فضائح “بندر بن سلطان” كبير الجواسيس ومهندس التحالف السعودى الصهيونى “السرية”
نشرت وكالة أنباء النخيل مقالة عن الأمير بندر بن سلطان وجاءت كالآتي:
-كان على علاقة حميمة بـ«ديك تشينى» ومقربا جدا من عشيرة بوش أبا وأما.. حتى إنه بات يدعى «بندر بوش» ودعا إلى سحق جماعة الإخوان المسلمين وقال إنها تتظاهر بالدفاع عن الديمقراطية وفى الوقت نفسه تناهض الأنظمة الملكية بقوة!!.
>> إذا أصبحت إيران قوة نووية وهددت المملكة فباكستان الحامى الأساسى لها والمدافع عنها بدلا من الولايات المتحدة
>> خطف السلطة فى مصر وتدهور الاقتصاد فيها حوّل البلاد إلى حفرة بلا قرار تبلع المليارات من الدولارات السعودية
>> الملك عبد الله بن عبد العزيز قضى حياته وأنفق المليارات من الدولارات فى محاولة لنشر الاستقرار فى المنطقة إلا أنه لم يجن ثمار ما دفع من أجله
>> نجح فى إقناع الكونجرس بعدم الانصياع إلى الاعتراضات الإسرائيلية على بيع صفقة طائرات مقاتلة قيمتها عدة مليارات من الدولارات للسعودية
>> مهندس حرب الخليج الذى مهد الطريق أمام أمريكا لتنزل قواتها فى بلاده وتشن منها عملية عاصفة الصحراء التى أخرجت صدام من الكويت وأزالت الخطر المحدق بالمملكة
>> حفلاته المسائية أسطورية.. ومن خلف الستار يفعل كل الممنوعات فى سبيل تعزيز محور (واشنطن – الرياض)
>>حليف نتنياهو فى العداوة لإيران.. وكان يميل نزّاعا نحو تحدى الأعراف والالتفاف حول القواعد
أصبح الأمير جاسوسا، أو، بشكل أدق، كبير الجواسيس فى الشرق الأوسط. إنه رأس الحربة فى برنامج سعودى واسع من العمل السرى والإنفاق الواضح الذى أسهم فى الإطاحة بالحكومة المنتخبة للإخوان المسلمين فى مصر ويسعى إلى تشكيل «جيش إسلام» جديد فى سوريا.. دون فهم هذا الرجل وفهم مهمته، فلا سبيل فى الحقيقة إلى فهم ذلك الذى يجرى فى أكثر مناطق العالم اضطرابا فى الوقت الحالى.
دارت حوله الأنخاب
حينما كان الأمير سفيرا لبلاده فى واشنطن، كم دارت حوله الأنخاب. وكم دخن بندر بن سلطان من السيجار الفخم وكم احتسى من الكونياك الأكثر فخامة. على مدى ثلاثين عاما قضاها مرسالا للملكة العربية السعودية ومدافعا عن مصالحها وسفيرا لها، كان بندر يقص حكايات مدهشة حول السياسيين والملوك، كان بعضها، ويا للمفاجأة، حقيقيا. لقد أحبه صحفيو واشنطن، فلا أحد كان يضاهيه فى علاقاته بأصحاب النفوذ فى المواقع العليا، ولا أحد مثله كان يأتى بالأموال الطائلة ليوزعها بهدوء بكميات كبيرة ليساعد أصدقاءه.
كان بندر قد رتب عبر السنين تخفيضات فى سعر النفط العالمى خدمة لجيمى كارتر ورونالد ريجان وبوش الأب وبوش الابن. كما رتب بأمر من مدير السى آى إيه بيل كيسى، ومن وراء ظهر الكونجرس، تمويل حروب ضد الشيوعية فى نيكاراجوا وأنجولا وأفغانستان. كان على علاقة حميمة بديك تشينى ومقربا جدا من عشيرة جورج إتش دبليو بوش، أبا وأما، وأبناءً وبنات، حتى إنه بات يدعى “بندر بوش”.
الأمير جاسوسا
هدف بندر هو إضعاف قوة إيران من خلال سلخ حلفائها بشار الأسد وحزب الله عنها، والحيلولة دون أن يحصل قادة إيران على الأسلحة النووية، وإحباط مخططاتهم فى المنطقة، وخلعهم من الحكم إذا وجد إلى ذلك سبيلا.
