طائرة الموت الايرانية والاثيوبية

طائرة الموت الايرانية

بمناسبة ذكرى إسقاط طائرة الركاب الإيرانية بواسطة الفرقاطة الأميركية فنسنس

العميد جزائري: جريمة أميركا ضد الطائرة الإيرانية صفحة سوداء في ملفها البشعالعميد غياثي راد: الهجوم الصاروخي الأمريكي كان متعمداً 

أكد مساعد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية العميد مسعود جزائري أن الجريمة التي ارتكبتها الولايات المتحدة في الثالث من تموز/يوليو عام 1988 من خلال استهداف طائرة ركاب إيرانية مدنية ومقتل ركابها تمثل نقطة سوداء في ملف واشنطن البشع. وقال العميد جزائري عشية ذكرى الهجوم الصاروخي الذي نفذته الفرقاطة الأميركية (فنسنس) ضد طائرة الركاب الإيرانية: بعد مرور 22 عاماً على هذه الكارثة، فإن كافة الشهادات والوثائق الدولية التي جاءت بعد الدراسات الوفيرة ورصد الرادارات المختلفة في المنطقة تثبت أن الهجوم كان متعمداً ووفقاً لخطة وتصميم مسبق. وأضاف: رغم أن الأميركيين لم يتبنوا هذا العار حتى الآن وحاولوا تبرير الجريمة التي ارتكبوها ضد طائرة الركاب الإيرانية من خلال إدلائها بتصريحات متناقضة في هذا المجال، إلا أن العالم أدرك أنهم ارتكبوا هذه الجريمة البشعة وفق خطة سرية وفي الظروف التي كان يسعى خلالها النظام البعثي الصدامي الخروج من مستنقع الحروب التي فرضها على إيران بأبشع السبل والأدوات، منها استعمال السلاح الكيمياوي بشكل واسع حتى ضد شعبه البريء في مدينة حلبجة شمال العراق. وانتقد المسؤول الإيراني عدم اهتمام مجلس الأمن الدولي بالهجوم الصاروخي الأمريكي ضد طائرة الركاب الإيرانية وعدم اتخاذه ردة فعل مناسبة وملائمة تجاه هذه المجزرة وقال: إن الجريمة ضد طائرة الركاب الإيرانية تعتبر مؤشراً واضحاً على تجاهل الإدارة الأمريكية والدول المتغطرسة للقانون الدولي وقوانين حقوق الإنسان.وعلى صعيد متصل أكد مسؤول إيراني أن الأدلة الدامغة تشير إلى أن الهجوم الصاروخي الذي نفذته الفرقاطة الأميركية (وينسنس) ضد طائرة الركاب الإيرانية عام 1988 كان متعمداً ووفقاً لخطة سرية وتصميم مسبق.

ووصف مساعد العلاقات العامة والإعلام في مؤسسة حفظ ونشر آثار وقيم الدفاع المقدس العميد داود غياثي راد، في تصريح له على أعتاب الذكرى الثانية والعشرين للحادث، وصف الحادث بأنه أليم ورهيب يكشف مدى همجية ووحشية حكام أميركا وادعياء حقوق الإنسان الكاذبين. واعتبر مزاعم المسؤولين الأميركيين حول الحادث بأنها مثيرة للسخرية ومتناقضة تماماً وقال: إن الأدلة المستقاة من الحادث والإجراء الذي قام به مسؤولو البيت الأبيض بمنح نوط الشجاعة لقائد الفرقاطة المجرم، مؤشر للتعمد في ارتكاب الحادث كخطة سرية وعن تصميم مسبق. واعتبر العميد غياثي راد الهجوم الصاروخي على طائرة الركاب الإيرانية واستشهاد 290 شخصاً، كارثة لا تنسى ومن أهم قضايا انتهاك حقوق الإنسان والحقوق الدولية وحقوق المنظمة الدولية للملاحة الجوية في التاريخ وأضاف: إن هذا الحادث ورغم مضي 22 عاماً عليه لا زال يثير ذهول وأسف الرأي العام العالمي.

______________________

نيوزويك: تقرير خاص القصة من الداخل كيف تمكنت سفينة تابعة للبحرية الأميركية من شنّ هجوماً خاطئاً على الرحلة الجوية الإيرانية 655 في ذروة التوتر خلال الحرب بين إيران والعراق وكيف حاولت وزارة الدفاع تغطية مساراتها بعد سقوط 290 قتيلاً من المدنيين الأبرياء.(وبالمناسبة هنا لا يسعنا الا أن نتذكر غموض الطائرة الاثيوبية التي سقطت أمام الشواطىء اللبنانية بعد اقلاعها في مطار بيروت) بحر من الأكاذيب  للقوات البحرية الحديثة أخطاء فادحة كثيرة فبإستطاعت ضباطها تنفيذ مخططاهم بحراً وجواً. ويمكنهم الإزدهار من خلال التنقل عبر المياه الضحلة للتكنوقراطية. ولكن لا يزال المسار الوحيد المؤكد لبلوغ المجد هو المسار نفسه المتبع في العصر الروماني: النصر في البحر. يبقى الإبحار بإتجاه الأذى مسألة مهنية بحتة.  أمضى الكابتن ويل روجرز الثالث، من الأسطول الأميركي، مسيرته في الإستعداد للقتال. بعد فوزه بالمهمة التي أوكل بها في كانون الأول/ديسمبر 1965 عن عمر يناهز الـ 27، تأخر روجرز في الوصول إلى القوات البحرية ولكنه يعوض عن الوقت الضائع بموقف حماسي وعلاقات الصداقة ذات المستوى العالي التي بناها بعد أن قضى فترة في قيادة العمليات البحرية. في العام 1987، نجح روجرز بقيادة السفينة الحربية إيجيس، وهي السفينة الأكثر قوة وذات التكنولوجيا العالية. وشكلت سفينة الفينسينز التي أنفق عليها مليار دولار تذكرة أكيدة لرفع العلم. ولكن روجرز، وكمثل العديد من ضباط البحرية في وقت السلم لم يواجه الخطر تحت النيران ويتوق لخضوع المعارك. في الثالث من تموز/يوليو 1988، حقق الكابتن روجرز أمنيته. فكر جيداً وإشتبك مع العدو في معركة بحرية في الخليج الفارسي. ومن موقعه كقبطان على رأس مركز معلومات المعارك على متن سفينة بحرية، إتخذ قرارات بين الحياة والموت في خضم الصراع. فقد كانت اللحظة التي لطالما كان يتوق إليها والتي من أجلها تدرب، وكان ينبغي أن تكون هذه ذروة حياته في الخدمة.  ولكنها لم تكن مجرد معركة فحسب. كان روجرز يتخبط في مواجهة غامضة ونصف سرية بين الولايات المتحدة وإيران لم يرغب كبار المسؤولين بالحديث عنها ولم يحرص فيها ضباط الجيش على شنّ الحرب. فالعدو لم يكن قوة بحرية منضبطة بل مجرد قوات متفرقة من هنا وهناك في زوارق سريعة ومسلحة تسليحاً بسيطاً. وبدت مقاتلهم بالسفينة الحربية إيجيس بمثابة إطلاق النار على الأرانب بصواريخ موجهة بالرادار. وعند إنتهاء المعركة، الخسائر البشرية المؤكدة الوحيدة كانت عبارة عن مجرد مدنيين أبرياء: 290 راكباً وطاقم العاملين على متن طائرة إيرباص إيرانية أخطأ رجال الكابتن روجرز في إعتبارها طائرة حربية تابعة للعدو.  كان تدمير الرحلة الجوية الإيرانية 655 مأساة إنسانية مروعة. فقد ألحقت الضرر بمكانة الولاية المتحدة العالمية. من المؤكد أنّها دفعت إيران إلى تأخير ترحيل أفواج الرهائن الأميركيين إلى لبنان. وربما أعطت الملالي دافعاً للإنتقام – وإستفزت طهران للعب دور في تفجير البان آم 103 في كانون الأول/ديسمبر 1988. كانت وصمة عارٍ مهنية بالنسبة للبحرية الأميركية. فالسفينة الحربية الأكثر كلفةً والمصممة لتتبع وإسقاط حوالى 200 صاروخ دفعة واحدة، قد دمرت طائرة ركاب مدنيين أبرياء عند إستعمالها للمرة الأولى في القتال. بالإضافة إلى ذلك، أبلغت النيوزويك أنّ الفينسينز كانت داخل المياه الإقليمية الإيرانية عند إسقاط الطائرة – في إنتهاك واضح للقانون الدولي. أدرك كبار ضباط البنتاغون من البداية أنّه في حال ظهرت الحقيقة الكاملة بشأن الفينسينز للعلن، فذلك يعني أشهر من العناوين المهينة. لذلك، لم تتصرف البحرية الأميركية بالطريقة نفسها التي تعتمدها القوات البحرية الأخرى بعد الأخطاء الفظيعة في البحر: بل بادرت إلى الإعلان عن أكاذيب وتوزيع الميداليات. إنّها قصة فشل بحرية، على يدٍ قبطان متحمس جداً، وأفراد طاقم مصابين بالذعر، وكلّ التستر الذي أعقب هذه العملية.  واجه تحقيق النيوزويك، بالتعاون مع برنامج نايتلاين «إيه بي سي نيوز» أشهراً تشبث خلالها كبار ضباط البحرية بمواقفهم. فكان بعضهم يهرب بإنكار بسيط؛ والعديد من البحارة والضباط الذين كانوا على متن الفينسينز في صباح ذلك اليوم من تموز/يوليو 1988 لا يزالون تحت العلاج اليوم يتصارعون مع الذنب. لكنّ يبدو التحقيق الرسمي لوزارة الدفاع البنتاغون بشأن الحادث، أي تقرير فوغارتي، عبارة عن مزيج من السهو، وأنصاف الحقائق والخداع الصريح. كان تستر وافق عليه أولاً الأميرال وليام كرو، رئيس هيئة الأركان المشتركة. أكد الكابتن روجرز لـ «نايلاين» الأسبوع الماضي أنّه إتخذ «القرار السليم». قال أنّه فتح النار لحماية سفينته طاقمها فحسب. ولكن بحسب الوثائق، وأشرطة الفيديو والأشرطة الصوتية التي رفعت عنها السرية والتي كانت على متن السفن المتورطة في الحادث، ووفقاً لأكثر من 100 مقابلة، قامت نيوزيوك بتجميع ما يمكن أن يكذب الدفاع الرواقي لربان السفينة. إنّها أشبه بحقبة من حرب «محدودة» مع أنظمة إشتباك غامضة وتكنولوجيا فتاكة بين أيدي شباب يسيطر عليهم الخوف. إنّها قصة الغطرسة في العصور القديمة، قصة المحارب الذي سيطرت عليه رغبة مدمرة في شن الحرب. صباح مظلم بتمام الساعة 06:33 بالتوقيت المحلي على متن الفينسينز صباح الثاني من تموز/يوليو، رنّ الهاتف في غرفة نوم ويل روجرز الضيقة في حين أنّ القبطان كان يقوم بالحلاقة. بالفعل، بعد ساعتين فقط على شروق الشمس، وكانت درجة الحرارة تبلغ 100 وتسحق بذلك أنظمة تكييف الهواء. وضربت الرمال ذات الحبيبات الناعمة عبر منطقة الخليج من الصحراء العربية وخلفت ضباباً مصفراً. رفع روجرز سماعة الهاتف وكان معه على الخط الضابط المناوب في مركز المعلومات الحربية على السفينة، المركز القيادي الواقع على عمق طابقين تحت مقصورة روجرز وقال له: «أيّها الربان، من الأفضل أن تنزل إلى الأسفل. يبدو أن المونتغومري تتخبط داخل خلية نحل».  نحو 50 ميلاً إلى الشمال الشرقي، كانت السفينة البحرية مونتغومري التابهة للبحرية الأميركية قادمة عبر المدخل الغربي لمضيق هرمز. فيومياً، تعبر هذا المضيق ناقلات تحمل نصف النفط المستورد في العالم، هذا المضيق الذي لا يبلغ إتساعه إلاّ 32 ميلاً عند النقطة الضيقة. وكانت الحرب بين إيران والعراق قد حولت المضيق إلى قفاز. كانت الزوارق الحربية التابعة للحرس الثوري الإيراني، والمتمركزة في جزر هنجام وأبو موسى، تهاجم ناقلات النفط والتجار المتنقلين من وإلى الكويت، الحليف الرئيسي للعراق في الحرب. وحرصاً منها على الحفاظ على تدفق النفط الكويتي، وافقت الولايات المتحدة على تقديم المرافقة لناقلات النفط الكويتية المسجلة تحت راية علم الولايات المتحدة.  