عنه بوضوح وصراحة، أو الرأي المتناقل شفهياً الذي يهمس به أحياناً كما في الشائعات وبهذا يختلف اختلافاً كبيراً عن الاقتراع الشعبي. لأن الرأي العام، ليس هو مجمل الآراء الفردية وإنما هو ثمرة النقاش والجدال بين الأفراد حيث يسود أحد الآراء الفردية على بقية الآراء، أو تصل الجماعة إلى رأي جديد كان في بادىء الأمر رأياً فردياً ثم تناولته بالصقل أو بالتحوير والتبديل( ).
إذاً، يجب التمييز بين ميول الناس نحو قضية معينة والتعبير “بالفعل” عن هذه الميول، أما في صورة الرأي الصريح أو السلوك الصريح حتى يمكن بيان الدور الاجتماعي الذي يلعبه الرأي العام في وقت معين، أو في السخط والكبت دون الإعلان وهذا ما يسمى الرأي العام الباطني: فمثلاً حينما يكون الشعب ساخطاً على النظام السياسي القائم في بلده ولا يستطيع الإفصاح فإننا نجد هنا رأياً عاماً باطنياً. “أما إذا عبر عن هذا السخط عن طريق وسائل الإعلام فإن الرأي العام يصبح أو يتحول إلى رأي عام صريح أو ظاهر، فإذا اتخذ “الرأي العام” موقفاً عملياً وقام بالثورة ضد السلطة القائمة فإنه يصبح في هذه الحالة “رأياً عاماً فعلياً أو واقعياً”.
أما إذا لم تتبلور ميول الناس إزاء القضية الهامة أو يتخذوا حيالها موقفاً معيناً أو لم تثرهم القضية أو تؤثر في سلوكهم ويقفون منها موقفاً سلبياً فعندئذ يكون الرأي العام ساكناً أو كامناً.
وهذه أهم خصائص الرأي العام التي اتفق العلماء عليها:
– إن الرأي العام يبقى ساكناً حتى تبرز قضية ما للجمهور، وهذه القضية لا تبرز إلا عندما يوجد خيبة أمل أو تصادم أو قلق، وعلى هذا فإن الرأي العام الجاري هو محاولة للتقليل من التصادم والقلق وخيبة الأمل. ويحتاج الرأي العام إلى مطابقته لرأي الأغلبية وتمشيه معها.
– إن الرأي العام الباطني يكشف عن نفسه ويصبح ظاهرياً أو خارجياً عندما تكون قوة الدافع قوية أو العامل المؤثر فعالاً.
– إن الرأي العام في أي بلد، حساس بالنسبة للحوادث الهامة، ويظهر هذا في الأنظمة الديمقراطية إذ أتيح للشعب حرية إبداء الرأي وفرصة الإعلام الناضج والتعليم الطيب، عنها يصعب خاع الرأي العام مهما كانت أساليب الدعاية قوية ومركزة لأن الإعلام الصحيح يجعل الرأي العام أقدر على الفهم والإدراك ومن ثم على الحكم الصحيح على جميع الأمور مهما كان موضوعها وحساسيتها.
إن الدعاية تقوم في أغلب الأحيان على تحريف بعض الوقائع أو حذف بعض الحقائق أو تنحاز إلى جانب معين دون الجانب الآخر فلا تعني بالموضوعية في الإعلام، وهذا من شأنه تضليل الرأي العام خاصة عندما تندس الدعاية عن طريق الإعلام دون أن ينتبه إليها الجمهور فتتنكر في أقنعة مزيفة فتلحق بالرأي العام أشد الضرر والإيذاء. وهذا يظهر في أغلب الأحيان في نظم الحكم المطلقة غير الديمقراطية أو في النظم الديمقراطية الزائفة التي ليس فيها من الديمقراطية إلا الاسم فقط. فيتقبلها الناس وينساقون وراءها إلى حين. نقول إلى حين لاعتقادنا بأن الشعب، الذي تأصلت فيه روح الديمقراطية من الصعب أن تضلله الدعاية بصورة فعالة، لأنه ينفر بطبعه وبتفكيره الحر من الدعاية التي تندس في وسائل الإعلام.
– إن الرأي العام يسهّل على الناس تحديد أهدافهم إذا كانت وسائل الإعلام حرة لا رقابة عليها ولا توجيه، لأن الرقابة كالدعاية مهمتها تحوير وحذف الحقيقة والتحكم في أفكار الناس. فالرقابة المفروضة على وسائل الإعلام منافية للحرية والديمقراطية ولتكوين الرأي العام السليم في القضايا الاجتماعية والوطنية والسياسية.
– إن الرأي العام يتأثر إلى حد بعيد بالإحصاءات والدراسات في المسائل المختلفة التي تهم الجمهور وأحياناً كثيرة نرى أن الجماهير تختار الطريق المضاد أو المعاكس لهذه الإحصاءات والدراسات. وتدل الوقائع أن الرأي العام في حال الراحة والاطمئنان والرفاهية الاقتصادية والسياسية لا يتحرك ويبقى ساكناً. وكلما قل الاهتمام الفردي أو الجماعي بإحدى القضايا أو المشكلات مهما كان موضوعها فإن الفرصة لتكوين رأي عام قوي تكون ضعيفة.
تكوين الرأي العام
يتكوّن الرأي العام من عوامل كثيرة منها وسائل الإعلام والدعاية والتعليم والمحادثات الشخصية… ولسهولة العرض سنعتبر الجمهور أو الرأي العام هيئة أو كائناً عضوياً له حياته وقوانينه الخاصة متميزاً عن الأفراد الذين يتكون منهم، وهذا التمييز صحيح أيضاً بالنسبة إلى الإعلام ومعرفة الوقائع. قد يقال: ألا توجد هنا رغم ذلك مطابقة؟ أليست الحوادث المعلنة على الأفراد معلنة في الوقت نفسه على المجموع الذي يؤلف
الرأي العام؟ الجواب: ليس الأمر كذلك بالضبط. فإن انتقال الأخبار يتضمن عمليتين: إرسال والتقاط. فالإرسال واحد بالنسبة للأفراد وللمجموع. أما الالتقاط فإنه مختلف لأن الأفرا يسجلون الحوادث بصورة متباينة( ) ولنضرب على ذلك مثلاً، فإذا وقع حادث ما فإنه يؤثر على حواس الشهود إلا أن نقل ما رأى الشهود أو سمعوا لا يتم حالاً، ويتم أحياناً بصورة غير صحيحة لأن هناك جزءاً معيناً فقط من الحادث ينقل ويروى، والشخص الذي يتلقى الخبر ينقله أو يحفظه في ذهنه وقد ينساه لهذا فإن بعض الأخبار تموت بسرعة في حين أن غيرها يكتب لها حظ غريب في البقاء. عدا ذلك فإن الرواية يمكن تشويهها أما عن قصد وإرادة أو عن طريق عملية آلية تخفى على الشعور أو بالأحرى عن ذاكرة الناقل، ثم إن النسيان وانقطاع الرواية يؤديان إلى تشويه الوقائع في جملتها، فهو أمر يجري كما لو أن مصفاة تحجز قسماً من مادة الأعلام.