كما يهدف فى الوقت نفسه إلى سحق جماعة الإخوان المسلمين، المنظمة السنية التى تتظاهر بالدفاع عن الديمقراطية وفى نفس الوقت تناهض الأنظمة الملكية بقوة!!.
تتخلل برنامج بندر بعض التحالفات المثيرة للاهتمام. فبغض النظر عن عدم وجود معاهدة سلام بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وحسبما يرددون هنا فى هذه المناطق كل حين من “أن عدو عدوى هو صديقى”، فقد أصبح بندر فى الواقع العملى حليفا لرئيس الوزراء الإسرائيل بنيامين نتنياهو فى العداوة لإيران. يقول عن ذلك المؤرخ روبرت ليسى صاحب كتاب “داخل المملكة: ملوك ورجال دين، حداثيون وإرهابيون، والنضال من أجل العربية السعودية”: “لقد باتا متّحدين، الأمر الذى يبعث على الفضول”.. لقد كان بندر دوما نزّاعا نحو تحدى الأعراف والالتفاف حول القواعد”، أو كما يقول ليسي” “بندر إنسان لا يخجل ولا يخشى”.
صاحب أكذوبة.. النقلة المزعومة
وكأنما يكرر ما يقوله نتنياهو من حين لآخر أراد بندر فى الشهور الأخيرة أن يكون معلوما لدى الجميع بأن أكبر عقبة تعيق تحقيق أهدافه هو الرئيس الأمريكى باراك أوباما. وينقل عن بندر أنه أخبر بعض الدبلوماسيين الأوروبيين الشهر الماضى أن المملكة العربية السعودية قد تقوم بـ”نقلة كبيرة” لتنأى بنفسها بعيدا عن تحالفها القائم منذ زمن طويل مع الولايات المتحدة الأمريكية.
بعض السعوديين من رفقاء بندر ومعارفه قالوا إنه إنما قصد التنفيس عن غضبه، إلا أن بعض متابعيه عن قرب والمطلعين على شئون عمله يظنون بأن جزءا من النقلة التى تحدث عنها قد يكون محاولة توطيد علاقة أكثر حميمية مع باكستان المتسلحة نوويا.
فرئيس وزراء باكستان نواز شريف، الذى انتخب مؤخرا، كان قد عاش فى حمى العائلة الحاكمة فى العربية السعودية طوال العقد الماضى تقريبا. فى عام ٢٠٠٩ تنبأ الصحفى والأكاديمى دافيد أوتاوى، مؤلف السيرة الذاتية للأمير بندر بعنوان “رسول الملك” بأنه: “إذا أصبحت إيران قوة نووية وهددت المملكة فإن باكستان يمكن أن تغدو الحامى الأساسى لها والمدافع عنها بدلا من الولايات المتحدة.” وفى أكتوبر، صرح يزيد صايغ، الباحث بمركز كارنيجى للشرق الأوسط، بأن السعوديين يحاولون إقناع الباكستانيين بإعداد برنامج تدريب واسع لثوار سوريا.
الإحباط السعودى اتجاه أوباما
يمكن، بالطبع، نسبة كثير من ذلك إلى حالة الإحباط التى يشعر بها السعوديون تجاه أوباما، الذى جازف مرارا وتكرارا خلال السنوات الأخيرة بموارد ومكانة المملكة العربية السعودية دون مردود يذكر. فسوريا لا تزال كارثة غارقة فى الدماء على مسافة قصيرة من البوابة السعودية وها هو العراق ينزلق بشكل مستمر نحو هاوية الحرب الطائفية بين الشيعة (المدعومين من قبل إيران) والسنة (المدعومين من قبل السعودية). كما أن النزاع المدنى المستمر فى مصر والانهيار الاقتصادى فيها حوّل البلاد إلى حفرة بلا قرار تبلع المليارات من الدولارات السعودية. ولكن، وبالرغم من وجود الكثير مما يمكن بسببه تخطئة سياسة أوباما، لا ينبغى أن ينظر إلى الأمر كما لو أن بندر والسعوديين مجرد متفرجين أبرياء.