وفي هذا الصباح من تموز/يوليو، رصدت مونتغمري نصف دزينة من زوارق الحرس الثوري تخرج من مخابئها في الجزيرة. من تلقاء نفسه، قرر روجرز دخول المعركة. وفي تمام الساعة 06:33، أمر بحسب سجلات الفينسينز: «ليهاجم الجميع». زودت المحركات الأربعة ذات توربينات الغاز الضخمة بقوة دفع تصل إلى 80000 حصان وأرسلت السفينة الحربية عبر الموجات بسرعة 30 ميل بحري. بتمام الساعة 06:50 ووفقاً للرواية الرسمية للأحداث التي عرضتها البحرية الأميركية في وقت لاحق – رصدت مونتغومري 13 زورقاً إيرانياً في المضيق. قال العديد أنّ هذه الزوراق كانت تتحرك دائرياص قرب ناقلة نفط ليبيرية تسمى ستوفال. وفي الساعة 07:11، ذكرت مونتغمري أنّها سمعت بين «خمسة وسبعة» إنفجارات قادمة من المنطقة المجاورة للناقلة. لكنّ المقر الرئيسي للأسطول في البحرين لم يفكر بإستدعاء الفينسينز إلاّ بعد سماع تقرير الإذاعة حول هذه التفجيرات الغامضة. فأمر الأميرال السابق أنطوني ليس، قائد فرقة العمل الشرق أوسطية المشتركة، السفينة الحربية المتواجدة في الشمال الشرقي دعم المونتغمري. لم تكن القيادة في البحرين مهتمةً بإرسال الفينسينز إلى العمل غير أنّ الأميرال ليس أراد فحسب إرسال طائرات الهليكوبتر التابعة للفينسينز في مهمة إستطلاعية. فإعتمد الكابتن ريتشارد ماكينا، رئيس القتال على السطح لدى ليس، على ما إعتقده أوامر واضحة لروجرز: أرسل طائراتك شمالاً للتحقيق، ولكن حافظ على سفينتك أقصى الجنوب، في حال ظهور مزيد من القوارب من قاعدة الحرس الثوري في جزيرة أبو موسى. في الساعة 07:22 إنطلقت طائرات الهليكوبتر إس إيتش 60 سي هوك التابعة للفينسينز مسرعةً شمالاً، وفي غضون 20 دقيقة كانت تحلق فوق الزوارق الحربية الإيرانية. وجد طيار أوشن لورد 25، الملازم مارك كولير، الزوارق تحوم حول سفينة الشحن الألمانية، دهولاغيري. ولم تكن تطلق النار. كان مجرد تكتيك تحرش معروف.  في البحرين، وخلال إستماعه إلى حركة الإتصالات اللاسلكية، قرر الكابتن ريتشارد واتكينز، رئيس الطاقم لدى الأميرال لي أنّ الوضع، حسب تعبيره في وقت لاحق، عبارة عن «نزع فتيل». وغادر مؤامرة العلم ليقوم ببعض الأعمال الورقية. ولكن على متن الفينسينز، كانت الأمور تسخن. مع إطلاق النفي، أرسل روجرز طاقمه إلى محطات المعركة وأمر محطات الأسلحة الصغيرة على طول جانبي سفينته للإستعداد ضدّ هجمات الطائرات الصغيرة. وكات لفينسينز مسعة مشكوك بها ضمن الأسطول الأميركي في الخليج. فكان الضباط على متن السفن الأخرى يشيرون إليها بتهكم على أنّها «السفينة الحربية الآلية Robocruiser». في ألعاب الحرب التي تحضر ضمن المكاتب في سان دييغو، وقبل أن إنطلاقة الفينسينز إلى الخليج، كان روجرز يدفع بإستمرار لتجاوز قواعد ممارسة الإشتباك، بحسب مشارك آخر. في خليج سوبيك، الفلبين، وللإحاطة بشأن قواعد الإشتباك في منطقة الخليج الفارسي، كان الضابط الأعلى مستوى الحاضر عن الفينسينز برتبة مقدم. في مطلع حزيران/يونيو، أغضب روجرز الكابتن روجر هتان، قائد الفرقاطة يو أس أس سايد، بعد أن طلب منه الإقتراب من سفينة حربية إيرانية بطريقة إعتبرها إستفزازية. رفض هتان – ودعمه مقر الأسطول في البحرين. وفي مطلع تموز/يوليو، أصبح روجرز معروفاً على نطاق واسع بأنّه «الزناد السعيد» بحسب عدد من الضباط الرفيعي المستوى.  مما لا شك فيه أنّه كان يتوق للوصول إلى قافلة الزوارق الحربية وراء المونتغومري. وأمام الفينسينز المحملة، مرّ التاجر الألماني (الذي كان يومض إشارة «A-OK» بلا مبالاة) حتى الوصول إلى جانب المونتغومري بتمام الساعة 8:38. في ذلك الوقت، كان حرس السواحل في سلطنة عمان يتحدثون عبر المذياع، ويطلبون من قوارب الحرس الثوري التوجه إلى ديارهم. كما أراد العمانييون مغادرة الفينسينز أيضاً. وعلا صوت ضابط عماني عبر الجهاز اللاسكي قائلاً «إلى السفينة الحربية للبحرية الأميركية، إنّ المناورات بسرعة تصل إلى 30 ميل بحري لا تتلاءم ومرور الأبرياء. يرجى ترك المياه العمانية». وصدف وجود مصور بحري يدعى رودي باهويو على متن الفينسيز ذلك اليوم، يطلق شريطاً مصوراً على الجسر. فقد صور في شريطه إستجابة الضباط إلى طلب سلطنة عمان. فقد إبتسموا بتكلف إلى بعضهم البعض، ولم يكلفوا أنفسهم عناء الرد.  ولم يكن العمانيون وحدهم يريدون خروج الفينسينز من المنطقة. وبتمام الساعة 08:40، عاد الكابتن ماكينا في البحرين إلى مركز قيادته ودهش لرؤية الفينسينو على رأس شبه الجزيرة العمانية – على بعد حوالى 40 ميلاً إلى الشمال من المسافة التي أمر روجرز البقاء ضمنها. وببعض الغضب، إتصل ماكينا بروجرز، وسأله عما كان يقوم به. فأجاب روجرز أنّه كان يدعم الهليكوبترا، وأنّه قد واجه مشاكل في الإتصالات. وطلب منه ماكينا الذي لم يكن يشعر بالإرتياح العودة نحو أبي موسى. ثار روجرز غضباً وسأله «ماذا تريدني أن أفعل؟». وعبر الأسلاك، إستطاع ماكينا سماع صيحات الضحك من مركز المعلومات القتالية على متن الفينسينز. غضب ماكينا عندئذٍ، وأصدر أمراً ثابتاً: على الفينسينز التوجه جنوباً – والمونتغمري أيضاً. كان غاضباً من موقف الكابتن والضباط العاملين على متن السفينة البحرية البالغة قيمتها مليار دولار. وتمتم في نفسه «غطرسة إيجيس». أطاع رودجرز الأمر – ولكنه ترك الهليكوبتر في الخلف لمشاهدة الزوارق الإيرانية. وكان ذلك خطأً فادحاً.  في قمرة القيادة على متن أوشين لورد 25، لم يستطع الربان مارك كولير مقاومة إغراء متابعة الزوراق الحربية شمالاً، لأنها تراجعت نحو مخبأ جزيرتهم. وأوضح في وقت لاحق أنّه أراد الإنسدال ليرى كم عدد الرجال على متن الزوراق وطريقة تسلحهم. وتقريباً توصل إلى الطريقة الصعبة. وبمجرد الإقتراب والدوران حولهم، رأى كولير كا وصفه لاحقاً على أنّها «ثمانية إلى 10 إنفجارات الضوء» و«شرارات ... مجرد شرارات كبيرة» في السماء مسافة 100 ياردة من الهليكوبتر. إعتقد في ذلك الوقت أنّها الشمس الوامضة من القارب، ولكنّه رأى بعد ذلك نفث دخان. «هل رأيت هذا؟» نادى كولير سكوت زيلغي، موظف صغير. فأجاب زيلغي «نعم». «لنخرج من هنا، إنّه تفجير جوي – نار مضادة للطائرات». أنزل كولير الهليكوبتر لسلامة 100 قدم، وسمع نداء الملازم روجر هوف، قائد الطائرة، جالساً في مقعد مساعد الطيار، عبر الجهاز اللاسلكي للفينسينز: «ترينيتي سوارد، هنا الأوشين لورد 25. نحن نتعرض لإطلاق النار. نفذ خطة الهروب». في مركز المعلومات القتالية، كان ذلك كلّ ما كان يحتاجه روجرز. على الأقل إرتكبت الزوارق الحربية عملاً عدائياً. وفقاً لأنظمة الإشتباك البحري في الخليج، وإستطاع روجرز ترتيب مطاردة ساخنة. وصرخ عالياً «جنرال كوارتز». «القوة الكاملة». ومرةً أخرى، كانت فينسينز تجري بسرعة كبيرة شمالاً على سرعة 30 ميلاً بحرياً. وفي الوقت نفسه، وعلى بعد حوالى 200 ميلاً إلى الجنوب الشرقي، في المحطة عند مدخل خليج عمان، رست حاملة الطائرات يو أس أس فورسيتال. في بارجته، سمع الأميرال ليتون (سنوفي) سميث، قائد مجموعة من حاملات الطائرات المقاتلة 6، أنباء لاهثة عن الفينسينز بأنّ هليكوبتراتها قد إحترقت وأنّ السفينة  الحربية تلاحق المهاجمين. بتمام الساعة 09:14، أمر سميث بإطلاق مقاتلتين F-14 وطائرتي هجوم A-7. وبتمام الساعة 09:28، إنطلقت جميعها من على متن الحاملة. لم يكن على الطائرات القفز في المعركة: لقد كانت وصفة أكيدة لـ «الأزرق على الأزرق» بحسب تعابير البحرية للسفن الحربية الأميركية بإسقاط الطائرات الأميركية. وبدلاً من ذلك توجهت الطائرات الحربية نحو نقطة ألفا، نقطة إلتقاء على بعد 50 ميلاً خارج مضيف هرمز. وبمجرد الوصول إلى هذه النقطة، ستكون على بعد أقل من 80 ميلاً – فترة سبع دقائق بالطائرة – من فينسينز. ولكنّ روجرز لم يكن يفكر بالدعم الجوي في تلك اللحظة. كان يقصد الزوارق الحربية الإيرانية التي تحوم قبالتها. ولم تكن المهمة سهلة. لم تكن طرادات إيجيس مصممة للمعارك الجوية الصغيرة. فقد بنيت لتحميل البحرية السوفياتية في شمال المحيط الأطلسي. وقد صمم نظام الرادار ذات التكنولوجيا الفائقة للإيجيس لتعقب عشرات من الصواريخ والطائرات في معركة بحرية كبرى. وقد كانت الزوارق الإيرانية صغيرة بحيث أنّها تتمايل على الإرتفاع، كانت تتأرجح دخولاً وخروجاً وفقاً لرادار البحث على سطح الفينسينز، ولا تظهر بإعتبارها أهدافاً منفصلة، ولكن كرمز واحد على شاشة الرادار. بفارغ الصبر، توجه روجرز إلى ضابط العمل التكتيكي، القائد فيكتور غييوري. وسأل: «هل بإمكان المنصة رؤية أي شيء؟» أفادت المنصة أنّه ممكن لمح آثار بضعة زوارق كومضات عبر الضباب.  بتمام الساعة 09:39، كان الهدف لا يزال غير واضح، وسمع صوت روجرز عبر اللاسلكي في مقر الأسطول، وأعلن عزمه على فتح النار. في البحرين، كان طاقم الأميرال ليس غير مستقر. إستعلم الكابتن واتكينز من رودجرز عن موقفه وتحميل الزوارق الحربية. وأخيراً، سأل: «هل تقوم الإتصالات بتطهير المنطقة؟». وقد  يكون السؤال سدادة المعرض. وإنطلاقاً من شهادة في وقت لاحق، قلة من مركز معلومات القتال على متن فينسينز في ذلك اليوم كانوا يعتقدون أنّ السفينة تتعرض للهجوم. في الواقع، كانت الزوارق الحربية تتحرك دائرياً ببطء – ومن الواضح تحت إنطباع أنّها لن تصاب بأذى في مياهها الإقليمية. من المشكوك به أنّ تكون الزوارق المنخفضة قد رأت الفينسينز من خلال الضباب. ومع ذلك، واصل روجرز المطالبة بإذن لإطلاق النار. على المنصة، أفاد المراقبون أنّه على الرغم من «عيونهم الكبيرة» العملاقة – يستطيعون رؤية الزوارق بوضوح أكبر الآن، التي كانت تدور بشكل عشوائي بهذا الإتجاه أو ذاك. وظهر زوج من الزوارق يسير بإتجاه الفينسينز.  بالنسبة لروجرز، كان ذلك كافياً. وأفاد البحرين بأنّ الزوارق الحربية تتجمع بسرعة وتظهر نوايا عدوانية. ومرة أخرى، أعلن نيته فتح النار. من على متن سفينه، وافق ليس في نهاية المطاف. وكانت الساعة 09:41. على المنصة، أعلن رئيس التموين أنّ الفينسينز قد عبرت الآن 12 ميل قبالة الساحل – في الأراضي الإيرانية. كانت الفينسينز تعمل في إنتهاك للقانون الدولي، ولكن روجرز لم يكن منتبهاً للجماليات القانونية. وأمر القائد غييوري بنادق الفينسينز إطلاق النار عندما تصبح جاهزة. وبعد دقيقتين، فتحت بندقية السفينة ذات الخمسة بوصات نحو الهدف الأول، وهو زورق على بعد 8000 ياردة.  حوالى 25 ميلاً إلى الشرق، على متن الفرقاطة يو أس أس سايدس، إستمع الكابتن ديفيد كارلسون، وشاهد مناورة روجرز مع التشكك المتزايد. «لماذا لا يدفع هذه الموجة بعيداً ويخرج من هنا؟»، تمتم أحد ضباط الفرقاطة. عندما  سمع كارلسون موافقة ليس لطلب روجرز على فتح النار، إستدار كارلسون نحو الرجل الثاني، قائد الفريق غاري إريكسون، وقام بحركة بإبهميه مقلوبين نحو الأسفل. ظنّ كارلسون أنّ مجزرة كانت ستندلع. ولم يكن لديه أدنى فكرة. 