قواعد الإرسال والالتقاط وخصائصهما
يتألف الرأي العام من أشخاص يرغبون في الحصول على أخبار معينة دون سواها، ومن جهة ثانية هناك رواة أخبار مختلفون باختلاف وسائل الإعلام، فما هي الرابطة بين المخبرين والمستخبرين أو بين الإرسال والالتقاط.
كل راوية أخبار يرغب قبل كل شيء أن يقرأ الآخرون ما يكتبه أو أن يستمعوا إلى ما يقوله ويعمل، في في وسعه لإرضاء الجمهور الذي يتوجه إليه مستعملاً جميع الوسائل ومنها تملق القارىء أو المستمع. فالمستخبر يؤثر في المخبر، كما أن الخبر، بالمقابل، يشفي غليل المستخبر. وعن طريق هذا التأثير المتبادل يتكون الرأي العام ويثبت وجوده. وعلى كل حال فإن على المخبرين القائمين على أجهزة الإعلام أن يعرفوا نفسية المستخبرين، أي الجمهور، معرفة تامة حتى يستطيعوا الوصول إلى ما يريدون وحتى لا يقعوا في أخطاء تكتيكية وتخطيطية تجعل للإعلام نتيجة معاكسة وسيئة. ففي مجال الأخبار العادية والبسيطة يبدو الأمر سهلاً، فمثلاً إعلان اغتيال الرئيس كندي عرف مباشرة في كل مكان تقريباً. أما فيما يتعلق بالأخبار المتعلقة بالأمور الجماعية أو العاطفية للجماهير المتعلقة بالقضايا الاقتصادية والسياسية بصورة عامة ففيها مجال واسع للتأويل والتعليق ويستطيع المراقب الفطن والمجرد عن الهوى أن يلاحظ كيف تنقى الأخبار ويكف تشوه بالاستناد إلى عدد كبير من الملاحظات. وكيف تحصل الانحرافات بالنسبة للرأي العام ولوسائل الإعلام، هذه الانحرافات التي أرجعها علماء الرأي العام إلى قاعدة عامة لخصوها في الملاحظات التالية( ).
1 – عندما يتعلق الأمر بالمصالح المادية، كما هي الحال في الميدان الاقتصادي. فإن الانحرافات تهدف إلى تسهيل الدفاع عن هذه المصالح: فإذا دعي الجمهور إلى قياس ارتفاع الأسعار فإنه يبالغ في حكمه في مقدار الارتفاع وسبب ذلك أن عدد المستهلكين يزيد على عدد الباعة ولأن صاحب الأجر المحدود ليس له من مصلحة في ازدياد تكاليف المعيشة. ولكن لما كانت هذه التكاليف باقية كما هي فمن مصلحته أن يبدو الارتفاع في الأسعار خطيراً. فخلال الحرب العالمية الثانية كان كل خبر عن التبذير أو عن مجرد وفرة المواد الغذائية يصدق حتى من الأشخاص المعروفين بالرزانة. فكان يكفي أن يهمس أحدهم إلى شخص آخر بأن معملاً للزبدة الفرنسية يحول الزبدة إلى شحم لاستعمال السيارات الألمانية حتى يلقى الخبر نجاحاً غريباً ويذيع في كل مكان. والشخص الذي اطلع قبل غيره على الشائعة قد يسمعها من جديد مرات عديدة وقد تضخمت في كل مرة وأضيفت إليها تفصيلات جديدة ودقيقة، وعلى العكس كانت الأخبار السيئة عن الموسم الزراعي لا تحدث صدى بعيداً.
فما هو سبب هذا التباين؟
لم يكن للفرنسيين المحتلة أراضيهم من الألمان من مصلحة في التبذير ولكن كان يروق للفكر أن يعلم، بعد حين، بأن هناك تبذيراً. فإن هذه المعرفة بالإضافة إلى إنها تدعم الاستياء العام فإنها كانت تغذي الأمل في تحسين الحالة. أما الإعلان بأن الموسم الزراعي كان رديئاً فكان يعني إعداد المستهلكين لتخفيض حصصهم لذلك كان الفكر يرفض رواية الخبر او مجرد تسجيله.
2 – عندما يتعلق الأمر بالعواطف والأهواء فإن الانحراف يتجه إلى تسويغ هذه العواطف والأهواء وإلى تقويتها:
فالمؤمن يرى أو يسمع المعجزات التي لا يدركها المحايد، والأخلاقي يرى الرذيلة في كل مكان، وبذلك تقوى عاطفته، والمتمسك بنظرية الكمية في النقود أو خصمه يرتبط كل منهما بنظريته بروابط عاطفية قوية إلى درجة تكفي ليرى كل منهما أن الوقائع تؤيده في اعتقاده. والعالم نفسه يشاهد بسهولة أن التجارب تدعم نظريته عندما تكون هذه النظرية من شأنها إثارة حب الذات.
لذلك عندما تسيطر العواطف فإن الرأي العام ينحرف في الاتجاه الذي يساعد على تسويغ أو تبرير تلك العواطف وتصديق كل ما يتعلق بها من أخبار أو إعلام.
3 – عندما يتعلق الأمر بالوقائع المتصلة بقضية جماعية مشتركة فإن الانحرافات تهدف إلى تقوية ترابط الجماعة وإلى تبرير النضال الذي تقوم به.
