الرئيسية / News / Newsflash / موسى الصدر لماذا هو

موسى الصدر لماذا هو

لماذا الإمام الصدر


 (فضلو هدايا في 21 ايلول 1978 – الجمهور)

إذا كان إختفاء الإمام موسى الصدر ومرافقيه. الشيخ محمد يعقوب والزميل عباس بدر الدين , قد أربك الدولة وجعلها في حالة ضياع قصوى , فما ذلك إلا بسبب التقارير الأمنية التي وردت اليها, والتي ربطت إختفاء الإمام بالحشود الإسرائيلية على الحدود اللبنانية , وفي مرتفعات الجولان, والقضيتان – على ما ورد في تلك التقارير – تبدوان متلازمتين , بحيث
أن القضية الثانية تأتي مكملة للأولى , ونعني بالأولى هنا إختفاء الإمام الصدر .
   فمن المعروف أن إسرائيل تعمل, منذ زمن, على إيجاد حل لأزمة الشرق الأوسط على حساب لبنان, كان تقتطع أجزاء من أرضه, أو أن يصار الى توطين ما يقرب من 300 ألف فلسطيني في منطقة ما بين النهرين . علماً بأنها طالبت بالغاء إتفاقية الهدنة وإستبدالها بإتفاقية سلام وإبقاء الجدار الطيب بين لبنان وإسرائيل مفتوحاً , وهي شروط رفضتها الحكومة كما هو معلوم من خلال إتصالات أجرتها الدبلوماسية اللبنانية مع الدول الخمس الكبرى, وكذلك من خلال المذكرة التي رفعها لبنان الى مجلس الأمن, وأورد فيها أن إتفاقية الهدنة هي وحدها التي تحدد العلاقة بينه وبين إسرائيل.. أما لماذا إرتباك الدولة وتخوفا من إختفاء الصدر؟ فمن المعروف أيضاً أن الجنوب اللبناني يضم أكثرية شيعية, وهذه الأكثرية تدين بولائها الروحي الى سماحته, بحيث أن الكل يلتفون حوله, ويستنيرون بآرائه, ويعملون بتوجيهاته, وهو الذي يشكل بالنسبة اليهم ثقلاً معنوياً وروحياً.
   وبإختفاء الإمام الصدر, فإن بلبلة كبيرة ستسود صفوف الشيعة- كما تصور منفذو الخطة- وبطبيعة الحال , ستنقسم الصفوف, وستظهر تيارات متباينة الآراء مما يسهل في إضعاف هذه القوة التي تشكل في العدد, حسب الإحصاءات , ما يقارب عن 900 ألف مواطن.
   ويذكر أن الامام الصدر كانت له مواقف بالنسبة لإبناء الشيعة الجنوبيين تتحدد بعدم السماح لهم بترك أراضيهم وبالطلب اليهم بالصمود على رغم شدة القصف الذي كانوا يتعرضون له من قبل إسرائيل , لأن الغرض من هذا القصف كان تفريغ المنطقة الحدودية , لغايات أمست معروفة .
   وإذا كان إختفاء الإمام الصدر هو الحلقة الأولى من المؤامرة فإن الحشود الإسرائيلية التي أعلن عنها على طول الحدود اللبنانية وعلى مرتفعات الجولان تبدو الحلقة الثانية من تلك المؤامرة . فإسرائيل – كما جاء في التقارير ستستغل الخلاف القائم داخل مجلس الأمن بشأن التجديد أو عدمه لقوات الطوارئ الدولية في وقت طالبت فيه بعض الدول المشتركة في هذه القوة عدم رغبتها في أن يكون جنودها من عداد تلك القوة- وإستغلال هذا الخلاف من قبل إسرائيل سيكون بقيامها بعدوان ضد الجيش السوري والفلسطيني للنضال من أجل إسترجاع حقوقهم المشروعة . وغرض إسرائيل من توجيه ضربتها تلك, وخصوصاً في أعقاب إتفاق كمب ديفيد, إنما لحمل الفلسطينيين على الرضوخ للحل الذي يبدو أنه الأسهل والأقل إضطرابات ومشاكل وهو توطين جزء كبير من الشعب الفلسطيني في الجنوب يصل عددهم الى حدود الـ300 ألف. وهذا الحل كما رجحته بعض الأوساط كان, على ما يبدو , مدرجاً على جدول اعمال مؤتمر كمب ديفيد, لكن لم يعرف طبعاً ما إذا كان قد تم الأخذ به, وإن كانت الأيام المقبلة قد توضح الصورة وتكشف الملابسات من خلال التحرك العسكري الإسرائيلي.
   إنطلاقاً من هذا التخوف الكبير, سارع الحاكم حالياً لتطويق الحالة المزرية التي يتخبط بها. فلا إجماع مجلس الأمن يشجع على التفاؤل بعد الخلافات التي نتجت حول التجديد لقوات الطوارئ أو عدم التجديد, كذلك القول بالنسبة لقضية التجديد للردع العربي الذي إنقسمت حوله الآراء بين مطالب بعدم التجديد ومحذر منه, وبين مؤيد له وبين قائل بضرورة التجديد ولكن على أساس خطة أمنية يتم الإتفاق عليها بين السلطات اللبنانية والسورية التي يشكل جنودها ضمن قوات الردع العدد الأكبر.
   والحكم إذ يسارع لتطويق هذه المستجدات التي طرأت على الساحة والتي جعلته في حالة إرتباك  قصوى, فما ذلك إلا بسبب سعي الرئيس سركيس لتطمين اللبنانيين في الذكرى الثانية لإستلامه الحكم بالخطوات التي سيقوم عليها لإنتشال البلاد من حالة الضياع والجو التي تعيش وسطها .
  إن إنعقاد القمة اللبنانية – السورية قبل 23 أيلول تظل بالنسبة للحكم خشبة الخلاص الأخيرة . فإما أن تكون هذه القمة بمثابة العصا السحرية التي تعيد كل شيء الى ما كان عليه, أو تكون بداية لأزمة من نوع جديد لا يمكننا من الآن تصور نتائجها وعواقبها , وأن كان أقلها التخوف من انعكاسات على الهدنة الحالية. 
 
إختفاء الإمام الصدر بين التساؤل والخبر
(المصدر:المستقبل  و التاريخ:23-9-1978 العدد 83 )
قبل سنوات عندما إختلف الإمام موسى الصدر مع الرئيس سليمان فرنجية ,هدد بالإعتصام في الجامع العمري الكبير في بيروت.
يومها, قال الناس : إذا نفذ الإمام تهديده فستقفل المدينة .
يوم الجمعة الماضي وبعد أكثر من عشرة أيام على إختفاء الإمام , أقفلت المدينة إحتجاجاً على غيابه.
وكلما غاب الإمام الصدر كلما زادت قضية إختفائه غموضاً.
فما عدا البيان الرسمي الصادر عن أمانة الخارجية في الجماهيرة يالعربية الليبية , والذي يؤكد على مغادرة الإمام ليبيا على متن طائرة ايطالية رقم 881 في 31 من الشهر الماضي. لم يصدر في العالم العربي سوى إصداء الإستنكار , والإستنكار الحاد لإختفاء الإمام.
السؤال المطروح الآن هو : هل كان إختفاء الإمام, جزءاً من مخطط تصفية العناصر الوطينة , والذي بدأ بإغتيال كمال جنبلاط؟
  أم أن لإختفاء الإمام علاقة بمخطط “تصفية القضية الفلسطينية ” التي تستهدف المنطقة , خاصة وأن الأطراف المعنية مباشرة بإختفاء الإمام (ليبيا, سوريا , والجزائر) هي الأطراف المتصدية والصامدة في وجه هذا التيار؟
  وأين تقف إيران من هذا الإختفاء , وبين الإمام والحكم الإيراني” ما صنع الحداد…؟
ولماذا جاء إختفاء الإمام مع إنعقاد قمة “كامب ديفيد” , خاصة وأن القمة الأميركية – المصرية – الإسرائيلية , كانت ستقرر , أو على الاقل ستتعرض لوضع جنوب لبنان مباشرة .
وللإمام وزن ورأي في كل ما يحدث في الجنوب إبتداء من التوطين الى الإستيطان.. والخ.
أم أن للإختفاء – أو الذين خططوا له-مصلحة مباشرة في شق الصف العربي , هذا الصف الذي هو بحاجة الى التضامن من أكثر من أي وقت مضى.
قيل. عندما إغتيل كمال جنبلاط , أنه قتل لأن زعامته كانت تتعدى الحدود اللبنانية الى الحدود العربية.
فهل كان هذا هو السبب في إختيار الإمام ليكون الهدف الجديد؟
وأين يقف الإنقاسم الطائفي في لبنان, من قضية الإختفاء؟
كل هذا لا يتعدى نطاق التساؤل والأسئلة ؟
ولكن يبقى الخبر . الخبر الحقيقي. وهو حتى الآن مفقود . ويظهر أنه سيبقى مفقوداً الى فترة طويلة من الزمن.

الامام الصدر:
الوطن العربي(العدد110 في23 الى 29 آذار1979)
حياة الإمام توزعت بين لبنان والعراق وإيران

ولد الإمام موسى الصدر في العام 1928 وهو يتحدر من عائلة لبنانية هاجرت من بلدة معركة بمنطقة صور في جنوب لبنان الى العراق حوالي العام 1850 . وقد أنهى دراسته الثانوية في إيران ثم انصرف الى متابعة دراسته الإسلامية في جامعة قم, وأخيراُ نهى دراسة الحقوق في جامعة طهران.
عاد الى لبنان سنة 1960 ليتزعم الطائفة الشعية في ما بعد كان والده يعد من الشخصيات الدينية الكبيرة , وكان عميداً لكلية قم الدينية , وهو كاتب وأديب وداعية لوحدة الاسلام والتقاء السنة والشيعية حول القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف. كذلك كان والده مؤرخاً وشاعراً , كتب في الصحف والمجلات العرقية والمصرية مثل “الهدى” و” الرسالة” و”المنار”.
عن سبب عودته الى لبنان يقول الامام الصدر : “عدت لأول مرة الى لبنان في نهاية العام 1959 . لكن بعد وفاة والدي ذهبت الى العراق لإكمال دراستي الدينية .
وصاقب أن الامام عبد الحسين شرف الدين. وهو نسيبي وكان أحد كبار علماء الشيعة اللبنانيين قد أوصى أصحابه وأقاربه, قبل وفاته, أن يعرضوا عليّ خلافته في بلدة صور.
هكذا تلقيت يومها , رسالة من أبناء صور يعرضون عليّ الأمر تنفيذاً للوصية , وعندها كنت في إيران أشرف على مجلة المدرسة الفكرية الإسلامية ” فعدت الى لبنان نهائياً في العام 1960.
وهناك معلومات تؤكد أن بزركان طلب يومها الى الإمام الصدر الذهاب الى لبنان.
يحدد الامام الصدر دوره الديني والسياسي في لبنان فيقول: ” لم أفكر يوماً إقامة دولة إسلامية لأن ذلك مستحيل التحقيق في لبنان لذلك صرفت جهدي وإهتمامي في القضايا اللبنانية العامة : نتيجة الفراغ الذي أحدثه إهمال الدولة اللبنانية في هذا الميدان”.
ويضيف: ” إن تخفيف آلام الإنسان وتحسين أوضاعه الحياتية وتحريره من مستعبديه, هذا هو الدور السياسي والديني الذي أقوم به في لبنان”.
عن علاقته بالمعارضة الإيرانية : قبل الثورة قال : كان الدكتور مصدق على رأس الجبهة الوطنية التي كانت تضم شخصيات سياسية وتيارات حزبية , من ضمنها ” جبهة المقاومة الوطنية ” وهي حركة تقدمية إسلامية تأسست في العام 1953 ومن أبرز أعضائها بزركان, طالقاني, سنجابي وصحابي, وكنت عضوا فيها.
وبعد الانقلاب على مصدق تأسست في العام 1960 حركة التحرر الإيرانية. وكان من أبرز أعضائها : في أوروبا علي شريعتي, في أميركا يازدي وقطب زاده مصطفى شمران. وفي إيران مهدي يزركان وطالقاني وصحابي.
ويضيف : “بعد انتقالي الى لبنان استمر أقاربي واصدقائي في إيران بمؤازرة هذه الحركة التي إعتبرها التيار الثوري الحليف لحركة ” أمل” لكن ما عدا هذا ليست لي علاقات سياسية مع الاحزاب الإيرانية الأخرى”.
في لبنان أسس الإمام الصدر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي كان يرئسه , ثم أسس حركة المحرومين وجناحها العسكري منظمة أمل “أفوج المقاومة اللبنانية” .
برز الامام الصدر في الستينات من خلال محاضراته المتعددة في الندوة اللبنانية وكليات الجامعات. خصوصاً بعدما أكد تقرير بعثة أرفد أن الطائفة الشيعية هي فعلا الطائفة المحرومة , سياسياً  وزراعياً وانمائياً . وقد عمل الامام الصدر على تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي الاعلى في هذه الاجواء وقد تم له الإعتراف رسميا به في العام 1967 . وفي 17 أيار (مايو) 1969 انتخبت اللجنة النتفيذية للمجلس , كما انتخب الامام الصدر رئيساً له.
وسرعان ما استقطب المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ولاء أبناء الطائفة الشيعية في الجنوب والبقاع وحزام الفقر حول بيروت وجبيل وطرابلس وعكار.
ثم بدأ تحرك بعض الزعماء التقليديين (صبري حماده وكامل الأسعد) بالاضافة الى بعض رجلا الدين التقليديين ضد الامام الصدر , الامر الذي حمله على الاستقالة من رئاسة المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى. يومها رفض المجلس الاستقالة بأكثرية ساحقة . وقرر تثبيت رئاسة الامام الصدر له حتى عمر 65 سنة .
وقد حدد الامام الصدر موقفه من الإقطاعية في إحدى خطبه عندما قال: “سنقاتل الإقطاعية لأنها هي المسؤولة عن تخلف هذا البلد. انها امتداد للوجود الإستعماري الغربي , ومن أجل ذلك سنكثف اللقاءات مع العمال والطلبة وأصحاب المهن الحرة والمثقفين ورجال الدين والعائلات والمؤسسات الثقافية والاجتماعية والبلديات والمناطق المحرومة”.
بالنسبة الى تأسيس حركة المحرومين وأهدافها قال الصدر:”لنثبت للبنانيين وللأمة العربية أن تحركنا ليس طائفيا على الاطلاق . وكان لا بد لنا أن ننتقل في عملنا السياسي والاجتماعي من نطاق حركة جميع المحرومين التي من أولى أهدافها:
1- وضع الدولة أمام مسؤولياتها في حقل الدفاع الوطني.
2- تأمين الجنسية اللبنانية , وبالتالي الحقوق المدنية لأبناء المناطق المعزولة.
3- الإسراع في تنفيذ المشاريع الإنمائية في المناطق المحرومة .
4- تحسين أوضاع المزارعين , وبالأخص أوضاع مزارعي التبغ.
5- تحسين أوضاع ضواحي بيروت وتنميتها وهي تشكل حالياً حزام بؤس العاصمة.
في 30 آذار (مارس) 1975 حددت حركة المحرومين وجهها السياسي الى جانب وجهها الإجتماعي , عندما نشرت وثيقة جاء فيها:
– تناهض الحركة كل أسباب الإحتكار والطائفية السياسية , وتطالب بالعدالة الإجتماعية .
– تتمسك الحركة بالأصالة العربية والمشرقية للشعب اللبناني.
– حركة المحرومين هي حركة وطنية تعمل على الحفاظ على السيادة الوطنية وتناضل ضد الإستعمار ومن أجل تحرير مجمل الأراضي العربية , وفي صميم التزاماتهاالعربية والوطنية قضية الجنوب.
– فلسطين تكمن في قلب وروح الحركة والحركة تعلن عن دعمها الكامل للشعب الفلسطيني وللمقاومة الفلسطينية .
– الحركة ليست طائفية ولا تميز بين المواطنين ولا ترفض التعاون مع أية فئة شريفة من أجل لبنان أفضل . إنها حركة جميع المحرومين.
بعدما إكتمل بناء الحركة الإجتماعي والسياسي , حتمت التطورات في لبنان والمنطقة أن ينشأ جناح عسكري , فكان تأسيس منظمة “أمل ” أفوج المقاومة اللبنانية , وذلك في نهاية العام 1974.
مهمة هذه المنظمة تدعيم وتطوير وتقوية حركة المقاومة الشعبية لسد الفراغ الناجم عن إفلاس النظام الإقطاعي . الطائفي – والدفاع عن سيادة لبنان وصد الإعتداءات الصهيونية المستمرة على جنوب لبنان. وهي تنادي بالمجابهة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والعسكرية . وقد حددت إستراتيجيتها في ثلاث نقاط هي :
1- التصدي للعدو الصهيوني والدفاع عن كل شبر من لبنان
2- دعم المقاومة الفلسطينية والدفاع عنها والتصدي للمؤامرات التي تهدف الى تحجيم الثورة الفلسطينية .
3- النضال ضد مؤامرة تقسيم لبنان , والدفاع عن سيادته ووحدته وعروبته.

 لماذا … هو؟(مجلة الحوادث الجمعة 22 ايلول 1978 العدد 1142 )
“الله يعزك” .
عبارة تعود المرء أن يسمعها من الامام موسى الصدر بلكنته الإيرانية كلّما التقى به في مناسبة , أو ذهب اليه في الطابق العلوي من مبنى المجلس الأعلى للطائفة  الشيعية أو جاءه صوته على التلفون .
وكما كانت العبارة لفظة مميزة للامام الذي اختاره شيعة لبنان زعيماً روحياً لهم, وتحلقوا حول شخصيته القوية ذات البعد المحلي والعربي والدولي كذلك جمع هذا الزعيم الديني الفارع الطول, الهادئ التقاطيع, الدقيق جدا في اختيار الكلمات, بين ميزات كثيرة قل أن توجد عند سواه. أولها أنه يوحي اليك بالثقة فتعطيه كل ما عندك, وتستأنس بنصيحته, وتطرب لرأيه , وترتاح الى صداقته, وتأبى أن تتحلل منها مهما قست عليك الظروف. وثانيها أنه رجل فقه لا يجارى, ومحدث من أفضل طراز, وواحد من أهم حفظة القرآن , ومن أوسع رجال الدين معرفة بثقافة الغرب, ومن أهم المشجعين على الدراسة والاجتهاد. وثالثها أنه صاحب حس إنمائي تجلى في تشجيعه صناعة السجاد العجمي في مركز مدينة صور , وتبشيره بالتعليم المهني للرجال والنساء . ورابع هذه الميزات حبه للمواقفية. أي أنه من أصحاب المواقف, حتى لو كانت أحياناً في مستوى الصدمة الكهربائية وذلك انطلاقاً من قناعته بأن الامامة هي خالقة تيار, لا أسيرة لتيار.
ولم يختلف الناس في الحديث عن رجل كما اختلفوا في الحديث عن الامام . فكل فريق ينظر اليه بمعيار ويتعامل معه بحسبان. ولكن الثابت على مر الايام ومنذ لمع نجم الرجل في أواخر الستينات, وانتشر كالضوء في الجنوب والبقاع وبيروت , انه ظاهرة في حياة لبنان, وأن شخصيته تحتاج الى مؤرخ موضوعي واسع المعرفة أكثر مما تحتاج الى تعليقات من اقلام عادية , أو من متحدثين غير محددين , أو من سياسيين أصحاب هوى وغرض, والغرض مرض.
من هنا فان انقطاع الاتصال بالامام موسى الصدر هو حدث تاريخي مثل ظهوره في لبنان سواء بسواء.