لقد قضى الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذى لا يقل عمره الآن عن تسعين عاما، حياته وأنفق ما لا يحصى من المليارات من الدولارات فى محاولة لنشر الاستقرار فى المنطقة. إلا أنه لم يجن ثمار ما دفع من أجله. فقد صعق الربيع العربى السعوديين وأرعبتهم حالة الفوضى التى عمّت المنطقة نتيجة لذلك، ولم يجدوا حتى هذه اللحظة الوسيلة الفعالة لاستعادة الهدوء.
سحب البساط من تحت أقدام السعوديين
حتى فى لبنان الصغير، تمكن الإيرانيون وحلفاؤهم فى حزب الله من سحب البساط من تحت أقدام السعوديين وتغلبوا عليهم وعلى رجالهم. حينما تخلى بندر عن موقعه كسفير لبلاده فى واشنطن عام ٢٠٠٥، استلم منصب مستشار الملك للأمن القومى، تلك الوظيفة التى تفتقر مهام صاحبها إلى تعريف واضح المعالم.. كانت إحدى أولى مهامه فى ٢٠٠٦ هى تشجيع الإسرائيليين سرا بالمضى قدما فى حربهم الضروس ضد حزب الله فى جنوب لبنان. إلا أن حزب الله دافع عن نفسه فارضا على الإسرائيليين الانسحاب. صحيح أنه خرج من الحرب مضرجا بالدماء إلا أنه لم يركع وخرج بمصداقية أكبر بكثير مما توفر له فى أى وقت سابق.
رؤية بندر للبنان
كانت رؤية بندر للبنان حتى تلك اللحظة منحرفة بشكل عجيب حتى إنه دعم، ولفترة ما، ترشيح سمير جعجع، القائد السابق للكتائب المسيحية المارونية المتوحشة، لمنصب الرئيس القادم فى البلاد. بعض أمراء الحرب اللبنانيين الآخرين الذين عملوا مع بندر يشتكون من أنهم لم يعودوا يتمكنون من الوصول إلى رئيس الاستخبارات السعودى عبر الهاتف. وكأنه يختفى لعدة أيام كل حين ويقولون فى بيروت أن ملك السعودية عبد الله لم يعد يحب سماع كلمة “لبنان” تلفظ فى حضرته.
يقول مصدر لبنانى مقرب من كثير من المفاوضات التى تجرى فى الغرف السرية فى المنطقة طلب عدم الإفصاح عن هويته: “ليست المملكة العربية السعودية على ما يرام، ومقياس ذلك هو حالة الهلع التى أصابت المملكة إثر التقارب الأمريكى – الإيرانى”.
“النقلة الكبيرة” فى العلاقة مع أمريكا
“النقلة الكبيرة” فى العلاقة مع أمريكا لم تأت لأن بندر أو حتى الملك عبد الله هو الذى قرر إحداث خضة وإعادة ترتيب الأمور، وإنما لأن المملكة العربية السعودية لم تعد حيوية بالنسبة للولايات المتحدة كما كانت من قبل. لقد شهدت الأعوام العشرة الماضية تغيرات ضخمة فى توريدات الطاقة حول العالم، الأمر الذى لم تعد معه المملكة العربية السعودية ولا منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبيك) التى كان يهابها الجميع تملك السلطة التى كانت تتمتع بها قبل أربعين عاما. فبفضل التقنيات الحديثة لاستخلاص الغاز الطبيعى من طبقات الأرض الصخرية العميقة غدت الولايات المتحدة الآن أكبر منتج فى العالم للهيدروكربونات (النفط والغاز)، كما أصبحت التوريدات النفطية حول العالم من خارج مجموعة الأوبيك تشكل نسبة أكبر بكثير من تلك التى تشكلها صادراتها.
فى عام ١٩٧٣ أعلن الملك فيصل حظرا على تصدير النفط إلى الغرب، الأمر الذى صعق الولايات المتحدة وهز أركانها الاقتصادية وأحدث تحولات مهمة فى الاقتصاد العالمى. واليوم، يعبر السعوديون عن حنقهم من خلال نوبات غضب دبلوماسية لا قيمة لها. بل، لعل العالم لم يلق لهم بالا حينما رفضوا الحديث فى الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر أو حينما أعلنوا قبل أسابيع بأنهم سيرفضون تسلم أحد المقاعد غير الدائمة فى الدورة القادمة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
يقول ليسي: “طبعا، السعوديون غير سعيدين، ولكن الأمور اليوم تختلف عما كانت عليه عام ١٩٧٣”.