أثناء الحرب يتكون رأي ملائم في كل بلد عن جيوشها ومواقفها ونجاحها وعن عدل القضية التي يناضل من أجلها، وهذا من شأنه أن يزيد في الثقة ويدعم النضال الداخلي المتواصل. وكذلك لا بد لأعضاء الأحزاب المختلفة من أن ينظروا إلى الوقائع نظرات متباينة، والصورة التي تنطبع لدى أعضاء كل حزب من شأنها أن تؤيد اعتقادهم وتبرر التضحيات الشخصية التي يقدمونها في سبيل قضيتهم كما أنها تحول دون إحداث أزمة شك من شأنها أن تضعف وتهدد الموقف الداخلي الوطني.
4 – إن الانحرافات الحقيقية، اللاشعورية وغير الإرادية تتبع الاتجاه الذي كان يحتمل أن تسير فيه الانحرافات الشعورية الإرادية دفاعاً عن الموقف الذي تبناه الشخص سواء من الناحية المادية أو الناحية الفكرية والعاطفية. وهذه القاعدة ليس لها إلا شواذات قليلة.
5 – إن الشخص الذي ينقل خبراً عندما يجيب على سؤال يوجه إليه فإن الانحراف يكون أقل مما لو أنه روى الخبر أو نقله من تلقاء نفسه بسرعة. وتثبت التجارب أنه كلما كان الجد والاهتمام عند طرح السؤال متجلياً، وأفسح المجال للتفكير أو التأمل قبل الإجابة كلما كان الانحراف أقل شدة. وعلى العكس إذا استحوذ الانفعال على ناقل الخبر، وهو يخاطب شخصاً يخشى من تشكيكه، فإنه قد يمعن في تشويه الخبر وهو يحاول دعمه بذكر تفصيلات تهدف إلى التغلب على الشك. وما دام الراوي على يقين، ولو دون أي مستند عقلي، فإنه يرى من المفيد أن يساعد على انتشار الحقيقة بجعلها أقرب إلى التصديق.
دور وسائل الإعلام في تكوين الرأي العام
تكلمنا عن قواعد الإرسال والالتقاط أي المخبر والمستخبر أو طريقة الاتصال بين الجهاز المرسل الذي هو عبارة عن وسائل الاتصال الكبرى بالجمهور – وسائل الإعلام المتنوعة – وعن الجهاز اللاقط الذي هو عبارة عن مجموع الناس الذين يجب أن يتكون منهم الرأي العام. وذكرنا فيما سبق أن رواة الأخبار أحياناً كثيرة يوجهون اهتمامهم إلى القلق وإطراء الأحكام السابقة التي أذاعوها أو كتبوها ويتشبثون بالأخطاء، بل نراهم كثيراً ما يحاولون سوق الذين يخبرونهم أو بالأحرى، الذين يتقبلون منهم الأخبار، إلى اعتناق وجهات نظرهم.
فما هو دور وسائل الإعلام في تكوين الرأي العام ومن ثم في سير المجتمع وعمله في الأنظمة السياسية المختلفة؟
تقوم الأنظمة الديمقراطية على أساس تقسيم السلطات وهي تعترف بأن سلطة وحيدة عليا قد تكون لها آثار ممتازة ولكنها في الغالب قد تؤدي إلى كوارث، لذلك تفضل هذه الديمقراطية تقسيماً يعرقل السير بالضرورة، إلا أنه يسمح، عن طريق عمليات التعويض بتحقيق بعض التوازن واجتناب أسوأ العواقب.
إلا أن السلطات التقليدية، في الأنظمة الديمقراطية، التشريعية والتنفيذية والقضائية، ليست هي السلطات الوحيدة حسب المفهوم الحديث لأنظمة الحكم، ولتكون الرأي العام بل هناك سلطات أخرى أهمها سلطة التعليم، وسلطة الإعلام.
فيما يخص سلطة التعليم فما زالت المنازعات تدور حولها في مختلف البلدان وحتى الآن لم يبت بأمر هذه السلطة ولا تزال هذه القضية في الوقت الحاضر لا تجد سوى حلول وسطى. وعلى العكس من ذلك سلطة الإعلام. فقد اتفق على أن تكون هذه السلطة حرة ضمن حدود المصلحة العامة والقانون. فمثلاً تقرير حرية الصحافة، فإننا نرى أن ذكرى الثورات التي اشتعلت في سبيل الدفاع عن هذه الحرية لا تزال تلهم مؤسساتنا إلهاماً تاماً وإن كانت هذه المؤسسات تطورت في النواحي الأخرى.
أولاً: دور الصحافة والوسائل المطبوعة في تكوين الرأي العام والتأثير عليه
أ – الصحف:
إن حرية الصحافة لم تؤد إلى ظهور عدد كبير ومتنوع من النشرات التي تعبر بالتساوي عن جميع الآراء، ولو ظهرت لانحلت المشكلة من نفسها تقريباً وذلك بتقسيم السلطة ذاتها وبتأثير التعويض والتعديل، ولكن الأمر ما زال في الواقع بعيداً عن ذلك، فإن النفقات المرتفعة جداً كانت دوماً تساعد المدافعين عن رأس المال – الرأسماليين – على الاستئثار بوسائل الإعلام، وقد زاد في اختلال التوازن تجمّع وسائل الإنتاج في أيدي القلائل.
فالصحافة لها وظيفة أساسية هي إعلام الرأي العام وتوجيهه وإرشاده في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية. والصحافة أنواع، فهناك الصحف الإخبارية المحضة التي تكون مهمتها نقل الأخبار وعرضها لتجذب القراء وتحصل على الربح من جراء كثرة التوزيع، هذا النوع من الصحف تجاري وليس له رسالة أو عقيدة اجتماعية حتى ولا سياسية. وإلى جانب هذا تقوم صحف الرأي التي تعتنق مبدأ أو عقيدة سياسية أو اجتماعية، أو تدافع عن وجهة نظر حزب معين، هذه الصحف تنقل الأخبار وتعرضها بشكل يتوافق مع المبدأ الذي تسير عليه أو الحزب الذي تنتمي إليه. فتعمد إلى إبراز ما تريد وتتجاهل عرض ما لا يتوافق مع أهدافها، وهذه الصحف تستطيع في أغلب الأحيان التسلط على عقول القراء لأن القارىء العادي يرغب في الحصول على الخبر الجاهز ويتقبله راضياً دون اعتراض كما أنه ليس لديه الوقت الكافي للتفكير والاستنتاج والحكم على الأشياء، فالذي يهمه هو التقاط الخبر.