 الطيران الدخيل على نحو 55 ميلاً إلى الشمال الشرقي بتمام الساعة 09:45:30 على وجه التحديد، أعلن القبطان الجوي الإيراني محسن ريزايان في برج المراقبة في مطار بندر عباس أنّ الإيرباص A300B2 جاهزة للإنطلاق. وبعد دقيقة، كان يحلق على متن محركي الـ CF6 جنرال إكتريك ورفع الخط الجوي نحو الضباط. وبالطبع كان على رحتله التوجه بالطائرة والحمولة البشرية عليها نحو الجنوب الغرب إلى دبي، في دولة الإمارات العربية المتحدة. وعلى الرغم من ذلك، لم يكن ريزايان على علم بذلك، فإن مسار رحلته أيضاً كان ليتوجه تقريباً مباشرةً إلى اليو أس أس مينسينز. في تلك اللحظة، كان الكابتن روجرز جالساً في قمرة القيادة – أي مركز المعلومات القتالية المظلمة للفينسينز، يوجه معركة بحرية بالتحكم عن بعد. من غير المستهل، يبدو مركز المعلومات القتالية في السفينة الحربية إيجيس شبيهاً برواق مصور مترف. ينحني صفوف من المشغلين على لوحات مفاتيح المذياع، يرصد كلّ منهم عنصراً واحداً من المعركة. ثم تدمج كافة المعلومات على شاشاتهم عبر جهاز الكمبيوتر الضخم على متن الإيجيس، ويسمى حرفياً «الصورة الكبيرة» - تظهر كرموز على الخرائط المعروضة على شاشات عملاة 42 - 42 بوصة في أعلى الغرفة حيث يجلس القبطان وإثنين من «مديري المعركة». يستطيع نظام إيجيس البالغة قيمة إبتكاره 400 مليون دولار رصد كلّ طائرة على مسافة 300 ميل. يلحق الكمبيوتر الخاص بهذه السفينة كلّ إتصال برمز سواء أكان إتصالاً «ودياً»، «معادياً» أو «مجهول الهوية». في الحرب في عرض البحر، يتوقع من إيجيس البحث وتحديد كافة التهديدات المحمولة جواً لمجموعة كاملة من حاملات الطائرات المقاتلة، وعرض سرعة وإتجاه كلّ منها، وترتيبها بحسب الخطر الذي تشكله. فالإيجيس ذات قوة هائلة بحيث يمكنها أن تتبع حتى 200 طائرة عدو قادمة أو صواريخ، ولكن أيضاً إطلاق الصواريخ لإنزال الطائرات المعادية. في إطار الحرب الواسعة النطاق ضدّ الإتحاد السوفياتي التي صممت الإيجيس من أجلها، حصرت خيارات القبطان وأفراد الطاقم بإمكانية تحويل النظام إلى أوتوماتيكي- والإنحناء. ومع ذلك، في هذه البيئة الضيقة والغامضة من الخليج الفارسي، إختار روجرز الإعتماد على قراره الخاص ومهارات طاقمه القتالية. لم يتم إختبار هذه المهارات قط في السابق. والواقع أنّ بعض الخبراء يشككون في إمكانية وقدرة الطاقم الأفضل تدريباً التعامل تحت الضغط مع هذا السيل من البيانات المتدفق من نظام الإيجيس. وإتهم تقرير مكتب المحاسبة الحكومي عام 1988 البحرية بتزوير الإختبارات البحرية للإيجيس عبر تزويد الطاقم بمعلومات سرية عن الطبيعة الدقيقة «للتهديدات» التي سيواجهونها. لا يمكن للبحرية أن تتحمل خطر الفشل في الإختبارات خوفاً منها من أن يتوقف الكونغرس عن تمويل برنامج الإيجيس.  وكان بعض كبار ضباط فينسينز أقل براعة في الحرب المحوسبة. ففي إطار الإجراءات العادية، نادراً ما لمس الكابتن روجرز لوحة المراقبة. كان بإمكانه تفويض المعركة ضدّ الزوارق إلى غييوري، الضابط التكتيكي للحرب على السطح. ولكنّ روجرز لم يكن يثق تماماً بغييوري، ضابط سابق لشؤون الموظفين غير متكيف مع أجهزة الكمبيوتر (كانت صيحات الضباط رفاقه العاملين معه تعلو بالتصهيل عندما قال أحدهم أنّه بدلاً من التخطيط لتغييرات العمل بإستعمال جدول بيانات الكمبيوتر فهو يستعمل شاشة الكمبيوتر كلوحة لـ «لصق» ملاحظاته). في الجوهر، دفع القائد غييوري جانباً ودار المعركة بنفسه. حدّد روجرز التسلسل على شاشة عرض «الصورة الكبيرة» على بعد 16 ميلاً أمامه، للتركيز على الزوارق الحربية. وكان غافلاً عن أي شيء آخر. في الساعة 9:47، إلتقط رادار تجسس الفينسينز القوي نقطة ضوء بعيدة – طائرة تقلع من مطار بندر عباس. في الواقع، كانت نقطة الضوء البعيدة هذه الرحلة الجوية الإيرانية 655 التي تنظم رحلتين أسبوعياً إلى دبي. ولكن بما أنّ مطار بندر عباس كان في الوقت نفسه مطاراً عسكرياً ومدنياً، تلقائياً كانت السفن البحرية «ترصد» أي رحلة جوية عبر منطقة الخليج «وتفترض أنّها معادية». وعبر وحدة التحكم في جهاز الكمبيوتر الخاص به ضمن مركز المعلومات القتالية على متن الفينسينز، رأى أندرو أندرسون، موظف بسيط، نقطة الضوء وكأنّها شبح قادم يرتفع على جانب واحد من الشاشات الزرقاء الكبيرة. وكانت مهمة أندرسون ضمن «الممر الجوي» (إير آلي)، وهو صف من المشغلين يقومون بمعالجة الحرب الجوية، تحديد أي حركة مرور جوية داخل نطاق السفينة. أعلم نظام إيجيس للإستعلام عن الطائرة القادمة: التعريف، صديق أو عدو؟ عن طريق الممارسات المتبعة، تحمل كافة الطائرات متلقي مستجيب يجيب تلقائياً على تساؤلات نظام التعريف، صديق أو عدو عبر الصيغة 1 أو 2 (عسكرية)، أو الصيغة 3 (مدنية). تلقى أندرسون الصيغو 3. فإعتبر هذه الطائرة «Commair» أي (طائرة تجارية). فإقترب من وحدة التحكم لترتيب البحرية بالنسبة للرحلات الجوية التجارية عبر الخليج. وبعد تفقد وتفحص الجدول الزمني، أخفق الرحلة رقم 655. وعلى ما يبدو، بين عتمة مركز المعلومات القتالية، والأضواء الوامضة كلّ مرة من بندقية الخمس بوصات على متن الفينسينز التي كانت تطلق جولة أخرى بإتجاه الزوراق الحربية الإيرانية التعيسة، أصيب بالتشوش نتيجة المناطق الزمنية الأربعة المختلفة في الخليج. أستدار أندرسون بإتجاه الضابط الصغير الشأن بجانبه في الممر الجوي «إير آلي»، جون ليتش، وتساءل بصوتٍ عالٍ إذا ما كانت طائرة حربية إيرانية عابرة – ربما F-4 أو F-14؟ سمع رئيسه في الممر الجوي، الملازم كلاي زوشير، الحديث بين الرجلين. وكان زوشير متوتراً بالفعل وغاضباً. لم يسبق له أنّ راقب هذه الساعة إلاّ مرتين أمام الجنرال كوارترز، ولم يتقن أبداً إجراءات الكمبيوتر لتشغيل لوحة التحكم الخاصة به. كان قلقاً في هذه اللحظة بشأن طائرة إيرانية دورية F-3 كانت في طريقها للهبوط على الساحل الإيراني. هل يمكن أن تكون طائرة الـ F-3 تنسق لهجوم على الفينسينز مع الشبح المجهول؟ قرر زوشير تمرير الأحاديث في الممر الجوي «إير آلي» عند سلسلة القيادة لرئيسه، الملازم القائد سكوت وستج، القائد التكتيكي للحرب الجوية على متن الفينسينز. أمر وستج زوشير بتوجيه تحذير إلى الطائرة القادمة: «أيتها طائرة مجهولة ... أنت تقتربين من سفينة حربية تابعة لبحرية الولايات المتحدة في المياه الدولية». كان هذا التحدي القياسي، توجيه النداء عبر ترددات بث الإستغاثة الدولية المراقبة بشكل روتيني من الطائرات العسكرية والتجارية. بإختصار، قدّم وستج خياراً آخراً. أمام شاشة العرض أمامه، إستطيع وستج ومنذ خمس دقائق فقط رؤية طائرات الفوريستال طراز F-14 تدور حول السفينة. وكان لديه ما يكفي من الوقت – بالكاد – لتوجيه النداء إليها ودعوتها للتأكد من هوية هذا الشبح.  فقد رأت طائرة الفوريستال أيضاً النقطة الضوئية على شاشات الرادار الخاصة بها. في الهواء، كان طيارو الـ F-14 يرغبون في عمل شيء حتى لفهم الظلام؛ شبحاً خارجاً من إيران ومتوجه نحو سفينة حربية أميركية، إنّها فرصة نادرة للطيرانين المتعطشين للقتال. ولكن على متن حاملة الطائرات، أوقفهم الأميرال سميث. فطاقم موظفيه قد أعلمه بأنّها طائرة تجارية. ولكن سميث كان متمسكاً بقواعد البحرية التي تنص على أنّ القبطان في الموقع هو من يتخذ القرارات. وقرر أن يترك روجرز يقود معركته الخاصة.  على متن الفينسينز، كانت الساعة الآن 09:49. كان روجرز مستغرقاً تماماً بإطلاق النيران ضدّ الزوارق الحربية. كان يصيح في وجه الطاقم وراء بندقية الخمس بوصات لتحميل أسرع، ويأمر دفة القيادة في جهة اليمين لترفع بندقيتها القاسية وتحميلها. وإرتجفت السفينة ومالت إلى الميمنة. كتب المنظرون العسكريون عن «الإحتكاك»، حتمية الخطأ والحوادث وسوء التقدير تحت ضغط المعركة. وحاول مهندسو الحرب الحديثة إستخدام التكنولوجيا للتقليل من عمى ساحة المعركة. ولكن التمتمة الإلكترونية في مركز المعلومات القتالية قد يكون مجرد تشويش. فالضباط والرجال الذين يتواصلون عبر قنوات عديدة عبر سماعات الرأس، في الأذن اليسرى واليمنى، يصغون عادةً إلى حلقات مختلفة. كان روجرز وضباطه الرئيسيين في مركز المعلومات القتالية يصغون إلى الحلقة نفسها – ولكن هذه الحلقة لا تغطي إلاّ نصف السفينة. إكتشف طاقم العمال المبدعين أنّهم يستطيعون التنصت عبر «شبكة القيادة» لتتبع أحداث المعركة عبر جهاز الإستماع ماركة سوني. وعبر عند القيام بذلك، يستنزفون القوة وتتلاشى جهارة الصوت. وبمجرد أن ينخفض الصوت جداً، كان على لوستيج أن يصيح بضرورة الـ «إستبدال» ليتحول الجميع إلى شبكة قيادة بديلة. ثم يستطيع القراصنة التحول إلى تلك الشبكة أيضاً.  عبر هذه «الشبكة» الخاطئة، بعد ثوانٍ قليلة من الساعة 9:50 صباحاً، نادى أحدهم بأنّ الطائرة القادمة قد تكون «فلكاً محتملاً» - كلمة السرّ للـ F-14. ولم يكن أحد قادراً على معرفة من أصدر هذا النداء. في الممر الجوي، ظنّ المشغلون أنّ الكلمة جاءت عن التقنيين في جناح الحرب الإلكترونية للسفينة. في حين ظن الفنيون أنّ التحذير جاء من الممر الجوي. وقع الضابط أندرسون مجلفاً تحت وقع هذا التحذير، وبث مجدداً تساؤلاً عبر نظام التعريف، صديق أو عدو. ولسوء الحظ، الردّ الذي حصل عليه كان مختلفاً. عبر لوحة التحكم الخاصة به، ومضت أمامه الصيغة 2: طائرة عسكرية. وبعد الكثير من الوقت فحسب، تبين للمحققين أنّ أندرسون قد نسي إعادة تنضيد ترتيب جهاز نظام التعريف، صديق أو عدو. فالصيغة 2 لم تأتِ من الإيرباص، التي ترتفع بسلام فوق الخليج، ولكن من طائرة عسكرية إيرانية، وربما من ناقل عسكري ما، لا يزال على مدرج بندر عباس.  