أول ما يشغل الباحث هو: لماذا يكون الامام الصدر هو الهدف ؟
والجواب هو انه كسائر الذين كبرت احجامهم على حجم الاحداث نفسها, مستهدف والهدف الثابت حتى الآن هو انه في موقع او في موقف لا يستطيع من خلاله ان يتصل بأحد او بخبر أحدا اين هو او يقول ماذا سيجري غداً.
المطلوب إذن ان يغيب ولو مؤقتا. ولكن عن ماذا ؟ لقد خاض الامام – رده الله سالما – حروبا كثيرة على عدة جبهات. وحتى تكون هناك حرب فيجب ان يكون هناك عدو. اما ان تغلبه واما ان يغلبك . والأعداء لمواقف الامام كثيرون. في المحيط اللبناني .وفي المحيط العربي الأسيوي . وفي المحيط الدولي.
   ولعل الد أعداء الامام هم أولئك الذي لا يستمرئون أصحاب النبؤات المستقبلية. أو بعبارة أخرى اولئك الذين عرفوا بأنهم رادار يكشف المؤمرات التي تدبر في ليل , ويفضحون بعض ما تطبخه لعبة الامم . ويزامله في هذه الصفة سياسيون لبنانيون بارزون , مثل الرئيس صائب سلام , والعميد ريمون إده , ومن قبل المرحوم كمال جنبلاط , حتى يكادون يؤلفون معا حزب كشف الغيب, وقراءة المستقبل في سياسة المنطقة .
  الصدر و المال:
 ففي يوم الرابع والعشرين من شباط (فبراير) عام 1974 جاء الامام الصدر الى حسينية بلدة “جبشيت” في النبطية لمناسبة مرور اسبوع على وفاة حسن جواد بهجة , وكان المهرجان حاشدا, فوقف خطيبا وقال في نهايتة : لقد عرضوا علي أن أكون رئيسا لمجلس الجنوب , وابلغوني انهم وضعوا في تصرفي ثلاثين مليون ليرة , فقلت لهم : هذا خطأ كبير لأنني لست اختصاصيا لا في الادارة ولا في المال, وان مهمتي هي اجتماعية تربوية دينية وليست إدارية . إن كل من يتحمل مسؤولية ليس مؤهلاً لها يفشل ويفشل البلد . هذا ليس مرادنا. نحن نريد خدمة البلد وليس تفشيله.. الى أن قال: ان البلد مقبل على الدمار ونحن سنمنع تدميره..
كان هذا قبل بداية الحرب اللبنانية بسنة وشهرين. وفي سياق حملته على المال الاتي لشراء الضمائر والمواقف, ذهب الى كنيسة الكبوشيين في باب ادريس يوم 19 شباط (فبراير) 1975 ليفتتح كزعيم روحي مسلم محاضرات الصوم الكبير- وكان ذلك حدثاً في تاريخ لبنان الحديث فقال: ” أن المال هذا الصنم الكبير الذي يعتبره السيد المسيح مانعا لدخول ملكوت السماء , هو فتنة .
   فهو عندما يوضع في موضعه نعمة ورحمة ولكنه عندما يصبح الهدف فيعبد من دون الله , ويصبح قدس الاقداس ويدور في فلكه, هذا المال بدأ ينمو على حساب الحاجات الأخرى للفرد وللجماعة فيصبح قوة ساحقة ومفرقة بسبب تأثيره العميق على حياة الناس معه فيصبح الكبير يبلع الصغير”.
   وفي الخطاب نفسه اشار الى العقدة التي تعانيها اسرائيل من لبنان فقال: وطننا لا يحفظ فقط لملاله وانسانه, بل للإنسانية جمعاء . لبنان هو لإبراز الصورة التي تتحدى الصورة الأخرى , صورة إسرائيل. ونجد هنا انفسنا في فرصة العمر. فلنلتق على الانسان , على صعيد الانسان , كل انسان . انساننا في بيروت والجنوب, والهرمل وعكار وضواحي بيروت . وفي الكرنتينا وحي السلم..
الصدر و الشيوعية:
والشيوعية, كالاستعمار جبهة في حروب الإمام . ففي تصريح صحافي بتاريخ 2 كانون الأول (ديسمبر) 1976 , بعد فترة من الغياب السياسي, قال : ” لقد خرج الشيعة من المحنة منتصرين بإنتصار لبنان الواحد وبعدم نجاح منطق التصنيف بين الناس, ولا السعي لتحويل لبنان كله أو بعضه الى دولة شيوعية . كما انهم انتصروا بخيبة اسرائيل في رغبتها بدفن المقاومة الفلسطينية . ان معركة الشيعة كانت معركة حسينية, وكانوا شموعا لأمتهم ووطنهم”.
الصدر و اسرائيل:
ولكن اقذع هجوم على اسرائيل كان ذلك الذي شنه الامام بعبارات حضارية عبر مقال في ” النهار الدولي” (تاريخ 2 تموز 1977) حيث استهله قائلا: ” هل تطوعنا نحن اللبنانيين ومعنا الفلسطينيون , مدة سنتين لحرب شنتها الصهيونية على المدينة , في اقذر وأذكى حرب في التاريخ لتجعل العالم الذي اتهمها بالعنصرية على ابواب عهد جديد يسمى ” العهد الأسرائيلي” , ولد في لبنان ليزحف على العالم كله مرورا بالعالم العربي ثم بأفريقيا وأوروبا حتى يصل الى الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية؟ “
   فاليمين إذن لم يكن مرتاحا الى مواقف الامام موسى الصدر , خصوصاً وهو يرفع فيها شعار المحرومين ويتحدث عن الثغرات الهائلة في توزيع خيرات البلاد, ومناصب العباد. واليسار من جهته لم يكن راضيا عن مواقف الامام , خصوصاً  عندما يتحدث عن الخيط الشيوعي الذي يربط بعض اليساريين بحزب ” راكاح” الاسرائيلي.
 الصدر و شاه ايران: 
وجاءت حملته على شاه ايران من مهرجان في الكلية العاملية عام 1977 أحياء لذكرى الدكتور علي شريعتي , أحد اخصام الشاه , لتفتح له جبهة جديدة مع اليمين وربما مع بعض اليسار أيضا. لان الشاه يمارس في ايران لعبة  التوازن الدولي. فهو مع موسكو بخير, ومع واشنطن بخير, ولم يحاول أن يقطع خيطا مع أحداهما. كما أن نظرة موسكو الى ثورة رجال الدين في ايران, وهي ثورة اعتبرها الامام الصدر بنته السياسية, وبذل كل ما في طاقته لدعمها وتغذيتها من لبنان , وبعض الدول العربية لم تكن نظرة المؤيد, وما مساندة الشيوعيين للتظاهرات في ايران الا محاولة للحاق بقطار المعارضة ضد الشاه.
   ويذكر أكثر من صحافي في لبنان كيف كان الامام الصدر يطلبه شخصيا على التليفون في الأشهر الأخيرة ليعاتبه على عبارة غير عادلة قيلت بحق رجال الدين الايرانيين , ويرسم له صورة الغد المشرق الذي ستصل اليها هذه الثورة في ايران, عندما تتوصل الى انهاء عهد الشاه. كما يذكر اصدقاؤه من صحافيين, وسياسيين, كيف اشتدت حملته على جهاز ” السافاك” (المخابرات الإيرانية), وكيف ذهب منصور قدر سفير ايران في بيروت غير مرة الى وزير الخارجية فؤاد بطرس ليحتج ويضع العلاقات الايرانية اللبنانية في الميزان..
   إن الامام  هو واحد من ثلاثة أعمدة تقوم عليها الثورة الإيرانية . أما الاثنان الأخران فهما الإمام روح الله الخميني المقيم في النجف, والإمام شريعتمداري المقيم في “قم”, المدينة التي تربى الامام الصدر في مدراسها وجامعتها, وإن كان في الأساس من بلدة ” معركة” في الجنوب .
ومن هنا أهمية الامر , بالنسبة للعاصمتين : موسكو وواشنطن.

المصدر: الاسبوع العربي: 26/11/79

الاعتصام الشيعي: الورقة الاخيرة في قصة الامام؟
مصحح

   يوم الاثنين الماضي (12 تشرين الثاني) بينما كان العالم يضج بالأخبار والنداءات المطالبة بالافراج عن الرهائن الاميركيين المحتجزين في طهران, ووزراء خارجية العرب يحضرون لمؤتمر القمة “الجنوبي” في تونس, توجهت السيدة ام صدر الدين زوجة الامام موسى الصدر وشقيقته السيدة رباب, الى مقر المجلس الشيعي الاعلى في الحازمية, حيث المنزل المهجور منذ غياب سيده. هناك بدأتا اعتكافاً..لم يعلن
   اما اسباب التكتم فكثيرة. منها ان فكرة الاعتكاف جاءت عفوية تنبع من الم الزوجة والاخت, وترفض الصمت والتقصير واللامبالاة التي يتبعها كثيرون نسبة الى قضية اخفاء الامام. ويندرج في هذا الصمت الاعلان ليل الثلاثاء عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين ايران وليبيا, وعن تأليف لجنة للتحقيق في قضية الصدر.
   وقد تدارك اعضاء المجلس الشيعي, وحركة “امل” وعائلة الامام خطر استغلال البعض هذه المصادفة. وبعد اتصالات هاتفية مع طهران, (الاتصالات الهاتفية بين بيروت وايران لم تكن مقطوعة كما نشر في احدها حتى الخامسة صباحاً, قيمت خلاله التحركات والمواقف الشيعية وغيرها, وضع المجتمعون خطة الاعتكاف, وتقرر بموجبها اعلانه في اول ايام محرم (ليأخذ طابعاً كربلائياً) خصوصاً وانه يتوافق مع موعد انعقاد القمة العربية في تونس, على ان يستمر حتى العاشر منه (نهاية ذكرى عاشوراء).
   لكن بعض المصادر تؤكد ان الاعتكاف سيبقى مفتوحاً حتى يحقق اهدافه التصعيدية لا الاعلامية؟! وقد اتفق على اعلان الاعتكاف باسم عائلة الامام الصدر, يؤيدها المجلس الشيعي الاعلى وحركة “امل”. واختير مقر المجلس المؤقت في مدينة الزهراء – خلده – مكاناً له تسهيلاً لوصول الوفود الشعبية, وتحركات واتصالات اعضاء المجلس والحركة.
   ماذا يعني هذا الاعتكاف في هذا الوقت بالذات؟ المعتكفون يربطون مصير منازلهم والجنوب بمصير الامام, ويتطلعون صوب ايران بأمل, وقد صدمهم قرار اعادة العلاقات الدبلوماسية الليبية – الايرانية خصوصاً وان اتهامهم لليبيا صريح.
   والشيخ محمد مهدي شمس الدين نائب رئيس المجلس الشيعي الاعلى, كان واضحاً في حديث له اول ايام الاعتكاف. قال: “…حتى ان الاتصالات على اعلى المستويات في العالمين العربي والاسلامي, وخصوصاً مع ايران لم تثمر.. ولا يجوز لايران ان تسبب غصة من اجل سماحة الامام الصدر. لا يزال املنا في ايران وفي قيادتها العليا كبيراً. لكن الوقت طال والحسم لا يتطلب هذا الانتظار والصبر في لبنان”.
   اما المقربون من الاوساط الشيعية فيقولون ان الاعتكاف وما سيصدر عنه من انعكاسات, هو ورقة الضغط الاخيرة. فقد مضى على اختفاء الامام اكثر من خمسة عشر شهراً, والقضية عرضت على قمتين عربيتين (قمة دمشق وقمة بغداد) وكل التحركات لم تسفر عن اعلان الحقيقة.
   وكما في بيروت, كذلك في ايران.
   فقد توجهت عائلة الامام الصدر في ايران الى قم, ومن المفترض ان تكون قد بدأت اعتكافها في باحة منزل آية الله الخميني او في مقام المعصومة. وقد علم ان وفداً شيعياً سيتوجه قبل نهاية ذكرى عاشوراء الى طهران, حاملاً الى آية الله الخميني برقيات وعريضة موقعة من قبل مليون لبناني, تطالبه بتحرك سريع وفعال بالنسبة الى قضية الصدر.
   وعائلة الامام بعثت الى الرئيس سركيس والى الموتمرين في تونس برقية ختمت بالعبارة الآتية: “نعلمكم اننا سنسير في خط التصعيد المناسب مع حجم الجريمة”.
    فهل تكون اشكال التصعيد مفاجئة؟

الخميني في طريق مبادرة
من اجل الأمام الصدر!
(مصحح)

 على الرغم من انفجار الأحداث مجدداً في ايران, فقد ذكر نائب بعلبك السيد حسين الحسيني ان آية الله الخميني الذي زاره مع وفد المجلس الشيعي الاسلامي الاعلى في منطقة “او زيفلين” الباريسية, قد اعطاهم فسحة طويلة من الوقت للاهتمام بمصير الامام موسى الصدر ورفيقه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين, وقال ان قضية الأمام قضية اسلامية عامة وليست محصورة في لبنان وحده!
    ويرى المراقبون ان آية الله الخميني في سبيل مبادرة قد يعلنها عما قريب, ويكون من شأنها حسم قضية الامام موسى الصدر, لأنها قضية الامام موسى الصدر, لأنها قضية اسلامية مصيرية لم تعد تحتمل الانتظار, ولا المزيد من الوعود, والوساطات بعدما انتهت الى طريق مسدود, خصوصاً وان الخميني لم يأخذ بالبيان الليبي الذي ذكر ان الامام ورفقيه غادرا الاراضي الليبية. ولا يزال صدري الصدر نجل الامام الصدر موجوداً في بيروت, بعدما حل ضيفاً على النائب الحسيني, ولكنه يمتنع عن مقابلة الصحافيين, وكل ما قاله للمسؤولين في بيروت أنه لم يزال واثقاً من ان والده بخير, وعلى قيد الحياة, ولكن يجب ان يكون هناك اطمئنان الى مصيره ومصير رفيقيه.

شقيقة الامام:
السيد حي وعودة الخميني بداية عودته

(الاسبوع العربي في 12-2-1979  نورا فاخوري) مصحح

   في صوتها هدوء وقلق .. وايمان. وفي عينيها الواسعتين رجاء على كابة. هي تريد ان تقول كل شيء. لكنها تخشى ان يكون الكلام خطراً على حياة السيد. فتوتر الصمت على البوح. والتلميح على التصريح.
   انها رباب الصدر شرف الدين شقيقة الامام موسى الصدر. امرأة كانت الى الامام عينا ترعى وقلباً يحب وعقلا يدير. التقيناها في مدينة الزهراء يوم عاد  اية الله الخميني الى طهران. لتقول ان الامام الغائب منذ خمسة اشهر. حي يرزق.. وسيعود!
   ارفض ان يقال كان. الامام ما زال وهو الركن الاساسي للثورة الايرانية وعودة اية الله الخميني الى ايران ستعجل في عودة السيد الى لبنان.
   رباب الاخت التي تربت على ركبتي الامام والتي ارادها مثالاً للمرأة الشيعية احتلت الالغاز مكان الدموع في عينيها.
   وحدها قادرة على ان تقف وقفة زينب بعد ان فقدت الحسين.. وحدها مستعدة للتضحية حتى التسامح او… الانتقام.

على السيدة رباب طرحنا اسئلة عدة, فرفضت الاجابة عن بعضها حفاظاً على سلامة الغائبين, وردت على البعض الاخر,
• سؤالنا الاول كان: ماذا يمثل الامام الصدر في حياتك وماذا تمثلين بالنسبة الى الامام الصدر؟
o لا شك في ان “السيد” لم يكن اخاً فقط. اعتبره أخاً, اباً, صديقاً معلماً (تتنهد بعمق…) واقول قائداً. هو اكبر من الكلمات التي استطيع ان اعبر بها. هذا ما يمثله “السيد” بالنسبة إلي. اما ما امثله انا فلست استطيع ان اعبر عن عواطفه الخاصة نحوي من الناحية الشخصية والامام لم يركز علي لأكون وسيلة لدعايته او سياسته. لم يعتمد علي من اجل ادوار في مجالات معينة. كان يثق بي ويحملني المسؤولية بأخلاص في ميدان الاعمال الاجتماعية.
• هل كنت متميزة عن بقية الاخوة والاخوات؟
o ربما, ربما… بتواضع الامر كذلك. والسبب هو انني وجدت في لبنان وهم في ايران, وكان هو يقول دائماً: “لقد ربيت رباب على ركبتي”.
   وهو يعرف طبيعتي وطريقتي في التفكير, ولذلك حملني المسؤولية دونما غاية سياسية او اجتماعية او دعائية.
• الامام موسى الصدر قيمة روحية وفكرية وقيادية, هل كنت تشتركين في نشاطه السياسي وغير السياسي وكيف؟
o لا, لم اشترك في النشاط السياسي. طبعاً  في النشاطات الروحية الدينية التي كان الامام يركز عليها كان لي دور كبير اقوم به في اي وقت وفي اي زمان ومكان, لأنني اعتبر ان واجباتي الدينية تدفعني الى مساعدته.
• ما الذي يجعلك تشعرين بأن الامام ما يزال حياً؟
o الذي يجعلني اشعر بأن الامام ما يزال حياً هو اولا شعوري كأخت. فمنذ اللحظة الاولى التي سمعت فيها عن عملية الاختطاف, لم افكر ولو لثانية بوجود انسان يستطيع ايذاءه في حياته. لن يسمح مطلقاً لأي انسان بأن يمد يده اليه.
• وهل يملك الامام هذه القوة المانعة؟
o نعم, عنده هذه القوة مئة في المئة. وانا اربط هذه القوة التي يملكها وشعوري بإيماني بالله, لأن الامام يمشي على خط الله, ولأنه يكرس كل وجوده وكل وقته وكل ما يملك في سبيل الله. وكل الطرق الدينية والسياسية والاجتماعية والانسانية التي يخوضها في سبيل الله.
   هذا شعوري الخاص. اما بالنسبة الى المعلومات التي تصل من كل الدول, ولا استطيع تعدادها, فإنها تثبت ايضاً انه ورفيقيه احياء.
• يقال ان التطمينات كان مصدرها سورية و”ابو عمار” …
o لا اعرف, انا لا اذكر اي انسان ولا اذكر دولة. لأنني اخته.
• ما الذي يحملك على التحرك من اجل تأمين الافراج عن الامام؟
o اكثر من انه اخ!؟ هل ممكن ان يكون الدافع اكبر من دافع الاخوة؟ اخت تسعى في سبيل خلاص او نجاة او … لا اجد كلمة في العربية. واجباتي الانسانية هي التي تجعلني اسعى. مفروض علي ان اسعى في سبيله.
• ضد من بالتحديد تتحركين؟
o ضد من؟ ضد ولا انسان. ضد الناس الذين قاموا بهذا العمل. (تصمت).
• لكنهم موجودون ولهم اسماء؟
o لا, لا, انا شخصياً لا احدد ولا اسمي احداً.
• ألم يذهب الامام الى ليبيا؟
o الآن ذكرت انت اسم البلد. عندنا اثباتات واضحة كالشمس عن ان الامام دخل ليبيا, لكننا لا نملك اثباتات بهذا الوضوح عن انه خرج من ليبيا. هذا ما استطيع قوله.
• وهل انت متأكدة مئة في المئة من ان الامام في ليبيا؟
o نعم!
• هل تعتقدين ان الامام دفع ثمن مواقفه الوطنية, ام ان هناك اجهزة استخبارات خفية تنتمي الى دول عربية او غير عربية هي التي تقف وراء اخفائه لمصالح معينة واستراتيجيات معينة؟
o استطيع الاجابة عن هذا السؤال بشكل عام. لا اقدر ان اركز على كل نقطة. سبب الاخفاء يخفي اشياء عديدة. اشياء عديدة منها الصراحة والوضوح في اعماله, عديدة منها الصراحة والوضوح في اعماله, التي يمارسها دون خوف مناي شيء او اي خطر تشكله على حياته الخاصة والعامة. استطيع القول ان الاخفاء ما هو إلا ضرر عام على الساحة اللبنانية والعربية والاسلامية.
• كيف نستطيع تحديد الضرر, هل هو في الجنوب, أم في ايران مثلاً؟
o تفكر قليلاً وتقول: طبعاً الجنوب له دور كبير, وايران كذلك. والعالم الاسلامي كله.
• ما هي الطاقة الاسلامية التي يحركها الامام؟
o طبعاً لا استطيع التحديد, لكنني اعرف ان الاسلوب الذي يتبعه في عمله كرجل دين اسلامي يؤكد على ان المسلمين في العالم كله وحدة, ومفروض عليهم عندما يعملون في اي بلد اواي منطقة ان يقوموا بخدمة الاسلام على اساس خدمة الاسلام الامة الواحدة.
• هل ان لبعض الحكومات العربية علاقة مباشرة بعملية اخفاء الامام ام ان هناك من ينفذ رغبات دول اخرى؟
o لا استطيع تحديد من كلف من ومن نفذ العملية. لكن الذي قام بهذا العمل بالذات يريد الضرر بالساحة اللبنانية والعربية والاسلامية.
• هل يكون اخفاء الامام, كما تردد, تمهيداً لتفريق الشيعة بقصد اضعاف الجنوب ثم تمكين الفلسطينيين من السيطرة عليه؟
o لا اعتقد – لا جواب.
   تصمت قليلاً وتهمس: لكنهم لن ينجحوا .. لن ينجحوا.
    ثم يرتفع الصوت بهدوء: الشيعة واعون, وحتى لو كان الأمام غائباً, فإنهم يمشون في خطه, وكل الذين يعرفون الامام عن حق يتبعون هذا الخط, سواء كان حاضراً أم غائباً. لذلك فإنهم لن ينجحوا في تفريق الشيعة أو التفريق بين الشيعة والطوائف الاخرى.. ولن يسمحوا… (تنقطع عن الحديث وترفض المتابعة وكأنها تذكرت شيئاً)
• هل تعتقدين ان اخفاء الامام الصدر يدخل ضمن خطة شاملة على صعيد المنطقة, واية علاقة بين احداث ايران واخفاء الامام؟
o لكنني اقول ان اخفاء الامام يخدم  التأخير في نصرة القضية الايرانية. غيابه في الوقت الحاضر مهم لو كان الامام موجوداً لكان الخميني في ايران منذ وقت طويل. “السيد” غائب منذ خمسة اشهر, وانا واثقة مئة في المئة من أنه لو كان حاضراً لما طالت مدة عودة الخميني أبداً.
• كيف كان الامام يريد المرأة الشيعية في لبنان وخارج لبنان وكيف تتصورين دور المرأة الشيعية بعد اخفاء الامام؟
o الامام يعتبر المرأة ركناً من اركان المجتمع, عليها واجبات ومسؤوليات. (تنتفض) أنا لا اقول كان, اقول ما زال. لا استطيع ان اقول كان, الأمام ما زال يعمل, هو مستمر. كل الذين يتحدثون الي يقولون “كان” وانا ارفض, واؤكد انه ما زال. لا اقبل هذه الكلمة.
   وتعود الى المرأة: الخط الذي يلتزم به الامام يفترض بالمرأة ان تتحسس واجباتها, وأن تأخذ مثلاً عن السيدة فاطمة الزهراء التي كان لها دور كبير في الدعوة الاسلامية الى جانب ابيها وزوجها. كذلك اخت الحسين ابنة الامام علي (عليه الصلاة والسلام) السيدة زينب, التي وقفت بحجابها ولباسها العربي تخطب بين الرجال والنساء يوم كان يزيد يحتفل بالنصر لمقتل الحسين, وتفهمهم ان اخاها ظلم, وان خطه كان الخط الصحيح. السيدة زينب هي التي استطاعت في تلك الساعة ان تفتح عيون الناس على قيمة الحسين.
• هل تقفين الموقف الذي وقفته اخت الحسين…
o تقول بحزم: اذا لزم الامر – لا سمح الله – اقف هذا الموقف دون تردد. ولن يلزم ان شاء الله. لكنني املك الاستعداد الكامل لأن اقف وقفة زينب.
• كيف تتصورين دور المرأة الشيعية بعد اخفاء الأمام؟ 
o دور المرأة الشيعية تزايد كثيراً. التقي يومياً سيدات شيعيات يقدمن انفسهن ويعرضن خدماتهن لإكمال الطريق الذي رسمه الامام.
• هل في نيتكن الأعداد لتحرك ما, اعلامي او سياسي او جماهيري بقصد الضغط للأفراج عن الامام؟
o طبعاً. (صمت)
• ما هو؟
o لا استطيع القول تتابع: لن نسكت, اكيد اننا لن نسكت!
• هل تعتبرين ان دور المرأة الشيعية في ايران كان اساسياً في المرحلة الأخيرة؟
o في ايران عدة مجتمعات. ربما تعرفون المرأة الايرانية السافرة التي تخالط المجتمع وترقص وتلبس وتظهر. لكن هناك سيدات محجبات ومحافظات لم تسمح لهن الظروف بالإتصال بالرجال والاختلاط, وجدن ان من واجبهن هذه السنة, سنة الثورة, ان ينزلن الى الشارع لتشجيع الشباب على الخروج والاعتصام خارج المنازل. لقد نقلت لي اختي المقيمة في ايران, والتي شاركت في التظاهرات هذا المثل الحي: عند الساعة الثامنة تنقطع الكهرباء, ويمنع التجول بعد السادسة مساء. في هذه الاثناء يصل الشبان الى المنازل رغبة في الراحة. ولكي تحث السيدات الشبان على الخروج مجدداً, ورفض الامر الواقع, هن يصعدن مع اولادهن الى سطوح الابنية ويبدأن بالآذان (الله اكبر), ويقرأن القرآن ويكبرن طالبات من الشبان الخروج من البيوت والتظاهر في الشوارع.
من هذا المثل تستطيعين اخذ فكرة عن دور المرأة في احداث ايران. ثم ان هناك التظاهرة الضخمة التي ذهب ضحيتها 12 الف قتيل في يوم واحد(!!) ويبرز فيها دور النساء اللواتي أحطن بالرجال من كل جانب, وشكلن حولهم حزام وقاية. وعندما وصل المتظاهرون الى ميدان جاليه (ميدان الشهداء) أنذرهم الجيش بالتفرق فرفضوا, وبقيت النساء متمسكات بموقفهن جامدات اكثر من الشباب, لأن الشباب كانوا خائفين على اخواتهم وامهاتهم. جلسن وواصلن الصراخ الى ان فتحت النار! وتروي شاهدة انها رأت السيدات يتساقطن صفاً بعد صف, كما تتساقط اوراق الشجر في الخريف. واني على ثقة من ان هذه الاخبار ليس مبالغاً فيها. وقد شاهدت شقيقتي الجندي الذي اطلق النار على نفسه وعلى ضابطه الذي امره بإطلاق النار على السيدات … للمرأة دور كبير واساسي في احداث ايران.
• اين كنت تختلفين مع الامام الصدر واين كنت تتفقين معه؟
o في الامور العامة لا اختلاف. ولكن كان عندي دائماً رجاء, ان ينتبه الى صحته والى وضعه, وان لا يعطي ثماني عشرة ساعة جهداً في اليوم.
• ماذا عن الخط السياسي والاجتماعي والديني؟
o هو خط واحد, اليس هو معلمي؟
• ذكر ان عائلة الامام جاءت الى دمشق والبعض يقول انها ما تزال في دمشق ماهي الحقيقة حول تنقلات عائلة الامام بعد اخفائه؟
o عائلة الامام اتت الى دمشق لأول مرة بعد عشرين يوماً من اخفاء الامام, وقد اتيت معها, وقابلنا الرئيس حافظ الاسد. مرة ثانية زارت دمشق منذ شهر تقريباً , ثم عادت زوجته وابنه الى باريس.
• اذا كان الخميني هو الذي يحرك الجماهير الايرانية من اجل نظام افضل, فمن من النساء تحرك المرأة الايرانية للنزول الى الشارع؟