ولا شك أن في مختلف البلاد آراء مختلفة إلا أن التجمع في المركز قد أدى إلى تكوين كتل متجانسة جغرافية أو اجتماعية، مؤلفة من أشخاص تصلهم الأخبار بطريقة واحدة تكاد تكون دوماً متحزبة أو مثيرة. لهذا لا نرى في أغلب الأحيان اختلافاً بين أفكار معظم أفراد البلد في المسائل العامة التي تثيرها الصحف وخاصة بين الشعوب التي لم تبلغ من الثقافة الدرجة الواجبة الكافية.
من هذا يتضح أن على الصحافة مسؤولية خطيرة إذا أرادت أن تؤدي مهمتها كوسيلة للإعلام والتوجيه والإرشاد لا كوسيلة للدعاية. وعليها في سبيل ذلك أن تنقل الخبر كما هو من مصادره لأن الخبر ليس ملكاً للصحيفة كما أنه ليس ملكاً للرأي العام بل هو ملك للحقيقة والواقع. وإذا أراد الصحافي أن يوجه ويعطي رأياً خاصاً فأمامه التعليق الذي هو حر في أن يضع فيه ما يريد ولو كان ذلك مخالفاً لحقيقة الخبر استناداً إلى القاعدة المتفق عليها حديثاً “الخبر حر والرأي مسؤول” ولهذا فإن على الصحافي أن يتحرى الدقة في نقل الخبر وعدم اللجوء إلى العناوين الضخمة التي، في الغالب، لا تتفق مع حقيقة الخبر والتي تؤدي إلى البلبلة في تفكير القارىء وأحياناً إلى صرفه عن قراءة التفاصيل، وهذا من شأنه إيقاع الضرر الأكيد بالرأي العام وتضليله.
فإذا فهم الصحافي مهمته الإعلامية كانت الصحافة العامل الأول في تكوين الرأي العام وتكييفه وفي جعل الصحافة مدرسة للشعب تستحق اللقب الذي أطلق عليها: الصحافة هي السلطة الرابعة.
ب – المجلات:
قبل أن ننهي الكلام عن دور الصحافة في تكوين الرأي العام لا بد من الإشارة إلى الدور الذي تلعبه المجلات والكتب المتنوعة المواضيع. فالمجلات وسيلة هامة لتكوين الرأي العام والمواضيع الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية والريبورتاجات التي تتضمنها قد لا تستطيع الصحف اليومية أن تعالجها، فهناك المجلة الأسبوعية التي تحافظ على مظهر الجريدة وإن قدمت مادة أغنى ولجأت إلى شيء من التراجع في الزمن لتحكم على الوقائع والناس، لأن لها على الحوادث اليومية نوعاً من الرقابة لأنها تصفي الحوادث أو على الأصح ترفع من قيمتها إذ يمر ما يعلو تفاصيلها من غبار في منخلها فيختفي ولا يبقى منها إلا ما صلح لأن يكون غذاء لتكوين النفوس الحريصة على ذاتيتها وإعلامها. فالمجلة تحمل أثراً لكل ما يحدث في العالم من أمور هامة، إذ من واجبها أن تعلق على الكتب، وأن تذكر الحوادث، وأن تحكم على أعمال الرجال وتظهر إرادتهم، والمجلة الحقيقية تقدم علاوة على ما سبق تآليف جديدة قادرة على أن تمثل نوعاً من النشاط الفعلي.
فالمجلات بناء لهذا العرض تحتل مكاناً وسطاً بين الجرائد والكتب، فالكتاب ضخم بطيء والجريدة موجزة عابرة وبهذا تلعب المجلات دوراً هاماً في تكوين الرأي العام والتأثير فيه باعتبار أنها جهاز للثقافة والإعلام ولنشر الوعي والمعرفة بين جماهير الشعب، وكثيراً ما تكون أرفع مستوى من أغلب ما ينشر في الصحف اليومية، كما أنه لا يمكن الاحتفاظ بالمجلات والعودة إليها، وهي بحكم مادتها لا تفنى ليومها كما تفنى الصحف بل إن الكثير من موادها يتحول إلى وثائق تاريخية يمضي الزمن وتظل تلك المواد حية دائمة التأثير والإفادة كالمواد التي تتضمنها الكتب سواء بسواء.
ج – أنواع الصحف بالنسبة لتكوين الرأي العام
قسم علماء الرأي في العالم الصحافة من ناحية تكوينها للرأي العام والتأثير عليه إلى صحافة رأي وصحافة خبر وهذا التقسيم لا يعني وجود صحافة تقتصر على نشر الأخبار وأخرى تقتصر على نشر مقالات الرأي والتوجيه، وإنما يقصدون بهذا التقسيم تغليب بعض الصحف لهذا الاتجاه أو ذاك( )، فهناك صحف تصرف اهتمامها الأول إلى الحصول على الأخبار والسبق في نشرها، وهناك صحف أخرى تعنى بالرأي والتوجيه والتعليق على الأخبار وإيضاح مغزاها السياسي والاجتماعي واستخدامها في الدعوة لمذهب سياسي واجتماعي معين، وفي تأييد الحكومة القائمة أو معارضتها، وفي الكفاح في سبيل قضايا معينة قومية كانت أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية.
ومن حيث أنواع الرأي وموقف الصحف من الحياة العامة يقسم الباحثون الصحف إلى ثلاثة أقسام: صحف محايدة: وهي الصحف التجارية البحتة البالغة الضرر لأنها لا تتحمل مسؤولية أي رأي في قضايا البلاد الكبرى وهمها الاتجار بمهمتها عن طريق الإخبار المجرد أو التسلية والترويح. وهناك صحف مستقلة وهي الصحف التي لا تلتزم بمذهب سياسي معين ولا بحزب بالذات، بل تزعم أنها تحتفظ باستقلالها في الرأي لتحكم على كل حدث أو ظاهرة عامة حكماً مستقلاً غير مقي بمذهب أو بحزب. وهذا الاتجاه يبدو في ظاهرة سليماً لا غبار عليه ولكنه كثيراً ما تتمخض حقيقته عن حرص هذه الصحف على أن تظل قادرة على ممالأة كل حكومة أو حزب يلي الحكم حتى تستطيع تجميع المال في كل عهد، وأن لا تتعرض لأية خسارة أو أذى. وأخيراً هناك صحف الرأي التي تمر من التأييد إلى المعارضة تبعاً لتولي أنصارها الحكم أو اعتزالهم له وهي في الحالات كافة تدعو لمذهبها أو حزبها وتروج له بين الجماهير من أنصارها وخصومها على السواء.