وسمع أندرسون يغني «فلكاً محتملاً» في لحظة من الفوضى في مركز المعلومات القتالية. وكانت الساعة 9:51. وبعد أن تحول روجرز إلى نقطة الإنطلاق، كان الآن يحضر بندقيته التي أعاد تحميلها للتأثير على الزوارق الإيرانية. أطلقت البندقية 11 طلقة – وإنسدت. وأمر مرة أخرى ربان الدفة بالإنعطاف المفاجئ. وتأرجحت المؤخرة تحت الوقع الدوران، وإنقلبت الأوراق والكتب في مركز المعلومات القتالية على مفاتيح التحكم بما أنّ السفينة كانت تدور بسرعة. في محطته إلى يسار روجرز، كان لوستيغ ينظر إلى شاشته. وكانت الطائرة القادمة على بعد 32 ميلاً. وسأل روجرز: «ماذا نفعل؟» لم يكن الضابط القائد مرتبكاً جداً بشأن الزوارق الإيرانية لينسى المثال المحزن للكابتن غلين بريندال، ربّان اليو أس أس ستارك. فقبل ذلك بعام، كان بريندل المنحوس على رأس القيادة عندما تعرضت سفينته وغرقت تقريباً نتيجة زوج من الصواريخ المضادة للسفن التي أطلقها قائد طائرة عراقية من طراز ميراج F-1. قرر روجرز أنّ رادار مراقبة إطلاق النار على متن الفينسينز «سيرسم بالألوان» أي طائرة معادية ممكن أن تقترب ضمن مسافة 30 ميلاً. فعلى مسافة 20 ميلاً، بإستطاعة الفينسينز إطلاق النار وإنزالها. لم يكن روجرز متأكداً تماماً من أنّ سفينته تواجه طائرة حربية معادية. ويبدو أنّ الطائرة عالية جداً – حوالى 7000 قدم – للبحث في مقاربة هجوم. وفي خلفيته، أنذر ضابط آخر، الملازم ويليام مونتفورد، «طائرة تجارية محتملة». وتكرر النداء ثلاث مرات منذراً: «أيتها المقاتلة الإيرانية... إنّك تنزلقين نحو الخطر، وتتعرضين للتدابير الدفاعية من بحرية الولايات المتحدة». ثم حدث شيء ما يسميه علماء النفس «تحقيق السيناريو» - ترى ما كنت تتوقعه. بدأ الضباط أندرسون وليتش ينشدون بأنّ تلك الطائرة، التي حدد الآن نهائياً على الشاشة الكبيرة بأنّها من طراز F-14، كانت تنحدر وتلتقط سرعتها. لم تظهر أشرطة بيانات مركز المعلومات القتالية في وقت لاحق أي شيء من هذا القبيل. فقد أظهرت شاشة أندرسون أنّ الطائرة كانت متجهة بسرعة 380 ميلاً بحرياً على علو 12000 قدم صعوداً. ومع ذلك، كان أندرسون يصرخ بأنّ سرعة الطائرة كانت 455 ميلاً بحرياً وإرتفاعها 7800 قدم نزولاً.  وكان على روجرز إتخاذ قرار. قد تلحق طائرة من طراز F-14 أضراراً كبيرة بالفينسينز. فالنسخة التي باعتها واشنطن لحليفها شاه إيران في أوائل السبعينات كانت مجرد طائرة مقاتلة محضة، ولم تكن مصممة لضرب أهداف سطحية. ومع ذلك، إذا قصد روجرز مهاجمتها بصاروخ، كان عليه إطلاق النار قبل إقتراب الطائرة صمن مسافة 10 أميال. وبتمام الساعة 9:54:05، وبوصول الطائرة لمسافة 11 ميلاً، رفع روجرز يده وإستبدل مفتاح إطلاق النار بـ «تحرير» الصواريخ المضادة للطائرات SM-2 الموجودة على متن السفينة. في الممر الجوي، أعطي زوشير الضوء الأخضر لإطلاق النار. ثم كان على الملازم الشاب التراجع، بعد أن ضغط على المفاتيح الخاطئة في لوحة التحكم أمامه 23 مرة. وكان على ضابط مخضرم صغير الشأن التوجه نحوه وإختيار المفاتيح الصحيحة. في مركز المعلومات القتالية، خفتت الأضواء للحظات، وكأنّه السجن خلال الصعق بالكهرباء. على بعد نحو 10 أميار، كان الكابتن ريزايان على متن الطائرة الإيرانية يرسل تقريره بهدوء إلى مطار بندر عباس بأنّه وصل إلى أول نقطة تفتيش عبور عبر الخليج. ولم يسمع أي من تحذيرات الفينسينز. كانت موجبات الطائرة الإذاعية الأربعة تتوقف مع تذبذب الهواء-والمراقبة. وردّ البرج عبر الجهاز اللاسلكي «ليكن يومكم لطيفاً». وردّ التيار «شكراً، يوماً جيداً». وبعد ثلاثين ثانية، إنفجرت القذيفة الأولى وفجرت الجناح اليساري من طائرته. على جسر الفينسينز، كان لا يزال المصور رودي باهايو يتابع التصوير. وإلتقطت جهاز تسجيله  الصوتي ثرثرة من الأصوات: «أوه، ماتت!» «إنّها تسقط!». «لقد قتلت!». وأمر صوت أحدهم: «إخفض صوتك، إخرس!» وصاح آخر «إصابة مباشرة!» ثم جاء حارس من جناج الجسر. وقال لا يمكن أن يكون الهدف طائرة F-14. كان الحطام يتساقط من السماء، وغمغم في أذن الضابط التنفيذي للفينسينز، القائد ريتشارد فوستر، إنّها «أكبر من ذلك». على بعد بضعة كيلومترات، على جسر مونتغمري، ذهل طاقم السفينة عند رؤية جناح كبير لطائرة تجارية، مع غرفة تركيب المحرك ما زالت مربوطة به، يسقط في البحر. على متن اليو أس أس سايدس، على بعد 19 ميلاً، أعلم الكابتن كارلسون أنّ رجل الرادار الأعلى حسب أنّ الطائرة كانت طائرة تجارية. وقال كارلسون في وقت لاحق أنّه كان على وشك التقيأ. على متن الفينسينز، ساد صمت غريب. وتوقفت المدافع ذات الخمس بوصات عن القصف. ولم تقترب أي من زوارق الحرس الثوري ضمن 5000 ياردة من السفينة الحربية. لم يكن أحد متأكداً من عدد الإصابات، ربما واحد وربما أكثر من ذلك. وأعطى روجرز أمراً إلى القيادة في الجنوب للتوجه إلى خارج المياه الإيرانية. تحليل التستر في واشنطن، بعد ما يقرب 11 ساعة، وبتمام الساعة 13:30 (1:30 بعد الظهر)، إعتلا الأميرال وليام كرو، رئيس هيئة الأركان المشتركة، المنصفة في غرفة الصحافة في البنتاغون. رسمي بزيه الصيفي الأبيض، قال الأميرال للصحفيين أنّ حادثاً مروعاً قد وقع. مشدداً على أنّ المعلومات كانت ناقصة، معتمداً على ما أعلمه به الكابتن روجرز، قال كرو أنّ طائرة إيرانية كانت تحلق خارج الممر الجوي التجاري وفشلت في الإستجابة إلى تحذيرات متكررة. وكانت الطائرة تهبط نزولاً وتلتقط سرعتها عندما إقتربت من الفينسينز. كان روجرز يحمي سفينته فحسب. وأظهرت خريطة كبيرة وضعية الفينسينز في وقت إطلاق النار. كانت السفينة ضمن المياه الدولية.  أمّا في الأمم المتحدة، فقد قارن الإيرانييون المأساة بإطلاق النار السوفياتي على الطيران الكوري 007 عام 1983. وقرر البيت الأبيض أنّه على نائب الرئيس الأميركي جورج بوش الدفاع عن الولايات المتحدة أمام مجلس الأمن للأمم المتحدة. وأوكلت مهمة الإعداد للقضية إلى ريتشارد ويليامسون، مساعد وزير الخارجية للمنظمات الدولية. وقد وجد الأمر صعباً للغاية للحصول على إجابات من موظفي كرو الذين كانوا يتعاملون مع هذه القضية في وزارة الدفاع. فإنتابه الشك، وحذر رئيس أركاب نائب الرئيس، كريج فولر، من ضرورة الحذر بشأن توريط بوش في أي حقائق. فجاء ردّ فعل فولر بإعلان أنّه لم يثق يوماً بوزارة الدفاع الأميركية. ركز خطاب بوش على ضرورة إنهاء الحرب بين العراق وإيران. ولكن الحقائق التي شملها الخطاب كانت خاطئة وفي غير محلها. فقد إدعى نائب الرئيس أنّ الفينسينز هرعت للدفاع عن تاجر يتعرض لهجوم إيراني. بحلول 14 تموز/يوليو، يوم خطاب بوش، كانت وزارة الدفاع تعرف الحقيقة لكنّها أذعنت عن تقاسمها مع نائب الرئيس. وكان أشرطة نظام إيجيس على متن الفينسينز والبيانات الملاحية والقتالية قد وصلت إلى الولايات المتحدة في 5 تموز/يوليو وقدمت تقارير بكلّ ما أمكن مشاهدته إلى وزارة الدفاع الأميركية في 10 تموز/يوليو. كانت الفينسينز في المياه الإقليمية الإيرانية. وكانت الطائرة الإيرانية فعلاً داخل الممر الجوي التجاري وكان تحلق صعوداً لا نزولاً. لم يكن من وجود لأي سفينة تجارية محاصرة. وتضاعف التستر في التقارير الرسمية عن الحادث. في 3 تموز/يوليو، إختار كرو ضابط كبير من القيادة المركزية، ويليام فوغارتي، الذي راقب عمليات عسكرية في الشرق الأوسط، ليتولى مهمة التحقيق. أرسل كرو مستشاره القانوني، الكابتن ريتشارد ديبوبيس، للجلوس إلى جانب فوغارتي في مقر القيادة المركزية في تامبا عند إعداده التقرير. تميز التحقيق بأسئلة لم تسأل قبلاً. فالقادة الموجودون على متن الفورستال لم يستجوبوا أبداً؛ وكذلك الكابتن ماكينا، قائد الحرب السطحية في البحرين الذي قام روجرز بتجاهل أوامره. أرسل موظفو ماكينا شريطاً بالإتصالات المتوترة بينه وبين روجرز قبل المعركة البحرية، ولكنّهم لم يتلقوا أي رد. لم يتضمن التقرير الذي كشف أمام الجمهور أي مخطط للبيانات الملاحية لإظهار موقع الفينسينز في وقت إطلاق النار. أظهرت الخريطة التي عرضها فوغارتي عندما أطلع الكونغرس في أيلول/سبتمبر أنّ الفينسينز وطائرات الهليكوبتر كانت متمركزة وبوضوح في المياه الإيرانية وأظهرت خطأً موقع مونتغمري. قدّم فوغارتي لقطات من الخريطة المسجلة بحسب نظام إيجيس عن الأحداث المعروضة في مركز المعلومات القتالية على متن الفينسينز. وفقاً لثلاثة مصادر على متن الفينسينز في ذلك اليوم، فقد أظهرت الخريطة الحقيقية جزيرة هنجام، أي الأراضي الإيرانية، على بعد أقل من تسعة أميال من الفينسينز في وقت إطلاق النار. بحسب الأطر التي أظهرها فوغارتي، حذفت الجزيرة ببساطة – وضعت الفينسينز بأعجوبة في موقع آمن داخل المياه الدولية مرة أخرى. وعندما سأل المشرعين المحققين فوغارتي عن وضع طائرة الفورستال، وضعها على بعد 180 ميلاً، ثم 250 ميلاً تقريباً، على الرغم من تلك اللقطات التي يظهرها نظام إيجيس، التي تبين بوضوح أنّها متمركزة على بعد 75 ميلاً فقط من الفينسينز. في ظروف غامضة، أفاد فوغارتي لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أنّ الفينسينز كانت تسارع لإنقاذ ناقلة نفط ليبيرية، الستوفال، في ذلك الصباح. مع أنّه ما من وجود لأي ناقلة نفط في سجلات أي سفينة. وفقاً لمصدرين، بما في ذلك ضابط في البحرية شارك في التحقيق، شكلت الستوفال شرك، شبح نسجته رسائل لاسلكية وهمية لإغراء الزوارق الحربية الإيرانية على الخروج. ووفقاً لهذه المصادر، فإنّ العدوان الإيراني الذي إنتقده نائب الرئيس الأميركي بوش بشدّة في الأمم المتحدة كان في الواقع تجربة لعملية لدغة أميركية. لربما إستطاعت البحرية الأميركية التمصل بعيداً مع كلّ هذه الخدع والتضليلات لو لم تكن القضية تتعلق بسحق بطيء للقانون الدولي. فقد أجبرت واشنطن بموجب دعوى قضائية تقدمت