ايران بخلاف البلدان العربية, لا وجود فيها لأمرأة واحدة او اثنتين تحرك الجماهير النسائية. هناك الألوف. كل واحدة تمثل الألوف. وهذا يعود الى النظام والتدريب اللذين تلقينهما. كلهن في خط ديني واحد. كل واحدة تجسد آراء المئات, سواء وجدت في ايران او باريس او اميركا. كلهن يعتبرون انفسهن مسؤولات وكلهن يناضلن في سبيل القضية مع سيدي الخميني.
• تردد ان هناك نية لإنشاء فرق انتحارية تفدي عودة الامام. ما مدى استعداد الشيعة في لبنان لتوسل العنف من اجل انقاذ زعيمهم الديني؟
o الفرق الانتحارية موجودة منذ اللحظة الاولى لإختفاء الامام.
• هل كانت معدة قبل اختفائه؟
o لا طبعاً, لم يشكلها مسبقاً للقيام بعمليات انتحارية او انتقامية في حال تعرضه لأي ضرر. هذا بعيد عن خطه, فهو “كان” ضد العنف وكثيرون لاموه اثناء الحرب اللبنانية لعدم دعوته الشيعة الى حمل السلاح وخوض المعركة. (فترة صمت وتتابع).
   الشيعة لن يسكتوا, لن يسألوني. هم سينتقمون لأنفسهم, والدليل على ذلك قضية الطائرة.
• عملية الطائرة ألم تنته بشكل انتحاري؟
o انها بداية. بداية. شرعاً لا يجوز القتل, والقانون الاسلامي يحرم القتل. كانوا يريدون ان يسمعوا العالم انهم يستطيعون ان يحققوا ارادتهم عند اللزوم.
• في النهاية كيف سيكون الانتقام؟
o لكل عمل معمول, وكل جو يوجب عمل معين.
• في حال عودة الأمام هل سيكون الانتقام وارداً؟
o لسنا من اللؤماء!
• ولستم ضعفاء…
o طبعاً لسنا ضعفاء, ولسنا لؤماء. ان شاء الله يرجع بخير ويحدد هو بعد ذلك. لكنني اعتقد ان الامام متسامح. وانا لا يحق لي ان اجيب الآن لأنه سموح, ولا يحب ان يقتل اي انسان انتقاماً.على كل حال الله يسامحهم.
• ما الذي تبدل في الخريطة السياسية الشيعية بعد حادث الامام, هل ان “الأسعدين” ما يزالون مناؤئين “للصدرين”, ام ان هناك تقارباً او بداية تقارب؟
o لا اجيب عن هذا السؤال.اصلاً لا أقر هذا النوع من الممارسة ان نسمي صدرين واسعديين. نحن نكون بذلك جبهة وهم جبهة. ماذا يعني هذا التصنيف؟ كلنا شيعة وكلنا طائفة واحدة وكلنا في سبيل قضية واحدة, وكلنا نريد ان نصل الى هدف واحد.
• هل تعتقدين ان اختفاء الامام وحد الصف الشيعي ام فرقه؟
o طبعاً وحد الصف مئة في المئة. وحد الشيعة اكثر واكثر وجعلهم يتحسسون المسؤولية. كلهم في صف واحد وعندهم قضية واحدة هي قضية الامام.
• ما علاقة اختفاء الامام بحوادث ايران؟
o لا املك المعلومات التي تبرز الاشياء بوضوح. ولكن اقول خلاصة ان الامام هو الركن الاساسي للثورة الايرانية.
• هل تعتقدين ان لبنان برئيسه ومجلس وزرائه وشعبه قدم كل محاولة ممكنة لأسترجاع الامام؟
o اذا قصدت ان ما قدموه هو كل امكاناتهم وقدراتهم, فأنا اقول مع الاسف, مع الاسف الشديد, ان هذه الامكانات ضعيفة الى درجة كبيرة!
   انا عاتبة عتباً كبيراً كبيراً على المسؤولين في الدولة اللبنانية عليهم كلهم دون استثناء. لأن السيد موسى قدم للبنان ما لم يقدمه انسان, خصوصاً خلال الثماني عشرة سنة التي عاش خلالها في لبنان. قدم الكثير والمفروض ان يكون السعي والاهتمام اكبر بكثير من الاهتمام الذي حظيت به قضيته حتى الان. اريد ان اقول اكثر من العتب. لا املك كلمة تعني بالعربية اكثر من العتب.
• ما هو سبب عدم السعي في نظرك؟
o انا لا اخذ الاشياء بسوء نية, فاقول ان لهم ضلعاً وسكتوا عن القضية. اعرف ان الشيء الذي قدمه السيد موسى للبنان في فترة الحرب كثير, والمسؤولون يدركون هذا الامر, فالى متى الانتظار؟ لقد مضى على اختفاء الامام خمسة اشهر.
• هل تعتقدين ان لعودة اية الله الخميني الى ايران علاقة بعودة الامام موسى الصدر الى لبنان؟
o مئة في المئة (صمت).
• اذن ظهور الامام سيكون قريباً؟
o ان شاء الله. نتمنى ذلك, ان شاء الله.

زهرة بدر الدين:
مصيرهم واحد
   الى جانب شقيقة الامام جلست السيدة زهرة زوجة الزميل عباس بدر الدين, احد رفيقي الامام. كانت ترد على الاسئلة بصعوبة, والتعب على وجهها واضح. بصوت منخفض قالت: “لقد طال غياب الامام ورفيقيه. يجب ان نتحرك, لن نسكت”.
   سألناها: المعلومات التي تقول ان الامام ما يزال حياً هل تؤكد ان الاستاذ عباس بدر الدين ما يزال حياً؟
o بإذن الله مصيرهم مصير واحد.
• ما نوع العلاقة التي كانت تربط الامام بالسيد عباس بدر الدين؟
o العلاقة كانت علاقة إخلاص. عباس كان مخلصاً للإمام وسماحته كان يقدر له هذا الاخلاص والمعرفة معرفة قديمة.
• بعض الشائعات تقول ان عباس هو الذي سلم الامام فما هو تعليقك عليها؟
o طبعاً انها للسخرية! هذا الشيء لا يمكن ان يحصل, ولا استطيع تصديقه, ولا يصدقه اي شخص يعرف طبيعة العلاقة التي كانت تربط عباس بسماحة الامام.
• تحركك للإفراج عن زوجك اي جهات شمل؟
o تحركي لم يكن مستقلاً عن تحرك المجلس الشيعي الاعلى. انا دائماً على اتصال بالمجلس ومعلوماتي منه.
• هل تعتقدين ان اختفاء زوجك مع الامام له علاقة بقضية ما مستقلة, ام انه اختفى معه بسبب تواجدهما مع بعضهما البعض؟
    تريثت في الاجابة ثم قالت: اعتقد انه اختفى بحكم وجوده مع الامام.
• لو كانوا يريدون الامام فقط لاختطفوا الامام وحده…
o لا طبعاً بحكم وجوده مع الامام. الموجود معه سيبقى معه.
• بحكم وجوده معه وعلاقته به؟
o علاقته به؟ الذين خطفوهم يعتقدون ان الكل يمشي في قضية واحدة. وهذا سبب حجزهم جميعاً.
• هل كان للأستاذ عباس علاقة بالقضية الايرانية او بغيرها؟
o الحقيقة انني لا املك معلومات. عندما خطفوا كانت مفاجأة بالنسبة إلي. لو كان هناك تهيئة او تلميح, لما فوجئنا بهذا الشكل.
• فكرة الانتقام هل هي واردة عندك؟
o الانتقام نعم, في حال تأكدي من الخطر على حياتهم..انا اضحي بحياتي.
• عندما تفكرين بإختفاء الثلاثة, عودة من تتمنين اولاً؟
o عندما اتكلم, اقول دائماً سماحة الامام ورفيقيه.. بكل تأكيد وكل اخلاص وكل محبة, لأن سماحة الامام هو ركن الطائفة الشيعية.
• لماذا تتحركون الان؟
o في البدء كنا صامتين. مضى على الاختفاء خمسة اشهر ويجب ان نتحرك. اعتقدنا ان السكوت سيفيد. انتظرنا, انتظارنا لم يعط فائدة. يجب ان لا نصمت بعد الآن, يجب ان نتحرك.

المصدر 14/9/79 اجرت المقابلة: هدى مزهر  )مصحح(

أنا من أنصار حجب الرأس والكلام والعمل والفكر
والدتي لا تزال تجهل غياب الإمام الصدر

    السيدة رباب شرف الدين, اخت الامام موسى الصدر, دخلت العمل الاجتماعي منذ 15 سنة, وهي ما تزال تعمل الآن بصمت من اجل الكثير من الاهداف التي تهم المرأة.
    وقد قفزت الى الضوء. بعد عملية إختفاء الامام الصدر, حيث نظمت اكثر من تظاهرة. وقادت تحركات من شأنها ان تلقي الاضواء على ملابسات الاختفاء, وهذه القضية ما تزال شغلها الشاغل حيث تمضي معظم أوقاتها في الاتصالات والنشاطات لمعرفة آخر ما استجد على قضية شقيقها.
   هنا في هذا الحديث المقتضب تتحدث السيدة رباب عن عدة مسائل تهم من له علاقة بالامام.
 اين وصل التحرك الذي تقومون به من اجل معرفة مصير الامام الصدر؟ وما هو مخططكم في المستقبل؟
– مازالت اللجنة التي تألفت من اجل قضية الامام الصدر تواصل تحركها ضمن حدود الامكانات والقدرات المتوفرة لديها. وهي تضع كل طاقاتها وتبذل كل جهدها في سبيل هذه القضية ولقد بدأت اللجنة بمسيرة الى القصر الجمهوري لمقابلة الرئيس الياس سركيس. وهنا لا بد لي ان اشكر جميع من شارك في هذه المسيرة, وانني اقدر جهدهم وتضحيتهم. بحيث استطاعوا مقابلة الرئيس مطالبينه العمل والسعي لملاحقة هذه القضية.
      وقد ابدى الرئيس تجاوباً واهتماماً كبيراً ووعدهم خيراً اذ قال ليس كل عمل يحكى عنه فقضية الامام السيد موسى تهمني فهو صديقي. وإنني بحاجة اليه. خاصة في هذه الظروف وسأسعى باستمرار لنكشف هذه القضية.
  ونحن نعرف ان الرئيس يهتم بالقضية. الا اننا لم نقف عند هذا الحد. فبعد المسيرة قررت اللجنة ان تقوم بزيارة لجميع السفارات العربية والاجنبية. وذلك لإبلاغ الملوك والرؤساء رسالة عبر سفاراتها تعرض فيها قضية الامام الصدر ورفاقه.
 من خلال اتصالاتكم وتحركاتكم الا يوجد ثمة أمل في كشف هذه القضية؟
– لولا الامل لخاب العمل.
 هل لديكم معلومات جديدة؟
– اولا على الصعيد الدولي والدين يتصلون ويعملون من اجل قضية السيد موسى خاصة الرئيس حافظ الاسد, والاردن, والسعودية. يطمئنونا من حين لآخر.
   اما على صعيد الشعور الشخصي فإنني اعتقد بأن لا خوف على حياته. ولم افكر لحظة بشيء سيء مع ان عملية الاخفاء بحد ذاتها عملية كبيرة وانني اسميها من عجائب القرن العشرين.
   ان شعوري القلبي هذا ينشأ من ايماني بالله وهذا لا يدفعني الى التفكير بأشياء سيئة عن السيد موسى اما الذي يدعني افكر بالإطمئنان فذلك لأنني اعرف ان الامام الصدر مؤمن حقيقة ليس لأنه شقيقي بل لأنه كذلك في الواقع من الواجب الشرعي ان احكي عن السيد عن السيد موسى “مين هوي وشو هوي” انه الانسان المتمسك بجميع خطوط العمل الديني والاجتماعي والسياسي ومبدأه دائماً هو مبدأ الله فالشخص الذي يرى الله في جميع مراحل حياته ويزن اعماله وتصرفاته ويراعي رضى الله لا خوف عليه.
 هل تحددين اية جهة في عملية اخفاء الامام؟
– لا استطيع ان اقول واتهم اي انسان او أية جهة انما استطيع القول وكما قلت في السابق بأن السيد موسى سافر الى ليبيا وكل الدلائل تشير انه مازال هناك, ولا تشير انه تركها ولم تقدم ليبيا أية اثباتات بأنه تركها. وهل من المعقول بأن لا يعرفوا شيئاً عن ضيفهم الذي سافر بناءاً على دعوة رسمية منهم؟ أعود لأقول بأن الدول العربية او بالاحرى رؤساء وملوك الدول العربية يعرفون اكثر منا وعليهم ان يعملوا الشيء اللازم. وعدم اعطاء اي وعد ملموس او تاريخ محدد لنهاية القضية اعتبرها من قبيل السكوت.
لأن انسان مثل الامام الصدر يجب ان لا يسكت على قضيته. تصوري ان والدتي لم تعرف حتى الآن. فهي موجودة بإيران ثم فلو علمت ستنصدم حتماً.
 ما هو مخططكم في المستقبل؟
 – هناك زيارات سنقوم بها لرجال الدين من جميع الطوائف في لبنان وزيارة لإيران لمقابلة لجنة حقوق الانسان. كما وان هناك بعض الاتصالات الشخصية ساجريها وحتى الآن لا شيء واضحاً على الصعيد الرسمي انما دعايات واقاويل لا نصدقها. وفي كل يوم يقولون انه موجود في بلد ما.

والدة الامام الصدر للاسبوع العربي :كنت امه و كان ابي
الاسبوع العربي – الصحافية نورا فاخوري-

لا أريد أن أرى إبني يحكم في أيران… هو للمحرومين في جنوب لبنان… هو منهم , من جبل عامل”.
والدة الإمام موسى الصدر, لم يسمع أحد صرختها.. ولن يسمعها أحد. الدموع وحدها تحكي معاناتها.
وسط زقاق ضيق في مدينة “قم” منزل قديم . في باحته كان يلعب حول بركة حجرية أولاد الدار. واحد منهم إسمه “موسى” ,كان يحاول صغيراً إصطياد أسماك يصنعها أحياناً من الورق… وغالباً من الخيال .
الزهور هجرت الباحة, ومياه البركة حزينة يعكرها الشتاء. وهدوء المنزل القديم ثقيل. وحدها “جوهرة “, مربية الإمام العجوز تقف أمام باب البيت مشتاقة يجول نظرها حول البركة وكأنها تسأل: متى يعود؟
  في الداخل “البيبي صفية” وهكذا يسميها أولادها وأحفادها , – والكلمة تعني بالعربية الجدة الجليلة – تجلس على الأرض وجهها الأبيض المشرق ترسم معالمه تجاعيد متشحة بشادور أسود. الزرقة رحلت من عينيها, وأسكنت فيهما لون الحزن. والسبحة السوداء بين يديها , أنيسة درب طويلة . أما آلة التسجيل فالى يمينها تبث بإستمرار آيات من القرآن الكريم.
  عندما سمعت صوت إبنتها “بتول” وحفيدها الدكتور كاظم الصدر اللذين رافقاني الى ” قم” ولعبا دور الوسيط والمترجم سألت بلهفة هل تحملون أخباراً جديدة عن موسى؟
أجاباها بالنفي فعادت الى سبحتها تتمتم بهدوء”يا علي”.. يا علي وحديث والدة الامام عن إبنها مختلف. فهو بعيد عن السياسة , تحركه عاطفة أم تجاوزت الثمانين , تعيش منذ 17 شهراً مأساة كبيرة . أمام هذا المنطق كل الأسئلة تفقد معناها ودموع “البيبي” وحدها هي الأجوبة .
رشفت من كوب الشاي الإيراني, وبادرتني بالسؤال : ماذا أخبرك عن إبني؟ وأجابت:
عندما كنت حاملاً “بموسى” , حلمت أن قمراً منيراً يشع من جبهتي . ومرة ثانية رأيت في المنام , خاتماً من العقيق يزين أصبعي, وفجأة وقع من يدي. حاولت أن أبحث عنه, وبصعوبة أمسكت به وأعدته الى أصبعي . في الصباح عندما أستيقظت قرأت سورة يوسف على تفاحة , وأكلتها لتحمي جنيني الصغير . يارب منذ طفولته كنت أحمله وأرضعه وأشعر بالإطمئنان عند إحتضانه, مع أن العادة هي أن يشعر الطفل بالإطمئنان في حضن أمه.
  كنت أمه وكان أبي . أذكر أنه كان نشيطاً وذكياً وقد أشتهر بتحصيله الديني والعلمي . كان معلماً لأربعمئة طالب ولم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره رؤوف محب يراقب صحتي, يسألني الدواء ويتصل بي من لبنان ليطمئن الى أخباري ويطلب الرضى. عندما قرر أن يذهب الى النجف ومن ثم الى لبنان , بكيت طوال الليل. فكان يلازمني ويقول ستقبلين ذهابي وتعطيني للمحرومين في لبنان أجرك عند الله, لا تطلبيه مني.
تتوقف “اللبيبي” صامتة تتأمل صورة الأمام المعلقة على الجدار. ثم تستطرد لأنني وافقت على هجرته الى لبنان , فأنا لا أطلب خلاصه إلا من الله وحده. يا رب
مر على غياب الإمام موسى الصدر 17 شهراً. أنت الأم اليت حضنت وربت وأحبت ما هو شعورك؟ وهل يحمل صوتك نداء جديداً؟
  وكيف يكون شعور أم فقدت إبنها؟ أنا لا أعرف أين ينام وكيف يعيش؟ هو الرجل المتحرك دائماً هل يحصل على جريدة أو مجلة؟ هل يستمع الى الإذاعة؟ هل يستطيع أن يتكلم؟ هذا الصمت رهيب ومخيف! لكنني مطمئنة أسلم الأمانة لربي فهو يحفظه ويخلصه. وأنا لا أعتبر الإمام إبني أنا فحسب , هو أبن الأمة الإسلامية , وكل صوت يطلق هو صوتي أكان ذلك في طهران أو في شيراز أو أصفهان أو كيرمان. . فالعلماء والمراجع الدينية , بعثوا ببرقيات وممثلين الى كل مكان كونك فعل الإمام الخميني والحاكم في لبنان , وأنا أعتبر كل هذه الجهود صوتي .
لقد ربط البعض عودة الإمام الصدر الى لبنان بعودة الإمام الخميني الى إيران . وهذا لم يحصل , وفي إيران صمت أو بداية صمت ,فكيف تفسرين ذلك؟
صحيح يا إبنتي لقد رأينا الإمام الخميني عائداً الى وطنه, وإبني لم يفرج عنه ولكن إيران, لم تكن صامتة وكذلك العراق ولبنان. فالتظاهرات والمطالبة بعودة الإمام مستمرة حتى اليوم. وخلال الأحياء, يصلي الجميع في المساجد, صلاة الإمام الغائب. إيران لم تصمت, والإمام الخميني, يبذل كل ما في وسعه سياسياً وروحياً لأجل هذه القضية .
ما رأيك بالذين يتهمون الإمام بالعمالة؟
  كل أئمتنا كان لهم خصوم, وكانوا متهمين إبني إتهموه الإمام الخميني إتهموه , وهذا دليل على أن إبني يسير على خطى الأئمة , وأن له شخصية نافذة . أنا أعرف أن ولدي كان منصفاً في عمله, فكيف يمكن أن يلبسوه مثل هذه التهم؟ سؤالك مؤلم جداً.
هل تعتقدين أن كل المساعي الممكنة بذلت لإنقاذه؟
 مساع كثيرة لم تبذل بعد , وعلى كل حال, الأشخاص والزعماء ما هم الا وسائل , وليسوا أصحاب الحلول.
هل كانت الثورة الإيرانية إتخذت منحى آخر لو كان الأمام الصدر موجوداً؟
بطبيعة الحال. فإبني كان يمثل طاقات ضخمة وكبيرة في لبنان وإيران. كان قائد المحرومين في لبنان , وخلال العشرين سنة الماضية حاول وجاهد في سبيل خلاص المستضعفين, وكان يعمل لإنجاح الإنقلاب في إيران. كل الزعماء السياسيين الإيرانيين المبعدين كان يجمعهم في لبنان حتى آية الله بهشتي ومنتظري . فلبنان كان نواة لإنطلاق الثورة الإيرانية .
في الإنتخابات الرئاسية الأخيرة. أعلن البعض إسم الإمام الصدر كمرشح لرئاسة الجمهورية
 لا أبداً . لا أريد أن أرى إبني يحكم في إيران . فموسى الصدر لمحرومي لبنان, أرض الأجداد . هو منهم من جبل عامل.
بإحساس الأم , هل تعتقدين أن الإمام مازال على قيد الحياة؟
هو حي موجود . (تكفكف دمعها)
لماذا إخفوا الأمام في رأيك؟
لأنهم يريدون الجنوب وإذا أخفوا القائد إستطاعوا السيطرة على الشعب.لأنهم يريدون خلق فلسطين جديدة.
وعادت البيبي ترشف الشاي الممزوج بالدموع ,وتسبح الله والأنبياء بعصبية . وحاولت أبنتها وأحفادها إقناعها بأن تؤخذ لها صور لنشرها مع الحديث , فرفضت وأصرت , لأن الصور خرق للإسلام وتعاليمه . وبررت رفضها , وقالت أن جواز سفرها لا يحمل صورة شمسية . ثم إستطردت قائلة : صوروا غرفته وأشياءه وحيث كان يلعب فهو الغائب – الحاضر.