نستطيع بناء على ما تقدم أن نميز بين مدرستين في عالم الصحافة: أولاهما المدرسة التي تؤمن بأن للصحافة رسالة ثقافية وتوجيهية وإعلامية يجب أن تؤديها، وثانيتهما التي ترى أن الصحافة تجارة همها الأول والأخير كسب المال، وهمها قبل كل شيء ازدياد التوزيع ولو بتملق غرائز الجماهير وإشباع فضولهم وإقبالهم على الأخبار المثيرة المختلفة المواضيع. ويستطيع القارىء أن يميز بين هاتين المدرستين بنظرة عابرة إلى الصفحة الأولى من كل جريدة وإلى العناوين الكبيرة فيها. فالمدرسة التي تهتم برسالة الصحافة الحقيقية تبرز في عناوينها الأحداث الوطنية والقومية والعالمية الهامة وتركز عليها الاهتمام. بينما نرى المدرسة الثانية لا تختار في عناوينها إلا الأحداث التافهة المثيرة ومع الأسف نرى أن هذه المدرسة تزعم أنها تمثل أحدث تطورات الفن الصحفي!! وأنها تقيم هذا الفن على حقائق النفس البشرية وحاجات الجمهور!! وهنا تبرز المشكلة العالمية لحرية الصحافة وحدود هذه الحرية ودور الدولة في الرقابة ودورها في حماية الرأي العام من التضليل والانحراف. وكيف يجب أن تكون علاقة الدولة بالصحافة ومدى إشرافها عليها؟
وقد رأينا في القسم الأول من هذا الكتاب العلاقة بين الدولة والصحافة فيما يتعلق بحدود الحرية والإشراف ووضع القوانين التنظيمية التي تبين مدى هذه الحرية ضمن نطاق المصلحة العامة… ويبرز في موضوع علاقة الدولة بالصحافة رأيان:
الأول: يقول بوجوب إبقاء الصحافة حرة مهما كانت الظروف والنتائج لأنه لا يمكن أن يوجد نظام سياسي ديمقراطي دون صحافة حرة ورأي حر.
والثاني: يقول بوجوب تأميم الصحافة وما يتبع التأميم من كبت للحرية وسيطرة للدولة…
د – لا حرية مطلقة ولا تأميم
إن الصحافة كوسيلة من وسائل الإعلام لا يمكن أن تكون مؤممة أو ناطقة رسمية باسم الحكومة أو الدولة، كما يمكن أن تكون الإذاعة أو التلفزيون، لأن طبيعة الصحافة تختلف اختلافاً كبيراً عن الإذاعة والتلفزيون، بل يجب أن تكون حرة، والحرية يجب أن يكون لها حدود لا تتعداها أو تتجاهلها، وهذه الحدود تضعها القوانين المنظمة لتحفظ الحرية نفسها من سوء الاستعمال أو تجاوز الحدود. ونحن إذ نادينا بحرية الصحافة على هذا الأساس فإن الواجب يقضي علينا أن نعترف بحقيقة مؤسفة وهي أن حرية الصحافة في بعض البلاد قد تنقلب إلى حرية اسمية إذا سطيرت عليها المصالح الرأسمالية أو المصالح الخاصة، وذلك عندما يضع رجال المال أو رجال السياسة أو رجال الدولة أيديهم على الصحف باسم حرية الصحافة، وذلك إما بشرائها وإما بالسيطرة عليها بمنحها الإعلانات التي لا تستطيع أن تعيش بدونها، أو حرمانها منها. وعندما يسيطر هؤلاء على أجهزة الصحافة فإنهم يبدأون بتنظيم حملات سباب وتشهير ضد رجال السياسة الذين يرفضون طاعتهم ويستعملون الأساليب المتنوعة في الانتخابات العامة ومن ثم اختيار الوزراء لكي تفوز الحكومات المطيعة لهم وتتولى السلطة، وأما النواب أو الوزراء أو الحكومات العاصية لمطالبهم ومآربهم فما لها إلا الاندحار أمام إذاعة الذعر الاقتصادي المنظم، ويلجأ هؤلاء إلى الجرائد القوية الكبيرة الانتشار والمعدة إعداداً فنياً وقوياً لتبسط تأثيرها المباشر على الرأي العام أي على جمهور الناخبين. ويستطيع هؤلاء بفضل الأخبار المغرضة أو الموجهة توجيهاً مقصوداً أن يملوا على الرأي العام اتجاهات تفكيره كما يشاؤون ليصلوا إلى أهدافهم… وفي هذا أكبر خطر على الرأي العام وعلى النظام الديمقراطي وعلى الصحافة والحرية في جميع أنواعها.
ونعتقد أن رفع المستوى الثقافي والاجتماعي للشعب في أي بلد هو الذي يفرض على الدولة وعلى الصحافة الحل الوسط أي حرية مقيدة ومنظمة ضمن القانون والمصلحة العامة، وإعلام هدفه تكوين رأي عام واع قوي يستطيع أن يفرض من ناحيته على صحافته أشد أنواع الرقابة أحكاماً وذلك بإقباله على ما يروقه وينفعه وإعراضه عما يسوؤه أو يهدر مصالحه الحيوية وحاجاته الثقافية والروحية، وعندها تصبح الصحافة في خدمة الشعب وخدمة الرأي العام لا في خدمة طبقة مستغلة أو في خدمة حزب واحد أو نظام فردي متسلط.
هـ – الصور الفوتوغرافية والكاريكاتور
قبل أن ننهي الكلام عن دور الصحافة في تكوين الرأي العام لا بد من كلمة موجزة عن دور الصور الفوتوغرافية والرسوم الكاريكاتورية في التأثير على الرأي العام، فقد تبين للمهتمين في دراسة وسائل الإعلام أن للصور الفوتوغرافية والكاريكاتورية أهمية كبرى في التأثير على الرأي العام باعتبار أن الصور الفوتوغرافية هي انعكاسات دقيقة عن الحقيقة، والصور الكاريكاتورية هي انعكاسات عن التفكير العام، الذي تجعل الصحفي يعبر في صورة واحدة عن فكرته وأفكار الكثيرين من قرائه. وأحياناً كثيرة يكون لصورة كاريكاتورية تأثير ووقع أبلغ وأقوى من مقال طويل. لأن المخيلة أسرع بطبيعتها في إدراك الصورة أو الفكرة التي أوحت بها من إدراك العبارات اللفظية مهما كانت هذه العبارات منمقة. وقد دل إحصاء أجرته إحدى المؤسسات الأوروبية المهتمة في الإحصاء والتحقيق حول تأثير الفن الكاريكاتوري الصحفي فتبين أن أكثر من 67% من القراء عندما يستلمون الصحيفة اليومية أول ما يطلعون عليه هو “كاريكاتور اليوم” قبل أي باب من أبواب الصحيفة.
ثانياً: دور الإذاعة والتلفزيون ووكالات الأنباء في تكوين الرأي العام والتأثير عليه:
هناك تعريفات عديدة وضعت لكلمة “إعلام” ولنأخذ منها أبسطها، وهو: حق الجمهور في الحادث، لنرى على التوالي، إلى أي حد تستجيب الوسائل الناطقة والمشاهدة على الشاشة، لهذا الهدف.
ما هي أولاً المعلومات المذاعة؟ إن هذه تشكو الداء نفسه الذي تشكو منه الصحافة المكتوبة، ألا وهو صعوبة النفاذ إلى المصادر. لننظر الآن إلى المسالك التي يمر بها خبر من الأخبار، إن في ركام البرقيات التي ترد يومياً في كيلومترات من الورق، معلومات مسطرة من جميع أرجاء العالم، ومنقولة على أيدي وكالات. غير أن هذه وهي تعمل عمل الوسطاء، إنما تؤلف أول احتمال يعوق دون أداء الحق المفروض في الإطلاع. وإذا أبعدنا هنا كل تدخل إرادي يستهدف غاية سياسية أو شخصية، يظل لدينا عدد كبير من احتمالات الخطأ في النقل، إن لم يكن سوء الفهم، كالضعف في السرد مثلاً، وهو الأصل في إشاعة حادث.
إذاعة المعلومات:
يمكن أن تتحقق إذاعة المعلومات على أشكال شتى:
1 – إطلاع محض، مجرد إذاعة للنبأ.
2 – إطلاع مصبوغ، أي سرد للحادث، شاهده فرد من خلال مزاجه.
3 – افتتاحية، وهي تعليق سياسي على النبأ، يدرس مصادره ونتائجه وتطوراته.
4 – الزوايا الخاصة، أو مراجعات الصحف، وهي التعليقات على الحادث حسب وجهات النظر الحزبية المختلفة.
ولقد قيل وكتب أن المعلومات التي تذاع، إنما هي إجمالاً، تسوية بين نزعتين متناقضتين: التعميم والتخصيص.
أ) إن نشرات الأخبار التي يبدو أن لا جدوى من التوسع في بحثها، تقدم المظهر الأكثر كلاسيكية من أولى تينك النزعتين، ففيها جميع الموضوعات التي تهم أكثر من غيرها في حينها، ولنشر إلى أن ترتيب تقديمها إحدى النقاط الأكثر أهمية. فمقامها بين الأخبار، والوقت المخصص لها، واللهجة التي تقدم لها، كل ذلك عوامل فعالة. وأن الخبر نفسه يمكن تضخيمه أو تصغيره دون أن يظهر تقريباً شيء من ذلك. واختيار النبأ ليس شيئاً خلواً من المعنى. ومجرد تعويد أذن المستمع أسماء رجال السياسة أو الأمكنة الجغرافية لبلد واحد، يفضي بإعطاء هذا البلد، تجاه المستمع، أهمية ما كان هذا ليفكر فيها من قبل.
إذا نحن فكرنا الآن في ملايين الكلمات التي توزعها وكالات الأنباء كل يوم، وجب التسليم بأن الاختيار لا يجري دوماً بالنسبة إلى قيمة النبأ الذاتية. يمكن أن يكون للمصادفة يد طولى في نشره، أو لذوق المخبر، أو لمزاج المحرر لحظة اختياره. وأن مثل هذه الخواطر لتبعث على الرعب، حين نتصور نتائجها المحتملة، وما هي أقل صحة من تلك. ولكن هذا القسم من المصادقة محدود مع ذلك، بسبب من طبيعة الأخبار المهمة التي لا تنكر أهميتها، والتي يجمع المخبرون كلهم على إذاعة أكبر عدد منها في وقت واحد ولا بد على أي حال من تنقية الأخبار وانتقائها، لا سيما أن لدى المذيعين ركاماً ضخماً من المعلومات تمدها بها يومياً وكالات الأنباء المحلية والعالمية.
ب – الإعلام الإذاعي يكتمل عادة بسلسلة من الإذاعة الخاصة، مضافة إلى نشرات الأخبار التي تذاع في ساعات مختلفة من اليوم الواحد. وتلك هي مهمة المجلات الناطقة وغايتها أن تقدم للمستمعين التفاصيل التكميلية التي لا يمكن أن تذاع مع الأخبار، وفي الوقت ذاته خشية إثقال النشرة وتحويل انتباه العدد الأكبر من المستمعين.
هذه المجلات الناطقة تقدم شتى المزايا حسب الذين تخاطبهم، سواء كانوا فئة تهتم بشؤون خاصة كالمجلات النسائية، أو مجموعات أفراد يلتقون في عمل، أو سن، أو اتجاه، كمجلات الشباب أو المغتربين أو الجنود، أو المجلات التقنية (الزراعية والاجتماعية، والاقتصادية، الخ…).
وقد أغفلنا الرياضة في هذه المجلات عمداً، لأنها تحتل مقاماً مهماً في الإعلام الإذاعي، وإذا كانت أنباؤها تشغل دوماً مكاناً خاصاً في نشرة الأخبار، فلا ينبغي أن ننسى المقابلات، والأحاديث، والبرامج الرياضية الخاصة ذات الجمهور الذي يترقبها بشوق واستمرار.
أوقات الاستماع
إن ساعات الاستماع هي جانب شائق من الإعلام الناطق. والاستماع ليس متكافئاً في جميع الساعات، وهو يختلف خارج الأوقات المعروفة الشائقة (7 – 8) في الصباح، و(12 – 13 و19 – 30، 20) بعد الظهر بنسب متفاوتة كل التفاوت، وهو لا يختلف كثافة وحسب، ولكن فئات مستمعين أيضاً. والأكيد أن خبراً تنقله أمواج الأثير في الساعة العاشرة صباحاً، دون إخبار سابق، ثم لا يذاع في نشرة الظهيرة، لا يحدث التأثير الذي يكون له فيما لو أذيع في الساعات المعروفة. ويمكن أيضاً إيلاؤه أهمية فائقة العادة بسبب لفت انتباه في النشرات الإخبارية السابقة.
وتجري على الإذاعات الاختصاصية قوانين ساعة الاستماع الفضلى، إذ يكون المهتمون بمادتها قد أعدوا نفسهم وأذهانهم لتحصيل أكبر فائدة.
وليس ذلك كله سوى جانب واحد من الإعلام الإذاعي، وإذا كنا قد اتخذنا من الجريدة الناطقة (النشرات الإخبارية) مثلاً، فلأنها تمدنا بأسهل الوسائل، وتمثل أقرب الأشياء المذاعة إلى الأذهان، والهدف أن نبين مدى تأثير التفاصيل الزهيدة في مصائر الإعلام. وهكذا، نجد أن على الخبر، كي يبلغ آذان المستمعين، أن يجتاز عدداً كبيراً من الحلقات التي تشكل كل واحدة منها عائقاً يحول دون بلوغه: من جمعه، إلى اختياره، إلى تقديمه، إلى الشكل الذي يصاغ به، إلى الوقت الذي يخصص له، إلى الساعة التي يطلق فيها… أضف إلى ذلك لهجة المذيع الذي يتلوه، وظروف الاستماع الذي تسمح باستقباله. هذا ولم نبين بعد الفروق بين الموجات الطويلة، والوسطى والقصيرة، وهذه الموجات وزعت بين الأمم وفق نظام تخطيط دعي “خطة استوكهولم”. وهذه الخطة موضع انتهاب من قبل محطات تغزوها وتقوم في أماكن محظورة، تزدحم بالموجات الأخرى.
الواقع أن طاقة الانفجار لخبر على موجات الأثير تظل إياها على وجه التقريب، سواء أذيع على موجات متوسطة يراد منها إطلاع المواطنين، أو على موجات قصيرة ليبلغ مسامع من هم وراء الحدود. وهذا التقرير الذي يمكن أن يبدو مغلوطاً، إنما يمكن أن تؤكد صحته الوقائع، فالخبر المحلي الذي يذاع للداخل، تلتقطه وكالات الأنباء فوراً، وتنشره باعتباره مأخوذاً عن مصائر رسمية موثوق بها. وأن لأكثر الصحف الصغيرة في المناطق استطاعت أن تعيش بفضل استماعها إلى نشرات الأنباء الأخيرة التي تذاع في الليل، فتأتي أخبارها أسرع من أية وكالة. وهذا هو السبب في انصراف أبناء الريف عن الصحف الإخبارية التي تصدر في العاصمة والتي كانت تحظى حتى الحرب الأخيرة بإقبال خسرته الآن، ولم يبق له أثر.
وأهمية الإذاعة على الموجات القصيرة إنما كانت لأن الأخبار والتعليقات الممنوعة تنفذ عن طريق تلك الموجات إلى البلدان التي يبدو من الضروري أن تطلع عليها. وقد رأينا أهمية الـ”بي. بي” سي” والإذاعات السويسرية أو صوت أميركا أثناء الحرب العالمية الثانية، واستطعنا أن نستمع إلى الأقوال الممنوعة عبر الأثير وما تواضع الناس على تسميتها “الحرب الباردة” كان السبب في نشوء دفق من الإذاعات تضج كل منها بحقيقتها التي لم تكن دوماً حقيقة. لقد كانت إذاعة رومانيا والاتحاد السوفياتي مثلاً في عهد ستالين، تصور أن فرنسا جاثية على قدميها، فريسة لازمة ليست سياسية فحسب، وإنما اقتصادية تحول معها الشعب الفرنسي إلى حالة من البؤس والفاقة وسوء التصرف، هذا في إذاعات باللغة الفرنسية، مسموعة وقابلة للتحقق من كذبها في فرنسا، يشير إلى أي مدى تكون فيه الإذاعات الدعائية خطراً، بعض الأحيان، على القضية التي تدعي أنها تؤيدها، وتسعى في خدمتها.
الإعلام المعاكس
“الإعلام المعاكس” هو ذاك الذي يقوم في ضرب من إجهاض الخبر، إذ يحذف بعض حقائق الخبر بدلاً من تشذيبه أو تشويهه. وهذه الطريقة صبيانية في زمن يتاح به إعادة قطع الأنباء السائرة في الأثير والتوصل إلى نوع من الحقيقة البدائية على القل.
وتكرار الكلام شكل آخر من أشكال الإعلام المعاكس، فإن تكرار أكذوبة وأن خشنة، والتأكيد عليها يومياً، يفضي إلى إثارة الشك في نفس المستمع، بيد إنها طريقة لا تنطبق إلا على سواد الناس، وعندما يكون الأمر دعاية، فإنها الغاية المراد بلوغها.
غير أننا في اللحظة التي نأخذ بها في كتابة الدعاية، تقف عن التفكير في الإعلام. والخلاصة أن تشويش الموجات هو الوسيلة التي اكتشفت أخيراً لمقاومة الدعاية. والتشويش يكلف غالياً بالإضافة إلى ضرورة البراعة في استعماله، لأنه يترك المجال لتسرب بعض المعلومات، ومجرد القيام به يثير فضول المستمعين. ما هي الضمانة إذاً لموضوعية الإعلام بالمذياع التي يمكن تقديمها؟ يبدو أن إنشاء نظام للمذياع في لبنان يصونه من الروتين الحكومي والإداري، هو الحل الأكثر إلحاحاً.
الجريدة المشهودة أو “أخبار التلفزيون”
الجريدة المشهودة في لبنان، كالجريدة الناطقة “الإذاعة” إنما تختلف عنها من ناحية الإعداد فتعدها إدارة التلفزيون وتراقبها أجهزة وزارة الإرشاد والأنباء والسياحة، وذلك لأن التلفزيون كالمذياع، يقدم المعلومات عن طريق الأثير، وخصائص الجهازين مشتركة، وهذه الخصائص تتصل بالإعلام، وبالذين يتلقونه في الوقت نفسه.
أما فيما يتعلق بالإعلام فالخصائص المشتركة هي:
أ – الإعلام السريع إن عن طريق السماع وأن عن طريق النظر.
ب – حضور المخبرين النسبي في كل مكان.