بها الحكومة الإيرانية على الإقرار، على مضض، أنّ الفينسينز كانت واقعياً في المياه الإيرانية – على الرغم من أنّ مرافعات وزارة العدل لا تزال تدعي بأنّ السفينة إضطرت للدخول ضمن هذه الحدود للدفاع عن نفسها. ويذكر الإقرار بمطبوعات في الإجراءات القانونية؛ ولكنها لم تلقَ إهتمام الرأي العام إلى أنّ واجه كرو بالأدلة، وإعترف بالحقيقة الأسبوع الماضي في برنامج «نايت لاين». نفى كرو أي تستر؛ وإذا إرتكبت بعض الأخطاء، قال كرو لنيوزويك أنّها كانت «دون درجة راتبي». لا يزال روجرز يصرّ على أنّ سفينته كانت في المياه الدولية. في النهاية، بطبيعة الحال، لن يحصل ويل روجرز على شريطة الذهب برتبة أميرال ذات البوصتين. فقد أوعز لقيادة القوات البحرية في سان دييغو لمدة عامين قبل أن يعتزل بشرف في آب/أغسطس 1991. منح كلّ الرجال على متن الفينسينز أشرطة العمل القتالي. حتى أنّ القائد لوستيج، منسق الحرب الجوية، نال وسام الثناء البحرية لـ «إنجاز البطولي»، و«قدرته على الحفاظ على إتزانه والثقة في ظلّ الطلاقات النارية»، مما مكنه من «إتمام بسرعة وبدقة كاملة عملية إطلاق النار». ونظراً للهدف الذي يطلق عليه النار، يبدو الثناء سريالي إلى حدّ ما. ولكنّ على هذا النحو كانت الأجواء في مركز المعلومات القتالية على متن الفينسينز في ذلك الصباح من تموز/يوليو، والمحاولات خلال الأشهر والسنوات التي تلت لتغطيو كلّ ما حدث. جون باري مراسل نيوزويك لشؤون الأمن القومي. روجر تشارلز هو عقيد متقاعد في البحرية وضابط المخابرات العسكرية وهو الآن كاتب مستقل في واشنطن. عمل كمراسلين أيضاً دانيال بيدرسون في لندن، وكريستوفر ديكي في باريس، وتيريزا والدروب في بون، ودونا فوت في لوس أنجلس، وطوني كليفتون في نيويورك، وبيتر  أنين في هيوستن. 
 الحرب السرية تعرفهم من شحوبهم. نام طيارو في قوة المهمات العسكرية السرية 118 في الخليج الفارسي المحرق على درجة حرارة 120 لأيام، مطاردين ليلاً. وكانت طائرات الهليكوبتر التابعة لهم من طراز OH-58D ملونة بالأسود، صغيرة جداً وهادئة ليتمكنوا من التسلل عبرها لبلوغ هدف في الظلام؛ يحملون صواريخ هليفاير متدلية على جنوبهم وحدها قادرة على إغراق سفينة لعمق أربعة أميال. إنطلق الطيارون بسرعة 100 ميلاً بالساعة، وعلى إرتفاع 30 قدماً فوق المياه عبر ستائر من الرمال تهب قبالة الصحراء السعودية. ببخس لاذع، أطلق رجال القوة 118 على المروحية التي تحملهم إسم سبلاشغارد. وأوضح أحد أعضاء قوة المهمة «نتخيل أنّه سيصاب بالرطوبة، إننا شديدي الإنخفاض». كانت حرب الطيارين مظلمة كتلك الليلة التي كانوا يقاتلونها خلالها. فعند قررت إدارة الرئيس ريغان في العام 1987 حماية ناقلات النفط التي تنتقل عبر منطقة الخليج، حسبت أنّ مجرد وجود القوات البحرية الأميركية سيصيب الإيرانيين بالذعر. ومع ذلك، في أول قافلة، ضربت ناقلة أطلق عليها إسم بريدجتون بلغم إيراني. وتبين لاحقاً أنّ البحرية الأميركية لم تكن تملك كاسحات ألغام حديثة. بالنسبة لواشنطن، شكل الحرج أزمة كبيرة. ولا يزال واضعو السياسات يتذكرون الذل الذي تعرضوا له عندما إضطروا إلى الإنسحاب من بيروت بعد تفجير مقر قوات المارينز في العام 1983. لم يكن الكونغرس ينوي إعلان الحرب على إيران. والواقع أنّ الإدارة تخشى أن يوقف المشرعون ببساطة عملية المرافقة البحرية. وهكذا إضطرت وزارة الدفاع الأميركية للتعامل مع التهديد بوسائل سرية. بعض من هذه العمليات معروفة جداً، مثل الغارة في تشرين الأول/أكتوبر 1987 ضدّ منصات النفط رستم التي يستعملها الإيرانيون كمخابئ. لكنّ العمليات السرية الأميركية في الخليج كانت على نطاق أوسع ممّا كان يبلغ عنها، بحسب ما علمت نيوزويك، وكانت حتى مثيرة للجدل بين كبار الضباط. وقد بدأوا ببرنامج إستطلاع وكالة المخابرات المركزية، الذي أطلق عليه الإسم السري إيغر غلاسيه، فأرسلت طائرات تجسس وطائرات هليكوبتر لتحلق فوق القواعد الإيرانية في مطلع حزيران/يونيو 1987. تمركزت الزوارق الدورية Mark III مزودة بجنود البحرية SEAL، على مركبتين عائمتين عملاقتين، فيما عملت وحدات خاصة لعمليات طائرات الهليكوبتر أولاً الطيور الصغيرة، لقوات العمل دلتا العسكرية 160، ثم إنضم إليها في وقت لاحق محاربون متخصصون يتبعون للفرقة 118، على مراقبة الخليج ليلاً. وفي 21 أيلول/سبتمبر، حقق الهليكوبترات نجاحها الأول، إذ تمكنت بالفعل من إصطياد السفينة الزارعة للألغام إيران إير. أعلنت إدارة ريغان عن الحادث لتحميل إيران المسؤولية إذ نفت تورطها بقضية التعدين في منطقة الخليج. وبقي سراً حقيقة أنّ إحدى الهليكوبترات التابعة للفرقة 160 سقطت نتيجة إطلاق نار من جهة صديقة. كما أبقت وزارة الدفاع الأميركية سراً أيضاً حقيقة أنّ القوات الأميركية قد قبضت على «العديد» من السفن البحرية الأخرى تستخدم لزرع الألغام البحرية، وفقاً لكبار المسؤولين في الإدارة. ضبطت القوات البحرية، وبعد شهر من حادث طيرات إيران، بحسب ما علمت نيوزويك، وحجزت السفينة الإيرانية الزارعة للألغام راكيش، وأعادتها إلى بلادها سراً مع طاقمها. (وأعيد السجناء على متن طائرة إيرانية C-130 إلى مطار عمان ليلاً). أكد الأميرال ويليام كرو الإبن، الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة «لفترة من الوقت، كان الوضع متهيجاً إلى حدّ ما هناك». أمّا بحسب الأميرال السابق دينيس بروكس، قائد القوة المشتركة الأميركية الشرق أوسطية، كان الوضع متهيجاً جداً. بعد أن شكا بمرارة أنّه إحتفظ بمعلومات عن عمليات سرية وأبقاها في الظلام، إستبدل بروكس، بصفته كان قائداً في الخليج في شباط/فبراير 1988. وعندما تقاعد عام 1991، بحسب ما علمت نيوزيوك، سلم بروكس إلى وزير البحرية لورانس غاريت تقريراً من 200 صفحة بشأن ما وصفه بالعمليات «غير القانونية» في الخليج. لا يزال التقرير سرياً. وأعدت البنتاغون خطط طوارئ مفصلة عن الغارات السرية ضدّ مخاون الألغام وأرصفة في ميناء بوشهر الإيراني، ولكن ألغيت هذه الخطط لأنّها كانت إستفزازية جداً ومحفوفة بالمخاطر. ومع ذلك، قدمت الولايات المتحدة أهداف وإستخبارات لتمكين القوة البحرية العراقية من قصف مواقع التخزين الإيرانية في جزيرة الفارسية في نهاية عام 1987. ولعبت طائرات الأواكس الأميركية دور المراقبة الجوية للغارات العراقية ضدّ أهداف أخرى في إيران أيضاً. وكانت واشنطن حريصة بشكل خاص على مساعدة العراق بعد إستحصال الإستخبارات الأميركية على معلومات مفصلة للخطط الإيرانية في أوائل عام 1987 لإحتلال جزء من الكويت. دعت الخطط للهجوم وذلك بإستخدام قوات خاصة وزوارق سريعة، على جزيرة بوبيان في الكويت. لم تكن واشنطن تريد أن ترى إيران تنشأ مواقع صواريخ سيلك وورم في الجزيرة، التي تحكم أرصفة الناقلات البحرية في الكويت. شكلت المساعدات العسكرية كلها جزءاً من ميل واشنطن المؤيدة للعراق خلال الحرب بين إيران والعراق. بالطبع لم يدرك أحد أنّ الولايات المتحدة ستدخل في وقت قريب في حرب ضدّ النظام العسكري في بغداد. قد تكون للقوات الأميركية لعبت دوراً أكثر نشاطاً، بحسب ما علمت نيوزويك. ووفقاً لأحد كبار المسؤولين في الأمن القومي، سمح بتوجيه ضربات من الطائرات الحربية المتمركزة في الناقلة الأميركية ضدّ مواقع صواريخ السيلك وورم في مضيق هرمز. يختلف مسؤولون سابقون في وزارة الدفاع عن ما إذا كانت هذه الضربة أو غير من ضربات البر الرئيسي قد نفذت بالفعل. في منطقة الخليج، كان خلف بروكس، الأميرال السابق أنطوني ليس، يخشى العمليات السرية. قال قادة القوات البحرية SEAL في مقابلات مع نيوزويك أنّهم بقيوا وراء المقود لفترة قصيرة، يقومون بدوريات دفاعية ولكن لا يلعبون دورهم المفضل كـ «صيادين-قتلة». من جهة أخرى، إستمرت واشنطن في الضغط على القوات البحرية لكتون أكثر عدوانية ضدّ الزوارق الحربية الإيرانية. وكرر مسؤول رفيع المستوى في البنتاغون الإشارة إلى إجازة إستعمال «سفينة شرك» لجذب الزوارق الحربية إلى المياه الدولية. وكان الخطة، وفقاً لمصادر في البحرية، جذب ناقلة بذبذبات إذاعية وهمية. وكانت هذه التجربة لإطلاق عمليات من هذا النوع، وقد علمت نيوزويك من مصدرين مختلفين أنّ الفينسينو إرتكبت خطأ فادحاً في صباح ذلك اليوم الكارثي من شهر تموز/يوليو.(انتهى) طيران الدخيل على نحو 55 ميلاً إلى الشمال الشرقي بتمام الساعة 09:45:30 على وجه التحديد، أعلن القبطان الجوي الإيراني محسن ريزايان في برج المراقبة في مطار بندر عباس أنّ الإيرباص A300B2 جاهزة للإنطلاق. وبعد دقيقة، كان يحلق على متن محركي الـ CF6 جنرال إكتريك ورفع الخط الجوي نحو الضباط. وبالطبع كان على رحتله التوجه بالطائرة والحمولة البشرية عليها نحو الجنوب الغرب إلى دبي، في دولة الإمارات العربية المتحدة. وعلى الرغم من ذلك، لم يكن ريزايان على علم بذلك، فإن مسار رحلته أيضاً كان ليتوجه تقريباً مباشرةً إلى اليو أس أس مينسينز. في تلك اللحظة، كان الكابتن روجرز جالساً في قمرة القيادة – أي مركز المعلومات القتالية المظلمة للفينسينز، يوجه معركة بحرية بالتحكم عن بعد. من غير المستهل، يبدو مركز المعلومات القتالية في السفينة الحربية إيجيس شبيهاً برواق مصور مترف. ينحني صفوف من المشغلين على لوحات مفاتيح المذياع، يرصد كلّ منهم عنصراً واحداً من المعركة. ثم تدمج كافة المعلومات على شاشاتهم عبر جهاز الكمبيوتر الضخم على متن الإيجيس، ويسمى حرفياً «الصورة الكبيرة» - تظهر كرموز على الخرائط المعروضة على شاشات عملاة 42 - 42 بوصة في أعلى الغرفة حيث يجلس القبطان وإثنين من «مديري المعركة». يستطيع نظام إيجيس البالغة قيمة إبتكاره 400 مليون دولار رصد كلّ طائرة على مسافة 300 ميل. يلحق الكمبيوتر الخاص بهذه السفينة كلّ إتصال برمز سواء أكان إتصالاً «ودياً»، «معادياً» أو «مجهول الهوية». في الحرب في عرض البحر، يتوقع من إيجيس البحث وتحديد كافة التهديدات المحمولة جواً لمجموعة كاملة من حاملات الطائرات المقاتلة، وعرض سرعة وإتجاه كلّ منها، وترتيبها بحسب الخطر الذي تشكله. فالإيجيس ذات قوة هائلة بحيث يمكنها أن تتبع حتى 200 طائرة عدو قادمة أو صواريخ، ولكن أيضاً إطلاق الصواريخ لإنزال الطائرات المعادية. في إطار الحرب الواسعة النطاق ضدّ الإتحاد السوفياتي التي صممت الإيجيس من أجلها، حصرت خيارات القبطان وأفراد الطاقم بإمكانية تحويل النظام إلى أوتوماتيكي- والإنحناء. ومع ذلك، في هذه البيئة الضيقة والغامضة من الخليج الفارسي، إختار روجرز الإعتماد على قراره الخاص ومهارات طاقمه القتالية. لم يتم إختبار هذه المهارات قط في السابق. والواقع أنّ بعض الخبراء يشككون في إمكانية وقدرة الطاقم الأفضل تدريباً التعامل تحت الضغط مع هذا السيل من البيانات المتدفق من نظام الإيجيس. وإتهم تقرير مكتب المحاسبة الحكومي عام 1988 البحرية بتزوير الإختبارات البحرية للإيجيس عبر تزويد الطاقم بمعلومات سرية عن الطبيعة الدقيقة «للتهديدات» التي سيواجهونها. لا يمكن للبحرية أن تتحمل خطر الفشل في الإختبارات خوفاً منها من أن يتوقف الكونغرس عن تمويل برنامج الإيجيس.  