مليون شيعي لبناني لم ينسوا زعيمهم المختفي
أسرة الصدر لـ”الوطن العربي”: الخميني أمرنا بفض الإعتكاف، الحص بكى وسركيس متضامن معنا،
القذافي لا يستطيع غسل يديه من القضية
 (الوطن العربي:العدد 147)

  مأساة إختفاء الزعيم الروحي لمليون مسلم شيعي لبناني مازالت تتفاعل في الشوارع اللبناني بإنتظار أن تفرج ليبيا عن موسى الصدر أو تقدم تفسيراً منطقياً ومعقولاً لإختفائه.
بيروت – من مكتب “الوطن العربي”
  على مدى الأيام العشرة الممتدة من مطلع شهر محرم حتى العاشر منه , وهي ذكرى إستشهاد الإمام الحسين, ظلت قضية السيد موسى الصدر تتفاعل على مختلف الأصعدة الشعبية والرسمية وترمي بثقلها على كاهل الحكم وعلى مجمل الوضع اللبناني .
  وهذا التحرك الذي إتخذ شكل الإعتكاف والمسيرات والتظاهرات والمهرجانات وشارك فيه الألوف من أبناء الجنوب والبقاع والشمال وبيروت إحتجاجاً على عدم تقديم السلطات الليبية تفسيراً معقولاً لإختفائه خلال زيارته لليبيا في العام الماضي كان في الواقع إحدى وسائل الضغط التي يمارسها المجلس الإسلامي الشيعي وحركة “أمل” للإبقاء على قضية الصدر حية, كيلا يأكلها النسيان, وتضيع وسط إستمرار النفي الليبي وعدم الإهتمام الرسمي اللبناني والعربي وغض الطرف الإيراني . ثم وسط هموم ومشاكل لبنان والعرب الأخرى.
  وقد قادت الإعتكاف وأشرفت عليه حرم السيد الصدر وشقيقته السيدة رباب شرف الدين في مدينة الزهراء بمنطقة خلدة جنوبي بيروت, وشاركت فيه عشرات النساء وبينهن زوجتا رفيقي الصدر , وهما الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين.
  وقد أوفد الرئيس الياس سركيس قائد قوات الردع العربية العقيد سامي الخطيب الى مدينة الزهراء ليوضح للمعتكفات رأيه بالقضية والصورة التي حملها معه من مؤتمر تونس بشأنها بعدما أثارها في أكثر من لقاء مع أكثر من رئيس عربي. وبعده قام رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص بزيارة مماثلة وإجتمع الى الشيخ محمد مهدي شمس الدين نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى, كما التقى شقيقة الإمام الصدر السيدة رباب شرف الدين.
  وعلى مدار ما يزيد على ساعة وهي المدة التي إستغرقتها زيارة الرئيس الحص لمدينة الزهراء كانت الهتافات تتعالى بإستمرار وتردد ” يا إمام إرجاع قبل ما الجنوب ينباع ” بالروح بالدم نفديك يا إمام”.
“الوطن العربي” سألت السيدة رباب:
* لماذا الإعتكاف.. وفي هذا الوقت بالذات؟
– لأننا بعد 15 شهراً على غياب الإمام السيد موسى الصدر, ورغم كل المساعي التي بذلت لم نحصل على نتيجة. وقد إخترنا هذا الشهر بالذات وهو شهر محرم للقيام بهذا الإعتكاف نظراً لما يرمز اليه من معاني البطولة والفداء . صحيح أن شهر محرم هو أيضاً شهر إحتفالات العزاء لسيد الشهداء الإمام الحسين. إلا أننا نعتبره في الوقت نفسه شهر الإنتصار.
• منذ فترة والإشاعات ترد أن لديكم إثباتات ووثائق تؤكد أن السيد لاصدر نوزميليه لا 
     يزالون محتجزين في ليبيا . حتى بعض الشائعات أشارت الى أنه في حوزتكم صور 
     المكان المحتجز فيه قرب طرابلس؟
– الشائعات كثيرة وكلها شائعات خير, أما ما تردد بشأن الصور فهذا غير صحيح , ولكن المعلومات التي بحوزتنا وهي من أكثر من مصدر تؤكد أن الإمام وزميليه لا يزالون قيد الإحتجاز في ليبيا.
الخميني أمرنا بفض الإعتكاف
* والإعتكاف الى متى يستمر؟
– لقد بدأنا بالإعتكاف وكلنا تصميم على الإستمرار حتى. الموت . ولكن حصلت قبل أيام إتصالات لبنانية وإيرانية من الرئيس سركيس والرئيس الحص, وتعهداً بأنهما فريق واحد معنا وعلى الإستعداد للمشاركة في أي عمل إيجابي تقوم به بشأن قضيتنا , كذلك جرت إتصالات من الدولة الإسلامية الإيرانية.
  وقد وصلتنا مؤخراً برقية من آية الله الإمام الخميني يؤكد لنا فيها تعهده بالإستمرار في ملاحقة قضية الإمام الصدر والإستقصاء عنها, كما تلقينا مكالمة هاتفية من طهران تبلغنا أومر من الإمام الخميني بوقف الإعتكاف والتعهد ثانية والإلتزام بملاحقة القضية حتى حلها, ولذلك سيتوقف الإعتكاف بناء لطلب الإمام الخميني يوم العاشر من محرم وسيقام بالمناسبة مهرجان ” يوم الصدر” بمشاركة المجلس الإسلامي الشيعي وحركة أمل.
* هل هناك خطوات تصعيدية أخرى غير الإعتكاف ؟
– نعم هناك خطوات أخرى , ولن نتوقف إلا بعد عودة الإمام الصدر . نحن ننتظر الآن لأننا ملتزمون دينياً  ولا نقدم على أعمال عنف خطيرة قد تؤذي غيرنا , ولكننا نعتقد أننا صبرنا كثيراً والعالم لم يعطنا حقنا, إذن لا بد أن نأخذ حقنا بأيدينا.
* ولكن السلطات الليبية مصرة على الإنكار حتى هذه اللحظة .
– لا تستطيع السلطات الليبية أن تصر على الإنكار الى ما لا نهاية فلدينا أدلة على أنها هي التي قامت بإخفاء الإمام الصدر ورفيقيه . فالإمام الصدر لم يغادر ليبيا إطلاقاً وذلك واضح وضوح الشمس والثابت أنه دخل ليبيا , ولكن لا إثباتات أنه خرج منها, والتبريرات التي خرجت بها ليبيا بهذا الشأن ثبت أنها مجرد كذب.
ما دام الأمر كذلك . كيف يمكن برأيك معالجة هذه القضية للوصول بها الى النهاية المرجوة؟
إننا نعالج القضية الآن بالعقل وليس بالعاطفة , فالإمام الصدر لا يمثل شخصاً معيناً أنه يمثل طائفة. يمثل شعباً يمثل قضية .
* وكيف تنظرين الى هذه القضية كشقيقة الإمام الصدر؟
– شعوري متفائل , ولم أفكر لحظة واحدة بالتشاؤم .
ليبيا كانت الأداة
ما هي في رأيك الأسباب المباشرة لإخفاء الإمام الصدر ؟
الأسباب كثيرة منها ما يجري في الجنوب وهو أمر واضح فغياب الإمام الصدر .. أصاب العرب بضرر كبير , وإسرائيل وحدها كانت المستفيدة , وليس هناك أي مستفيد سوى إسرائيل , ومع الأسف فإن ليبيا كانت الأداة وليست صاحبة القرار.
وهل هناك أي إتصال بيننا وبين السلطات الليبية , والإتصال غير وارد على الإطلاق قبل عودة الإمام ورفيقيه. لقد تم إتصال في أول الأمر مع السفارة الليبية في بيروت وكان على شكل توضيح من السفارة والخارجية الليبية , وهو توضيح غير مقنع وليس منطقياً أو قانونياً.
لا شك أن هناك وساطات عربية وغير عربية مع السلطات الليبية فإلى أين وصلت حتى الآن؟
القذافي ما زال حتى الآن ينكر , ولكن كل الوسطاء يؤكدون أن هذا الإنكار غير صحيح . ويعتقد القذافي أنه اذا أنكر يستطيع أن يغسل يديه , ولكن هذا خطأ لأنه ينفي التهمة الموجهة اليه دون أي إثباتات قانونية أو واقعية كي نصدقها.
* قيل أنك طالبت بعقد إجتماع إسلامي لبحث قضية الإمام الصدر؟
– نعم لقد دعوت لعقد قمة روحية لبنانية تجمع كل الطوائف للبحث في الإمكانت المتوفرة لدى كل جهة لدعم قضيتنا. فالمطلوب من كل اللبنانيين أن يعملوا لمعرفة مصير الإمام الصدر, فله حق على جميع اللبنانيين وجميع الطوائف , فهو لم يكن للمسلمين فقط, ويجب على كل الشعب اللبناني أن يقف مع قضية الإمام لأن الهدف من إخفائه يقصد به لبنان ككل.
* وهل طرحت قضية الإمام الصدر في مؤتمر القمة العربية الأخيرة؟
– لقد أبلغنا يوم أمس دولة الرئيس الحص أن الوفد اللبناني برئاسة الرئيس سركيس طرح القضية خلال إجتماعين للرؤساء العرب أحدهما مصغر والآخر موسع , وعندما زارنا أمس بكى الرئيس الحص أمام هتافات الأطفال الصغار مناشداتهم وقال “نحن لسنا فريقين, نحن وأنتم فريق واحد . الدولة وإنتم فريق واحد في قضية الإمام الصدر”.
* ولماذا قام العقيد سامي الخطيب قائد قوات الردع العربية بزيارتكم كموفد من الرئيس سركيس . ماذا حمل اليكم؟
– جاء لزيارتنا كموفد من رئيس الجمهورية ونقل لنا على لسان الرئيس سركيس” إن ما تنوون القيام به على إستعداد للقيام به معاً , مبدياً إستعداده لإتخاذ أي موقف من شأنه أن يفيد قضية الإمام الصدر . لأنه يعتقد أن إخفاء الإمام إعتداء على لبنان وقيمه وقضاياه. كما أبلغنا أن الرئيس سركيس سيكون على إتصال معنا خلال الأيام القليلة المقبلة.
* على هامش قضية الإمام الصدر . يقال أن الطائفة الإسلامية الشيعية تستعد للقيام بدورها . ما هو هذا الدور في رأيك؟
– ولأول مرة خرجت عن هدوئها وقالت بحدة وحماسة : تاريخ الطائفة الشيعية حافل بالنبوغ والذكاء والشجاعة والإيمان. لا تعتقد أنني أقول ذلك لأنني شيعية , ولكنها الحقيقة الساطعة سطوع الشمس , فالتراث الشيعي غني , وأي تراث أغنى منه؟
وإذا كان في لبنان يقال عن دوراً أو غيره للشيعة فإعتقد أن الدور الذي يمارسونه اليوم يكفيهم فخاراً وإعتزازاً يمارسونه بالعقل والمنطق والصبر لأنهم يحبون لبنان كثيراً .. يتمسكون بالجنوب, أنه صورة صمود وصبر أهل الجنوب. إنهم صابرون على المعاناة والقهر والإحتلال ومع ذلك فهم صامدون كيلا يخسروا الأرض والوطن.
إنهم يدفعون الضريبة عن الأمة العربية بأسرها , ويبدو أنه مطلوب منهم تاريخياً أن يقاوموا الظلم والإستعباد , وهذا هو دور الشيعة في لبنان.

الكرة الشيعية
…. والملعب مجهول الهوية
(المصدر: “الاسبوع العربي 3/12/1979”)(مصحح)

   حاول قائد قوات الردع العربية, المقدم سامي الخطيب, خلال الزيارة التي قام بها الى مدينة الزهراء خلدة – (المقر المؤقت للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى) حيث تعتصم عائلة الامام الصدر. وفي اثناء جلسة عقدها مع الشيخ محمد مهدي شمس الدين نائب رئيس المجلس والسيد حسين الحسيني امين عام حركة “أمل” وعائلة الامام, ان يعرف مدى امكان حدوث تفجير شيعي على الساحة اللبنانية في الوقت الحاضر.
   فكان التأكيد والاصرار من الجميع, على ان الكرة الشيعية لن تضرب في الملعب اللبناني!

مقابلات الحوادث
رباب اخت موسى الصدر لـ”الحوادث”:
كل دولة تخفي معلومات
عن مصير الامام انما هي شريكة في الجريمة!
(مصحح)

   الملامح واحدة. وكذلك تقاطيع الوجه. والعينان. والابتسامة الدائمة.  والعربية ذات اللكنة الايرانية المحّببة. والتواضع ثم الصراحة والوضوح الملطف والمهذب. جوامع مشتركة بين السيدة رباب الصدر شرف الدين وشقيقها الامام السيد موسى الصدر رد الله غربته.
   والسيدة رباب الصدر في العقد الثالث من عمرها, مثقفة, متابعة لكل التيارات الاجتماعية الاسلامية وغير الاسلامية. نحيلة مع مستوى متوسط من الطول تغطي رأسها بغطاء يشابه ذلك الذي تضعه فتيات المدارس, لا تصافح رجلاً باليد لأنها تؤمن بأن المرأة المسلمة تستطيع ان تكون محجبة النفس, محافظة على اصول الشريعة والدين دون ارتباط اعمى بالقيود التي تحولها من طاقة منتجة الى عبء ثقيل على المجتمع.
   غياب الامام الصدر وضعها في مقدمة الصورة. فهي قبل ان يختفي الامام كانت تؤدي واجباً اجتماعياً وانسانياً مثمراً ولكن بعيداً عن الأضواء.
   ثم فجأة وجدت نفسها محط الانظار والأفكار والمسؤوليات بعدما اختف الامام في الظروف الغامضة المعروفة وباتت مسؤولة لا عن التحرك النسائي الشيعي, بل عن حملة المتابعة التي يقودها المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى بحثاً عن الامام الغائب.
   وحول المراحل التي قطعتها هذه القضية وسط التناقضات الكثيرة التي تحيط بغياب الامام تقول السيدة رباب الصدر:
– يا أخي القضية واضحة, كلنا نعرف ان الامام سافر الى ليبيا تلبية لدعوة رسمية وجرى له وداع رسمي في المطار الدولي في بيروت ونقلته الطائرة امام الجميع الى العاصمة الليبية وسط انظار مودعيه. وبعد وصولهم الى هناك هو والشيخ محمد يعقوب, والسيد عباس بدر الدين انقطعت اخبارهم, وثابت لدينا ثبوت اليقين واستناداً الى براهين واضحة ومؤكدة ان الامام ورفيقيه دخلوا ليبيا واستقبلوا هناك, دون ان يقابل هذه الاثباتات بالوصول اثباتات واضحة لمغادرتهم الاراضي الليبية. هذا اولا, اما بالنسبة الى التناقضات التي تشير اليها فهي تناقضات لا نستطيع ان نصدقها ولا ان نتوقف عندها ذلك ان كل انسان يستطيع ان يروي حكاية تناسب تفكيره ومصالحه ومزاجه. والاشخاص الذين نفذوا هذا العمل ضد الامام ورفيقيه لا يجدون صعوبة بالطبع في اختلاق الروايات والشائعات التي يظنون انها تساعدهم على تغطية فعلتهم هذه الاساليب. ونعرف بدقة كاملة كل ما تخفيه هذه الشائعات والمناورات والتناقضات من اهداف ونيات مبيتة. ولهذا فإننا لا نعير المعلومات المتناقضة اهتماماً وأنا اقول بكل ايمان ان الامام الصدر في ليبيا ولا استطيع ان اقول ان المسؤولين الليبيين هم الذين نفذوا مؤامرة الاخفاء لأنني لا أملك بالطبع مقومات مثل هذا الاتهام, الا انني استطيع ان اقول ان الامام الصدر ضيفهم هو ومن رافقه, وبالتالي فإنهم هم الذين يجب ان يحدوا مصير ضيوفهم وان يبحثوا عن الحقيقة اذا كانوا يجهلونها بالفعل وان يعلنوا كل التفاصيل بكل دقة وهذه ابسط مبادىء الضيافة والشرف التي اشتهر بها العربي على امتداد التاريخ. هل يمكن يا أخي ان يأتيك ضيف الى منزلك ثم يختفي داخله وتسمح لنفسك انت بأن تدعي انك لا تعرف ظروف الاختفاء ثم ان لا تبدي اي اهتمام لكشف غوامض اختفائه. ايعقل هذا؟.
o  يعني انك تطلبين  من المسؤولين الليبيين تكراراً تحمل مسؤولياتهم بالنسبة لهذا الموضوع.
– طبعاً. هم الذين يجب ان يحققوا وان يبحثوا وان يحددوا التفاصيل ثم ان يقدموا الوثائق المقنعة. هم اصحاب الدار لا نحن ولا غيرنا. أيعقل ان شخصاً في وزن الامام موسى الصدر وقيمته ان يختفي هكذا فجأة, ولا تقدم الدولة التي اختفى على اراضيها ولو عنصراً واحداً يسلط الضوء على ظروف اختفائه؟ من يصدق هذا ومن يقتنع به في العالم كله. الليبيون مسؤولون مسؤولية كاملة ايا كانت الجهة او الفئة او الدولة التي نفذت هذه الجريمة.
  تلوح في عينيها بحيرتا دموع فتوسع حجم ابتسامتها لتخفيهما لكنها لا تستطيع. فتلوذ بالصمت ثم تتغلب على نفسها للعودة الى اطار الحديث.
o لاحظنا ان بعض وسائل الاعلام باتت في الآونة الاخيرة على نشر روايات اتسم بعضها بطابع الروايات البوليسية او محاضر التحقيق الرسمية حول حادث الاختفاء. وان بعضها يركزعلى القول بأن جواز سفر الامام الصدر وحقائبه وجدت في احد فنادق ايطاليا. فما هو انطباعك عن هذا الموضوع؟
– هذه القصة انتشرت في اعقاب توزيع بيان حمل توقيع من اسموا انفسهم بالمنظمة العلمانية والذين قالوا انهم هم المسؤولون عن خطف الامام والشيخ محمد يعقوب في اوروبا اضافة الى روايات اخرى قالت ان الامام والشيخ محمد يعقوب وصلوا الى ايطاليا قادمين من طرابلس الغرب في ليبيا وانهم نزلوا في الفندق الذي تشير اليه لكن بعد ان اجرت السلطات اللبنانية والسلطات الايطالية الرسمية تحقيقات محددة في هذا الموضوع وضعت الحكومة الايطالية تقريراً رسمياً اكدت فيه ان الامام الصدر لم يدخل الاراضي الايطالية.
o هل أعلنوا ذلك؟
– بالتأكيد, اعلنوه في بيان رسمي ثم في تقرير يتضمن تفاصيل التحقيقات التي جرت.
o اذن هذا يكذب ما قيل!
– يكذبه ويدحضه ولا يدع مجلاً للشك. طبعاً الحكومة الايطالية لم تبلغني ذلك بشكل خاص بل احالت نتائج تحقيقاتها الى المراجع المسؤولة.
o منذ مدة توجهت مسيرة نسائية الى القصر الجمهوري لتحث رئيس الجمهورية والدولة على زيادة الجهود لحسم قضية اختفاء الامام واعطيت وعود لقادة قيل في حينه انها اذا نفذت قد تزيل المآخذ على تقاعس الدولة ازاء ملاحقة القضية فهل نفذت هذه الوعود؟
   ابتسمت السيدة رباب ونظرت الى زوجها ثم ركزت نظراتها على الرابية المطلة على مدينة الزهراء في مكتبها الذي تشرف من خلاله على مدارس التمريص ومساعدة المهجرين ثم اردفت:
– قلت سابقاً انني عاتبة على المسؤولين لكنني لا اسمي عتبي ماخذاً ولا اريد ان احمل المسؤولين ذنباً او مسؤولية, فهم حسب امكانياتهم تحركوا وما زالو يتحركون باتجاه جلاء غوامض هذه القضية ولا اريد ان اظلمهم. وهم بالفعل يهتمون بالمشكلة ابتداء من الرئيس الياس سركيس الى رئيس الحكومة الى بقية المسؤولين. ولكنهم لا يملكون كل الامكانات ولا كل القدرة على جلاء الحقيقة. رئيس الجمهورية وعد وفد السيدات عند استقباله لهن بتكثيف الجهد, وقال: انا اعمل باستمرار لكن ليس من الضروري ان اعلن دائماً ما اقوم به وان الامام الصدر صديقي وعزيزي وأخي. وتهمني قضيته كما تهم كل اصدقائه وكما تهم كل المواطنين.
o كنا كتبنا في “الحوادث” ان شهر اذار هو شهر الامام الصدر في سلم اولويات الامام الخميني والثورة الايرانية. وقد استندنا في ذلك الى معلومات ووجهات نظر لبنانية وايرانية. فهل حددتم موعداً زمنياً تنتقلون بعد انقضائه الى وسائل بديلة لملاحقة قضية اختفاء الامام؟
– سؤالك يحمل في طياته الجواب عليه. القضية لم تعد تحتمل اطالة في المراجعات والاستفسارات ولا مزيداً من الانتظار والترقب. عائلة الامام واصدقاء الامام والمهتمون بالقضية يدرسون الآن نتائج كل التحقيقات والاتصالات التي جرت, ومما لا شك فيه انه سيأتي وقت وهو قريب يقرر فيه كل هؤلاء تغيير الاسلوب واختيار طريق اخرى. ويمكنني ان اقول بكل صراحة ان قضية الامام لن تبقى محصورة في النطاق الشخصي او في النطاق الطائفي. بل هي ستتحول الى قضية كبيرة جداً بكل ابعادها ومراميها. كنا في الماضي نتطلع الى حل للقضية يعيد الامام ورفيقيه ويكتفي للفاعلين بتحمل وزر ما اقدموا عليه امام الله والضمير. وان ينطوى الملف بكل ما فيه من تفاصيل اما الآن وبعد اليوم فإن الاكتفاء بإعتماد هذا الحل لم يعد مجدياً ولا مقنعاً لأن القضية كلما طالت كلما ازدادت تحولا نحو الاساليب الاكثر وضوحاً وحسماً. انا شقيقته امارس كل امكانات ضبط النفس لأسيطر على عواطفي واتحكم بانفعلاتي. ومع ذلك فإنني بدأت اشعر ان قدرتي على التحكم بتفكيري وعواطفي قد بدأت تتلاشى وكذلك الحال بالنسبة للذين مارسوا اقصى امكانات ضبط النفس للحؤول دون انفجار العواطف وردود الفعل لدى المواطنين الذين هزتهم الحادثة ولكن سيأتي الوقت الذي افقد فيه ويفقد فيه غيري القدرة على ضبط العواطف والانفعالات وتطويق ردود الفعل وسيأتي وقت يرفض فيه اقرب الناس الينا سماع نداءاتنا بالانضباط والتريث, ويقدمون على أي عمل لا يمكنني تقدير ابعاده ومخاطره مسبقاً. قضية الامام موسى الصدر لا تخصني انا لأنني شقيقته. ولا تخص عائلته بل هي تخص العالم كله لأنها تمس المبادىء الاخلاقية والدينية والسكوت عليها يشجع المجرمين على ان يضعوا في متناول ايديهم جميع القيادات دون خوف من رداع او من ضمير او عقاب. اختفاء الامام الصدر جرس ضخم يقرع فيتجاوب صداه في كل ضمير انساني بصرف النظر عن الانتماء الديني, والسياسي والجغرافي.
o الى اين وصل التنسيق حول هذا الموضوع مع الثورة الايرانية؟
– لا استطيع ان ازودك بالتفاصيل عن هذه المواضيع لأنني لست انا من يقوم بالاتصالات مع المسؤولين الايرانيين. لكن ما املكه من معلومات يتيح لي ان اقول ان قضية اختفاء الامام الصدر تعالج على اساس انها قضية عالمية اسلامية عربية, وان المسؤولين الايرانيين يعترون ان هذه القضية هي قضيتهم الاولى وعندما زار الأخ ياسر عرفات ايران لم يسمع في هتافات الايرانيين منذ ان نزل من الطائرة في مطار طهران سوى هتاف رئيسي واحد: اين الامام الصدر, اين الامام الصدر. هذا على الصعيد الشعبي الايراني. اما بالنسبة الى المسؤولين الايرانيين فالامام الخميني اقدم قبل ان ينتقل من باريس الى ايران على اجراء اتصالات مكثفة مع كل الاطراف المعنية في الموضوع واتخذ موقفاً محدداً من القضية واستطيع ان اؤكد ان قضية الامام الخميني والمسؤولين الايرانيين القضية الاولى التي ستبحث وتلاحق بعد اعلان نتائج الاستفتاء الشعبي على الجمهورية الاسلامية في ايران. ولا بد انكم سمعتم عن الموقف  الايراني الذي اتخذ من ليبيا بسبب اختفاء الامام الصدر.