ج – سهولة أداة النقل، نقل الخبر.
د – ملكة الاختيار بين شتى البرامج.
المشاهد أقرب مما يظن إلى المستمع، فحالات التلقي واحدة، والذين يستمعون إلى المذياع كالذين يشاهدون التلفزيون، لا يتجاوزون عادة بضعة أشخاص خلاف ما هي عليه الحال في السينما. والفرق الأكبر بين الجهازين من حيث الإعلام، هو أن المذياع يظل إزاء الأوضاع الراهنة، أسرع في نشر الأخبار، ولن يتاح للتلفزيون أن يصور كل حادث يقع ويعرضه في اللحظة نفسها، وهو لا يزال حتى اليوم، في أكثر البلاد إنفاقاً عليه، أي في الولايات المتحدة، عاجزاً عن إعطاء صورة لحادث محلي إلا بعد انتهائه أغلب الأحيان.
وثمة فرق آخر هو التعليق على الحوادث المشهودة، فالصور التي تعرض تسلب الخيال، خيال المشاهد، وتتطلب من المعلق الاقتصاد في الكلام، وتجنب التفاصيل إلا ما ندر، ولا تقتضي سوى شرح الحادثة فيما يخفى منها، وبيان الألوان التي تظهر سوداء أو بيضاء.
هل تعكس الصورة الحادث الذي وقع؟
الجواب على هذا السؤال سلبي اليوم في الأعم والأغلب من الحالات، وسيظل دون شك سلبياً، وهذا هو موضع الفائدة الكبرى، إن لم تكن الفائدة الوحيدة، من التصوير التلفزيوني. وما من بلد يستطيع اليوم، حتى الولايات المتحدة، أن تعطي صورة مضبوطة، دقيقة، عن الوقائع المحلية. إنها لا تقدم سوى جانب منها، وفي أغلب الأحيان تتأخر، بسبب تسجيل الوقائع في فيلم، يومين أو عدة أيام، عن إظهار الحوادث مصورة. ولذلك لجأت معظم البلدان إلى إيجاد صيغة “لإعطاء جريدتها المشهودة صفة محلية” وبعضها يتلو نشرة الأخبار، والبعض الآخر يكل إلى رئيس التحرير الإخباري سرد الحوادث الأخيرة. ومنهم من يذيع الجريدة الناطقة في شكل آخر الأنباء، بينما تشغل الشاشة صورة ثابتة.
نقول ذلك كله لنوضح إلى أي مدى لا تزال الجريدة المشهودة في طور جنينيّ، ومدى ما يعتورها من نقص، ولن تحقق ذاتها إلا يوم يظهر الحادث الأصيل بحذافيره على الشاشة. ويضاف إلى هذا التحوير الذي لا سبيل إلى تجنبه في الأوضاع الراهنة، عوائق أخرى مما اصطلح على تسميتها “موانع حرية الإعلام”، وهي موانع تبدو، في بعض الحالات، أنها لا يمكن التغلب عليها. وهي:
1 – الحزبية: فإن المحطة التي تبث معرضة لحذف بعض الوثائق، أو تزييفها، أو تحويرها مراعاة منها لميول وأوضاع سياسية معينة. فإذا أبعدنا ذلك، تظل هنالك بعض المخاطر:
أ) نقص الصورة: وهنا لا يتعلق الأمر بتشويه متعمد، وإنما هي ضرورات الجريدة وتأليفها، إذ تجد نفسها مكرهة على تفضيل المشاهد الداخلية، وحذف المعلومات الخارجية، تلبية منها لمطالب الجمهور.
ب) سوء توزيع الوقت: وعدم توفر المعلومات، فالأنباء المحلية متغيرة بطبيعتها، فالخبر الواحد قد يرد في أشكال منوعة ولا ينال بالتالي الرعاية التي يقتضيها الظرف الذي ورد به، ومن جهة الوقت الذي يخصص له، أو من جهة الأهمية التي يتلقاه بها الجمهور.
ت) صورة زائفة: ولا تزيف الصورة عادة إلا استجابة لذوق الجمهور. والقضية هنا قضية اختيار يحد من التعبير عن الحقيقة أو إظهارها كما هي… وإن نسبة الأخبار الخارجية إلى الداخلية تظل دوماً ضئيلة، في معظم البلدان، مما يجعل المواطن غير عارف إلى حد بعيد، بما يجري في العالم. وهذا ينطبق أيضاً على المذياع. ودواء هذا الوضع في الاستجابة لما يطلبه الجمهور.
2 – وهناك، عدا تلك النقاط التي أشرنا إليها، جانب آخر من الإعلام المشهود ذو قيمة كبرى في الرأي العام والأصداء التي يعكسها، ونعني به تقديم الخبر وتحويل الحكاية إلى حادثة. فإن كثيراً من الحكايات الواقعية، أو بعض القصص الجارية تقدم إلى أنها حوادث مهمة، وفي ذلك شيء من التضليل للرأي العام، ولا سيما حين يراد إشباع نهم الجمهور للأخبار التي تدغدغ عواطفه وتسترعي انتباهه.
إن للجريدة المشهودة تفوقاً على كل وسيلة أخرى من وسائل الإعلام، فهي تضع الجمهور على صلة مباشرة بالرجال العاملين في شتى الحقول، ودورها أن تعيد للمشاهد الجالس في غرفة جو القاعة أو المكان الذي يجري فيه الحادث، وتشير إليه تدله على التفاصيل، والقواعد المطبقة التي قد يجهلها.
وإذا كانت نتائج الإعلام المتلفز أو المشهود أنه ينشر معلومات ابتدائية، فهذه ليست ابتدائية إلا في نظر النخبة، والمشكلة الحقيقية التي حلها التلفزيون، أو هو في الطريق إلى حلها، هو أنه فتح أعين الفلاحين والصيادين وأصحاب الحرف المختلفة على مسائل وقضايا غير قضايا حرفهم اليومية، ومشاكلهم الشخصية، وحملهم على رؤية الصعاب التي يعانيها جيرانهم كما يعانيها أبناء الأقطار الأخرى في شتى بلاد الله الواسعة، وحتى من زملائهم في المهن الذين يستعملون الأدوات نفسها، ويحيون الحياة نفسها.(انتهى)
_____________________________________________________
سقوط كلية الاعلام بعد 24 ساعة على تخريج الطلاب في الكولا
(الجمهور 24 تموز 1979
___________________________________