وكان بعض كبار ضباط فينسينز أقل براعة في الحرب المحوسبة. ففي إطار الإجراءات العادية، نادراً ما لمس الكابتن روجرز لوحة المراقبة. كان بإمكانه تفويض المعركة ضدّ الزوارق إلى غييوري، الضابط التكتيكي للحرب على السطح. ولكنّ روجرز لم يكن يثق تماماً بغييوري، ضابط سابق لشؤون الموظفين غير متكيف مع أجهزة الكمبيوتر (كانت صيحات الضباط رفاقه العاملين معه تعلو بالتصهيل عندما قال أحدهم أنّه بدلاً من التخطيط لتغييرات العمل بإستعمال جدول بيانات الكمبيوتر فهو يستعمل شاشة الكمبيوتر كلوحة لـ «لصق» ملاحظاته). في الجوهر، دفع القائد غييوري جانباً ودار المعركة بنفسه. حدّد روجرز التسلسل على شاشة عرض «الصورة الكبيرة» على بعد 16 ميلاً أمامه، للتركيز على الزوارق الحربية. وكان غافلاً عن أي شيء آخر. في الساعة 9:47، إلتقط رادار تجسس الفينسينز القوي نقطة ضوء بعيدة – طائرة تقلع من مطار بندر عباس. في الواقع، كانت نقطة الضوء البعيدة هذه الرحلة الجوية الإيرانية 655 التي تنظم رحلتين أسبوعياً إلى دبي. ولكن بما أنّ مطار بندر عباس كان في الوقت نفسه مطاراً عسكرياً ومدنياً، تلقائياً كانت السفن البحرية «ترصد» أي رحلة جوية عبر منطقة الخليج «وتفترض أنّها معادية». وعبر وحدة التحكم في جهاز الكمبيوتر الخاص به ضمن مركز المعلومات القتالية على متن الفينسينز، رأى أندرو أندرسون، موظف بسيط، نقطة الضوء وكأنّها شبح قادم يرتفع على جانب واحد من الشاشات الزرقاء الكبيرة. وكانت مهمة أندرسون ضمن «الممر الجوي» (إير آلي)، وهو صف من المشغلين يقومون بمعالجة الحرب الجوية، تحديد أي حركة مرور جوية داخل نطاق السفينة. أعلم نظام إيجيس للإستعلام عن الطائرة القادمة: التعريف، صديق أو عدو؟ عن طريق الممارسات المتبعة، تحمل كافة الطائرات متلقي مستجيب يجيب تلقائياً على تساؤلات نظام التعريف، صديق أو عدو عبر الصيغة 1 أو 2 (عسكرية)، أو الصيغة 3 (مدنية). تلقى أندرسون الصيغو 3. فإعتبر هذه الطائرة «Commair» أي (طائرة تجارية). فإقترب من وحدة التحكم لترتيب البحرية بالنسبة للرحلات الجوية التجارية عبر الخليج. وبعد تفقد وتفحص الجدول الزمني، أخفق الرحلة رقم 655. وعلى ما يبدو، بين عتمة مركز المعلومات القتالية، والأضواء الوامضة كلّ مرة من بندقية الخمس بوصات على متن الفينسينز التي كانت تطلق جولة أخرى بإتجاه الزوراق الحربية الإيرانية التعيسة، أصيب بالتشوش نتيجة المناطق الزمنية الأربعة المختلفة في الخليج. أستدار أندرسون بإتجاه الضابط الصغير الشأن بجانبه في الممر الجوي «إير آلي»، جون ليتش، وتساءل بصوتٍ عالٍ إذا ما كانت طائرة حربية إيرانية عابرة – ربما F-4 أو F-14؟ سمع رئيسه في الممر الجوي، الملازم كلاي زوشير، الحديث بين الرجلين. وكان زوشير متوتراً بالفعل وغاضباً. لم يسبق له أنّ راقب هذه الساعة إلاّ مرتين أمام الجنرال كوارترز، ولم يتقن أبداً إجراءات الكمبيوتر لتشغيل لوحة التحكم الخاصة به. كان قلقاً في هذه اللحظة بشأن طائرة إيرانية دورية F-3 كانت في طريقها للهبوط على الساحل الإيراني. هل يمكن أن تكون طائرة الـ F-3 تنسق لهجوم على الفينسينز مع الشبح المجهول؟ قرر زوشير تمرير الأحاديث في الممر الجوي «إير آلي» عند سلسلة القيادة لرئيسه، الملازم القائد سكوت وستج، القائد التكتيكي للحرب الجوية على متن الفينسينز. أمر وستج زوشير بتوجيه تحذير إلى الطائرة القادمة: «أيتها طائرة مجهولة ... أنت تقتربين من سفينة حربية تابعة لبحرية الولايات المتحدة في المياه الدولية». كان هذا التحدي القياسي، توجيه النداء عبر ترددات بث الإستغاثة الدولية المراقبة بشكل روتيني من الطائرات العسكرية والتجارية. بإختصار، قدّم وستج خياراً آخراً. أمام شاشة العرض أمامه، إستطيع وستج ومنذ خمس دقائق فقط رؤية طائرات الفوريستال طراز F-14 تدور حول السفينة. وكان لديه ما يكفي من الوقت – بالكاد – لتوجيه النداء إليها ودعوتها للتأكد من هوية هذا الشبح.  فقد رأت طائرة الفوريستال أيضاً النقطة الضوئية على شاشات الرادار الخاصة بها. في الهواء، كان طيارو الـ F-14 يرغبون في عمل شيء حتى لفهم الظلام؛ شبحاً خارجاً من إيران ومتوجه نحو سفينة حربية أميركية، إنّها فرصة نادرة للطيرانين المتعطشين للقتال. ولكن على متن حاملة الطائرات، أوقفهم الأميرال سميث. فطاقم موظفيه قد أعلمه بأنّها طائرة تجارية. ولكن سميث كان متمسكاً بقواعد البحرية التي تنص على أنّ القبطان في الموقع هو من يتخذ القرارات. وقرر أن يترك روجرز يقود معركته الخاصة.  على متن الفينسينز، كانت الساعة الآن 09:49. كان روجرز مستغرقاً تماماً بإطلاق النيران ضدّ الزوارق الحربية. كان يصيح في وجه الطاقم وراء بندقية الخمس بوصات لتحميل أسرع، ويأمر دفة القيادة في جهة اليمين لترفع بندقيتها القاسية وتحميلها. وإرتجفت السفينة ومالت إلى الميمنة. كتب المنظرون العسكريون عن «الإحتكاك»، حتمية الخطأ والحوادث وسوء التقدير تحت ضغط المعركة. وحاول مهندسو الحرب الحديثة إستخدام التكنولوجيا للتقليل من عمى ساحة المعركة. ولكن التمتمة الإلكترونية في مركز المعلومات القتالية قد يكون مجرد تشويش. فالضباط والرجال الذين يتواصلون عبر قنوات عديدة عبر سماعات الرأس، في الأذن اليسرى واليمنى، يصغون عادةً إلى حلقات مختلفة. كان روجرز وضباطه الرئيسيين في مركز المعلومات القتالية يصغون إلى الحلقة نفسها – ولكن هذه الحلقة لا تغطي إلاّ نصف السفينة. إكتشف طاقم العمال المبدعين أنّهم يستطيعون التنصت عبر «شبكة القيادة» لتتبع أحداث المعركة عبر جهاز الإستماع ماركة سوني. وعبر عند القيام بذلك، يستنزفون القوة وتتلاشى جهارة الصوت. وبمجرد أن ينخفض الصوت جداً، كان على لوستيج أن يصيح بضرورة الـ «إستبدال» ليتحول الجميع إلى شبكة قيادة بديلة. ثم يستطيع القراصنة التحول إلى تلك الشبكة أيضاً.  عبر هذه «الشبكة» الخاطئة، بعد ثوانٍ قليلة من الساعة 9:50 صباحاً، نادى أحدهم بأنّ الطائرة القادمة قد تكون «فلكاً محتملاً» - كلمة السرّ للـ F-14. ولم يكن أحد قادراً على معرفة من أصدر هذا النداء. في الممر الجوي، ظنّ المشغلون أنّ الكلمة جاءت عن التقنيين في جناح الحرب الإلكترونية للسفينة. في حين ظن الفنيون أنّ التحذير جاء من الممر الجوي. وقع الضابط أندرسون مجلفاً تحت وقع هذا التحذير، وبث مجدداً تساؤلاً عبر نظام التعريف، صديق أو عدو. ولسوء الحظ، الردّ الذي حصل عليه كان مختلفاً. عبر لوحة التحكم الخاصة به، ومضت أمامه الصيغة 2: طائرة عسكرية. وبعد الكثير من الوقت فحسب، تبين للمحققين أنّ أندرسون قد نسي إعادة تنضيد ترتيب جهاز نظام التعريف، صديق أو عدو. فالصيغة 2 لم تأتِ من الإيرباص، التي ترتفع بسلام فوق الخليج، ولكن من طائرة عسكرية إيرانية، وربما من ناقل عسكري ما، لا يزال على مدرج بندر عباس.  وسمع أندرسون يغني «فلكاً محتملاً» في لحظة من الفوضى في مركز المعلومات القتالية. وكانت الساعة 9:51. وبعد أن تحول روجرز إلى نقطة الإنطلاق، كان الآن يحضر بندقيته التي أعاد تحميلها للتأثير على الزوارق الإيرانية. أطلقت البندقية 11 طلقة – وإنسدت. وأمر مرة أخرى ربان الدفة بالإنعطاف المفاجئ. وتأرجحت المؤخرة تحت الوقع الدوران، وإنقلبت الأوراق والكتب في مركز المعلومات القتالية على مفاتيح التحكم بما أنّ السفينة كانت تدور بسرعة. في محطته إلى يسار روجرز، كان لوستيغ ينظر إلى شاشته. وكانت الطائرة القادمة على بعد 32 ميلاً. وسأل روجرز: «ماذا نفعل؟» لم يكن الضابط القائد مرتبكاً جداً بشأن الزوارق الإيرانية لينسى المثال المحزن للكابتن غلين بريندال، ربّان اليو أس أس ستارك. فقبل ذلك بعام، كان بريندل المنحوس على رأس القيادة عندما تعرضت سفينته وغرقت تقريباً نتيجة زوج من الصواريخ المضادة للسفن التي أطلقها قائد طائرة عراقية من طراز ميراج F-1. قرر روجرز أنّ رادار مراقبة إطلاق النار على متن الفينسينز «سيرسم بالألوان» أي طائرة معادية ممكن أن تقترب ضمن مسافة 30 ميلاً. فعلى مسافة 20 ميلاً، بإستطاعة الفينسينز إطلاق النار وإنزالها. لم يكن روجرز متأكداً تماماً من أنّ سفينته تواجه طائرة حربية معادية. ويبدو أنّ الطائرة عالية جداً – حوالى 7000 قدم – للبحث في مقاربة هجوم. وفي خلفيته، أنذر ضابط آخر، الملازم ويليام مونتفورد، «طائرة تجارية محتملة». وتكرر النداء ثلاث مرات منذراً: «أيتها المقاتلة الإيرانية... إنّك تنزلقين نحو الخطر، وتتعرضين للتدابير الدفاعية من بحرية الولايات المتحدة». ثم حدث شيء ما يسميه علماء النفس «تحقيق السيناريو» - ترى ما كنت تتوقعه. بدأ الضباط أندرسون وليتش ينشدون بأنّ تلك الطائرة، التي حدد الآن نهائياً على الشاشة الكبيرة بأنّها من طراز F-14، كانت تنحدر وتلتقط سرعتها. لم تظهر أشرطة بيانات مركز المعلومات القتالية في وقت لاحق أي شيء من هذا القبيل. فقد أظهرت شاشة أندرسون أنّ الطائرة كانت متجهة بسرعة 380 ميلاً بحرياً على علو 12000 قدم صعوداً. ومع ذلك، كان أندرسون يصرخ بأنّ سرعة الطائرة كانت 455 ميلاً بحرياً وإرتفاعها 7800 قدم نزولاً.  وكان على روجرز إتخاذ قرار. قد تلحق طائرة من طراز F-14 أضراراً كبيرة بالفينسينز. فالنسخة التي باعتها واشنطن لحليفها شاه إيران في أوائل السبعينات كانت مجرد طائرة مقاتلة محضة، ولم تكن مصممة لضرب أهداف سطحية. ومع ذلك، إذا قصد روجرز مهاجمتها بصاروخ، كان عليه إطلاق النار قبل إقتراب الطائرة صمن مسافة 10 أميال. وبتمام الساعة 9:54:05، وبوصول الطائرة لمسافة 11 ميلاً، رفع روجرز يده وإستبدل مفتاح إطلاق النار بـ «تحرير» الصواريخ المضادة للطائرات SM-2 الموجودة على متن السفينة. في الممر الجوي، أعطي زوشير الضوء الأخضر لإطلاق النار. ثم كان على الملازم الشاب التراجع، بعد أن ضغط على المفاتيح الخاطئة في لوحة التحكم أمامه 23 مرة. وكان على ضابط مخضرم صغير الشأن التوجه نحوه وإختيار المفاتيح الصحيحة. في مركز المعلومات القتالية، خفتت الأضواء للحظات، وكأنّه السجن خلال الصعق بالكهرباء. على بعد نحو 10 أميار، كان الكابتن ريزايان على متن الطائرة الإيرانية يرسل تقريره بهدوء إلى مطار بندر عباس بأنّه وصل إلى أول نقطة تفتيش عبور عبر الخليج. ولم يسمع أي من تحذيرات الفينسينز. كانت موجبات الطائرة الإذاعية الأربعة تتوقف مع تذبذب الهواء-والمراقبة. وردّ البرج عبر الجهاز اللاسلكي «ليكن يومكم لطيفاً». وردّ التيار «شكراً، يوماً جيداً». وبعد ثلاثين ثانية، إنفجرت القذيفة الأولى وفجرت الجناح اليساري من طائرته. على جسر الفينسينز، كان لا يزال المصور رودي باهايو يتابع التصوير. وإلتقطت جهاز تسجيله  الصوتي ثرثرة من الأصوات: «أوه، ماتت!» «إنّها تسقط!». «لقد قتلت!». وأمر صوت أحدهم: «إخفض صوتك، إخرس!» وصاح آخر «إصابة مباشرة!» ثم جاء حارس من جناج الجسر. وقال لا يمكن أن يكون الهدف طائرة F-14. كان الحطام يتساقط من السماء، وغمغم في أذن الضابط التنفيذي للفينسينز، القائد ريتشارد فوستر، إنّها «أكبر من ذلك». على بعد بضعة كيلومترات، على جسر مونتغمري، ذهل طاقم السفينة عند رؤية جناح كبير لطائرة تجارية، مع غرفة تركيب المحرك ما زالت مربوطة به، يسقط في البحر. على متن اليو أس أس سايدس، على بعد 19 ميلاً، أعلم الكابتن كارلسون أنّ رجل الرادار الأعلى حسب أنّ الطائرة كانت طائرة تجارية. وقال كارلسون في وقت لاحق أنّه كان على وشك التقيأ. على متن الفينسينز، ساد صمت غريب. وتوقفت المدافع ذات الخمس بوصات عن القصف. ولم تقترب أي من زوارق الحرس الثوري ضمن 5000 ياردة من السفينة الحربية. لم يكن أحد متأكداً من عدد الإصابات، ربما واحد وربما أكثر من ذلك. وأعطى روجرز أمراً إلى القيادة في الجنوب للتوجه إلى خارج المياه الإيرانية. تحليل التستر في واشنطن، بعد ما يقرب 11 ساعة، وبتمام الساعة 13:30 (1:30 بعد الظهر)، إعتلا الأميرال وليام كرو، رئيس هيئة الأركان المشتركة، المنصفة في غرفة الصحافة في البنتاغون. رسمي بزيه الصيفي الأبيض، قال الأميرال للصحفيين أنّ حادثاً مروعاً قد وقع. مشدداً على أنّ المعلومات كانت ناقصة، معتمداً على ما أعلمه به الكابتن روجرز، قال كرو أنّ طائرة إيرانية كانت تحلق خارج الممر الجوي التجاري وفشلت في الإستجابة إلى تحذيرات متكررة. وكانت الطائرة تهبط نزولاً وتلتقط سرعتها عندما إقتربت من الفينسينز. كان روجرز يحمي سفينته فحسب. وأظهرت خريطة كبيرة وضعية الفينسينز في وقت إطلاق النار. كانت السفينة ضمن المياه الدولية.  أمّا في الأمم المتحدة، فقد قارن الإيرانييون المأساة بإطلاق النار السوفياتي على الطيران الكوري 007 عام 1983. وقرر البيت الأبيض أنّه على نائب الرئيس الأميركي جورج بوش الدفاع عن الولايات المتحدة أمام مجلس الأمن للأمم المتحدة. وأوكلت مهمة الإعداد للقضية إلى ريتشارد ويليامسون، مساعد وزير الخارجية للمنظمات الدولية. وقد وجد الأمر صعباً للغاية للحصول على إجابات من موظفي كرو الذين كانوا يتعاملون مع هذه القضية في وزارة الدفاع. فإنتابه الشك، وحذر رئيس أركاب نائب الرئيس، كريج فولر، من ضرورة الحذر بشأن توريط بوش في أي حقائق. فجاء ردّ فعل فولر بإعلان أنّه لم يثق يوماً بوزارة الدفاع الأميركية. ركز خطاب بوش على ضرورة إنهاء الحرب بين العراق وإيران. ولكن الحقائق التي شملها الخطاب كانت خاطئة وفي غير محلها. فقد إدعى نائب الرئيس أنّ الفينسينز هرعت للدفاع عن تاجر يتعرض لهجوم إيراني. بحلول 14 تموز/يوليو، يوم خطاب بوش، كانت وزارة الدفاع تعرف الحقيقة لكنّها أذعنت عن تقاسمها مع نائب الرئيس. وكان أشرطة نظام إيجيس على متن الفينسينز والبيانات الملاحية والقتالية قد وصلت إلى الولايات المتحدة في 5 تموز/يوليو وقدمت تقارير بكلّ ما أمكن مشاهدته إلى وزارة الدفاع الأميركية في 10 تموز/يوليو. كانت الفينسينز في المياه الإقليمية الإيرانية. وكانت الطائرة الإيرانية فعلاً داخل الممر الجوي التجاري وكان تحلق صعوداً لا نزولاً. لم يكن من وجود لأي سفينة تجارية محاصرة. وتضاعف التستر في التقارير الرسمية عن الحادث. في 3 تموز/يوليو، إختار كرو ضابط كبير من القيادة المركزية، ويليام فوغارتي، الذي راقب عمليات عسكرية في الشرق الأوسط، ليتولى مهمة التحقيق. أرسل كرو مستشاره القانوني، الكابتن ريتشارد ديبوبيس، للجلوس إلى جانب فوغارتي في مقر القيادة المركزية في تامبا عند إعداده التقرير. تميز التحقيق بأسئلة لم تسأل قبلاً. فالقادة الموجودون على متن الفورستال لم يستجوبوا أبداً؛ وكذلك الكابتن ماكينا، قائد الحرب السطحية في البحرين الذي قام روجرز بتجاهل أوامره. أرسل موظفو ماكينا شريطاً بالإتصالات المتوترة بينه وبين روجرز قبل المعركة البحرية، ولكنّهم لم يتلقوا أي رد. لم يتضمن التقرير الذي كشف أمام الجمهور أي مخطط للبيانات الملاحية لإظهار موقع الفينسينز في وقت إطلاق النار. أظهرت الخريطة التي عرضها فوغارتي عندما أطلع الكونغرس في أيلول/سبتمبر أنّ الفينسينز وطائرات الهليكوبتر كانت متمركزة وبوضوح في المياه الإيرانية وأظهرت خطأً موقع مونتغمري. قدّم فوغارتي لقطات من الخريطة المسجلة بحسب نظام إيجيس عن الأحداث المعروضة في مركز المعلومات القتالية على متن الفينسينز. وفقاً لثلاثة مصادر على متن الفينسينز في ذلك اليوم، فقد أظهرت الخريطة الحقيقية جزيرة هنجام، أي الأراضي الإيرانية، على بعد أقل من تسعة أميال من الفينسينز في وقت إطلاق النار. بحسب الأطر التي أظهرها فوغارتي، حذفت الجزيرة ببساطة – وضعت الفينسينز بأعجوبة في موقع آمن داخل المياه الدولية مرة أخرى. وعندما سأل المشرعين المحققين فوغارتي عن وضع طائرة الفورستال، وضعها على بعد 180 ميلاً، ثم 250 ميلاً تقريباً، على الرغم من تلك اللقطات التي يظهرها نظام إيجيس، التي تبين بوضوح أنّها متمركزة على بعد 75 ميلاً فقط من الفينسينز. في ظروف غامضة، أفاد فوغارتي لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ أنّ الفينسينز كانت تسارع لإنقاذ ناقلة نفط ليبيرية، الستوفال، في ذلك الصباح. مع أنّه ما من وجود لأي ناقلة نفط في سجلات أي سفينة. وفقاً لمصدرين، بما في ذلك ضابط في البحرية شارك في التحقيق، شكلت الستوفال شرك، شبح نسجته رسائل لاسلكية وهمية لإغراء الزوارق الحربية الإيرانية على الخروج. ووفقاً لهذه المصادر، فإنّ العدوان الإيراني الذي إنتقده نائب الرئيس الأميركي بوش بشدّة في الأمم المتحدة كان في الواقع تجربة لعملية لدغة أميركية. لربما إستطاعت البحرية الأميركية التمصل بعيداً مع كلّ هذه الخدع والتضليلات لو لم تكن القضية تتعلق بسحق بطيء للقانون الدولي. فقد أجبرت واشنطن بموجب دعوى قضائية تقدمت بها الحكومة الإيرانية على الإقرار، على مضض، أنّ الفينسينز كانت واقعياً في المياه الإيرانية – على الرغم من أنّ مرافعات وزارة العدل لا تزال تدعي بأنّ السفينة إضطرت للدخول ضمن هذه الحدود للدفاع عن نفسها. ويذكر الإقرار بمطبوعات في الإجراءات القانونية؛ ولكنها لم تلقَ إهتمام الرأي العام إلى أنّ واجه كرو بالأدلة، وإعترف بالحقيقة الأسبوع الماضي في برنامج «نايت لاين». نفى كرو أي تستر؛ وإذا إرتكبت بعض الأخطاء، قال كرو لنيوزويك أنّها كانت «دون درجة راتبي». لا يزال روجرز يصرّ على أنّ سفينته كانت في المياه الدولية. في النهاية، بطبيعة الحال، لن يحصل ويل روجرز على شريطة الذهب برتبة أميرال ذات البوصتين. فقد أوعز لقيادة القوات البحرية في سان دييغو لمدة عامين قبل أن يعتزل بشرف في آب/أغسطس 1991. منح كلّ الرجال على متن الفينسينز أشرطة العمل القتالي. حتى أنّ القائد لوستيج، منسق الحرب الجوية، نال وسام الثناء البحرية لـ «إنجاز البطولي»، و«قدرته على الحفاظ على إتزانه والثقة في ظلّ الطلاقات النارية»، مما مكنه من «إتمام بسرعة وبدقة كاملة عملية إطلاق النار». ونظراً للهدف الذي يطلق عليه النار، يبدو الثناء سريالي إلى حدّ ما. ولكنّ على هذا النحو كانت الأجواء في مركز المعلومات القتالية على متن الفينسينز في ذلك الصباح من تموز/يوليو، والمحاولات خلال الأشهر والسنوات التي تلت لتغطيو كلّ ما حدث.
جون باري مراسل نيوزويك لشؤون الأمن القومي. روجر تشارلز هو عقيد متقاعد في البحرية وضابط المخابرات العسكرية وهو الآن كاتب مستقل في واشنطن. عمل كمراسلين أيضاً دانيال بيدرسون في لندن، وكريستوفر ديكي في باريس، وتيريزا والدروب في بون، ودونا فوت في لوس أنجلس، وطوني كليفتون في نيويورك، وبيتر  أنين في هيوستن.
 الحرب السرية تعرفهم من شحوبهم. نام طيارو في قوة المهمات العسكرية السرية 118 في الخليج الفارسي المحرق على درجة حرارة 120 لأيام، مطاردين ليلاً. وكانت طائرات الهليكوبتر التابعة لهم من طراز OH-58D ملونة بالأسود، صغيرة جداً وهادئة ليتمكنوا من التسلل عبرها لبلوغ هدف في الظلام؛ يحملون صواريخ هليفاير متدلية على جنوبهم وحدها قادرة على إغراق سفينة لعمق أربعة أميال. إنطلق الطيارون بسرعة 100 ميلاً بالساعة، وعلى إرتفاع 30 قدماً فوق المياه عبر ستائر من الرمال تهب قبالة الصحراء السعودية. ببخس لاذع، أطلق رجال القوة 118 على المروحية التي تحملهم إسم سبلاشغارد. وأوضح أحد أعضاء قوة المهمة «نتخيل أنّه سيصاب بالرطوبة، إننا شديدي الإنخفاض». كانت حرب الطيارين مظلمة كتلك الليلة التي كانوا يقاتلونها خلالها. فعند قررت إدارة الرئيس ريغان في العام 1987 حماية ناقلات النفط التي تنتقل عبر منطقة الخليج، حسبت أنّ مجرد وجود القوات البحرية الأميركية سيصيب الإيرانيين بالذعر. ومع ذلك، في أول قافلة، ضربت ناقلة أطلق عليها إسم بريدجتون بلغم إيراني. وتبين لاحقاً أنّ البحرية الأميركية لم تكن تملك كاسحات ألغام حديثة. بالنسبة لواشنطن، شكل الحرج أزمة كبيرة. ولا يزال واضعو السياسات يتذكرون الذل الذي تعرضوا له عندما إضطروا إلى الإنسحاب من بيروت بعد تفجير مقر قوات المارينز في العام 1983. لم يكن الكونغرس ينوي إعلان الحرب على إيران. والواقع أنّ الإدارة تخشى أن يوقف المشرعون ببساطة عملية المرافقة البحرية. وهكذا إضطرت وزارة الدفاع الأميركية للتعامل مع التهديد بوسائل سرية. بعض من هذه العمليات معروفة جداً، مثل الغارة في تشرين الأول/أكتوبر 1987 ضدّ منصات النفط رستم التي يستعملها الإيرانيون كمخابئ. لكنّ العمليات السرية الأميركية في الخليج كانت على نطاق أوسع ممّا كان يبلغ عنها، بحسب ما علمت نيوزويك، وكانت حتى مثيرة للجدل بين كبار الضباط. وقد بدأوا ببرنامج إستطلاع وكالة المخابرات المركزية، الذي أطلق عليه الإسم السري إيغر غلاسيه، فأرسلت طائرات تجسس وطائرات هليكوبتر لتحلق فوق القواعد الإيرانية في مطلع حزيران/يونيو 1987. تمركزت الزوارق الدورية Mark III مزودة بجنود البحرية SEAL، على مركبتين عائمتين عملاقتين، فيما عملت وحدات خاصة لعمليات طائرات الهليكوبتر أولاً الطيور الصغيرة، لقوات العمل دلتا العسكرية 160، ثم إنضم إليها في وقت لاحق محاربون متخصصون يتبعون للفرقة 118، على مراقبة الخليج ليلاً. وفي 21 أيلول/سبتمبر، حقق الهليكوبترات نجاحها الأول، إذ تمكنت بالفعل من إصطياد السفينة الزارعة للألغام إيران إير. أعلنت إدارة ريغان عن الحادث لتحميل إيران المسؤولية إذ نفت تورطها بقضية التعدين في منطقة الخليج. وبقي سراً حقيقة أنّ إحدى الهليكوبترات التابعة للفرقة 160 سقطت نتيجة إطلاق نار من جهة صديقة. كما أبقت وزارة الدفاع الأميركية سراً أيضاً حقيقة أنّ القوات الأميركية قد قبضت على «العديد» من السفن البحرية الأخرى تستخدم لزرع الألغام البحرية، وفقاً لكبار المسؤولين في الإدارة. ضبطت القوات البحرية، وبعد شهر من حادث طيرات إيران، بحسب ما علمت نيوزويك، وحجزت السفينة الإيرانية الزارعة للألغام راكيش، وأعادتها إلى بلادها سراً مع طاقمها. (وأعيد السجناء على متن طائرة إيرانية C-130 إلى مطار عمان ليلاً). أكد الأميرال ويليام كرو الإبن، الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة «لفترة من الوقت، كان الوضع متهيجاً إلى حدّ ما هناك». أمّا بحسب الأميرال السابق دينيس بروكس، قائد القوة المشتركة الأميركية الشرق أوسطية، كان الوضع متهيجاً جداً. بعد أن شكا بمرارة أنّه إحتفظ بمعلومات عن عمليات سرية وأبقاها في الظلام، إستبدل بروكس، بصفته كان قائداً في الخليج في شباط/فبراير 1988. وعندما تقاعد عام 1991، بحسب ما علمت نيوزيوك، سلم بروكس إلى وزير البحرية لورانس غاريت تقريراً من 200 صفحة بشأن ما وصفه بالعمليات «غير القانونية» في الخليج. لا يزال التقرير سرياً. وأعدت البنتاغون خطط طوارئ مفصلة عن الغارات السرية ضدّ مخاون الألغام وأرصفة في ميناء بوشهر الإيراني، ولكن ألغيت هذه الخطط لأنّها كانت إستفزازية جداً ومحفوفة بالمخاطر. ومع ذلك، قدمت الولايات المتحدة أهداف وإستخبارات لتمكين القوة البحرية العراقية من قصف مواقع التخزين الإيرانية في جزيرة الفارسية في نهاية عام 1987. ولعبت طائرات الأواكس الأميركية دور المراقبة الجوية للغارات العراقية ضدّ أهداف أخرى في إيران أيضاً. وكانت واشنطن حريصة بشكل خاص على مساعدة العراق بعد إستحصال الإستخبارات الأميركية على معلومات مفصلة للخطط الإيرانية في أوائل عام 1987 لإحتلال جزء من الكويت. دعت الخطط للهجوم وذلك بإستخدام قوات خاصة وزوارق سريعة، على جزيرة بوبيان في الكويت. لم تكن واشنطن تريد أن ترى إيران تنشأ مواقع صواريخ سيلك وورم في الجزيرة، التي تحكم أرصفة الناقلات البحرية في الكويت. شكلت المساعدات العسكرية كلها جزءاً من ميل واشنطن المؤيدة للعراق خلال الحرب بين إيران والعراق. بالطبع لم يدرك أحد أنّ الولايات المتحدة ستدخل في وقت قريب في حرب ضدّ النظام العسكري في بغداد. قد تكون للقوات الأميركية لعبت دوراً أكثر نشاطاً، بحسب ما علمت نيوزويك. ووفقاً لأحد كبار المسؤولين في الأمن القومي، سمح بتوجيه ضربات من الطائرات الحربية المتمركزة في الناقلة الأميركية ضدّ مواقع صواريخ السيلك وورم في مضيق هرمز. يختلف مسؤولون سابقون في وزارة الدفاع عن ما إذا كانت هذه الضربة أو غير من ضربات البر الرئيسي قد نفذت بالفعل. في منطقة الخليج، كان خلف بروكس، الأميرال السابق أنطوني ليس، يخشى العمليات السرية. قال قادة القوات البحرية SEAL في مقابلات مع نيوزويك أنّهم بقيوا وراء المقود لفترة قصيرة، يقومون بدوريات دفاعية ولكن لا يلعبون دورهم المفضل كـ «صيادين-قتلة». من جهة أخرى، إستمرت واشنطن في الضغط على القوات البحرية لكتون أكثر عدوانية ضدّ الزوارق الحربية الإيرانية. وكرر مسؤول رفيع المستوى في البنتاغون الإشارة إلى إجازة إستعمال «سفينة شرك» لجذب الزوارق الحربية إلى المياه الدولية. وكان الخطة، وفقاً لمصادر في البحرية، جذب ناقلة بذبذبات إذاعية وهمية. وكانت هذه التجربة لإطلاق عمليات من هذا النوع، وقد علمت نيوزويك من مصدرين مختلفين أنّ الفينسينو إرتكبت خطأ فادحاً في صباح ذلك اليوم الكارثي من شهر تموز/يوليو.   __________________إخبارية حقوق الإنسان آذار 2010 العدد 3                تقرير علي عقيل خليل       _______________جريدة الوفاق – السبت 3 تموز 2010السنة الثالثة عشرة – العدد 3663____________________نيوزويك – 13 تموز 1992جون باري__________________    

Last Updated (Tuesday, 17 April 2012 16:18)