ماذا تفعل رباب الصدر. ما هي مهماتها خارج اطار مشكلة اختفاء الامام الصدر؟ ما هو دورها بالنسبة للجنوب اللبناني والمهجرين والحركة النسائية والمأساة اللبنانية؟
عن كل هذه التساؤلات تقول:
– نشاطاتي في الدرجة الاولى نشاطات دينية وهدفها مساعدة كل انسان يحتاج للمساعدة من المدارس الى التعليم العادي الى النشاطات الاجتماعية, والانسانية, لدينا في الجنوب عدة مراكز تشمل هذه النشاطات, وفي بيروت انشأنا مركزين او ثلاثة مراكز. بينها مدرسة تمريض ومدرسة خياطة وتطريز للفتيات, بالإضافة الى رعاية الأيتام. وهذه النشاطات كنت امارسها في السابق ولم اتخل عنها اليوم رغم المأساة التي اعاني منها والناجمة عن غياب شقيقي الذي اضرع الى الله ان يعيده الينا سالماً.
واردفت: ولا يمكن ان تتصور حجم الخدمات الانسانية والاجتماعية التي تؤديها المرأة خاصة منذ نشوب الحرب اللبنانية وهذه ظاهرة تدعو الى الارتياح والتفاؤل خاصة إذا ما امكن للمرء ان يطلع على حجم التضحيات التي قدمتها المرأة لمعالجة جروح الحرب ولمساعدة المهجرين في مختلف الظروف. هناك وقائع اعتقد انها تشكل ملاحم انسانية تثبت قدرة المرأة اللبنانية والمرأة الجنوبية على وجه التحديد على تحمل اقسى حالات الالم والدمار. بإختصار, اقول ان موقف المرأة مشرف ويدعو الى الاعتزاز.
o هل هناك ما تريدين الاشارة اليه قبل ان نقفل هذا الحديث؟
– اريد ان اقول للذين اقدموا على ارتكاب جريمة اختفاء الامام الصدر انهم اذا كانوا يعتقدون بأنهم اذا ما ماطلوا وسوفوا وميعوا المواقف وكسبوا المزيد من الوقت سوف يصلون بمؤامرتهم الى النسيان فهم مخطئون والقضية تكبر كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة. كل القضايا تبدأ كبيرة ثم تصغر الا قضية اختفاء الامام فهي بدأت كبيرة وتزداد كبراً واتساعاً مع مرور الوقت. والصامت عن الحق شيطان اخرس. ولا بد ان تصل هذه القضية الى النهاية التي تعادل حجمها مهما كان الثمن.
o هل افهم من ذلك ان هناك دولا اخرى غير ليبيا تملك معلومات عن الامام موسى الصدر؟
– وهل تصدق انت ان لا تكون هناك جهات دولية مطلعة على حقيقة قضية اختفاء الامام؟
o موقفك هذا مبني على معلومات ام استنتاجات؟
– انا لا! املك معلومات لكنني اقول ان هناك دولاً كثيرة قادرة بإمكاناتها على معرفة ادق اسرار الدول الاخرى. والامكانات المتوفرة للدول في حقول الاستخبارات تدفعني الى التساؤل عما اذا كان من المعقول ان تكون هذه الدول قادرة على معرفة مصير الامام الصدر, وما داموا يعرفون ويلوذون بالصمت فإنني لا استطيع الا ان اعتبرهم شركاء في الجريمة!!!

الامام حي و سوف يعود الينا
 (الدستور 25 شباط 1985 العدد (لندن 363))

كان همها الوحيد هو زيارة شقيقها المفقود منذ خمسة اشهر .
   و هذه السيدة التي كان يطلق عليها شقيقهاالمفقود اسم “عزيزتي رباب” اتصلت هاتفيا بطهران بابن شقيقته صادق طبطبائي – و شقيق زوجة احمد الخميني .
   وخلال هذه المكالمة الهاتفية طلب صادق طبطبائي من خالته التنقل الى طهران ووعدها بان اول عمل ستقوم به الثورة هو ارسال وفد رسمي الى ليبيا سيكون هو من ضمنه بهدف زيارة الامام الصدر و العودة الى لبنان .و خلال المكالمة الهاتفية نفسها نصحها بعدم التهجم على العقيد القذافي.
   بعد الانتهاء من هذه المكالمة الهاتفية استدعت شقيقة الامام الصدر الصحافيين في بيروت و اعلنت ان السيد موسى الصدر حي يرزق و ان عودة الامام الخميني ستمهد الى طريق امام عودة شقيقها الى لبنان .
   و عندما سالها احد الصحافيين عن الاسباب التي تجعلها تعتقد ان الامام ما زال حيا ،ردت عليه بالقول :”لدي شعور داخلي يخبرني بانه ما زال على قيد الحياة لانني لم افكر و لو لثانية واحدة عندما علمت بعملية اختطافه ان هناك انسانا يستطيع ايذاءه.”
   هذا الرد لم يقنع الصحفي اللبناني الذي سالها ثانية قائلا:”هل ان مصدر هذه التطمينات هي سورية ام ياسر عرفات ؟”و لكن جواب السيدة رباب كان مقتضبا حيث ردت :”لا اعرف ،انا لا اريد ان اتهم اي شخص او اي دولة.”
   كذلك إكتفت السيدة رباب , عندما سألها صحفي آخر علاقة حادثة إختفاء الامام الصدر بالثورة الإيرانية , بالتعليق قائلة: ” أنا لا أملك معلومات كافية في هذا الموضوع وكل ما أستطيع أن أقوله في هذا الصدد هو أن الإمام موسى الصدر هو الركن الأساسي للثورة الإيرانية”.
   وإنتصرت “الثورة الإيرانية” , فقامت رباب بزيارة الى طهران بصحبة وفد من أنصار الامام الصدر , وكان في استقبالها في مطار مهرآباد, حرس الشرف وصادق قطب زاده صديق الامام الصدر وعضو مجلس قيادة الثورة وصادق طباطبائي وحجة الإسلام محمود قمي , إبن آية الله قمي , خال الإمام موسى الصدر.
   ونزلت السيدة رباب من الطائرة بصحبة إبن وزوجة الإمام وبعض أقاربه و السيدة زهرة يزبك بدرالدين زوجة الصحافي عباس بدرالدين و نجلها زاهر و زوجة السيد حسين الحسيني الأمين العام لمنظمة أمل آنذاك والرئيس الحالي لمجلس النواب اللبناني.
   وقبل ساعات من وصول الطائرة الخاصة التي كانت تقل السيدة رباب ومرافقيها الى مطار مهرآباد, وصلت طائرة كانت تقل عبد السلام جلود رئيس وزراء ليبيا, ولكنه لم يحظ مثل السيدة رباب, باستقبال رسمي.
   وكانت فرحة السيدة “رباب” كبيرة عندما التقت صادق طبطبائي وصديق الامام موسى الصدر السيد صادق قطب زاده . ولم يساورها الشك آنذاك من أنها ستعود الى لبنان صحبة شقيقها المفقود.
   ومضت المدة ولم تحصل على شيء. وطال انتظارها , فطرقت باب كل مسؤول إيراني وذهبت الى الخميني وبكت أمامه . ونظمت مرة مع مجموعة من النساء الإيرانيات مظاهرة ضد العقيد القذافي أمام فندق الهيلتون الذي نزل فيه عبد السلام جلود مطالبة بعودة شقيقها.
   ولكن كل هذه المحاولات لم تثمر فقفلت راجعة الى بيروت وقررت تدبير أمورها بنفسها.
وبعد تلك الرحلة عادت السيدة ربات الى طهران أكثر من خمس مرات . ووعدها الخميني أكثر من مرة بأنه سيبذل كل ما في وسعه لاقناع القذافي باطلاق سراح الامام الصدر.
   وفي آخر رحلة لها لطهران , وبعد أن أصبح معروفاً أن السيدة رباب تتزعم منظمة لواء الصدر السرية, أخبرها أحد أنصارها بأن النظام قرر منعها من الخروج من طهران وأن محسن رفيق دوست وزير الحرس الثوري وصلاح الزواوي سفير ليبيا في إيران يدبران خطة لإغتيالها وإلقاء المسؤولية على بعض العناصر في المعارضة الإيرانية.
ومن بين المعلومات التي تلقتها السيدة “رباب” خلال هذه الرحلة الى طهران هو أن العقيد القذافي تعهد بتزويد النظام الإيراني بكميات كبيرة من الأسلحة مقابل منع شقيقة الامام الصدر من مغادرة طهران.
   فإتصلت شقيقة الامام الصدر بأحد المسؤولين الإيرانيين الذين مازالوا مخلصين للامام الصدر وطلبت منه مساعدتها على مغادرة طهران فاصطحبها هذا الأخير الى المطار وساعدها على مغادرة طهران.
وعادت السيدة رباب الى بيروت بعد أن آلت على نفسها معاقبة الذين تورطوا في إختطاف شقيقها.
وعندما تسأل السيدة رباب عن هوية الذين تريد معاقبتهم, تكتفي بتوجيه نظراتها الحزينة الى خارطة معلقة فوق الجدار.

في آذار تتفجّر قضية الامام الصدر

(الحوادث حوالي العام 1979 شهر كانون الثاني أمين السباعي )
(مصحح)
المجلس الاعلى للشيعة في لبنان: احتجاز الامام الصدر استهدف احداث فتنة
بين السنة والشيعة وضرب الثورة الايرانية وانجاح مخطط التقسيم و… التوطين!
 
     وسط انشغال العالم بمتابعة تطورات الوضع الجديد في ايران توقفت بعض القيادات السياسية في بيروت عند خبر قصير وغامض بثته اذاعة لندن في نشرتها باللغة العربية يوم الثلاثاء الماضي.
    قال الخبر: ان المراقبيين في طهران لاحظوا هبوط طائرة ليبية في مطار طهران ونزول خمسة من الليبيين المجهولي الاسماء الى سيارة اقلتهم الى جهة مجهولة يرجح انها مقر اقامة الامام الخميني, في حين ابقيت الطائرة بعيدة نسبياً عن الانظار.
    وكان سبب الاهتمام بهذه المعلومات الغامضة مسارعة القوى السياسية في لبنان الى الربط بين المهمة السرية لركاب الطائرة الليبية في طهران وبين قضية اختفاء الامام السيد موسى الصدر.
    وقد تذكر هؤلاء حديثاً “تلفزيونيا” ادلى به الامام الخميني الى شبكة “س.ب.إس.” . الاميركية قبل يومين من توجهه من باريس الى طهران اذ قال رداً على سؤال عن صحة المعلومات التي تذكر ان النظام الليبي يساعد الثورة الايرانية:
    لقد استقبلت مسؤولين ليبيين من اجل قضية الامام الصدر وحتى الان لم اتلق للآسف أي جواب, ولسوف اتخذ  الخطوات اللازمة.
    واذا كانت كل هذه المعلومات تصر على تركيز الاضواء على استمرار اخفاء الامام الصدر في الأراضي الليبية بالذات فإنها ايضاً تلتقي كلها على تأكيد اهتمام الامام الخميني بأنها, الجدل الدائر حول هذه القضية بإجراءات واضحة لا تحتمل التأويل  او الاجتهاد.
    وقد وصلت الى بيروت عند مناقشة هذه الجوانب تطمينات ايرانية تقول ان قضية الامام الصدر واردة في روزنامة الامام الخميني وان دورها سيأتي في شهر آذار (مارس) المقبل بل وان هذا الشهر يصح ان يطلق عليه اسم شهر قضية الامام الصدر عربياً وايرانياً.
   والمعلومات التي سعت “الحوادث” للحصول عليها في بيروت عن خلفيات الروابط القائمة بين الامامين الخميني والصدر احاطت اللثام عن جوانب مهمة من العلاقات بين المراجع الشيعية وعن الدور الذي كان للإمام الصدر في نطاق الدول العربية لمصلحة الثورة الايرانية.
   وتقول هذه المعلومات في بدايتها ان العلاقات بين الامامين ترقى الى مستوى القرابة العائلية قبل ان تكون علاقات دينية وسياسية محددة. فهناك قرابة النسب التي تربط بين الرجلين من حيث انهما ينتسبان الى الاسياد الذين ينحدرون في تاريخ الطائفة الشيعية في آل بيت النبي محمد.
   ثم هناك وجوه اخرى للقرابة. فإبن الامام الخميني السيد احمد متزوج من بنت اخت الامام الصدر, وابن اخت الامام الصدر السيد مرتضى الطبطبائي متزوج من حفيدة الامام الخميني, والامام الصدر تتلمذعلى يدي الامام الخميني في اكتساب العلوم الدينية عندما كان تلميذاً في جامعة “قم” الايرانية. وهو ينتسب الى عائلة قدمت الى الطائفة الشيعية عدداً كبيراً من الأئمة المجتهدين.
   وبداية تعاون الامامين في مجال التحضير للثورة الايرانية ترجع الى عام 1963. فمنذ 15 سنة انفجر الخلاف بين شاه ايران وبين رجال الدين الشيعة عندما سارع الشاه انذاك الى تبرير اجراءاته ضد رجال الدين بإعلان ما سمي بالثورة البيضاء وادعاء انه يختلف مع رجال الدين على تنفيذ مشروع الاصلاح الزراعي بينما كانت المشكلة قائمة في حقيقتها على امور اساسية تتعلق بجوهر الوضع الايراني إذ رأى الامام الخميني ورجال الدين في تبديل التقويم  الهجري ومساندة اسرائيل والتخلي عن دور ايران الاسلامي خطة تدعمها الصهيونية لضرب الاسلام والمباديء الاسلامية فضلاً عن ضرب حضارة الشعب الايراني وكرامته.
   ورأى رجال الدين في نظام الشاه نسخة طبق الأصل عن النزعة الاتاتوركية في تركيا وتغييراً عمليا للقواعد الاسلامية بإتجاه إعادة ربط ايران بالنزعة الآرية.
    وفي عودة الى الملفات والوثائق التاريخية الموجودة في منزل النائب حسين الحسيني امين عام حركة امل وعضو المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى يتضح ان دور الامام الصدر في صراع الشاه مع رجال الدين كان في بداية الأمر يتجه نحو اثارة حقيقة ما يحدث في ايران في كافة المحافل الدولية وهو قد سعى لدى الفاتيكان والأمم المتحدة الى تسهيل إخراج الامام الخميني حياً من ايران الى العراق عبر الاراضي التركية, ثم التخفيف من وطاة الاجراءات الانتقامية التي كانت تنفذ ضد رجال الدين والتي وصلت الى حد التصفية الجسدية لعدد منهم.
   ثم طور الامام الصدر تحركه بعدما ادرك فائدة العمل على ازالة نظام الشاه, واعتبره الباب الوحيد الذي يؤدي الى تبديل المعادلات الدولية في منطقة الشرق الاوسط لصالح القضايا العربية وخاصة قضيتي فلسطين ولبنان مشاركاً القادة المسلمين وعلى رأسهم الامام الخميني في سعيهم للوصول الى هذا الهدف وتجاوز محنة المجازر التي سقط فيها 15 ألف قتيل في يوم واحد عندما اعتقلت السلطات الايرانية انذاك الامام الخميني.
    وفي بداية الصراع اعتمدت السرية المطلقة في تعبئة المواطنين الايرانيين وتوعيتهم وتنظيمهم. وكان التنسيق يتم عبر رسائل متبادلة بين الامام الخميني والامام الصدر كما كان اركان الحركة الاساسيين كالدكتور مهدي بازركان والدكتور ابراهيم يزدي والدكتور صادق قطب زاده يتابعون تنفيذ اجراءات التعبئة من خلال اقامتهم في لبنان ولا تزال الة تسجيل “الكاسيت” التي استعملت في توجيه الرسائل الصوتية الى داخل ايران موجودة في صالون النائب الحسيني حتى اليوم.
   وارتكز نظام التوعية على المنشورات التي كانت تطبع خارج ايران وتسرب الى الداخل وعلى “الكاسيت” التي يتم تسجيل المحاضرات والندوات والتحليلات والتوجيهات عليها بأصوات الامام الخميني وبقية اركان الحركة ثم ترسل الى داخل ايران حيث تنسخ عن كل واحدة منها الاف النسخ توزع على جميع انحاء ايران.
   ويقول النائب الحسيني انه كان للحركة زخم كبير نظراً لكون الامام الخميني بالاضافة الى انه قائد الحركة احد اكبر المراجع الدينية الاسلامية في العالم. وامامته تفرض عنصر الالزام المعنوي لكل كلمة يقولها.
   وعام 1974 تعرضاو ادعى سفير ايران في بيروت السيد منصور قدر انه تعرض في منطقة الرملة البيضاء الى محاولة اغتيال عن طريق قذف سيارته بقنابل يدوية واطلاق النار عليها قرب مؤسسة “سبينس”.
   والوثائق تقول لأول مرة ايضاً انه لم يكن هناك محاولة حقيقية لإغتيال السفير الايراني بل كان المقصود افتعال الحادث لتبرير توجيه الاتهام الى الشخصيات الايرانية المعارضة اللاجئة الى لبنان بالعمل ضد نظام الشاه.
   وقدم السفير الايراني في ذلك الوقت لائحة بأسماء هؤلاء اللاجئين الى السلطات اللبنانية واتهمهم بالتحريض على اغتياله. ثم اعلن في الوقت نفسه ان الحكومة الايرانية قررت منح المجلس الاسلامي الشيعي في لبنان هبة قدرها 45 مليون دولار لبناء مستشفى للطائفة الشيعية مقابل سكوت الطائفة – كما يقول النائب الحسيني – عن تصفية اللاجئين السياسيين الايرانيين, غير ان الامام الصدر رفض هذا العرض وحذر الدولة والرئيس سليمان فرنجية من مخاطر التورط في مس اي شخصية من الشخصيات الايرانية المعارضة.
   ويذكر المطلعون هنا ان الدولة اللبنانية كادت ان تنزلق الى مهاوي التورط في هذه القضية تحت ضغط النظام الايراني واجهزة المخابرات لولا تدخل الامام الصدر الذي بادر في حينه الى شن حملة عنيفة على شاه ايران في حديث ادلى به الى احدى الصحف اليومية ثم حمل بعنف في حديث ادلى به الى “الحوادث” بحضور السادة سليم اللوزي, وريمون عطا الله, وأمين السباعي, على “السافاك”, والسفير منصور قدر الذي اتهمه بالعمل كمسؤول عن المخابرات الايرانية في لبنان والدول العربية ودعا الى التصدي له. وفضح ما يدبره في الخفاء, وشرح الاسباب التي حملته على اقامة مهرجان تأبين الدكتور على شريعتي الذي مات في لندن, وكان من ابرز مناوئي الشاه!
   ويومها حذفت الرقابة هذه الفقرة من الحديث الا ان النص الاساسي وصل الى السفير الايراني فاحتج لدى الحكومة اللبنانية ومديرية الامن العام على الحملة وارسل الى المجلس الشيعي موظفاً ايرانياً ليبلغ الامام الصدر قراراً من الحكومة الايرانية بسحب جواز سفره وهويته الايرانيين منه …
   وعندما يسأل النائب الحسيني عن احتمال عودة الامام الصدر يقول بتفاؤل واضح: لابد ان يعود الامام الصدر. لن يتمكن محتجزوه من تحمل مخاطر الاستمرار في احتجازه. لابد ان يظهر بين يوم ويوم. ماذا سيفعلون به وكيف سيتهربون اذا كنا نعرف كل تفاصيل عمليات نقله مع رفيقيه من مكان الى اخر حيث يحتجز.
   ان الامام الخميني يرى في اخفاء الامام الصدر اعتداء على رمز اسلامي كبير من جهة وعلى ما يمثله هذا الرمز من جهة اخرى, ولذا فإنه رفض ان يكون لغيره اولوية في قضية الامام بل اعتبر منذ البدء انه المعنى الاساسي بالموضوع بصفته مرجعاً دينياً وقائداً لحركة اسلامية, ووفق تصوري ان اخفاء الامام الصدر ورفيقيه تم لسببين لهما هدف واحد. فالامام الصدر شكل عقبة كبيرة في وجه المشاريع التأمرية على لبنان وفلسطين. ومنها التوطين, وتقسيم لبنان, وتصفية القضية الفلسطينية على ارضه. وكان في شهر آب (اغسطس) الماضي, وقبل اخفائه باسبوع قد تمكن من اقناع الرموزالوطنية اللبنانية بفكرة اقامة جبهة اتحاد وطني من شأنها منع التقسيم ورفض التعامل مع اسرائيل ووقف الحرب اللبنانية. وكاد ان ينعقد المؤتمر الاول في صوفر لولا بعض الاعتراضات التي بدت شكلية كالسعي الى عقد الاجتماع في بيت الدين لا في صوفر مما حدا بالامام الصدر الى تأجيل عقد المؤتمر لما بعد عودته من سفره.
   كذلك شكل الامام الصدر بموقفه عمقاً عربياً مهماً للثورة الايرانية واصبح من المطلوب ايقاف دوره في مرحلة اولى والمساومة على حياته في مرحلة ثانية وتنفيذ المخطط القاضي ببث الفتنة في المنطقة بين سني و شيعي اذ ان من شأن هذه الفتنة ان تجهض الثورة الايرانية وان تحول الصراع من صراع بين القوى الاسلامية واسرائيل الى صراع بين السنة والشيعة في العالمين العربي والاسلامي. وليس ادل على ذلك مما جرى في تركيا حيث عمد النظام التركي الى تنظيم مجزرة ذهب ضحيتها اشخاص من المسلمين الشيعة في مدينة مرعشحان, او “كهرمان مراش”, كما هو الاسم بالتركية, اعتقاداً من النظام التركي بأن الشيعة سيصطدمون بالسنة غير ان الوعي الكبير لدى الشيعة القائم على الاعتقاد بأن التشيع ليس مذهباً بل هو حركة اسلامية ترفض الحاكم المنحرف ولو كان شيعياً, والوعي الكبير لدى المسلمين السنة وادراكهم بأن النظام التركي يعمل كالنظام الايراني ضد اماني المسلمين دون تمييز احبط المؤامرة واسهم في نجاح الثورة الايرانية وتبديل دور ايران بحيث اصبح دوراً مسانداً لقضايا العرب ومشاركاً في تحرير القدس من الصهيونية, وبالتالي فإن الاسباب التي دعت المخططين الى اخفاء الامام الصدر لم تعد قائمة واصبح على الذين نفذوا عملية الاخفاء ان يعيدوه وبسرعة لأن استمرار اخفائه سيزيد في اضرار هؤلاء بشكل اكيد خاصة وان الأمر مكشوف لجهات عربية واجنبية مما يصعب التمادي في عملية الاخفاء.
   … وما تخفيه الصدرو عن قضية الامام الصدر وشهر اذار (مارس) المقبل والعد العكسي المنتظر لعودته اكثر بكثير مما تردده الالسن المطلقة على خفايا هذه القضية.
   واذا كانت الثورة الايرانية قد طبخت على نار هادئة اكثرمن 15 سنة قبل ان تنفجر فإن قضية الامام الصدر وضعت منذ عودة الامام الخميني الى ايران على نار حامية تسمح بنضوجها بسرعة حسماً للتفاعلات المرتقبة وتحديداً للمسؤوليات.
   والجميع يترقبون النتائج بصبر نافذ. اذ انهم لا يملكون غير فرصة الانتظار والترقب, لمعرفة الطريقة التي سيتم بها اخراج الامام الصدر ورفيقيه من عالم … الاحتجاز!!