لا بد أن بندر، حقيقة، يتمنى لو أن الأيام السعيدة الأولى تعود من جديد. فخلال ٢٢ عاما قضاها سفيرا للملكة فى واشنطن، وحتى قبل ذلك، كان عمله يتركز فى صميم أحداث العالم.
ابن الخادمة.. لم ينعم بالمكانة التى كانت عليها أمهات الأمراء الآخرين
رغم ما يحمله من لقب، وبالرغم من موقع والده الراحل كوزير للدفاع لسنوات طويلة ثم كولى عهد محتمل، حينما كان الأمير بندر صغيرا ويعيش فى الرياض لم يكن فى الحقيقة جزءا من الطبقة العليا فى المجتمع السعودى. فأمه كانت خادمة (والبعض يقول أمة) سوداء البشرة حملت به من والده حينما كانت فى السادسة عشرة من عمرها. ولذلك، فبندر لم ينعم بأى من الأبهة أو المكانة التى كانت أمهات الأمراء الآخرين المحظيات يجلبنها لأبنائهن فى المملكة. لكنه كان ذكيا جدا، يتحدث الإنجليزية بطلاقة منقطعة النظير، وطيارا حربيا بأعلى المؤهلات، أحاط علما بكافة المسالك المؤدية إلى القادة العسكريين فى الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد لعب بندر دورا مهما فى السبعينيات من القرن الماضى فى إقناع الكونجرس الأمريكى بعدم الانصياع إلى الاعتراضات الإسرائيلية على بيع الولايات المتحدة للعربية السعودية طائرات مقاتلة فى صفقة قيمتها عدة مليارات من الدولارات. فيما بعد أصبح بندر مرسالا ووسيلة تواصل بين الرئيس جيمى كارتر وولى العهد الأمير فهد بن عبد العزيز الذى كان حينها الحاكم الفعلى للسعودية.
من الحرب الباردة إلى الحرب على الإرهاب
كان الأمير فهد يدرك جيدا التناقضات الأساسية فى العلاقة بين “أرض الأحرار” و”بيت آل سعود”. قد تكون الولايات المتحدة أكبر مستهلك للطاقة فى العالم بينما السعوديون هم أكبر مصدر لها، إلا أنه فيما عدا ذلك فقليلا ما تلتقى المصالح. حسبما يرويه باتريك تيلر فى كتابه الرائع “عالم من القلاقل: البيت الأبيض والشرق الأوسط – من الحرب الباردة إلى الحرب على الإرهاب” كان فهد قد قال لبندر الشاب: “الولايات المتحدة هى أخطر شىء علينا. ليس لدينا ارتباط ثقافى بهم، ولا ارتباط عرقى، ولا ارتباط دينى، ولا ارتباط لغوى، ولا ارتباط سياسى”.
كانت العلاقات الشخصية والخدمات الكبيرة هى العامل الأهم فى الإبقاء على الروابط بين البلدين، وكان بندر هو الرجل الذى على يديه تنجز كل هذه الأمور. كانت حفلاته المسائية أسطورية، أشبه ما تكون بحفلات “غاتسبى العربى” كما يقول تيلر. ومن خلف الستار، كما بدا للمراقبين، لم يكن ثمة ما يمتنع عن فعله فى سبيل تعزيز محور واشنطن – الرياض.
جاء وقت الحصاد حينما غزا الدكتاتور العراقى صدام حسين الكويت عام ١٩٩٠، مهددا بشكل خطير، فى نفس الوقت، المملكة السعودية.. كان بندر هو الذى مهد الطريق أمام الولايات المتحدة لتنزل قواتها فى بلاده وتشن من هناك عملية عاصفة الصحراء التى أخرجت صدام من الكويت وأزالت الخطر المحدق بالمملكة.
بعد أقل من عقد واحد، وتحديدا فى صائفة عام ٢٠٠١، كان ولى العهد عبد الله قد ابتعث بندر إلى واشنطن ليخبر الرئيس جورج دبليو بوش الذى كان قد استلم منصبه للتو بأنه أن الأوان لمبادرة أخرى كبيرة تتضمن الاعتراف بحق الفلسطينيين فى أن تكون لهم دولة خاصة بهم وإنهاء القتل فى الأرض المقدسة. وكلف بندر أن يقول للرئيس بوش أن الأمور ستسوء بشكل كبير إذا لم يتحقق ذلك.
سلاح النفط
مرة أخرى، كان هناك كلام عن أن الرياض قد تستخدم “سلاح النفط”. وافق بوش على الإقرار بأنه فى نهاية المطاف لا بد أن تقوم للفلسطينيين دولة منفصلة وقابلة للحياة. إلا أنه، وبينما كان البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية يعكفان على إعداد مسودة للإعلان، اختطف ١٩ إرهابيا طائرات استهدفوا بها برجى مركز التجارة العالمى فى نيويورك ومبنى وزارة الدفاع (البنتاجون) وحقلا فى بنسيلفانيا، وكان ١٥ منهم سعوديين، شكلوا “العضلة” التى أنزلت الرعب فى قلوب ركاب الطائرات.
كنت قد رأيت بندر بعد الحادثة مباشرة حين قابلته فى قصره الكائن فى ضاحية نيلى سوغ سين على أطراف باريس (وهو واحد من مقرات إقامة كثيرة له حول العالم)، وتظاهر حينها بالشجاعة. إلا أنه، وبوضوح، لم يكن يعرف ماذا يقول. فالدليل على أن مواطنين سعوديين كانوا متورطين كان دليلا دامغا لا سبيل إلى دحضه، وقد فشلت الأجهزة الأمنية السعودية فى تحرّيهم أو تقصى تحركاتهم.
“العلاقات الخاصة” بين السعودية وأمريكا
بعد ذلك، بدأت إدارة بوش فى الإعداد لحرب جديدة على العراق، وحذر بندر من تداعياتها، إذ كان السعوديون يعلمون بأن النتيجة الحتمية لإسقاط صدام هى تقوية إيران، وهذا ما حدث فعلا.. تارة أخرى، رفع السعوديون معدلات إنتاج النفط حتى لا ترتفع أسعار الوقود فى محطات تزويد المواطنين داخل الولايات المتحدة بشكل مؤذٍ: وهى خدمة حيوية قدمها السعوديون للرئيس بوش. يقول ليسي: “ولكن، إذا كانت أحداث الحادى عشر من سبتمبر قد أجهضت الخصوصية التى كانت تتميز بها “العلاقات الخاصة” بين السعودية وأمريكا، فإن غزو العراق قضى عليها قضاءً مبرما”.
وحتى بعد أن غادر بندر موقعه كسفير لبلاده فى واشنطن فى عام ٢٠٠٥، فقد استمر فى نقل الرسائل من الرياض إلى واشنطن وبالعكس. بدا واضحا بشكل متزايد، مع ذلك، أن العالم وعالمه هو قد تغيرا. فبسبب آلام مزمنة فى الظهر تعود إلى حادثة تحطم طائرة كان يقودها حينما كان طيارا إضافة إلى مشكلات صحية أخرى، لم يسلم بندر -الذى لم يكن يعرف التعب- من الإرهاق. فرغم أنه فى مطلع الستينيات من عمره إلا أنه يبدو الآن أكثر هِرما.
فى العام الماضى، وبحسب أشخاص عملوا عن قرب معه، أخبر بندر الملك عبد الله بأن بإمكانه حل المشكلة فى سوريا خلال شهور. لم يفلح قبل ذلك رئيس الاستخبارات السابق وأخو الملك غير الشقيق الأمير مقرن فى تحقيق الكثير من التقدم فى هذا المجال. إلا أن بندر، كما ثبت، لم ينجز الكثير أيضا.
يقول أحد السعوديين الذين تعاونوا مع بندر عن قرب: “وظيفته تتطلب أن يكون قادرا على العمل ١٨ ساعة فى اليوم، ولكن ذلك ليس بوسعه”.. لقد بات محبطا وغاضبا وتوّاقا لأن يستعرض أمام العالم قدرته على إنجاز ما يبدو مستحيلا، كما كان يفعل فى الماضى. ولكن، وكما يقول نفس السعودى الذى عمل معه: “ليس جيدا فى مجال الاستخبارات أن يكون المرء غاضبا”. واليوم، لم تعد صفة “عدم الخجل وعدم الخشية” تكفى.