الرجل القوي في ايران ل وليد عوض – الحوادث
اخبروني بأن الامام الصدر قد استشهد ولكن لا أملك في الخبر أي دليل حسي!

   يقول ابن خلدون في مقدمته المشهورة ان انهيار الممالك يحمل الى السلطة بعد الصحو واحداً من اثنين: اما رجل دين عالم وعادل, واما رجل سيف, أي رجل عسكري, يوظف القوة في سبيل ان يعدل ويبني.
وإذا كانت الثورة الفرنسية قد جاءت برجل السيف نابوليون,والثورة الاسبانية قد جاءت برجل السيف الاخر الجنرال فرانكو, وثورة الجزائر قد جاءت في فرنسا برجل السيف الثالث الجنرال ديغول.
   والثورة الايرانية برجل الدين الثالث الامام روح الله الخميني,ومعه باب مفتوح في الدستور الجديد امام الاثنين معاً رجل الدين, ورجل السيف.
   وإذا كان رجل السيف غير واضح المعالم في ايران, وما زال في طور “الهيولا”, – كما يقول التعبير الفلسفي – فإن رجل الدين منتشراً في كل مكان ويكاد يحمل كل الاختام. ومن ابرز حملة هذه الاختام آية الله حسين علي منتظري, رئيس مجلس قيادة الثورة, ومعه كانت الرحلة على الورق هذه المرة.
 
على سجادة مصلى مجلس الثورة كان موعدنا. فآية الله منتظري ابن السبعين عزوف عن الجلوس فوق الارائك, مؤمن بأنه حيث يسجد المرء, يكون التواضع ومن تواضع لله رفعه. وحين اطل من الباب سبقته الينا سحابة عطر ماء الورد, وقال لي وهو يعتذر عن اجتياح الموعد ببضع دقائق بلكنة فارسية:
– انت تريد وانا اريد والله يفعل ما يريد.
   وقد اراد بذلك ان يعزو تأخره الى بعض المشاغل في مجلس قيادة الثورة.
   وجلسنا على السجادة العجمية, وقال لي وهو يصلح من وضع نظارته البيضاء فوق انفه, ويشير الى جليسنا:
– انه السيد حسن ابراهيم. عربيته افضل من عربيتي. انا اقول بالفارسية وهو يترجم .. وكان لا بد من مقدمة للذين لا يعرفون الامام المنتظري. من هو؟ اين كان في زمن الشاه؟ ما مدى علاقته بالامام الخميني؟ ولماذا اختير هو بالذات ليكون بديل زعيم الثورة الايرانية في رئاسة مجلس قيادة الثورة؟ بل لماذا هو الان الرجل القوي في البلاد؟
وتعاون الامام وترجمانه على تظهير الاجوبة, وكانت الصورة الآتية:
آية الله حسين على منتظري من مواليد نجف آباد القريبة من مدينة اصفهان. وعمره ثمانون عاماً, مثله مثل أية الله كاظم شريعتمداري. وهو من الفقهاء, والمراجع الدينيين على مر المراحل في ايران. ولمع كواحد من اساتذة المدرسة الفيضية في “قم”, وهي المدرسة التي تخرج منها الامام موسى الصدر. يومئذ, اي في زمن الخمسينات, كان موسى الصدر تلميذاً, مثله مثل آية الله محمد البهشتي الامين العام لمجلس الثورة, بينما هو كان استاذاً, مثله مثل اية الله الخميني وآية الله الطباطبائي البروجردي. وهذه المدرسة, مثل سائر افراد الحوزة العلمية في مدينة قم, كانت نواة لثورة الخميني. الاستاذ حمل مشعل الثورة. جابه وتحدى وتحمل المكاره. والتلاميذ ساندوا. ولما القى رجال “السافاك” القبض على آية الله الخميني عام 1963, واودعوه السجن في طهران انتقل فريق من رجال الحوزة العلمية في قم الى العاصمة, ليكونوا سواراً ثوريا حول الامام السجين. واختار اية الله المنتظري دور ضابط الاتصال بين الخميني ومريديه, او كان السلك الانساني الذي يربط الرأس بالقاعدة ولكن امره سرعان ما افتضح عند رجال “السافاك”, ولم يلبث ان اصبح هو الاخر  هدفا للتنكيل.
وفي شرح وقائع هذه المرحلة قال لي آية الله المنتظري:
– لقد حسب رجال المخابرات ان المطاردة ترهبني, او ان السجن يذلني. وبئس ما كانوا يستشعرون. لقد بدأوا بسجني في حبس يدعى “قزل قلعة” (ومعناه بالتركية: القلعة الحمراء), في منطقة باردة يتكلم اهلها التركية اضافة الى الفارسية. وانتظروا ان استسلم بفعل رطوبة السجن, وضغوط العزلة فإذا حياتي صلوات. وكتب اؤلفها وراء القضبان. وامعنوا في التنكيل فنقلوني الى مكان اكثر برداً ورطوبة, هو بلدة “قبس”. كان المنفي هذه المرة هو البديل للسجن, ولكنني كسرت حدة عزلتي بإقامة صلاة الجمعة كل اسبوع في مسجد البلدة, والاتصال بالناس, واحاطتهم بالواقع الذي تعيشه البلاد, بعدما كان آية الله الخميني قد خرج من السجن ليدخل حياة المنفى. واذ ذاك نقلوني الى بلدة “خلخال” على الحدود التركية, وهي بلدة ثلج وصقيع.
قلت: وبلدة الامام “صادق الخلخالي” المسؤول عن المحاكم الثورية؟؟!
– قال اجل .. اجل آت من هناك!
واستطرد: شفي “خلخال” اعدت الكرة. صلاة جمعة وخطبة توعية لأهالي المنطقة. وقد كان علي ان اشرح لهم افكاري بشيء من الفارسية وشيء من التركية. فاللغة التركية هناك هي الغالبة.ولم تلبث العدوى الثورية ان انتشرت هناك, فنفاني الشاه الى قرية اكثر عزلة, واشد برداً هي بلدة “صفقس” الواقعة في المنطقة الكردية على الحدود العراقية. وبذلك اتاح لي غباء رجال “السافاك” ان اجعلها ثورة متجولة من مكان الى مكان, وحتى صارت كالنار في الهشيم. وعندئذ فطن الجماعة الى الخطر الآتي من النفي الى المناطق الباردة فاعادوني الى طهران هذه المرة سجيناً في حبس “ايفين” ومكثت فيه حتى الايام الاخيرة للشاه المخلوع.وهكذا تجدني متخرجاً من السجون والمنافي!
   وجاءت صينية الشاي في يد احد خدم مجلس الثورة وجاء وراءه رجل في العقد الخامس يبكي وينتحب ويضرب صدره بكلتي قبضتيه وهي علامة الضيق, والغضب ..
ما الامر ايها الرجل؟ سأله اية الله منتظري.
   وعندئذ وضع الرجل البائس المحيار رأسه فوق كتف اية الله , تماماً كما يفعل الطفل الذي اعادوه الى امه, وبدأ يخبره امره بالفارسية وسط طوفان من الدموع .. فيربت اية الله على كتفه ويقول: خيراً ان شاء الله.
ويجد الامام المنتظري تساؤلاُ في عيني فيقول:
– هذا الرجل يريد ان يذهب الى دمشق لزيارة مقام السيدة زينب, ولكن السلطة الايرانية لم تسمح له بذلك لحرصها في هذه المرحلة على تجميع كل القوى داخل البلاد..
قلت: حسبته متطوعاً من اجل انقاذ جنوب لبناه..
قال بعينين ضاحكتين: لا … اطمئن. انه متطوع صوفي لا اكثر!!
سألته: ولماذا يختارك انت بالذات لتحل مشكلته؟
قال : انا مرجعه والمرجع عادة هو الوالد الكبير!
سألت هنا: من اين كان صاحب السماحة ينفق في سجنه ومنفاه؟
قال: اظنك تعرف ان المراجع عندهم باستمرار ذخيرة مالية. تذكر مبدأ “الخمس”. وانا في منفاي كنت اكتفي بغرفة صغيرة وسجادة. مجرد حياة زاهد ومتقشف.
فلماذا تكون هناك حاجة الى المال؟ بالعكس. لقد كان الكثيرون من المحتاجين يترددون علي وانا في منفاي لاساعدهم.
وكان لا بد هنا من السؤال:
– اريدك ان توضح لي الفارق بين آية الله الكاشاني ثائر الخمسينات, وآية الله الخميني ثائر السبعينات. لماذا ينجح الثاني حيث اخفق الاول, مع ان الاثنين اتيان من المجتمع الديني؟
قال: آية الله الكاشاني زعيم روحي لا اكثر. اي كان صاحب اسم ومقام. ولكنه لم يكن مرجع تقليد, كما هي حال الامام الخميني. اي لم تكن كلماته تسري في العقول والابدان كما تسري كهرباء كلمات الخميني. فمرجع التقليد كلما اتى بحركة, يسارع الناس الى تقليده. وكلما ادلى برأي لا يلبث هذا الرأي ان يتحول الى تيار. خذ مسألة الصوم الان. فمجرد ان قال الخميني انه يعلن الصوم الاقتصادي رداً على الحصار الاميركي, اصبح الصوم الاقتصادي شعار الجميع. انه تيار التقليد الذي لم يكن متوفراً للكاشاني.
وتابع قائلاً: ثم هناك بدون شك عوامل اخرى قد استجدت بعد مرحلة الكاشاني ومن ابرزها نضوج الوعي السياسي في القيادة, وفي القاعدة, سواء بسواء. وهذا النضوج هو الذي اتاح لآية الله الخميني ان يعلم الناس, ولا سيما الطلاب مبادىء واساليب النضال من بعيد ضد النظام الحاكم. لقد كان جيش ايران اقوى جيش في منطقة الشرق الاوسط, ولكن مواجهته في الشارع كانت اقوى مواجهة ظهرت حتى الان في تاريخ النضال الحديث. ان الثورة مدرسة تحتاج الى معلم ومرشد وصاحب قرار. بل هي سفينة وملاح. وقد كانت السفينة كبيرة, وكان الملاح كبيراً.
واستطرد:
– كذلك فإن ضغوط الحاكم تراكمت وساعدت على التفجير. وهو امر لم يكن موجوداً في زمن الكاشاني. وقد قال الامام علي لزياد بن ابيه حاكم البصرة: يا زياد احذر العسف والحيف. فإن العسف يعود بالجلاء والحيف يدعو الى السيف. وقد كان الحيف في زمن الشاه وجهاز “السافاك” شديد الوطاة بحيث كان من الطبيعي ان يدعو الى السيف, اي الى مواجهة السلطة بالعنف, بالحجارة وبالسلاح. وكانت ابرز ذخيرة شعبية في  قبضة الخميني هي الطلاب. وقد تنبه الى ان الطلاب المدنيين كانوا في خندق, والطلاب الروحيين كانوا في خندق اخر فدعاهم الى توحيد خندقهم واتمام التكامل الثوري فيما بينهم قبل ان يدعو الى اطلاق الرصاصة الاخيرة. وانتم هكذا في جنوب لبنان, يجب ان تتوحدوا: سنة, وشيعة, لبنانيين وفلسطينيين, لتكونوا في خندق واحد, فلا تتنازعوا فتفشلوا فتذهب ريحكم.
قلت: لنكمل الاية بحيث تقول: يا ايها الناس ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان.
قال: تلك هي المسألة .
قلت: ولكن الشيطان ينزل في واد ذي زرع. ففي الوقت الذي تدعو فيه يا سماحة الامام الى وحدة المسلمين, في لبنان, وفي كل المنطقة, تنفذ لعبة الامم من ثغرة انتم فتحتوها في الدستور الجديد.
قال: أية ثغرة؟؟
قلت: المادة السادسة من الدستور التي تفرض المذهب الجعفري اساساً للتشريع والاحكام. اي تدعون الى وحدة المسلمين وتمارسون المذهبية.
قال: انا اعذرك على هذا الافتراض. فأبواق اعدائنا في الخارج وجدت في هذا الموضوع عن جهل وسوء نية, مادة تنفخ فيها. وكل ما في الامر ان لكل بلد من البلدان قانوناً مدنيا, والقانون المدني ينطلق من مذهب واحد, والمذهب الواحد يستوحي عادة من اكثرية الشعب.
ومذهب اكثرية الشعب في ايران هو المذهب الجعفري.ومثله حال مصر مثلاً. فالمذهب الحنفي هو المتبع هناك.
 ليس لكم في جنوب لبنان الا ان تتوحدوا: شيعة وسنة ولبنانيين وفلسطينيين وإلا تذهب ريحكم
 اعداؤنا في الخارج يشهون صورة الدستور
      فنحن جعفر يون في ايران
      مثلما المصريون حنفيون
قلت: ليس في الدستور مصر اشارة مذهبية
قال: بالممارسة في المحاكم اذا شئت.
قلت: انا يا صاحب السماحة اتكلم عن المعنى السياسي للموضوع لا عن المعنى التشريعي. والمعنى السياسي ضدكم وليس معكم. وكان بالامكان النص على ان دين الدولة هو الاسلام مع استيحاء المذهب الجعفري بالممارسة. وانا اتوجه اليك مباشرة لأنك رئيس مجلس الخبراء الذي تولى وضع الدستور.
أجاب: المادة نفسها تنص على المذهب الجعفري لكنها تقول بالنص ان “المذاهب الاسلامية الاخرى, سواء كانت حنفية او مالكية او حنبلية او زيدية لها الاحترام الكامل. واتباع هذه المذاهب احرار في اقامة الشعائر المذهبية طبقاً لفقههم في التعليم, والتربية الدينية, والاحوال الشخصية والدعاوي المربوطة بها. ولهم الحق في الرجوع عند الاقتضاء الى المحاكم الرسمية كل في ولايته, واخذ الحكم حسب هذه المذاهب”.
قلت: مع ذلك يبقى المعنى السياسي قابلاً للنقد والتجريح.
اجاب: اعداؤنا هم الذين يثيرون هذا الموضوع. وسوف يتعبون في النهاية لأن الدستور ينص في المادة الحادية عشرة ان كل المسلمين امة واحدة وهذا برهاننا, ونحن صادقون.
وسألته عن تلميذه الامام موسى الصدر, وعن مساعيه لتحديد المصير الذي آل اليه, وعن جهود مجلس قيادة الثورة في هذا السبيل, فقال وعلامات الاسى تغمر محياه:
– موسى الصدر واحد منا, وجزء لا يتجزأ من ثورتنا, واختفاؤه يعز علينا, ومن هنا لم ندخر وسعاً على طريق استيضاح مصيره ومصير رفيقيه. وقد جاءني من يخبرني ان الامام الصدر قد استشهد. ولكن ليس عندي على ذلك أي دليل حسي. الكلام وحده ليس دليلاً, وباب الاجتهاد غير وارد في مثل هذا الموضوع. اننا نحتاج الى معلومات لنفصل في امر صديقنا وحليفنا الغائب. وليس عندنا معلومات.
قلت: لكنكم هنا في ايران تربطون بين اختفائه وبين قضية جنوب لبنان.
اجاب: لا شك ان اختفاءه متصل بموقفه السياسي في الجنوب. موسى الصدر مثلنا كان يتكلم لغة الثوار وكان الجنوب عنده هو القضية.وفي رأيي ان متابعة رسالة موسى الصدر تكون بتوحيد الصف في الجنوب شيعة وسنة, لبنانيين وفلسطينيين. فالعدو الحقيقي هو اسرائيل, ومن ورائها الولايات المتحدة. وفتح اية جبهة في غير الاتجاه عبث, واستنزاف لقوة المواجهة.
   وبقيت انتخابات رئاسة الجمهورية في ايران, وهي معركة تدور خارج دائرة المراجع الدينيين, لأن المرجع الديني اهم من رئيس الجمهورية, ولكن دورهم فيها هو دور فاعل ومميز.
اسماء المرشحين تملأ الحيطان في طهران وتبريز واصفهان, مدنيين وعسكريين. رجال جامعة ورجال دين. فأين موقع آية الله المنتظري في هذه المعركة؟ ومن هو المرشح الذي يرى فيه الاهلية للمنصب؟
يجيب ابن الثمانين بقوله: “ليس عندي مرشح معين. فكل اهل الثورة خير وبركة. ويكفي ان يكون المرشح  – كما ينص الدستور الذي وضعناه – عالما, وعادلا, وتقيا, وحازما, وصاحب رؤية حتى يكون هو المطلوب”.
قلت: انت مرجع ديني مقلد اي يقلده الاف الايرانيين. واذا لم تعلن مرشحك, او تهمس باسم مرشح, حار مقلدوك في امرهم, وكانوا نهباً للضياع. ولذلك فصمتك ليس هو المطلوب.
أجاب: مرجع التقليد هو الامام الخميني..
قلت: وانت ايضاً مقلد. لقد رأيتهم هنا كيف يستوحون منك القرار.
قال: حتى الان على الاقل .. ليس لي مرشح.
قلت: لكن الذين يلوذون بك يمررون اسم آية الله البهشتي نائبك في مجلس قيادة الثورة, وأمين حزب الثورة الاسلامية, والمسؤول المباشر عن الحرس الثوري..
اجاب: الكلام غير مستحب قبل.. اوانه!
* * *
   وتتنبه العيون المحيطة بنا في المصلى الى ان الرجل الذي هو احد حكماء ايران لم يلفظ اسم مرشحه, وان كانوا متفقين على ان مرشحه ومرشح الامام الخميني واحد. فمن يكون هذا المرشح؟ وكيف سيستقبله الناس؟
انها سياسة الكتمان عند اية الله المنتظري.
فالكتمان هو زيت الالة الحاكمة في ايران اليوم! 
 
موسى الصدر ما يزال حياً ولكن اين
الشيخ شمس الدين: هذه القضية ستمنح الشيعة الصلابة
النائب الحسيني: نتحدى الدنيا وسيظل صوتنا عالياً

(الصياد لا تاريخ) نقولا صيقلي

   حادثة اختطاف طائرة “الميدل ايست” المتوجهة في الرحلة رقم 312 من بيروت الى عمان. وعلى متنها 73 راكباً. لا شك انها اعادت قضية اختفاء الامام موسى الصدر الى صدر الصفحات الاولى.
   وربما هذا ما اراده فريق “الصدريين” المكون في الحقيقة من ستة اشخاص وليس من خمسة فقط, ذلك ان “الصدري” السادس تمكن من التسلل بنجاح بين الركاب الذين هرعوا الى ابواب الطائرة ينزلون منها بهرج ومرج.
   وليس “الصدري” السادس هو وحده الذي اختفى. بل كذلك الاسلحة التي كانت في حوزة الخاطفين. ما عدا مسدس واحد كان قد اشهره قائد العملية يوسف احمد حسين عند اعلانه اختطاف الطائرة.
وتكر سبحة الاسئلة حول هذه العملية!
   فهل صحيح ان حادثة الطائرة قصد بها اثارة ضجة اعلامية ليس الا. بعدما اخذت تمر قضية اختفاء الامام موسى الصدر في حالة من التمييع. كما يؤكد البعض. بل التمييع المقصود. كما يتهم البعض الآخر؟
   وهل ان هذه العملية خططت لها منظمة “امل” التي يرئسها الامام الصدر. وامينها العام النائب حسين الحسيني. وان “الصدريين” هم فرع من اصل؟
   وهل ان هذه العملية التي اريد لها ان تكون اعلامية بالدرجة الاولى هي للتحذير من احداث عنف قد تلجأ اليها الطائفة الشيعية الى جانب محبي الامام من سائر الطوائف اللبنانية. اذا ما استمرت عملية التمييع تجاه حادثة الاختفاء التي اصبح عمرها اربعة شهور ونصف الشهر؟
   ام هل انه قصد بالعملية توجيه اصبع الاتهام الى الجهة التي اقدمت على الخطف بعد ان عمدت  القيادتان الدينية والسياسية الشيعية حتى الان الى عدم الاتهام او الادانة لأي جهة. بالرغم من القناعات السائدة. لأن الاولوية في كل التحركات. هي للحفاظ على حياة الامام؟
تحذير ام تنفيس؟
   في الحقيقة. كان تحرك “الصياد” في بحث مستفيض لمعرفة مصير الامام. ومكان وجوده. ودوافع اخفائه او اختفائه.
   كان هذا التحرك قبل حادثة اختطاف الطائرة.
   ويمكن القول ان حادثة خطف الطائرة توافقت, عرضاً, مع آخر مقابلة لـ “الصياد” في مجال البحث في قضية الامام الصدر.
   وقبل الدخول في شرح معطيات البحث الذي اجرته “الصياد” والاستنتاجات من هذا البحث, لا بد من القول ان حادثة الطائرة ربما كانت تحذيراً. او بالأحرى تنفيساً لما يعتمل في صدور الشباب المؤمنين بزعامة الامام وتعاليمه. وهم كثر. والذين قرروا فعلاً افتداءه.
   وفي هذا المجال, قد تكون القيادة الدينية. اوالسياسية لهؤلاء الشباب. لا فرق قد اسقط في يدها. فلم تستطع الا تشكر ربها على النهاية السليمة للعملية. محذرة من ان عمليات اخرى اذا وقعت , فقد لا تكون نهاياتها حميدة.
القضية حساسة وعوامل تفجيرها مريعة
   من اين نبدأ في عملية البحث الشاق؟
  لا شك في ان البداية هي التساؤل “أين الامام يا عرب؟” ولا شك في ان القيادة الدينية كانت واعية وفي غاية من اليقظة. وكذلك القيادة السياسية للطائفة الشيعية. فقد  استطاعت لجم اي تطرف حتى الآن. مع انها اعتمدت خطة عدم الادانة او الاتهام لأي جهة من الجهات. وظلت مؤمنة بل واثقة ان الوساطات العربية على اعلى المستويات لانقاذ الامام ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب, والزميل الصحافي عباس بدر الدين لا بد ان تؤدي فعلها.
   ونتساءل في بحثنا مع المعنيين, ما هي المعلومات التي تملكونها عن الامام؟ وما مدى صحتها؟ وهل ان الامام لا يزال على قيد الحياة واين؟
   يقول الشيخ محمد مهدي شمس الدين , نائب رئيس المجلس الشيعي الاعلى.
   نحن نتصرف من خلال عاملين او قل من خلال اولوية واضحة يحددها عاملان.
الاول: الحفاظ على سلامة الامام.
والثاني: عدم الوقوع في فتنة طائفية, او في فتنة بيننا وبين الفلسطينيين.
   ويتابع الشيخ مهدي شمس الدين قائلاً منذ اليوم الاول. وحتى الامس وانا احذر من فقدان السيطرة على غضب الناس وخوفهم من قضية شديدة الحساسية تحفل بعوامل تفجير مريعة, ان الغضب والانفعال تجاه حادثة اختفاء الامام ليسا وقفاً على الطوائف الشيعية وحدها. بل لدى جميع الطوائف في العائلة اللبنانية كما تشير تقارير واقعية املكها.
  الشيخ عبد الامير قبلان. المفتي الممتاز يعترف بأن القيادة الشيعية اصبحت في موضع الاتهام من قبل عموم الطائفة وكل محبي الامام الصدر. وقد وصل البعض الى حد اتهامنا بالتواطؤ. ونخشى ان يفلت الامر من يدنا.
 اما النائب حسين الحسيني الامين العام لحركة “امل” فيقول بأن القضية لم تعد لغزاً على الاطلاق!!
• ونسأل, يقال بأن الامام قد يكون تقاضى مساعدات لحركة “امل” من جهة ما,وان حساب الحقل لم يطابق حساب البيدر, فكان الاختفاء او الاخفاء! هذا ما يشاع!!.
 -نائب رئيس المجلس الشيعي الاعلى يقول في هذا بأنها سفسطة لا تحتاج الى مجرد التعليق. النائب الحسيني يقول اننا نتحدى الدنيا والعالم كله بأن يكون لأحد اي شيء علينا.
• حتى بالنسبة للسلاح الذي تملكه “امل”؟
 -نعم, حتى بالنسبة للسلاح الذي يملكه مقاتلو المنظمة. فهذا السلاح اشتراه المقاتلون بمالهم, ولهذا السبب, صوتنا عالٍٍ وعالٍ جداً وسيظل  هكذا  دائماً. اننا في مشاريعنا العمرانية, نبني لبنة فوق لبنة, ولو ان مساعدات او هبات كما يقول البعض “غطت” علينا لما كنا في هذا البطء القائل من حيث تنفيذ مشاريعنا الحيوية.
• لماذا لا تعلنون ذلك, وقد راجت هذه الشائعات؟
 -يجيب الحسيني, لأننا لا نريد الدخول في المهاترات, فمثل هذا العمل يعني قبولنا بالاتهامات, واننا بدأنا في بحث التفاصيل. والبحث في هكذا مهاترة مرفوض.
القضية تكبر … وتكبر!
   ويجمع كل الذين تباحثنا معهم في قضية اختفاء الامام بأن السيد موسى الصدر ليس زعيماً سياسياً ومحلياً, بل هو زعيم ديني كبير وان الاعتداء عليه يعني الاعتداء على دينه, وعلى الناس الذين يمثلهم. ونعود نسأل, لكن اين الامام يا سادة؟ ويتفق الجميع, الجميع على الاطلاق, على ان الامام الصدر زار ليبيا بدعوة رسمية!
• رسمية؟
 -نعم رسمية!
• وبعد؟
 -قدمت ليبيا معلومات بأن الامام غادر بلادها. الدولة اللبنانية, ونحن من جهتنا حاولنا التئبت من هذه المعلومات, لكنها لم تبد حقيقة ولم تثبت على الاطلاق. ولم تقنع هذه المعلومات لا الرأي العام ولا نحن طبعاً.
• معنى ذلك انه لا يزال موجوداً في ليبيا؟
 -طبعاً ومن كل بد!
•  ونسأل: هل انتم على قناعة بأنه لا يزال حياً؟
 -الشيخ محمد مهدي شمس الدين يقول املنا بالله كبير, وهذا ما يحدوني الى الاستمرار  في الوفاء لمبدأين قطعتهما على نفسي, سلامة الامام وعدم وقوع فتنة.
   ويعترف نائب رئيس المجلس الشيعي امثال الملك خالد عاهل السعودية, والملك حسين عاهل الاردن, والرئيس السوري حافظ الاسد, والامير فهد ولي العهد السعودي, وكذلك الامير عبد الله بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس الوزراء السعودي كلهم افادوا بوجود الامام ورفيقيه على قيد الحياة. وانه سرعان ما يعود الى وطنه واهله وعشيرته وطائفته.
   ولكن نائب رئيس المجلس الشيعي الاعلى يشير من جهة اخرى باصابع الاتهام الى بعض الزعماء العرب الاخرين ويقول “لست في موقع الكلام عن الجهة التي يتصل بها هؤلاء الزعماء, لكنني استطيع ان اؤكد على اللامبالاة الحاصلة. وكل ما استطيع قوله بشأن اختفاء الامام هو ان الذين قاموا بهذا العمل اتبعوا اسلوباً منحطاً كثيراً في التعامل السياسي.لأننا اذا اتبعنا مثل هذا الاسلوب نكون قد انتقلنا الى حالة من الهمجية الرهيبة.
   ويضيف الشيخ شمس الدين قائلاً, من غير المعقول ابداً الاستمرار في التأجيل والتسويف, فمن المستحيل تذويب القضية في مشاعر الناس, وقضية الامام لا يمكن تمييعها لأنها اشبه بكرة الثلج تكبر وتكبر. والخوف الخوف من ان اجد نفسي في موقع عدم القدرة على الوفاء بالالتزام الذي قلته لك سابقاً.
   ونسأل عن الدوافع لهذا الاختفاء؟
الجواب هنا يأخذ اشكالا مختلفة!
   احدهم يقول, ان الضحية لا يسأل عن السبب الذي دفع البعض للاعتداء عليه. السلطة الدينية الشيعية العليا تقول, في الحقيقة لا نملك سبباً سياسياً بالتحديد. هذا الشيء غير المعقول لا نملك له سبباً محدداً.
• لكنكم, في المذهب الجعفري, تتركون باب الاجتهاد مفتوحاً, فما هي اجتهاداتكم بهذا الشأن؟
 -كي نزيد معرفتك بمبدأ الاجتهاد. هناك ما يسمى بالمواقف التي تتعارض مع النصوص!
• لا بد انكم كونتم فرضيات, او احتمالات بشأن دوافع الاختفاء؟
 -لا شك! وهي كثيرة, ولكنني لا استطيع قول شيء على سبيل التحديد. 
   امين عام منظمة “امل” يقول, ان السبب الرئيسي في اخفاء الامام هو تعطيل دوره. فالامام الصدر كان قد اوشك في آب, اغسطس 1978 على تشكيل جبهة اتحاد وطني يعلن مولدها في صوفر. هدفه من ذلك وقف الحرب اللبنانية. وبداية الوفاق السياسي في البلد. ويظهر ان العاملين على استمرار تأجيج الحرب اللبنانية لم يرق لهم ذلك. فارادوا تعطيل دور الامام او وقفه.
   الشيخ مهدي شمس الدين يقول صحيح ان اخفاء الامام اجهض عملية الوفاق اللبناني, وكان هذا من سوء حظ اللبنانيين, ذلك ان المحاولة كانت في نهايتها, ولو انها تمت لجنبتنا الكثير من المآسي الامنية والسياسية. وبالتأكيد فإن اجهاض هذه العملية لم يكن لمصلحة  اللبنانيين, لكن الشيخ شمس الدين لا يستطيع ان يربط كلياً بين اخفاء الامام وبين تشكيل جبهة الاتحاد الوطني.
    ونسأل, هل ان التوطين هو السبب في اخفاء الصدر؟
   الشيخ مهدي شمس الدين يقول, انها احدى المداخلات السياسية التي بدأت ادخلها في الحسابات, لكن الاستمرار في اخفاء الامام لا يبدو لي انه فشل محاولات انهاء الازمة. وترافق هذا مع بروز خفايا اتفاقيات كامب ديفيد وتصريحات وزير خارجية فرنسا, وبيانات طرح التوطين ورفضه من هنا وهناك. كل هذه الامور تجعلني ادخل موضوع التوطين في مجال الافتراض في صلب القضية. لكن اذا كان الامر هكذا. ارجو الا يكون, فالعمل ساذج وقصير النظر.
   لا شك ان سماحة الامام كان وجوده عاملا كبيراً في مواجهة التوطين, لكنه ليس العامل الوحيد. فقضية التوطين اذا كانت جدية. فإنها تمس حياة اللبنانيين جميعاً, واخفاء الامام لا يعطل ابدا ارادة الرفض, رفض التوطين والعمل ضده, بل ربما يصبح حافزاً اكبر لارادة التصدي ضد التوطين, واذا وقع المحظور, فإنه سيؤدي الى كارثة لا محالة.
   النائب حسين الحسيني لا يعتقد ان مسألة التوطين هي السبب وراء اختفاء الامام الصدر, ويقول ان التوطين جاء كأحد نتائج مقررات كامب ديفيد التي اصبحت حبراً على ورق بعد التغييرات الجوهرية في ايران, ذلك ان اسرائيل بعد بروز المعادلات الجديدة في المنطقة اضحت دولة مصابة بمرض الشيخوخة المبكرة, وقد افل نجمها, واصبحت تشكل عبئاً كبيراً على صانعيها, كما ان كلفة وجودها اصبحت اكثر من افادتها للجهات التي زرعتها في المنطقة.
   الامام الصدر يعبر عن رفض التوطين, لكن ليس وحده هوالذي يمنع التوطين, بل الشعب اللبناني باسره, والشعب الفلسطيني ايضاً. ان التوطين انهاء للقضية الفلسطينية, واي عربي يقبل بالتوطين لا يمكن الا ان يكون اسرائيلياً, بل صهيونيا.
   اقول لك شيئاً مهماً. ومهماً للغاية, ان جنوب لبنان بذهن المسلمين الشيعة اسمه جبل عامل, وهذا الاسم يشكل لكل شيعة العالم قيمة تراثية لا يتخلى عنها.
   من جهة اخرى. فإن اللبنانيين لديهم القناعة المطلقة بوجوب المحافظة على وطنهم, من اجل المحافظة على الشراكة مع الوطن العربي, وان يكونوا شركاء حقيقيين. فإذا كنت بلا وطن, فكيف استطيع ان اشارك آخر في وطنه؟
   لقد تغيرت الاوضاع كلياً بعد احداث ايران. فاليوم يستطيع اللبناني ان يهرب بأمنه من اللاعبين الدوليين, كما ان كل اللاعبين على الساحة اللبنانية تقزموا, وكذلك اسرائيل.
لن يكون التفجير في لبنان
• ونسال عن دور الامام الصدر في الاحداث الايرانية, وهل من الممكن ان يكون هذا الدور احد دوافع الاختفاء؟
 -الشيخ محمد مهدي شمس الدين يقول بأن الامام الصدر كان من الاصدقاء الحميمين والمتعاطفين بشكل كبير جداً مع الوضع الايراني, وربما على يد آية الله الخميني في شكل ما.
   على الصعيد الديني المحض هناك مراجع اخرى غير الامام الصدر مثل آية الله منتظري الذي  له مشاركات فعلية وهو في صميم الحركة التنظيمية للثورة الايرانية. 
   اما في السياق السياسي, فنستطيع القول ان الأئمة الثلاثة الخميني وشريعة مداري والصدر يشكلون قوة قاعلة.
   وندخل في الفرضيات الخاصة بدور الامام الصدر في الاحداث الايرانية, ومن ثم انعكاسات هذه الاحداث على ما جاور ايران, خاصة وان خمس جمهوريات سوفياتية تحد ايران, معظم سكانها من الشيعة. ونتساءل, ما هو مصير هذه الهجمة الشيعية؟
   نائب رئيس المجلس الشيعي الاعلى يتوقف عند تعبير “هجمة” شيعية ويقول ان ما يجري في ايران ليس هجمة بل هو تحرك ليس الاول من نوعه في ايران. لقد عرفت تلك البلاد منذ عهد السلاطين القاجاريين امثال هذه التحركات والثورات.
  فالانسان الايراني له طبيعة خاصة, ويعتبر انه يملك طاقات ضخمة لا بد له من تفجيرها, وان السلطة القمعية تحول دونه وتحقيق ذلك, من هنا كانت ثورته عليها, خاصة اذا كانت عملية التحديث العشوائي هي السارية كما الحال ايام الشاه. اذا, فإن ما يحدث في ايران ليس هجمة شيعية كما تقول. بل هجمة ايرانية على النظام الايراني. وقد حسمت هذه الهجمة فعلاً, ولم يبق منها غير اوراق صفراء سرعان ما تتهاوى.
  اما النتائج, فلا بد ان تترك آثارها على المنطقة. هذا امر لا بد منه. السابقة القائمة حالياً امام الانظار, التغييرات التي حدثت نتيجة حرب فيتنام والتي شملت كل منطقة جنوب شرق آسيا, ان كان من حيث التوجه الصيني الجديد نحو الغرب, او ما حدث في كمبوديا.
  نعم, ان التغيير لا بد حادث في محيط الشعاع الايراني. من الاتحاد السوفياتي, وحتى اصغر امارة في الخليج. فالتغيير في ايران يعطي الفرصة للجميع, لكنني اريد ان اشدد هنا بأن التغيير الايراني ليس له اي طابع تعصبي.
• لكن يخشى البعض ان تقابل الهجمة “الايرانية” بهجمة سنية, ومن ثم تقابل الهجمة الاسلامية ككل بهجمة صليبية؟
 -يرتاح الشيخ محمد مهدي شمس الدين في مقعده, وينفث دخان سيجارته, ليقول, كون طبيعة اغلبية الشعب الايراني شيعية, لا تعني بالضرورة ان تجابهها هجمة سنية, كما انه لا توجد هجمة اسلامية ليكون لها النقيض الصليبي.
   ربما يحدث هذا على صعيد قانون السياسة وما وراءها, وليس على الصعيد الديني. انا معني بالصعيد الحضاري. وفي هذا الشأن اتوقع وقفات كبرى للفكر الغربي الحضاري وليس السياسي. اكان اشتراكياً ام رأسماليا. انني اتمنى ان يعود الغرب لدراسة الانسان الشرقي, خاصة الانسان
    فالامام الصدر هو احد اكبر رجال الدين الشيعة في العالم, ومن الذين عارضوا حكم الشاه منذ قرابة 15 عاماً, واعتبروا تعامل الشاه مع اسرائيل انحرافاً ضد الدين الاسلامي.
   ويقول هذا المتنفذ ان الهجمة الصهيونية على فلسطين هي هجمة ثأرية ضد الديانتين المسيحية والاسلامية. ابتلاء بعض الدول المسيحية بالانظمة المادية جعلها او حولها الى ادوات في يد الصهيونية العالمية, وبتصوري, لم يكن باستطاعة الصهيونية بسط سيطرتها على فلسطين الا من خلال هذه الانظمة.
   الثورة الايرانية تبطل تعاون الدول العربية مع اسرائيل, وستبطل بالتالي الحياد المسيحي تجاه اسرائيل.
   امين عام منظمة “امل” يذكر بكلام ديغول لوزير الخارجية الاسرائيلي ابا ايبان في العام 1967 “انتم تغلبتم على العرب بسبب التقدم التكنولوجي فهل حسبتم ماذا سيحدث بعد عشرين عاماً واذا ما كان العرب سيظلون متخلفين وليس معهم احد؟
   ان اميركا مدعوة الآن لاعادة النظر في مصالحها في ضوء المعادلات المستجدة.
   الثورة الايرانية, يقول النائب الحسيني, ينظر اليها المسلم الشيعي خاصة والعربي بشكل عام من زاويتين.
   المسلم الشيعي مهما كان عطاؤه لأمته وقضاياها الوطنية كان يحس في قرارة نفسه بوصمة عار من جراء تعامل نظام الشاه مع اسرائيل. والآن وبعد الانتفاضة الايرانية يشعر بأن كرامته ردت اليه واصبح في حالة انفراج. فزوال نظام الشاه يعني ازالة التحييد الايراني تجاه القضية الفلسطينية التي هي مصدر قلقه الدائم. وهذا الشعور يشارك فيه كل عربي مسلم او مسيحي النصراني الشرقي. فالانسان النصراني الشرقي الموجود في العالم الغربي او غير الغربي يظل انساناً وليس آلة كما قسمته التكنولوجيا.
   اتمنى على المسيحية الشرقية بكل طوائفها ان تفهم قياداتها الروحية بأن ما حدث في ايران هو لمصلحة كل الحضارات الدينية في العالم.
   ونعود الى الامام الصدر ودوره في الاحداث الايرانية, يقول احد المتنفذين من الاصدقاء الحميمين للامام بأن خطيئة السيد موسى الصدر هي ان حجمه كان كبيراً, وصوته عالياً ومسموعاً, لذلك كان من الواجب اخفاؤه ليحولوا بينه وبين تخريب المعادلة.
• واخيراً نسأل عن المعطيات الحسية عن وجود الامام حياً مع رفيقيه, ونستطرد عما اذا كانت الجهة الخاطفة اصبحت تقدر بأن الاستمرار في اخفاء الامام يعني الضلوع عن قصد او غير قصد في مخططات اقل ما يقال فيها انها ليست لصالح الامة العربية؟

الشيخ عبد الامير قبلان يؤكد بأن احد صحابة آية الله الخميني, الدكتور زاده توجه الى طرابلس الغرب ووجد ان كل الدلائل تشير على استمرار وجود الامام ورفيقيه على قيد الحياة.
  النقيب رياض طه زار هو الاخر ليبيا ولم ير دلائل تشير الى التصفية, كثير من المراجع العربية العليا تؤكد هي الاخرى بأن كل الاشارات تفيد باستمرار بقاء الامام حياً.
   الاهم, هو ان الجهة الخاطفة اتصلت مؤخراً بآية الله الخميني في باريس, ويقول امين عام منظمة “امل” بأن الامام بعد ان فشلت محاولات المساومة معه, تجري محاولات المساومة به وعليه.
   ما هي هذه المساومات؟ لا احد يعرف كنهها. حتى الامين العام للجامعة العربية محمود رياض افاد بأنه يعيش في دوامة المعميات بالنسبة لهذه القضية, ذلك لأن التعامل مع الجهة الخاطفة صعب ومعقد للغاية.
   كل اعضاء المجلس الشيعي الاعلى مجمعون على استمرار فسح المجال امام القادة العرب المستمرين في مساعيهم لعودة الامام. ولا يودون الافصاح اكثر لأنهم يتعاملون مع اخطر قضية. كما ان الجميع حريصون على ان لا يكون اي تفجير لهذه القضية على الارض اللبنانية, لأن اي تفجير من هذا النوع يتناقض مع مبادىء الامام, فيصبح الاعتداء اعتداءين.
   يقولون, نحن نعرف ما نريد, نريد الامام, ونحن مصممون على رجوعه مهما كانت العوائق, ويخطىء كثيراً من يعتقد بأنه يمكن تحويل الناس عن هدفهم وتضليلهم. نريد الامام لشخصة ومبادئه, ومصرين على ذلك. فالمصيبة بدأت كبيرة وتكبر اكثر بعكس كل المصائب التي تبدأ كبيرة وتصغر.
  اما اذا لم يكن من الامر بد, فسنعمل ما يعمله كل صاحب حق ومتشبث على ان لا يطال لبنان.
الاخطار تهدد وجودنا
• لكن, متى النهاية لهذه الازمة؟
 -يقول الشيخ محمد مهدي شمس الدين, انا لست بوارد التشهير او الادانة لأي جهة في الدنيا عربية او غير عربية, لأن القضية تتجاوز ادخالها في المتاهات, وارجو ان يفهم الجميع موقفنا.
   تسألني عن النهاية؟ لكل شيء نهاية لكنني لا املك اية معطيات تجعلني استطيع توقيت النهاية. وكل ما اؤكد عليه هو ان الغضب واليأس يتجاوزان اي مرجع او قيادة او اعتبار.
   لذلك اكرر المناشدة والطلب, وليس التمني, من كل القادرين في العالم العربي, من مسؤولين على كل المستويات لوضع نهاية سليمة لقضية الامام تضمن سلامته وحريته انا اعرف مدى الصعوبات التي يواجهونها لكنني اعتقد ان هذه الصعوبات لن تثنيهم عن العناية الدائمة بهذه القضية.
   اما بالنسبة لابنائي الشيعة, فأقول ان هذه القضية ليست الامتحان الاول في التاريخ الشيعي. ولن تكون الامتحان الاخير فالشيعة كانوا كباراً دوماً في مواجهة محنهم, وبدلاً من ان تكسرهم المحن, كانت تزيدهم صلابة وامانة لذاتيتهم. ولا شك ان هذه القضية ستزيد ايمانهم وتمنحهم القوة والقدرة على الارتفاع, والصلابة في مواجهة الاخطار التي تهدد وجودهم وهويتهم في لبنان.
   وانهم سيزدادون اصراراً على قضاياهم في لبنان كلبنانيين اوفياء لوطنهم. كما هم اوفياء لدينهم وامتهم.

الشيخ محمد مهدي شمس الدين و هو يتحدث الى فضلو هدايا و صبري يحيى
في حوار هادىء و صريح..الشيخ محمد مهدي  شمس الدين:
إيران وعدت بالتحري عن الإمام الصدر
وسيكون الرد بحجم ثورتها      (مصحح)
(الجمهور في 12 نيسان 1979 الصفحة 12)

• الذي استطاع ان يزيل عرشا عمره 2500 سنة قادر على فعل أي شيء
• أرجو ان لا يعتبر المسؤولون العرب المعنيون بقضية الإمام انهم أدوا واجبهم فيها وأصبحت المهمة في يد الايرانيين
• إذا كان توطين 200 ألف فلسطيني أحد أسباب إخفاء الامام, فإن هذا الإخفاء لن يحقق أهدافه..
• الاعلام الاجنبي يعتمد التشويه والتشويش بالنسبة لما يجري في ايران.. وليطمئن الجميع.. فالثورة استقرت

اجرى الحديث: فضلو هدايا و صبري يحيى

   أين اصبحت قضية الامام موسى الصدر؟ ماذا عن العامل الايراني الجديد الذي دخل على هذه القضية؟ ما حقيقة ما يشاع حول توطين 200 ألف فلسطيني في الجنوب؟
ماذا عن زيارته الاخيرة الى ايران, وما هي أبرز المواضيع التي بحثها مع الامام أية الله الخميني وزعماء الثورة هناك؟ ماذا عن القمة الروحية المزمع عقدها, وهل صحيح ان عملية بيع الاراضي في الجنوب زوبعة في فنجان؟
   هذه الاسئلة وغيرها حملناها الى الشيخ محمد مهدي شمس الدين, نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى بحثا عن الاجوبة الشافية. والحديث الذي استغرق ساعتين ونصف الساعة جرى في منزله بشارع رأس النبع, وكان يقطعه بين وقت وأخر رنين الهاتف حيث كان على الطرف الاخر من الخط بعض المستفسرين عن جملة من القضايا.

وكان السؤال الاول البديهي:
* أين أصبحت المساعي المبذولة لمعرفة مصير الامام موسى الصدر, وما هي حقيقة قصة اختفائه؟
قال سماحته:
– القصة شديدة الوضوح ولم يعد فيها كثير من الخفايا, بل أصبح الجميع على دراية كافية بالجانب الاكبر من تفاصيلها وملابساتها. أما عن الجهود المبذولة بشأنها, فقد كان الاعتماد على المساعي العربية التي لم تحقق تقدماً يذكر على هذا الصعيد, بالرغم من مضي مدة طويلة, وبالرغم لما نعتقده من توفر عنصر الاخلاص والجدية.
   ولا استطيع أن أحدد الاسباب التي جعلت الجهود العربية غير فعالة في هذه القضية.
بطبيعة الحال دخل عامل نوعي جديد على الموقف بالنسبة لقضية الامام هو العامل الايراني الذي تأكدت من أنه يتعامل مع هذه القضية من موقع مبدئي وليس من مواقع سياسية.
   وما أرجو أن يتم في هذا الشأن هو الا يعتبر المسؤولون العرب المعنيون بقضية الامام أنهم أدوا واجبهم فيها وأصبحت المهمة في أيدي الايرانيين. فمن الضروري أن تستمر الجهود العربية وتتكامل مع الجهد الايراني, وهذا ما يحملني على توقع أن تؤدي هذه الجهود المتكاملة الى نتيجة.
   والحقيقة أنه لا توجد معلومات محددة يمكن الركون اليها والثقة بها بشكل مطلق حول مصير الامام. فالقضية لا تزال تراوح مكانها دون ان تحقق أي تقدم في هذا الشأن على صعيد المعلومات.
• يقال ان احد أسباب إخفاء الامام هو توطين 200 ألف فلسطيني في الجنوب. فما هو رأيك؟
– لا أستطيع ان أؤكد سببا معينا بذاته لإخفاء سماحة الامام. كل الاسباب السياسية واردة. وربما يكون هذا السبب الذي ذكرت من جملتها. ولكن لي تعليقا على هذا القول وهو انه إذا كان في التوجهات الدولية أو في بعض التوجهات العربية شيء من هذا القبيل, فأنه لن يمر, لأن الادارة الشيعية والوطنية لن تسمح به, والطائفة الاسلامية الشيعية ستحاربه بكل أسلوب وبكل وسيلة.          ومن هنا, فإذا كان هذا سببا لإخفاء الامام, فإن هذا الاخفاء لم ولن يحقق أهدافه, ومن ثم فلا فائدة لمن أخفوه أو تعاونوا على إخفائه, بل اعتقد ان وعي الجنوبيين للخطر المحدق بهم من هذه الزاوية قد ازداد وتعمق, مما يدفعهم الى مزيد من الحذر والتشكيك في كل تطمين أو تهدئة سياسية تقال لهم.
وموقف الجنوبيين من هذه القضية, كموقف قياداتهم, ليس قابلا للمساومة أو المهادنة لأن هذه القضية, قضية التوطين, اذا كانت صحيحة تشكل خطراً وجوديا عليهم, وعلى لبنان, وعلى القضية الفلسطينية..
• حتى الان اقتصر تحرك المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى على الخطوات الدبلوماسية وبعض التظاهرات. فهل في نيتكم اتباع أسلوب جديد للكشف عن سماحة الامام؟ وهل قطع لكم أية الله الخميني وعوداً صريحة في هذا الحقل؟
– طبيعة المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى تحدد اسلوب عمله في هذه القضية وفي غيرها من القضايا الوطنية والاسلامية, وهو العمل السياسي والدبلوماسي, وتوجيه الرأي العام نحو مصالحة وتنبيهه الى الاخطار التي تواجه الوطن أو أي جزء منه أو أي فئة من فئاته. والعمل بجميع الوسائل السياسية والجماهيرية على ضمان المصلحة العامة ومواجهة الاخطار العامة.
أما لجهة الامام الخميني, فقد عبر مراراً عن تأثره الشديد والصميمي بقضية سماحة الامام (ابني وتلميذي), وتصميمه على أن يعمل بجميع الوسائل الممكنة لهذه القضية.
• ما هو حجم هذه الوسائل؟
– ان حجم هذه الوسائل سيكون بحجم الثورة الايرانية وتصميمها ودرجة عقوبتها. والذي استطاع ان يزيل امبراطورية عمرها 2500 سنة في خلال 15 سنة باستطاعته ان يفعل الشيء الكثير!
• 
• ما هي نتائج زيارتك لإيران, وما هي المواضيع التي تطرقتم اليها؟
– في الحقيقة ان أول الموضوعات وأكثرها الحاحاً كان موضوع سماحة الامام, ان مع أية الله الخميني, وان مع كبار المسؤولين في حكومة الثورة, أو في حكومة الجمهورية الاسلامية, كالرئيس مهدي بازركان ووزير الخارجية السيد كريم سنجابي, ورئيس لجنة التخطيط العليا, وقيادة الحزب الجمهوري الاسلامي, والمراجع العليا, وقيادات الرأي العام. وقد تطرقنا طبعا, الى أحاديث سياسية وفكرية عن الثورة الايرانية بالذات, وعن الاوضاع الراهنة, وآمال المستقبل بالنسبة لإيران الجمهورية الاسلامية.

حسين الحسيني العائد من ايران:
معلوماتنا لا تزال تؤكد أن الإمام الصدر حي يرزق  (مصحح)
(الجمهور 24 ايار 1979 الصفحة 10)

   النائب حسين الحسيني, عاد مؤخراً من طهران, حيث قابل هناك أية الله الخميني وكبار المسؤولين الايرانيين وبحث معهم في أخر تطورات قضية الامام موسى الصدر وصحبه وضرورة كشف كل ملابسات هذه القضية والاسراع في إعادة الامام قبل الوصول الى درجة التصعيد ضد الجهة المعنية بعملية الاخفاء.
   وفي رأي أمين عام حركة أمل ان الامام الصدر وصحبه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين ما زالوا على قيد الحياة, وهذا أمر ثابت لدى النائب حسين الحسيني استناداً الى المعطيات والمعلومات التي توافرت لديه من خلال اتصالاته ومحادثاته مع عدد من المسؤولين في لبنان وسوريا والاردن وايران والجزائر, علما بأن هذه الدول كانت ولا تزال مهتمة بقضية الامام, وهي الان تتابع هذه القضية بديبلوماسية هادئة لتأمين عودة الامام سالماً الى وطنه.
   وطلب السيد حسين الحسيني من السيد عبد السلام التركي توضيحا حول أقواله في المؤتمر الاسلامي بشأن قضية الامام عندما قال: “اسألوا لبنان عن الصدر”( …) بأعتبار أن توجيه هذا السؤال الى لبنان يخفي أبعاداً خطرة في نظر الرأي العام العربي والاسلامي العالمي.
   ورداً على ما قاله الرائد عبد السلام جلود في طهران من ان الامام قد اغتيل خارج ليبيا قال النائب الحسيني ان الرائد جلود نفى هذا القول وتراجع عنه ولكن بين النفي والتأكيد تبقى الاسئلة وعلامات الاستفهام قائمة حول هذا القول.
   وعلى كل حال فقد مضى على اختفاء الامام وصحبه ثمانية أشهر ونيف, وبعد المراجعات والاتصالات المتواصلة التي اجراها المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى والنائب حسين الحسيني وكبار المسؤولين اللبنانيين والعرب الايرانيين تحولت قضية الامام الى لغز محير. فمن القائل ان الامام لا يزال حياً يرزق و صحبه في ليبيا ولكن الجهات الليبية المسؤولة تؤكد رسمياً سفره على متن طائرة “أليطاليا” الى روما في الرحلة رقم 881, وبالمقابل فإن السلطات  الايطالية نفت وجود الامام في روما أو في اي مكان اخر في ايطاليا وأذاعت هذه السلطات بيانا بهذا الشأن, كما ان شركة “اليطاليا” نفت هي بدورها رسميا سفر الامام على متن طائراتها, اذن أين الامام, وكيف يمكن حل هذا اللغز؟
   النائب حسين الحسيني يقول ان قضية الامام ليست لغزاً, ولم تستطع أية جهة منذ اللحظة الاولى للاختفاء, جعلها لغزاً, بالرغم من ان كل المحاولات كانت تهذف الى إقامة طبقة ضبابية تفصل الرأي العام والجهات المعنية عن الحقيقة.
   هذه الحقيقة لا تحتاج الى اثبات بأعتبارها تستند الى الوقائع والتواريخ.
   ويتابع أمين عام حركة أمل قوله: ان كل المعطيات والمؤشرات المتوافرة لدينا تشير الى ان الامام ومرافقيه ما زالوا أحياء, لذا فإننا نتابع القضية ونواجه مسؤولياتنا تجاهها, وعلى الاخرين أيا كانت ادوارهم في عملية الاخفاء ان يتحملوا مسؤولياتهم كاملة.
   وذكر النائب حسين الحسيني ان الموقف الايراني هو في الدرجات العليا عن التصعيد وسيصل هذا الموقف الى الدرجات القصوى. كما ان قضية الامام انتقلت الى مستوى المعالجة الدولية, بحيث ان البيان الايراني كان واضحاً جداً في المؤتمر الاسلامي الاخير الذي انعقد في مدينة فاس المغربية, كما ان الموقف اللبناني لم يقلل أبداً من اهمية هذه القضية, علما بأن بعض الجهات حاولت بشتى الطرق استخدام أجهزة الاعلام للتقليل من أهمية ما أثاره الوفدان الايراني واللبناني بهذا الصدد.
  وتابع الحسيني قائلا: ولئن كان المؤتمر الاسلامي قد فضل عدم اتخاذ القرار الحاسم بشأن هذه القضية في الوقت الحاضر, لأن أكثرية الاعضاء المشتركين كانوا يرغبون في افساح المجال للجهات المعنية بأخفاء الامام من اجل سرعة العمل لإنهاء هذه القضية, خاصة وان المردود عن هذه القضية ليس سوى أسوأ الانعكاسات على كل الأصعدة.

المصدر: الدستور 2/11/1979
الشيخ محمد مهدي شمس الدين لـ “الدستور”:
لن نكون شهوداً على ضياع الجنوب
o كامب ديفيد خطط لخلق “كانتونات” في لبنان.
o من ابرز تواريخ هذا القرن جريمة اخفاء الامام الصدر
o الفاتيكان والبابا اهملا اخفاء الصدر.
 مصحح
جنوب لبنان – من “مراسل الدستور”
    إنتقد الشيخ محمد مهدي شمس الدين نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى من لبنان موقف الفاتيكان والبابا من قضية اختفاء الامام موسى الصدر حيث لم يعر البابا أي اهتمام لها, فيما اهتم اهتماماً بالغاً بقضية الرهائن في السفارة الاميركية في طهران – كما انتقد مجلس الامن والضمير العالمي…
   جاء ذلك في حديث ادلى به شمس الدين اثناء تفقده لمنطقة صور وبلدة جويا للاطلاع على اثار القصف والدمار الذي خلقته الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة على المناطق الجنوبية..
   وقال شمس الدين ان اهالي الجنوب ليسوا بحاجة الى مال الدول العربية وغيرها بقدر ما هم بحاجة الى الحد الادنى من الامن والسلام واضاف: اننا نتحمل الاخطار شرط ان تكون اخطار صمود لا اخطار وجود (…)
   وتابع قائلاً: ان الجنوب اللبناني سيبقى قلعة من قلاع الثورة الفلسطينية ومربضاً امامياً من مرابض المقاومة لأن التزاماً ناشئاً عن الخوف كالتزام الكثيرين, انما هو التزام اسلامي من مسلمين مجاورين لأرض اسلامية مسلوبة ولشعبها المجاهد…
   (…) ان حصون الاستعمار وسدوده تتهاوى سداً بعد سد امام الحق المطلق الذي تمثله الثورة الفلسطينية والمقاومة ضد الباطل المطلق الذي يمثله الاحتلال الصهيوني وقوته العالمية وخلفيته الكبرى – العالم الغربي واميركا…
  وحول اخطار الصمود والوجود في جنوب لبنان قال شمس الدين: “هذه الاخطار غدت منذ بعض الحين اخطار وجود, فلم يعد الامر مقتصراً على ان يقتل الناس, وهم على استعداد لذلك, ولم يعد الامر مقتصراً على ان تهدم البيوت, وانما اصبح الخطر خطر وجود, ان يبقى الجنوب لبنانياً, وجزءاً من هذا الوطن ولأهله او لا يكون, الخطر ان يحتل الجنوب فيكون ورقة جديدة في يد اسرائيل تضاف الى الاراضي المحتلة الاخرى ورهينة جديدة تضاف الى الرهائن الاخرى”.
      … إن خطر احتلال الجنوب قائم وثابت بلا ريب, وهناك خطر التقسيم الذي يتعرض له الجنوب, ولم يعد هناك مجال للاسرار فمنذ الشتاء الماضي يجري الحديث في أروقة الامم المتحدة عن تجربة “كاتنغا” في الكونغو. خصوصاً ذلك  الكانتون في الشريط الحدودي الذي تقف خلفه اسرائيل, وهذا سيؤدي اذا استمر الى خلق “كانتونات” اخرى في الجنوب وبقية انحاء لبنان, ولقد تم التخطيط لذلك في “كامب ديفيد” وقراراته الخيانية العدوانية التي رعتها امريكا..”.

الوحدة الاسلامية
   وفي نطاق الحديث عن الوحدة الاسلامية في ظل الظروف القائمة وموقع الثورة الفلسطينية والعلاقات الشيعية الفلسطينية قال شمس الدين: “ان التزام الشيعة بالوحدة الاسلامية شعاراً وممارسة في احسن حال, ذلك انه لا يوجد أي تعارض بين الوحدة الاسلامية وبين الالتزام الاسلامي الشيعي بقضية فلسطين كقضية وبالمقاومة الفلسطينية كقوة سياسية عاملة على الارض لا يمسها شيء على الاطلاق”.
  وهاجم شمس الدين الدول العربية المسؤولة عن ضياع فلسطين وقال: “لقد تعامل العرب مع قضاياهم منذ بدايات العصر الحديث بروح الحلم – الشعر – الوحي والخيال – لا بروح الواقع والحساب (…)
   وحول قضية خطف الامام الصدر قال: “سيكون من ابرز التواريخ في هذا القرن الرابع عشر جريمة اخفاء الامام الصدر التي تحمل العار العربي والتخلف الاسلامي…ان جريمة اخفاء الصدر لن تموت ذكراها ابداً..إن الايدي التي تأمرت على ان تغيب دور الامام الصدر وحضوره جعلت دوره اكثر حضوراً من حيث لا تدري, وقد اصبح لدوره التأثير الكبير في الارادات التي تولد وتزدهر وتصمم على ان تحقق نفسها وتحمي هويتها وتراثها وفكرها(..).
    وبالنسبة للحل الناجع للوضع في الجنوب قال شمس الدين: ان المفتاح السياسي والعسكري الذي ينقذ الجنوب هو دخول الدولة بكل مؤسساتها الى اراضي الجنوب وان يكون في طليعتها الجيش اللبناني وهذا ما يطلبه ايضاً الشعب اللبناني برمته.
   وانتقد اخيراً: كل الذين يهاجمون” حركة امل” وقال: لقد اخترنا نحن في المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الطريق الصعب بملء ارادتنا وهو طريق الحق… ولن نسمح في حياتنا ان نكون شهداء على ضياع الجنوب, ولن ننسى خط الامام الصدر الذي هو وجه من وجوه قضية الجنوب بكل ابعادها… (انتهى)
________________________

Print Friendly

عن admin

شاهد أيضاً

darwish15-8-2015

نشرة الإثنين 24 آب 2015 العدد 2973

درويش في الذكرى الـ37 لإخفاء الإمام وصحبه: نحتاج بناء جسور محبة وتواصل وقبول الآخر (أ.ل) ...

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *