جميع حقوق النشر محفوظة - الادارة
الفصل الثاني عشر
(الخميس 21/9/1978) مذكرة إلى أعضاء قمة الصمود والتصدي:
وفي ما يلي نص المذكرة:
أصحاب السيادة الرؤساء أعضاء قمة الصمود والتصدي.
لقد أخذتم على عاتقكم أعباء مواجهة الأخطار المحيقة بأمتنا والتي في مقدمتها الأطماع الصهيونية لأرضنا العربية ووضعتم أنفسكم وأوطانكم في موقع الصمود تجاه المؤامرة الهادفة إلى شرذمة حقوق أمتنا وإلى إثارة الخلافات والنعرات الإقليمية والطائفية والفئوية بينها وإلى هدر قوانا وإضعاف هممنا وتحملتم مسؤولية التصدي للمخططات المشبوهة الهادفة إلى إضاعة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني فمن حقنا أن نحملكم مسؤولية مواجهة قضية قطع الاتصال بسماحة الإمام المجاهد السيد موسى الصدر الزعيم الإسلامي الكبير الذي نذر نفسه وطاقاته في مواجهة الأخطار ذاتها التي تجتمعون اليوم من أجل مواجهتها.
إن قطع الاتصال بالإمام الصدر يعذب ضمائر المسلمين ويهدد الصف الوطني في لبنان وفي أجزاء كبيرة من الوطن العربي والعالم الإسلامي ويصرف الأنظار عن المخططات التي تنفذ على أرضنا ويفوت فرصة التصدي لها.
إن مسيرتنا التي تمثل ملايين الإرادات المخلصة تحمل إليكم هماً كبيراً لتفرجوه بعون الله وخطراً كبيراً لتدفعوه بإذن الله. والسلام عليكم ورحمة الله.
(الخميس 21/9/1978) تقرير فرحات لوزارة الخارجية:
قدم اليوم السيد نزار فرحات القائم بأعمال السفارة اللبنانية في ليبيا تقريراً إلى أمين عام وزارة الخارجية الشيخ نجيب الدحداح حول ملابسات اخفاء سماحة الإمام وصحبه، والتحقيقات الجارية بهذا الصدد والمعلومات التي توفرت لديه من الحكومة الليبية.
النقيب طه في زيارة المقر المؤقت للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى:
طه بعدما زار المجلس الشيعي:
قد تكون ثمة صلة بين "كامب ديفيد" واخفاء الصدر
وبدر الدين عضو في نقابتنا والصحافة مهتمة بأمره
قام نقيب الصحافة اللبنانية الأستاذ رياض طه بزيارة المقر المؤقت للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في مدينة الزهراء بخلدة، حيث اجتمع إلى مدير عام المجلس الشيخ محمود فرحات وعرض معه آخر التطورات والمعلومات المتعلقة بانقطاع الاتصال مع سماحة الإمام السيد موسى الصدر ومرافقيه الأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب.
وكان النقيب طه قد عاد من روما بعد غياب أسبوع قضاه في أوروبا. وقد سئل عما إذا كانت تلك الرحلة من أجل البحث في شأن اخفاء الإمام وصحبه فأجاب: الواقع إنني كنت مرتبطاً بمواعيد خاصة في بعض المدن الأوروبية، ولكني اغتنمت الفرصة لاستكمال المعلومات حول غياب الإمام الصدر وصحبه، لا سيما وأن الزميل عباس بدر الدين عضو في نقابتنا وإن الأسرة الصحافية بكاملها تهتم بأمره.
وأضاف النقيب: إن القلق الذي يساور النفوس من جراء انقطاع أخبار الإمام وصحبه قد أضيف إلى موجة الأسى والغضب التي أثارها مؤتمر "كمب ديفيد"، وقد يكون ثمة صلة وثيقة بين هذه الكارثة القومية أو المأساة وبين اخفاء رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وصحبه.
وسئل نقيب الصحافة عما إذا كان مستعداً لزيارة ليبيا لجلاء غوامض القضية فأجاب: لقد اقترحت علي جهات محترمة ذلك منذ البداية فلم أر موجباً لها لا سيما وقد صدر بيان ليبي رسمي في هذا الصدد. على أني مستعد لأداء أي مهمة إذا كان فيها ما يكشف الحقيقة ويؤمن دور الصحافة الأساسي في إيضاح الوقائع وشفاء غليل الرأي العام.
(الجمعة 22/9/1978) برقيات من دوترويت وسيراليون والبحرين:
من دوترويت:
تلقى سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين نائب رئيس المجلس برقية من رئيس المجلس الإسلامي في دوترويت في الولايات المتحدة الأميركية هذا نصها:
لقد هزنا وأثر بنا كثيراً نبأ اخفاء الإمام وصحبه. إنها حادثة فريدة من نوعها في تاريخنا المعاصر.
إننا قلقون ونعمل دائماً ونبتهل إلى الله أن يحفظ سماحة الإمام ويعيده سالماً إلى وطنه.
.. وسيراليون:
تلقى سماحته برقية من أبناء الجالية اللبنانية في سيراليون جاء فيها:
إننا ندين بشدة، ونتابع باهتمام عميق آخر تطورات قضية الإمام الصدر وصحبه. ندعو الله عز وجل أن يعيدهم سالمين.
.. والبحرين
تلقى المجلس البرقية التالية من السيد محمد علي الحاج منصور العكري في البحرين:
باسم الإسلام الحنيف نشارككم الاهتمام باخفاء الإمام السيد موسى الصدر والاستاذ السيد عباس بدرالدين والشيخ محمد يعقوب. نرجو الله كشف هذه الغمة عن الإسلام والمسلمين.
(الإثنين 25/9/1978) الرئيس سركيس مع وفد من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى:
استهل رئيس الجمهورية الأستاذ الياس سركيس نشاطات قصر بعبدا باستقبال وفد من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى قوامه نائب رئيس المجلس سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، الشيخ عبد الأمير قبلان، الشيخ محمود فرحات والنواب السادة: حسين الحسيني، محمود عمار ومحمد يوسف بيضون.
تصريح شمس الدين:
رأينا أن نقابل فخامة الرئيس سركيس لتبادل الآراء والمعلومات حول قضية اخفاء سماحة الإمام السيد موسى الصدر وصحبه الأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب.
أضاف: سيصدر قريباً بيان عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى حول هذا الموضوع إن شاء الله.
(الإثنين 25/9/1978) وفود شعبية في مدينة الزهراء:
استمر تدفق الوفود الشعبية والسياسية والاقتصادية إلى مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في مدينة الزهراء بخلدة لمتابعة تطورات قضية انقطاع الاتصال مع سماحة الإمام السيد موسى الصدر ومرافقيه الأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب.
وقد زار سماحة مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد قبل ظهر اليوم المجلس الشيعي الأعلى حيث التقى سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين نائب رئيس المجلس بحضور أركان المجلس الشيعي وأصحاب السماحة مفتيي المناطق وأعضاء الهيئة التشريعية للمجلس والرئيس عادل عسيران والنائب السيد حسين الحسيني.
كما زار المجلس الشيخ قبلان عيسى الخوري وأعرب عن قلقه حيال ملابسات القضية، وعن اهتمام أبناء منطقة بشري بمصير الإمام الصدر وصحبه كما أعرب عن تمنياته وأمله بعودة الإمام الصدر ومرافقيه إلى لبنان سالمين.
(الإثنين 25/9/1978) شباب ورجال دين يعتصمون في مقر هيئة الأمم المتحدة:
دخلت قضية انقطاع الاتصال مع سماحة الإمام السيد موسى الصدر ومرافقيه الأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب، أسبوعها الثالث دون التوصل إلى أية نتيجة رغم الاتصالات والتحركات والتحقيقات التي أجريت في أكثر من بلد، وبقي الغموض يسيطر على القضية بكل جوانبها.
وفي هذا الصدد نفذ حشد وافر من رجال الدين وأبناء الطائفة الشيعية اعتصاماً في مقر هيئة الأمم المتحة في بئر حسن استنكاراً واحتجاجاً على استمرار غياب الإمام الصدر. وطالب المعتصمون المنظمة الدولية ببذل الجهود على الصعيد الدولي للمساعدة على إيجاد الإمام الصدر ومرافقيه، كما رفعوا برقية بهذا الصدد إلى الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور كورت فالدهايم لحث الرأي العام العالمي على بذل المساعي لإجلاء الغموض الذي يحيط بالقضية خاصة وأن الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة قد بدأت أعمالها أمس في نيويورك بحضور ممثلي الدول العربية والعالمية.
كما رفع المعتصمون على دخل مكتب هيئة الأمم لافتات وصوراً للإمام الصدر، طالبوا من خلالها بالعمل على كشف مصير الإمام الصدر والمساعدة على عودته إلى لبنان سالماً.
(الإثنين 25/9/1978) برقيات عالمية لنقيب الصحافة رياض طه:
تلقى النقيب رياض طه برقية من أبيدجان، بتوقيع "الجمعية الإسلامية الثقافية اللبنانية في شاطىء العاج" هذا نصها:
إن الجمعية الإسلامية الثقافية اللبنانية في جمهورية شاطىء العاج، التي تأثرت جداً لاخفاء سماحة الإمام موسى الصدر والاستاذ السيد عباس بدرالدين والشيخ محمد يعقوب، والتي تؤمن بأن الصحافة اللبنانية بأسرها تشاطرها العاطفة في هذا الصدد، تتشرف بأن توجه إليكم هذا النداء وبواسطتكم إلى مجموع الصحافة اللبنانية، راجية أن تبذلوا كل الجهود للتحقيقات الممكنة من أجل عودة الإمام سالماً معافى إلى وطنه وعائلته. هذا مع فائق الاحترام والوفاء والعرفان.
وتلقت النقابة برقية أخرى من دكار، بتوقيع الشيخ عبد المنعم علي زين، نيابة عن الجالية اللبنانية في السنغال هذا نصها:
النبأ الصاعق عن احتجاز سماحة الإمام موسى الصدر هز مشاعرنا. إن الجالية اللبنانية ترجو من نقابتكم بذل كل جهد ممكن من أجل الإفراج عن سماحته مع قبول شكرنا واحترامنا لنقابتكم الزاهرة.
كما تلقى النقيب برقيات أخرى متعددة من مغتربين في نيجيريا وليبيريا وغينيا.
(الثلاثاء 26/9/1978) إيرانيون في دمشق، وخطب الجمعة في الكويت:
في الكويت خصص علماء الدين المسلمون خطب يوم الجمعة في المساجد لقضية الإمام الصدر، وأخطار هذه القضية على الصعيدين الديني والقومي، مطالبين الدول العربية والإسلامية ببذل كافة الجهود في سبيل إنقاذه وتأمين عودته إلى لبنان.
على صعيد آخر توجه من طهران إلى دمشق، أمس، وفد من ثلاثة علماء إيرانيين لمقابلة المسؤولين السوريين والأردنيين ومطالبتهم بالمساعدة على العثور على الإمام موسى الصدر وصحبه.
بيان لتجمع الشباب المستقل:
أذاع "تجمع الشباب المستقل" بياناً أبدى فيه خشيته أن يؤول مصير الإمام الصدر كمصير الدومورو رئيس وزراء إيطاليا السابق، ودعا إلى توسيع نطاق التحقيقات الجارية لمعرفة مكان الإمام.
جاء في البيان:
إن اللجنة التنفيذية لتجمع الشباب المستقل وهي تراقب وتعيش التطورات المستجدة المتعلقة (بلغز اخفاء) سماحة الإمام الصدر وقد أقلقتها هذه التطورات فإنها أصبحت تخشى أن يؤول مصير سماحته كمصير (الدومورو) رئيس وزراء إيطاليا السابق.
لذلك فإن اللجنة التنفيذية لتجمع الشباب المستقل ترى:
1 – أن تضم اللجان التي قرر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إرسالها إلى الخارج علماء من الطائفة الإسلامية ككل.
2 – أن تقوم المديرية العامة لشؤون الإفتاء في لبنان بالاتصال المتواصل بالأزهر الشريف والمراكز الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي بهدف استنفارها وضم جهودها إلى الجهود الإسلامية في لبنان المهتمة "بمصير سماحة الإمام الصدر".
3 – نكرر دعوتنا إلى إرسال لجنة دينية خاصة لتقصي الحقائق تزور ليبيا وتضم كل من مدير عام شؤون الإفتاء في لبنان حسن قوتلي ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى فضيلة الدكتور صبحي الصالح.
4 – إن اهتمامنا بهذه القضية ينبع من إيماننا بأنها ليست قضية شيعية وإنما قضية إسلامية وطنية بالدرجة الأولى. وقضية قومية بالدرجة الثانية قبل أن تكون مؤشر سلبي خطير يهدد المسيرة الأمنية في لبنان.
(الأربعاء 27/9/1978) انهيار خمسة من المعتصمين في مقر الأمم المتحدة:
بقيت قضية استمرار اخفاء الإمام وصحبه أمس محور الاهتمام الرسمي والسياسي والشعبي، فقد اطلع رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص، من الرائد نبيه فرحات، عضو البعثة الأمنية اللبنانية على آخر المعلومات المتوافرة حول ملابسات فقدان الاتصال بالإمام الصدر ومرافقيه كما كان الموضوع محور بحث في اجتماع مشترك عقد للتجمع الإسلامي والجبهة الوطنية للمحافظة على الجنوب، في حضور وفد من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى برئاسة نائب الرئيس الشيخ محمد مهدي شمس الدين.
إثر الاجتماع أعلن شفيق الوزان أن المجتمعين "تداولوا في الخطوات الواجبة لمتابعة قضية قطع الاتصال مع الإمام الصدر ومرافقيه على كل المستويات، عربياً وإسلامياً سعياً وراء سلامة الإمام وعوته. وانطلاقاً من وحدة المشاعر والمصلحة الإسلامية قرر المجتمعون تكرار اجتماعاتهم لمتابعة القضية على أن يكون الاجتماع المقبل في مركز المجلس الإسلامي الشيعي الموقت في مدينة الزهراء.
وان نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين، يرافقه أركان المجلس وعدد من نواب الطائفة وقادة حركة المحرومين، قد زاروا المعتصمين في مقر الأمم المتحدة في بئر حسن، ظهراً، وشكروهم على خطوتهم لجلاء الغموض حول انقطاع الاتصال بالإمام الصدر.
وبعد ظهر يوم الاعتصام انهار خمسة من المعتصمين الصائمين بينهم امرأة، فنقلوا إلى مستشفى الزهراء.
ولا يزال لليوم الثاني، حوالي 50 شخصاً من أبناء الطائفة الشيعية، بينهم خمسة من العلماء، يواصلون اعتصامهم المفتوح وصيامهم لحث الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور كورت فالدهايم على التحرك لجلاء غموض القضية.
وخلال ذلك اليوم أيضاً، ظل مكبر الصوت ينقل باللغات العربية والفرنسية والإنكليزية دعوة إلى الرأي العام العالمي والعربي والأمين العام للأمم المتحدة، للسعي لمعرفة مصير الإمام الصدر.
على صعيد التحقيق القضائي، تلقى أمس قاضي تحقيق بيروت معين عسيران تقريراً من وزارة الخارجية حول الاتصالات والمعلومات التي تجمعت لدى الوزارة حول اخفاء الإمام الصدر والوفد المرافق له.
والتقرير هو عبارة عن نسخة طبق الأصل على التقرير الذي وضعه القائم بالأعمال اللبناني في الجماهيرية العربية الليبية نزار فرحات، وهو لا يتضمن أية معلومات إيجابية.
(الأربعاء 27/9/1978) المفتي خالد يدعو أعضاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لاجتماع طارىء:
دعا مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد أعضاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إلى اجتماع استثنائي طارىء، في دار الفتوى، وذلك بناء لطلب عضو المجلس عبد الرحمن الشيخة، مدير عام المراسم والعلاقات العامة في رئاسة مجلس الوزراء، للنظر في موضوع انقطاع الاتصال مع الإمام الصدر واتخاذ المقررات المناسبة.
وفود في مركز حركة المحرومين في بعلبك:
وفي بعلبك تدارست اللجنة المنبثقة عن اجتماع الحسينية تطورات قضية الإمام، وناشدت تكثيف الجهود للخروج من الحلقة المفرغة التي تدور فيها الاتصالات.
وكان قد أم مركز حركة المحرومين في بعلبك وفود من المناطق البقاعية وممثلو العشائر والعائلات للوقوف على آخر التطورات في قضية الصدر.
(الأربعاء 27/9/1978) قضية الإمام الصدر وصحبه:
استمرت قضية فقدان الاتصال مع سماحة الإمام السيد موسى الصدر والأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب محور اهتمام ومتابعة على الأصعدة الرسمية والروحية والسياسية والنيابية.
في الوقت ذاته، واصل اليوم علماء الطائفة الشيعية اعتصامهم لليوم الثالث على التوالي في مقر هيئة الأمم المتحدة في بئر حسن. وسيعقد هؤلاء مؤتمراً صحافياً فيما بعد.
وفد "المرابطون":
وقام السيد إبراهيم قليلات رئيس مجلس قيادة حركة الناصريين المستقلين "المرابطون" برفقة عضوي مجلس القيادة: الدكتور سمير صباغ، الدكتور مازن طه، والسيد عصام أبو محمد عضو المجلس العسكري بزيارة النائب حسين الحسيني في منزله حيث اجتمع إلى أعضاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
إثر الاجتماع الذي دام ساعة ونصف ساعة قال قليلات:
إن اجتماعنا في دارة الأستاذ النائب حسين الحسيني مع نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين والأستاذ أحمد قبيسي وبعض الإخوة الأعضاء في المجلس هو لاستمرار ومتابعة ما يترتب علينا من واجبات في قضية استمرار غياب سماحة الإمام الصدر.
ونحن كحركة ومن موقعنا في الصف الواحد المسلم الوطني لا بد أن نتحمل المسؤوليات والواجبات كافة وتنفيذها، لا سيما وأن سماحة الإمام الصدر يمثل أحد قادة ورؤساء طائفتنا الروحية الدينية على الساحة اللبنانية.
أضاف: وتدارسنا مجمل ما توصلت إليه الجهود والتي نطمح أن تسلك في اتجاه الإيجابية وبحالة أفضل مما هي عليه الآن.
ورداً على سؤال حول ما يشاع عن حياة الإمام الصدر قال الأخ قليلات: نحن نرفض البحث في هذا الموضوع ذلك أن حياة الإمام لا بد أن تستمر وأن يعود، وما يشاع لا بد من خطة لمواجهته وحسمه وتحجيمه وإعادته إلى عقل مروجيه.
(الأربعاء 27/9/1978) وفد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في قصر منصور:
زار وفد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى برئاسة نائب رئيس المجلس سماحة الشيخ مهدي شمس الدين ضم الشيخ عبد الأمير قبلان المفتي الجعفري الممتاز والشيخ محمود فرحات مدير عام المجلس والنائبين علي الخليل ومحمد يوسف بيضون بزيارة رئيس مجلس النواب كامل الأسعد في قصر منصور، حيث جرى عرض مجمل المعطيات والمعلومات المتوافرة بشأن قضية الإمام الصدر وصحبه.
تصريح شمس الدين:
بعد اللقاء الذي استمر حتى الساعة الثانية والنصف قال سماحة الشيخ شمس الدين:
من الطبيعي أن يستمر التداول مع دولة الرئيس الأسعد بشأن قضية اخفاء سماحة الإمام وصحبه ودراسة أفضل الوسائل للوصول بها إلى نهاية سليمة وسعيدة إن شاء الله. كما سيتم في لقاءات أخرى متتالية تقييم عناصر هذه القضية كافة وتكثيف الجهود المبذولة في سبيلها ورفع مستواها. ومن المعلوم أن الجهة الشيعية بالنسبة لهذه القضية تحمل هماً واحداً ينطلق من إدراك متساو لخطورتها، والجهود في سبيلها تبذل بتنسيق كامل ومتجانس على المستويات كافة.
س: نقلت إحدى وكالات الأنباء العالمية خبراً نسبته إلى المراجع الدينية في إيران يؤكد وجود سماحة الإمام بخير؟
ج: لم يتأكد لنا هذا الخبر ولا نعرف المصدر الذي استندت إليه مراجعنا في قم إذا كان قد صدر عنها شيء. وأقدر لا بل أقول إن معلوماتنا في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى تؤكد أنه لم يصدر عن مراجعنا في قم شيء من هذا القبيل.
س: هل بحثتم بموضوع إرسال وفد إلى بعض الدول لمتابعة تقصي الحقائق؟
ج: هذه الفكرة موضوع درس وإذا قضت المساعي بها فسنقوم بها حتماً.
س: إلى أين؟
ج: على العموم إلى جميع البلدان التي يمكن أن تفيد للوصول إلى الحقيقة وضمان سلامة الإمام والوفد المرافق.
ورداً على سؤال أخير قال: ربما يدعى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إلى الانعقاد.
(الخميس 28/9/1978) لجنة البقاع تحذر من الشائعات وتناقض الأخبار:
قضية الإمام السيد موسى الصدر ومرافقيه لا تزال، بالرغم من مرور ما يقارب الشهر تقريباً، مدار بحث جميع الأوساط السياسية والدينية والشعبية في محافظة البقاع.
فعلى صعيد الاجتماعات عقدت اللجنة المنبثقة عن الحركة الوطنية والجبهة القومية وعن ممثلي العائلات والعشائر في منطقة بعلبك – الهرمل اجتماعاً في النادي الحسيني من ضمن اجتماعاتها المقررة الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر كل يوم. أما اجتماع ذلك اليوم، فترأسه المفتي الجعفري الشيخ سليمان اليحفوفي وحضره مفتي بعلبك السيد حسين الرفاعي وباقي أعضاء اللجنة.
وقد تداول المجتمعون آخر المعلومات الواردة وفي الخطوات الواجب اتباعها على كل المستويات لمعرفة مصير سماحة الإمام ومرافقيه، كما بحث تضارب وتناقض الأخبار التي تصدر عن مصير سماحته بعبارات مختلفة في الصحف مما يشير إلى غايات تكمن وراء هذه الأخبار.
وصدر عن الاجتماع دعوة إلى جميع المواطنين المخلصين لوطنهم لتوحيد الصف الإسلامي والانتباه لتلك الشائعات وأن يعودوا دائماً إلى رؤسائهم الدينيين وموجههيهم الوطنيين حتى يعرفوا الحقيقة عارية من كل لبس وعدم قبول الشائعات حتى يستكمل التحقيق الرسمي في موضوع معرفة مصير سماحته وصحبه لأن اهتمام الدولة السياسي والدبلوماسي يتقدم على كل الاهتمامات الأخرى.
(الخميس 28/9/1978) انهيار أحد عشر معتصماً:
زاد عدد المعتصمين في المبنى التابع للأم المتحدة في بئر حسن إذ أصبح عدد المعتصمين أكثر من خمسين شخصاً كما انهار 11 معتصماً نقلوا إلى مستشفى الزهراء حيث تم إسعافهم وعادوا جميعاً بعدما رفضوا إنهاء اعتصامهم باستثناء المدعو حسين هاشم (17 سنة).
وفيما يلي أسماء المنهارين:
خليل فاضل (17 سنة)، علي حرقوص (18 سنة)، محمد فتوني (19 سنة) - وقد انهار مرتين، أم محمد بيضون (35 سنة)، حسين هاشم – انهار مرتين (17 سنة)، عجاج مرتضى (25 سنة)، علي حسين (17 سنة)، غازي شبشول (25 سنة)، أحمد المصري (22 سنة).
من جهة أخرى فقد أرسل المعتصمون برقية ثانية إلى سكرتير الأمم المتحدة أكدوا فيها على استمرارهم في اعتصامهم حتى جلاء قضيتهم كما شرحوا مكانة الإمام الصدر وما يمثله على الصعيدين الإسلامي والقومي والنتائج التي تترتب على استمرار هذا الاخفاء.
وقد أجاب فالدهايم على برقية المعتصمين التي أرسلوها وأعلن فيها استعداه لبذل كل جهد ممكن للمساعدة في البحث عن الإمام الصدر.
(الخميس 28/9/1978) وفد يغادر بيروت لمقابلة الملك حسين:
تواصل الاهتمام على الأصعدة كافة، بقضية اخفاء سماحة الإمام السيد موسى الصدر والأستاذ السيد عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب، وتوالت الاتصالات والمشاورات لعرض ما جد من تطورات على هذا الصعيد.
وقد غادر بيروت إلى عمان، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين برفقة النائب حسين الحسيني إلى عمان لمقابلة الملك حسين بهذا الشأن.
بيان المجلس:
وصدر عن المجلس الشيعي بيان حول اجتماعه ليل أمس جاء فيه:
عقد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بهيئتيه التشريعية والتنفيذية جلسة مساء أمس برئاسة نائب الرئيس سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، عرض فيها سماحته مختلف مراحل التحرك بقضية اخفاء سماحة الإمام وصحبه والاتصالات والخطوات الهادفة إلى تأمين عودة سماحته ومرافقيه سالمين.
كما عرض المجلس الحملة الإعلامية المشبوهة من قبل بعض الصحف وإحدى الإذاعات المحلية الخاصة والتي لم تنفك منذ إعلان اخفاء سماحة الإمام وصحبه عن اختلاق وترويج الأخبار المشوشة والتي لا تهدف إلى خدمة القضية إنما إلى خلق الفتن والمساهمة في إقامة طبقة ضبابية حولها مما يتنافى مع التقاليد الوطنية اللبنانية التي استمرت منذ القدم على احترام وتقدير المقامات الروحية لدى مختلف الطوائف اللبنانية لا سيما وأن إجماع اللبنانيين المخلصين فضلاً عن الرأي العام العربي والإسلامي يقدر ويحترم الدور الوطني القومي والإسلامي لسماحة الإمام الصدر.
وقد أجمع المجلس على تأييد الخطوات المتخذة على صعيد تأكيد وحدة الصف الإسلامي التي تجلت في اعتبار الإمام الصدر لكل لبنان ولكل المسلمين وقرر الاستمرار في التحرك وتكثيف الاتصالات على أعلى المستويات لإنقاذ حياة سماحة الإمام ومرافقيه.
وقد أبقى المجلس جلساته مفتوحة لمتابعة تطورات القضية.
(الخميس 28/9/1978) برقيات الاهتمام بمصير الإمام ورفيقيه:
ما يزال الجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يتلقى البرقيات المعبرة عن اهتمام الشخصيات والهيئات الروحية والسياسية والاجتماعية بمصير سماحة الإمام السيد موسى الصدر ومرافقيه الأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب.
وقد تلقى سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى اليوم برقية من سماحة المرجع آية الله السيد أبو القاسم الخوئي، وبرقية أخرى من سماحة المرجع السيد محمد باقر الصدر في النجف الأشرف.
وجاء في برقية الصدر:
نتابع باهتمام بالغ الغموض المكتنف بمصير سماحة الإمام السيد موسى الصدر ونحن نشارككم ما تحسونه من قلق وتأثر. نشكر لكم مساعيكم المكثفة التي مارستمونها وتمارسونها بصدد ضمان سلامة سماحة ابن العم وعودته إلى وضعه الطبيعي وقد سبق أن عبرنا لكم عن ذلك ضمن البرقية التي أرسلناها إلى المجلس في الساعات الأولى لإطلاعنا على الخبر وقد أبرقنا إلى سيادة الرئيس الليبي نخبره باهتمام المراجع الدينية وانتظار اهتمام سيادته. ولم نستلم منه جواباً حتى الآن. أخذ الله بيدكم وكلل مساعيكم بالنجاح.
برقية عمال طرابلس:
كما تلقى المجلس برقية من نقابة مستخدمي وعمال مؤسسة النفط في طرابلس هذا نصها:
بمناسبة اخفاء الإمام السيد موسى الصدر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والاستاذ السيد عباس بدرالدين والشيخمحمد يعقوب وذلك منذ حوالي أسبوعين والأسئلة الكثيرة التي تطرح المتعلقة بمصيره أو مكان وجوده ترى هذه النقابة من واجبها الإعلان عما يلي:
1 – أن هذه النقابة تقدر حق التقدير مكانة سماحة الإمام الصدر ممثلاً ورئيساً للطائفة الشيعية الكريمة وأحد كبار زعماء المسلمين في العالم وتقدر ما له من قيم روحية ووطنية وإنسانية وجهاده المتواصل في سبيل كل قضية عادلة.
2 – أن الغموض الذي يحيط باخفاء سماحته وصحبه قد بعث القلق في نفوس جميع عمال هذه المؤسسة نظراً للمكانة السامية والمحبة والاحترام الذي يكنه لسماحته جميع اللبنانيين المخلصين.
3 – إن هذه النقابة ستبرق إلى المسؤولين في الدولة معبرة عن كامل اهتمامنا بهذه القضية الغامضة.
4 – نسأل الله بخشوع كامل ألا يصاب سماحته بأي مكروه وأن يسمعنا قريباً خبراً تسر له جميع القلوب والله السميع المجيب مرددين قوله تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
طرابلس 15 أيلول 1978
(الخميس 28/9/1978) مؤتمر صحافي للمعتصمين في مقر الأمم المتحدة:
أعلن المعتصمون في مقر هيئة الأمم المتحدة في بئر حسن عن مواصلة اعتصامهم وصيامهم عن الطعام حتى يعود الإمام السيد موسى الصدر ومرافقيه سالمين، أو تتحرك الأمم المتحدة بشخص أمينها العام الدكتور كورت فالدهايم وتطالب العالم بعودة الإمام إلى وطنه.
جاء ذلك في المؤتمر الصحافي الذي عقد عند الساعة الواحدة من بعد ظهر اليوم في مقر اعتصامهم بمركز هيئة الأمم المتحدة، بحضور حشد كبير من علماء الطائفة الشيعية وأبنائها، والنائب عبد اللطيف الزين.
وجدير بالذكر أن عدداً من علماء الشيعة وأبنائها، فتيات وشباناً يواصلون اعتصامهم وصيامهم لليوم الرابع على التوالي استنكاراً واحتجاجاً على استمرار غياب سماحة الإمام السيد موسى الصدر وصحبه الأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب وقد أصيب ثمانية أشخاص منهم بالانهيار التام بينهم خمس فتيات، نقلوا جميعهم إلى المستشفيات.
بيان مفتي صيدا:
وعند ظهر ذلك اليوم، أذن للصلاة، وأم سماحة مفتي صيدا الجعفري الشيخ محسن سبيتي جموع المصلين، وبعد أداء فريضة الصلاة تلا البيان التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم،
أيها الأخوة الكرام، دعوناكم إلى هذا المؤتمر الصحافي لنوضح للرأي العام العالمي هدفنا من هذا الاعتصام وما تحقق حتى الآن.
بدأ اعتصامنا في هذا المقر ظهر الاثنين في 22 شوال الموافق في 25 أيلول وقد اخترنا مبنى هيئة الأمم المتحدة بالذات لأن مطلبنا يهدف إلى تحريك هذه المؤسسة العالمية والتي نصت في بنود ميثاقها على احترام حقوق الإنسان وكرامته. والإمام الصدر ما تعلمون جاهد من أجل الإنسان المعذب في لبنان وغيره في أية منطقة كان وإلى أي دين انتسب، وهو الإنسان الذي بذل الكثير من أجل حركات التحرر المؤمنة في العالم، وهو الذي تعرض للكثير الكثير لإيقاف الحرب القذرة في لبنان ولم يدخر وسعاً في التعاون مع الزعماء الروحيين في الطوائف كافة ومع كل المخلصين في العالم من أجل حقوق الإنسان في الحياة والأمن والاستقرار.
إن الإمام الصدر يمثل بعداً إنسانياً في حركاته، إن الإمام الصدر يمثل بعداً إنسانياً في تحركاته أيضاً مما يجعله أحد أبرز الشخصيات المنسجمة مع بنود ميثاق هيئة الأمم المتحدة. وكان الأولى بهذه المؤسسة التي نحترم، أن تعتبر قضية إخفاء الإمام الصدر ومرافقيه هي من القضايا الأساسية التي تهدد الإنسان والسلام، فتسعى الهيئة بجدية لوضع حد لها.
وعندما لم نلمس هذه الجدية قررنا نحن المعتصمين هنا أبناء هذا الجزء من العالم وأنصار الحق والسلام، الذي تمثل عملياً في شخص الإمام، قررنا أن نعتصم ونصوم عن الطعام في مبنى هيئة الأمم المتحدة تعبيراً لاستنكارنا لهذا الصمت المقلق الذي يعتبر تهديداً للسلام حيث يتجرأ كل من تسول له نفسه أن يضرب السلام ورجاله بعرض الحائط إذا لم يشعر باهتمام العالم ممثلاً في منظمة الأمم المتحدة.
في البداية أردنا أن نوضح مرادنا من هذا الاعتصام في مقر الأمم المتحدة، فأرسلنا مذكرة نستعرض فيها بعض بنود ميثاقها ونطالب بتدخل الأمين العام الدكتور كورت فالدهايم شخصياً. فجاءت البرقية الجوابية تخبرنا أن مندوبه قام بالتحرك اللازم فأخبرته الحكومة الليبية أن الإمام الصدر غادر ليبيا بتاريخ 31 آب الماضي. ثم تلتها برقية ثانية في اليوم الثالث لاعتصامنا يؤكد فيها اهتمامه بالموضوع. ولكننا لسنا مقتنعين بهذا العمل الروتيني الذي قد لا يوصل إلى نتيجة.
أيها الأخوة،
اعتصمنا سلمياً لنرى إن كان هنالك من يعرف معنى للسلام ويسعى لتحقيقه وفي مبنى الأمم المتحدة في لبنان التي يجب أن ترعى حقوق الإنسان. وصمنا عن الطعام لأن طعمه صار مراً في غياب سماحة الإمام المجاهد في سبيل المعذبين. وسنستمر في اعتصامنا وصيامنا حتى يعود الإمام مع مرافقيه أو نسمع صوت الأمم المتحدة بشخص أمينها العام يطالب بعودة الإمام ويتحرك جديا لتحقيق هذا الهدف.
إن عدم عودة الإمام وعدم تحرك الشرفاء في العالم لإعادته إلينا سالماً سيدفعنا إلى الكفر بهذا العالم ومؤسساته وسنسمع العالم حينئذ صوتاً لن ينساه أبداً.
أسئلة الصحافيين:
إثر تلاوة البيان سأل الصحافيون علماء الدين عن الوقت الذي يمكن للمعتصمين تحمل الصيام فيه باعتبار ذلك مؤلم جداً فقال أحدهم:
الاعتصام والصيام مستمران حتى يتحرك العالم ونسمع نداءه من خلال هيئة الأمم المتحدة.
س: لماذا لم توحد جهود المعتصمين مع جهود المجلس الشيعي الأعلى في خطوة الاعتصام هذه؟
ج: نحن نعتبر أن قضية الاهتمام بمصير الإمام مسألة لا تعني المجلس الشيعي فقط بل تعني المسلمين كافة في العالم لذلك رأينا أن نقوم بدورنا هذا خارج إطار المجلس الشيعي الأعلى ومن جهة ثانية فالمجلس يقوم بدوره في جهوده ومساعيه. إلا أن هذا لا يعني لا سمح الله أننا خارجون على المجلس الشيعي الأعلى، فالعلماء هنا كلهم أعضاء في الهيئة الشرعية للمجلس، لا بل يتحركون ضمن خطة المجلس الموضوعة.
أضاف: أما لماذا اختير مقر هيئة الأمم المتحدة، فذلك باعتبار هيئة الأمم ممثلاً للعالم أجمع. هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن الاعتصام الأول كان في بيوت الله كخطوة أولى، وكخطوة ثانية كان مقر هيئة الأمم باعتباره بيت العالم أجمع، وهذا بالطبع تكريم للمنظمة الدولية.
تصريح الزين:
إثر انتهاء المؤتمر أدلى النائب عبد اللطيف الزين بالتصريح التالي:
جميعنا نؤيد ما قاله فضيلة الشيخ محسن سبيتي مفتي صيدا في مؤتمره الصحافي. وأود أن أؤكد أن العلماء المعتصمين إنما يمثلوننا جميعاً. والواجب كان يقضي علينا نواباً وممثلين أن نكون في معيتهم في هذا الاعتصام تأكيداً للفكرة التي انطلقوا منها وهي ضخامة قضية الإمام التي لا حدود لها والتي تتطلب من العاملين كافة في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى جهوداً غير محدودة وإن اعتصموا فكراً وروحاً مع العلماء الأفاضل في هذا المكان، فهم يتحركون على كل صعيد لمواجهة القضية التي أصبح العالم بأسره في صددها ولتحليل الأبعاد التي يمكن أن نواجهها وطنياً وقومياً نظراً للمكانة الدينية والوطنية والقومية والعالمية التي يحتلها إمامنا جميعاً.
الفصل الثالث عشر
(الجمعة 29/9/1978) اجتماع موسع في المقر المؤقت للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لأركان الجمع الإسلامي وجبهة المحافظة على الجنوب وبرقيات لبعض الدول العربية:
عقد في المقر المؤقت للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في خلدة اجتماع حضره أركان التجمع الإسلامي والجبهة الوطنية للمحافظة على الجنوب والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. وبعد أن عرض نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين مراحل التحرك والاتصالات والخطوات المتخذة بشأن قضية سماحة الإمام الصدر وصحبه والتي كان آخرها مقابلة جلالة الملك حسين في عمان يوم الخميس، وبنتيجة هذا الاجتماع اتخذ المجتمعون قرارات عدة من بينها برقية إلى ملوك ورؤساء لبنان، سوريا، الجزائر، الأردن، المملكة العربية السعودية، الكويت، ليبيا، منظمة التحرير الفلسطينية والعودة إلى عقد اجتماع بعد أسبوع لمتابعة التحرك في ضوء التطورات المستجدة واتخاذ الخطوات التي تمليها ضرورة عودة سماحة الإمام الصدر ومرافقيه.
وهذا هو نص البرقية:
المسلمون في لبنان ما يزالون في قلق متصاعد في استمرار انقطاع الاتصال بسماحة الإمام السيد موسى الصدر.
المجتمعون أعضاء المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى أعضاء التجمع الإسلامي وأعضاء الجبهة الوطنية للمحافظة على الجنوب يعبرون لكم عن هذا القلق ويناشدونكم باسم إخوانهم المسلمين أن تتابعوا جهودكم وتواصلوا سعيكم في هذه القضية بما يتناسب وأهميتها وخطورة انعكاساتها على أكثر من صعيد.
إن إخوتكم الإسلامية والعربية لتبعث في نفوسهم ونفوس مواطنيهم الأمل الكبير في أن تفلح جهودكم في تأمين سلامة الإمام الصدر ومرافقيه وعودتهم سالمين وتهدأ الخواطر المضطربة في هذه الظروف العصيبة التي توجب توفير كل الجهود لمواجهتها.
(الجمعة 29/9/1978) استمرار اهتمام الأوساط النيابية:
ما زالت قضية فقدان الاتصال بسماحة الإمام السيد موسى الصدر وصحبه الأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب تستأثر باهتمام الأوساط النيابية وتصريحات النواب.
وقد أكد الرئيس رشيد الصلح أن هذه القضية هي في طليعة القضايا التي تواجه اللبنانيين اليوم نظراً لما قد يترتب عليها من نتائج وناشد المسؤولين في لبنان والدول العربية مواصلة الجهود من أجل كشف مصير الإمام الصدر.
كما دعا النائب الدكتور علي الخليل إلى حسم الشائعات المغرضة التي يطلقها البعض عن قصد وغير قصد وقطع الطريق على الذين يحاولون الاصطياد في الماء العكر وذلك بتكثيف الجهود لجلاء ملابسات القضية.
تصريح الصلح:
استهل الرئيس رشيد الصلح تصريحه بالقول:
إن قضية سماحة الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه، هي لا شك من القضايا الرئيسية التي تواجهنا اليوم لما يترتب عليها من انعكاسات قد لا تكون في صالح لبنان والقضايا الوطنية والإسلامية. وهذا ما يدعونا إلى مناشدة ومطالبة المسؤولين في لبنان والدول العربية مواصلة الجهود الخيرة للكشف عن مصير سماحته وإعادته إلى لبنان سالماً.
صورة
دولة الرئيس رشيد الصلح
أضاف: وإننا نسأل الله أن يقرب عودة سماحة الإمام ومرافقيه بصحة وعافية إذ أن شخصية سماحته لها مكانتها ومحبتها وتقديرها واحترامها في قلوب كل لبناني وكل عربي وكل مسلم في العالم أجمع.
وأكد الصلح أن الإجماع العربي والإسلامي واللبناني على التمني بسرعة عودته هو أكبر دليل على ذلك. وقد كانت الخطوات الكريمة من إضراب واعتصام والمسيرات إلا مناسبة لإثبات ذلك.
(الجمعة 29/9/1978) علي الخليل:
وقال النائب الدكتور علي الخليل:
ما زال الغموض يكتنف قضية اخفاء سماحة الإمام وصحبه. لذلك أصبح لزاماً على جميع المخلصين العمل من أجل تكثيف الجهود بغية التوصل لإجلاء هذا الغموض حسماً للشائعات المغرضة التي تحاول أن تصطاد في الماء العكر وخدمة للقضية اللبنانية والعربية في آن معاً وذلك نسبة للمكانة التي يتمتع بها سماحة الإمام وللعواقب التي تترتب على الاستمرار في اختفائه سواء كان ذلك على الساحة اللبنانية أم العربية.
صورة
النائب الدكتور علي الخليل
أضاف: إن الشائعات التي تطلق من حين لآخر والأخبار التي تروج عن قصد أو غير قصد قد تستغل من أجل إثارة البلبلة بين الفئات اللبنانية وكذلك من أجل إثارة الفتن بين بعض الأطراف العربية. لذا فإن مصلحة الحفاظ على سلامة الإمام ومرافقيه وعودتهم سالمين وكذلك المصلحة الوطنية تقتضي عدم استغلال هذه الشائعات وبعض الأخبار الملفقة والالتزام بما يصدر عن السلطة المخولةى حق التصريح، أي المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
وحث الخليل السلطة اللبنانية على أن تعبىء إمكاناتها وطاقاتها على كل الأصعدة في سبيل التوصل إلى النتيجة اإيجابية المبتغاة لأن هذه القضية هي ليست قضية فئوية أو قضية طائفية إنما هي قضية وطنية لبنانية وعربية وبالتالي فهي مسؤولية لبنانية وعربية مشتركة.
وقال الخليل: إن التحركات الشعبية التي تجري بقصد متابعة هذه القضية هي تحركات إيجابية تستهدف استمرار تحريك القضية بالتعاون مع كافة الفئات اللبنانية التي أظهرت تضامنها وتعاونها وتنسيقها كما تجلى ذلك في التظاهرات والإضراب السلمي والاعتصام في المساجد والمسيرة إلى دمشق والاعتصام في مكاتب الأمم المتحدة وجميع اللقاءات التي تمت والتي نأمل بأن تستمر في هذا الجو من التفهم والإيجابية الذي يكبح الحماس الشعبي المتدفق ويوجهه في الاتجاه الوطني السليم حفاظاً على مصلحة لبنان.
الفصل الرابع عشر
(الجمعة 29/9/1978) نشرت جريدة السفير مقالاً بعنوان:
رسالة روما عن قضية الإمام الصدر
الشرطة الإيطالية تعثر على الأمتعة في فندق
والصحف تتهم الاستخبارات الإيرانية والإسرائيلية
وإليكم المقال:
روما – "السفير":
تجمعت في العاصمة الإيطالية، في الفترة الأخيرة، مجموعة وقائع تتعلق بقضية اخفاء الإمام موسى الصدر والاستاذ السيد عباس بدرالدين والشيخ محمد يعقوب.
ففي 18، وصل إلى روما وفد ليبي رسمي برئاسة رئيس مكتب الاتصال الخارجي أحمد الشحاتي، الذي باشر فور وصوله اتصالاته مع المسؤولين الإيطاليين، شارحاً خطورة قضية اخفاء الإمام وصحبه واهتمام الجماهيرية بمصيرهم.
وفي مقابلة الوفد مع وكيل الخارجية الإيطالية، طلب تعاون السلطات الإيطالية للتحقق من وصول الإمام إلى روما، وقد وعدت الحكومة الإيطالية رسمياً ببذل الجهود من أجل جمع بيانات وتقديم الأدلة التي تثبت وصوله.
وحصل الوفد من السلطات الإيطالية وأجهزة الأمن والمخابرات الإيطالية، على وثائق عدة تؤكد وصول الإمام وصحبه إلى روما في 31 آب.
وأهم هذه الوثائق ترخيص صادر عن شرطة المطار الإيطالية منح للزميل عباس بدر الدين في 31 آب، يشير إلى وصوله إلى روما على متن الرحلة 881، أليطاليا، وإلى أنه حجز للسفر في اليوم الثاني بطائرة أليطاليا الرقم 490، إلى مالطا، لكن تحقيقات الشرطة لم تؤكد رجوعه للمطار في اليوم المحدد وبالتالي فإنه اختفى في روما.
والوثيقة الأخرى، هي قائمة الركاب الصادرة من شركة أليطاليا، في مطار فيو فنيشينو بروما، وفيها أسماء الإمام الصدر وصحبه، وكذلك فإن تذاكر سفرهم التي قطعت أثناء مغادرتهم مطار طرابلس وصلت إدارة الشركة الإيطالية، وقد حصل الوفد على صور لهذه التذاكر.
وفي مساء 25 أيلول، قامت النيابة الإيطالية ورجال الأمن الإيطاليين، وممثل عن جهاز الأمن الليبي، بتفتيش ثلاث غرف حجزت في فندق هوليداي إن، في روما، باسم الإمام ورفيقيه، حيث عثرت على حقائبهم المحتوية جوازات سفرهم وملابسهم وصوراً عديدة لكل منهم. وقد ضبطت الموجودات وباشر التحقيق.
وقد أثارت الصحف الإيطالية الكبرى القضية، وتناولتها في صفحاتها الأولى وبعناوين بارزة، ففي صباح 23 أيلول الحالي نشرت صحيفة "يونيتا" (الوحدة) الإيطالية، تعليقاً أشارت فيه إلى أن الأجهزة السرية الإيطالية أهملت المسألة في البداية، لكنها بدأت الآن في التحقيق الجدي بعد الأدلة التي قدمها الوفد الليبي.
أما صحيفة "ريبوبلكا" (الجمهورية)، فقد نشرت في اليوم نفسه مقالاً بعنوان "ليبيا تحقق في روما بقضية موسى الصدر الغامضة"، أشارت فيه إلى وصول الوفد الليبي، وذكرت أن الخطوط الجوية الإيطالية أليطاليا، أعلنت أنها نقلت، فعلاً، مسافراً يحمل تذكرة باسم الإمام الصدر، ولكن السلطات الإيطالية لم تهتد إلى معرفة تحركات هذا المسافر بعد وصوله.
وقالت الصحيفة أن أصابع الاتهام تشير إلى منظمات "السافاك" الإيرانية لأن الإمام كان قد طرد من إيران منذ سنوات مضت وهو صديق للإمام الخميني قائد الثورة الإسلامية. ونشرت صحيفة "البايبزي سيرا" (الوطن في المساء)، في اليوم نفسه تحقيقاً واسعاً تحت عنوان "الأجهزة السرية تبحث عن الإمام الذي اختفى في مطار "فيوفينشينو" مشيرة إلى مجيء الوفد الليبي الذي حرك الدوائر الرسمية الإيطالية واتهمت الصحيفة المخابرات الإيرانية بأنها قد تكون وراء اختفائه في روما".
وتساءلت عن وجود مؤامرة لها ضلع في عملية الاخفاء ولم تستبعد الصحيفة الإيطالية أن تكون المخابرات الصهيونية وراء اختفائه.. وقالت "إن الأجهزة السرية الإيطالية أهملت المسألة وحاولت إخفاءها ولكن مجيء الوفد الليبي قضى على هذا الإهمال بعد أن أثبت أن التحقيقات يجب أن تجري في روما. ونشرت الصحيفة الإيطالية ذاتها يوم 24/9/1978 تحليلاً آخر ذكرت فيه ما يلي:
تأكد وجود بطاقات النزول التي توزع على المسافرين أثناء الرحلة ليسجلوا فيها البيانات وهي محفوظة في مكتب الشركة الإيطالية بروما وربطت الصحيفة بين اخفاء الإمام وقضية اخفاء الزعيم المغربي الراحل المهدي بن بركة مشيرة بأصابع الاتهام إلى المخابرات الإسرائيلية والإيرانية.
وختمت تعليقها قائلة "إن السلطات الليبية لديها ما يؤكد وصول الإمام إلى روما وهي تطالب بوضيح مسألة اختفائه وتلقي بكامل ثقلها من أجل إنقاذ الإمام الصدر ورفيقيه.
(الاثنين 2/10/1978) المعتصمون في اليوم السابع:
استمر المعتصمون في مقر الأمم المتحدة في بئر حسن في اعتصامهم لليوم السابع واستمرت الانهيارات بينهم حتى أن بعضهم قد انهار للمرة الخامسة وعاد لاعتصامه بعد أن أسعف.
وعلم أن خطوات جديدة ستتخذ على صعيد الاعتصام في اليومين القامين سيكون لها ردات فعل معينة لإعطاء قضية الاعتصام دفعاً جديداً يكون له تأثير أقوى لتحريك الضمير العالمي للتحرك على صعيد قضية اخفاء الإمام وصحبه.
وقد زار المعتصمين نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الأمير قبلان برفقة بعض العلماء حيث اجتمعوا مع المعتصمين طويلاً وتداولوا في غاية الاعتصام والنتائج التي أسفرت عنه حتى الآن، كما أعطى الشيخ شمس الدين توجيهاته وملاحظاته للمعتصمين.
ورداً على سؤال حول أهمية التصريح الذي أدلى به النائب الإيراني قال الشيخ شمس الدين:
آمالنا ما زالت جيدة، إما أنها بدرجة الوثوق والجزم إلى الدرجة التي عبر بها النائب الإيراني فلا.
(الاثنين 2/10/1978) تصريح المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الأمير قبلان:
رد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الأمير قبلان على أسئلة حول أهداف الاعتصام والتلاحم الإسلامي والوطني الذي أفرزته قضية الإمام الصدر وتقييمه للقضية بعد مرور حوالي شهر عليها فقال:
الاعتصام الطريق المعبر عن صوت الضمير النابع من قلوب المحبين لسماحة الإمام الصدر بل والطريق الأفضل لإسماع العالم وشرعة حقوق الإنسان ما يكنه الشعب لقائده ورائد مسيرة المحرومين في وطننا الذي ضاعت فيه القيم.
إن تعبيراً من هذا النوع من الاعتصام الهادىء الذي هو أضعف الإيمان، سيحرك ضمير العالم للبحث بجدية عن صوت المعذبين وإعادته إلى وطنه سالماً.
وأضاف: إن غياب الإمام الصدر وفي هذا الوقت هو مؤامرة كبيرة على وطننا الجريح وعلى جنوبنا الرازح تحت مظلة المستغلين والمحتلين.
إن هذا النحو من الاحتجاج في بلد يعيش العنف بجميع أشكاله لهو صوت حي أو لنعلم الإنسانية في هذا العطاء أن العنف لا يجدي في الوصول إلى الغايات بل الطريق السلمي في هذا الظرف أقوى من كل مدفع وعنف. ونتمنى على المعتصمين أن يتمتعوا بالصبر والأخلاق العالية ولعل الوقت قريب لعودة الإمام.
س: في اليوم السابع للاعتصام هل ترون أن شيئاً من هدف الاعتصام قد تحقق؟
ج: نحن نطلب تحرك هيئة الأمم بجدية للكشف عن وجود سماحته وسيان إذا كان مثل هذا الأمر من صلاحيتها أم لا فشخصية الإمام تفرض على الأمم المتحدة ومجلس الأمن أن يتحركا تلقائياً لأن الفراغ الذي يحدثه الإمام الصدر ليس من مصلحة الأمم المتحدة ولا من أهدافها.
فالاعتصام ليس احتجاجاً على هذا الأمر بل احتجاجاً على اليد التي سببت غياب الإمام الصدر وهيئة الأمم لها القدرة والإمكانات للكشف عن الحقيقة والتحرك من أجل بيانها وإعلانها للرأي العام لأن الإمام ليس قضية شخص بل قضية شعب.
س: بعد أكثر من شهر من التحرك السلمي، كيف تقيمون الخطوات التي برزت على طريق عودة الإمام وصحبه؟
ج: بعد التحرك السلمي الذي مارسناه بتوجيهات المجلس، ومن خلال هذا التحرك ضاقت شقة الادعاءات التي أعلنت هنا وهناك وأصبح الاتجاه في خط معين ولعل المصلحين وأهل الخير يصلون بنا إلى شاطىء السلامة قبل فوات الأوان.
س: كيف ترون ردات الفعل الإسلامية والوطنية التي ظهرت حتى الآن على صعيد قضية انقطاع الاتصال مع الإمام الصدر؟
ج: إن الوعي الذي يملكه المجلس الإسلامي الشيعي ومعاونوه حري بهم أن لا ينزلقوا في هذه الخلافات الطائفية مع العلم أن جميع الأخوة المسلمين وفي الخط الوطني كان لهم دور كبير في المساهمة بالإجراءات التي قام بها المجلس.
فسماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد وشيخ عقل الطائفة الدرزية وقادة المقاومة والحركة الوطنية والجبهة القومية والتجمع الإسلامي يصبون في هذا الاتجاه ويعملون مع المجلس الشيعي متعاونين ونحن وإياهم على خط واحد من خلال الإيمان بالله ومروراً بوحدة الوطن أرضاً وشعباً وانتهاء بسلامة الإيمان.
وأضاف: وإذا كان من أوهام عند بعض الناس يقصدون من خلالها زرع الطائفية أو بثها فهذا لن يكون ونتمنى عليهم أن لا يلعبوا بالنار لأن الطائفة تدرك أبعاد هذه المزالق ومخاطرها وبالنتيجة الطائفة تعرف من خصمها ومن يحبها.
بيان اليوم السابع:
أصدر المعتصمون نداء جاء فيه: إنا في يومنا السابع معتصمون حتى الخبر اليقين بسلامة سماحة الإمام السيد موسى الصدر وصحبه وعودتهم سالمين، ليتابع القائد تأدية رسالته.
إننا نناشد كل المؤسسات العالمية التي ترعى حقوق الإنسان وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة بشخص أمينها العام متابعة القضية بما يتناسب وحجم خطورتها وأهميتها على كافة الأصعدة.
إننا نحمل العالم مسؤولية التأخير في كشف النقاب عن هذه القضية الخطيرة حتى لا تصبح هناك ضرورة لأن يتحول اعتصامنا الروحي والأخلاقي إلى فقدان الأمل بهذه الأساليب والتحول إلى غيرها.
الفصل الخامس عشر
(الخميس 5/1/1978) اجتماع إسلامي موسع في حضور المفتي وشيخ العقل يؤكد متابعة الجهود لتأمين عودة الصدر ومرافقيه:
عقد اجتماع في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في "مدينة الزهراء" في خلدة حيث حضره مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد وشيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ محمد أبو شقرا ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين ومفتي صور الشيخ نجيب سويدان، والرؤساء: عادل عسيران وعبد الله اليافي وصائب سلام وتقي الدين الصلح ورشيد الصلح، والنواب السادة: عبد اللطيف الزين وأنور الصباح ورفيق شاهين ومحمود عمار وجميل كبي وحسين الحسيني ومحمد يوسف بيضون وعلي الخليل، والسادة: نسيب البربير وشفيق الوزان ونقيب الصحافة رياض طه وحسين سجعان ومحمد الجارودي ومالك سلام وعلي بزي ومحمد صفي الدين وسميح فياض ومحمد شعيتو وحسين حمدان ومعين عسيران.
صورة
صورة تجمع سماحة الإمام مع سماحة شيخ العقل محمد أبو شقرا
وقد ناقش المجتمعون على مدى ساعتين استمرار اخفاء الإمام وصحبه، وأبدى معظمهم وجهة نظره في القضية، والتقوا على ضرورة تمتين وحدة الصف وترسيخ التضامن الإسلامي وتوحيد الجهود في كل القضايا، وكشف ملابسات القضية.
البيان الإسلامي:
وبعد الاجتماع تلا النائب حسين الحسيني باسم المجتمعين البيان الآتي:
"في الاجتماع الإسلامي المنعقد في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، في حضور سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد وسماحة شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ محمد أبو شقرا وسماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والتجمع الإسلامي والجبهة الوطنية للمحافظة على الجنوب بأعضائهما كافة والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، لمواصلة البحث في قضية سماحة الإمام الصدر وصحبه، جرى عرض القضية من كل جوانبها، والتفاعلات المتعلقة بها في ضوء المساعي المبذولة منذ انقطاع الاتصال بسماحته. وبنتيجة البحث والتشاور أقر المجتمعون الآتي:
أولاً: اعتبار أن هذه القضية هي قضية المسلمين جميعاً في لبنان، إضافة إلى أنها قضية وطنية وعربية وإسلامية.
ثانياً: متابعة الجهود والخطوات في سبيل تأمين عودة سماحة الإمام وصحبه إلى وطنهم سالمين في أقرب وقت.
ثالثاً: العودة إلى اجتماع يعقد في دار الفتوى الحادية عشرة قبل ظهر يوم الثلاثاء في 10/10/1978 لاستكمال البحث والتشاور في ما يجب القيام به تحقيقاً لهذه الغاية.
(الخميس 5/10/1978) إنهاء الاعتصام في مبنى الأمم المتحدة وبرقية من فالدهايم:
أعلن المعتصمون في مبنى الأمم المتحدة في بئر حسن إنهاء اعتصامهم في مؤتمر صحافي حضره وزير الداخلية الدكتور صلاح سلمان ممثلاً رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص والسيد جون ساوندرز الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان اللذين وعدا ببذل كل الجهود "لكشف لغز اخفاء الإمام الصدر وصحبه". كذلك حضر المؤتمر مفتي صيدا الشيخ محسن سبيتي والدكتور خليل كنعان عضو المجلس الشيعي.
في مستهل المؤتمر ألقى السيد فداء الصدر كلمة باسم المعتصمين جاء فيها:
"انطلاقاً من إيماننا العميق بأن قطع الاتصال بالإمام موسى الصدر يشكل عدواناً خطيراً على كرامة الإسلام والمسلمين ليس في لبنان والعالم العربي فحسب، وإنما في العالم الإسلامي كله، كما هو عدوان خطير على القيم الروحية والخلقية في العالم، لما يمثله الإمام في خلقه وممارساته السياسية والفكرية من أمانة مطلقة لأنبل وأصفى هذه القيم، وانطلاقاً من إيماننا بأن قطع الاتصال مع الإمام الصدر، مع ما يثيره ذلك من مخاوف، يشكل تهديداً خطيراً للصف الوطني والتوجه القومي نعمل جميعاً على درئه والحيلولة دونه.
انطلاقاً من هذا وذاك قررنا الاعتصام في تاريخ 25/9/78 في مبنى الأمم المتحدة في بيروت، مخضعين كل تصرفاتنا لمثلنا الأخلاقية لنعلن للعالم احتجاجنا وغضبنا على هذا العدوان الخطير ومطالبتنا الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور كورت فالدهايم بالتدخل شخصياً ومن خلال وكالات الأمم المتحدة المختصة لدى الجهات المعنية وذات العلاقة لتأمين سلامة الإمام ومرافقيه السيد عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب بالوسائل الملائمة.
ومع أسفنا العميق لأن صرختنا لم تحظ بالاستجابة السريعة التي كنا نتوخاها من منظمة قامت على مبادىء الأخلاق وكرامة الإنسان وحرياته الأساسية، إلا أننا بعدما لمسنا اهتمام الأمين العام بقضية الإمام الصدر الذي يبعث فينا الأمل في أن الأمم المتحدة ستقوم بمساعيها لتأمين سلامته مع مرافقيه وحريتهم.
وبعدما لمسنا اهتمام رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص الذي أوفد وزير الداخلية الدكتور صلاح سلمان ليوافق على تبني الحكومة قضية اعتصامنا، وذلك من خلال الإبراق إلى الملوك والرؤساء العرب ومناشدتهم الإسراع في العمل لتأمين سلامة الإمام وصحبه وعودتهم، والطلب إلى الأمم المتحدة تبني قضية الإمام والتحرك الجاد لأجل إنهائها بسلام.
بعد كل هذا وثقة منا بجدية اهتمام الحكومة وتجاوباً مع تمني المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى نعلن إنهاء اعتصامنا آملين ألا يتأخر كثيراً تحقيق آمال ذوي الإرادات النبيلة والنيات الخيرة في وطننا وفي العالمين الإسلامي والعربي في سلامة الإمام الصدر وصحبه وعودتهم إلى وطنهم، ليستأنف قيادة الجهود في سبيل السلام في وطننا وتوجيهها، والحمد لله رب العالمين.
(الخميس 5/10/1978) كلمة الوزير صلاح سلمان:
ثم ألقى الوزير سلمان كلمة جاء فيها: "كلفني دولة رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص أن أنقل إليكم شعوره معكم في الظرف العصيب الذي تمرون به، أشخاصاً وطائفة، وأن أؤكد لكم أن قضية اخفاء سماحة الإمام موسى الصدر هي قضية تهمه شخصياً، كما تهم فخامة الرئيس الياس سركيس والحكومة التي لم تتأخر أبداً، بل بالعكس جندت كل ما عندها محلياً ودولياً للسعي إلى حل هذا اللغز الكبير. وقد وعدني الرئيس الحص بعدما نقلت إليه هذا الصباح مطالبكم بأن يكثف جهوده وأن يباشر مجدداً كل الاتصالات العربية والدولية التي نأمل في النهاية في أن تحل هذا اللغز وتعيد إلينا سماحة الإمام الصدر.
وإنني أشكر شعوركم بالمسؤولية خصوصاً في هذه الأيام العصيبة التي نعيش، الأيام التي قد يتقرر فيها وجود الوطن أو عدم وجوده. وأكرر شكري لكم لشعوركم بالمسؤولية ولقراركم إنهاء الاعتصام، وأشكركم كذلك على انضباطيتكم وعلى عدم حصول ما يخل بالأمن أو عدم انتهاك حرم هذا البناء الذي تشغله منظمة الأمم المتحدة التي تساعدنا في قضايانا المحلية والعربية. ونأمل في أن تبقى على مساعدتها لنا فنكون كسبنا أو أبقينا على صداقتها لنا، وإني باسمكم أتوجه بالشكر إلى القيمين على هذا البناء والمسؤولين عن الأمم المتحدة في لبنان في شخص السيد ساوندرز على حسن ضيافته واهتمامه وشعوره معكم".
كلمة ساوندرز:
ثم تكلم ساوندرز، قال: "أنا ورفاقي في هيئة الأمم المتحدة نبذل جهدنا في سبيل قضية الإمام الصدر، ولا ندخر جهداً، وقبل دقائق تسلمت برقية من الأمين العام الدكتور فالدهايم، وهي تنم عن اهتمامه الخاص والعميق بهذه القضية. وهو سيطلعنا في استمرار على كل ما يستجد وسأبلغ ذلك وزير الداخلية.
والأمين العام يشكر المعتصمين على سلوكهم الجيد ومحافظتهم على سلامة البناء، ويعدكم ببذل أقصى الجهود لحل لغز اخفاء الإمام وصحبه. وفي المناخ السلمي نستطيع أن نؤدي الرسالة على أحسن وجه".
(الخميس 5/10/1978) رسالة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين:
بعد ذلك تلا المفتي سبيتي رسالة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين إلى المعتصمين، هذا نصها:
"أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل عملكم الجهادي أحسن قبول وأن يجزيكم على ذلك أحسن جزاء وأن يحقق آمالنا جميعاً في عودة سماحة الإمام سالماً مع مرافقيه الأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب إلى وطننا الجريح الذي زاد من مآسيه وضاعف الأخطار المحدقة به قطع الاتصال بسماحة الإمام.
إن اعتصامكم الذي برهنتم من خلاله على أرفع سجاياكم الحميدة وأنبلها وعلى أخلاقياتكم الرفيعة، هو خطوة ابتهل إلى الله تعالى أن يجعلها مباركة ميمونة بما أدت إليه من تحريك ضمير العالم للعمل على وضع حد لقطع الاتصال مع سماحة الإمام وعودته مع مرافقيه سالمين.
إني أعي نبل مقاصدكم وأتحسس سمو عواطفكم وأقدر صدق إرادتكم التي حملتكم على إعلان سخطم وغضبكم لما تعرض له سماحة الإمام. وقد علمت بالاستجابة التي أعلنها معالي وزير الداخلية باسم دولة رئيس الوزراء وحكومته، كذلك علمت باستعداد الذي أبداه الأمين العام للأمم المتحدة للقيام بالمساعي المناسبة في شأن قضية الإمام الصدر. لهذا أتمنى عليكم إنهاء اعتصامكم النبيل معاهداً لكم أن نبقى قلباً واحداً وعقلاً واحداً وإرادة واحدة في العمل الدائب في قضية سماحة الإمام إلى أن يحقق الله آمال الجميع ليستأنف جهاده في سبيل السلام والكرامة والعزة للبنانيين والعرب والمسلمين.
أسأل الله أن يرعاكم بعنايته وأن يسدد خطانا جميعاً في الطريق إليه، وأن يوفقنا لطاعته ونيل رضوانه وأن يشملنا جميعاً برحمته الواسعة، بارك الله فيكم ودفع عنكم كل سوء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
(الخميس 5/10/1978) برقية لبعض الرؤساء العرب من المعتصمين:
وجه المعتصمون إلى الملك حسين والرئيس هواري بومدين وحافظ الأسد ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية السيد ياسر عرفات البرقية الآتية:
"الصدريون المعتصمون منذ عشرة أيام في مقر منظمة الأمم المتحدة في بيروت وبعدما انهار العشرات منهم جوعاً وعطشاً، احتجاجاً واستنكاراً لعملية إخفاء سماحة الإمام الصدر وصحبه خلال تلبيته دعوة رسمية من ليبيا، يناشدونكم، باسم ضمير الأمة العربية بأسرها وباسم المسلمين جميعاً، ألا توفروا جهداً في سبيل تأمين عودة سماحة الإمام وصحبه إلى وطنهم سالمين، لأن في ذلك صوناً للقيم الأخلاقية والدينية والوطنية والقومية، كما أن فيها درءاً لأخطار داهمة.
إن أنظار الأمة مشدودة إليكم وهي على ثقة بأن آمالهم لن تخيب في تصديكم للمؤامرات المحاكة عليها، وفي صمودكم أمام الأطماع فيها، وفي تأمين عودة إمام الصامدين".
ثم تحدثت الفتاة غصن الزيتون باسم المعتصمات فشكرت المسؤولين على اهتمامهم بقضية اخفاء الإمام وصحبه، ومسؤولي الأمم المتحدة على جهودهم في هذا الصدد وشكرت جميع الذين شاركوا المعتصمين في اعتصامهم والذين يهتمون بقضية اخفاء الإمام وصحبه وجميع الذين حضروا المؤتمر الصحافي.
(الخميس 5/10/1978) تعليق المفتي الجعفري على تصريحات صدرت في شأن غياب الصدر:
لم يجرؤ أحد على كشف السر، "فجأة ضاعت أخبار الإمام، سر ولغز لم تلح في الأفق بارقة خير، ولم تبد من المهتمين لمعة ضياء. كأن سماحة الإمام ملح يذوب، كذلك لم يجرؤ أحد على كشف السر، فلا المنجم يدري ولا الروحانيون يدرون، لكن من في يده اللعبة يدري.
إن الإمام ليس لعبة ولا أحجية بل هو حقيقة واضحة وظاهرة فريدة وعمل ديناميكي وبداهة في الخاطر وسرعة في الحركة وكثرة في العطاء والتفات إلى ما هو جوهري وأساسي.
إن الإشاعات المتعددة تملأ الأسماع عبر الإذاعات وشتى وسائل الإعلام وفيها عملية تضليل وتمويه والمفروض من المشرفين على وسائل الإعلام تحري الصدق والحقيقة في ما يقولونه حول هذا الأمر الخطير.
إن غياب الإمام الصدر يوازي حجم الأحداث الكبيرة بل هو أشرها، لذلك تقع على الرؤساء وقادة المنظمات الذين اختارهم عن اقتناع ورضي بهم في صدق وإخلاص مسؤولية التحري عن مصير سماحته.
قد يبدو الوقت قصيراً لكنه طويل في حسابنا وثقيل على عاتقنا ومع همومنا فهو في حجم دمار وطن وأمة، وغياب سماحته مع تراكم الأحداث وجهان لعملة واحدة عاذ الله الوطن والشعب منها".
(الجمعة 6/10/1978) الهيئة الإسلامية تتابع جولتها على السفارات:
تابعت الهيئة الإسلامية اتصالاتها بعدد من السفارات لإطلاع المسؤولين فيها على حقيقة قضية اخفاء الإمام موسى الصدر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وصحبه الأستاذ السيد عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب.
وزارت الهيئة سفارات ألمانيا الاتحادية وفرنسا وبريطانيا، وشرحت للسفراء خطورة استمرار اخفاء الصدر وصحبه على الصعيد اللبناني والعربي والإسلامي، وطلبت منهم إبلاغ حكوماتهم ضرورة التحرك والمساعدة لجلاء القضية. فأبدى السفراء استغرابهم أن يحصل لزعيم ديني مرموق مثل الإمام الصدر مثل هذا الأمر.
وستتابع الهيئة اتصالاتها غداً فتلتقي عدداً من السفراء ومعلوم أنها تضم ممثلين عن المجلس الشيعي ودار الفتوى ومشيخة العقل، هم المحامون أحمد قبيسي وفايز النصولي وفريد أبو شقرا والسفير محمود الحافظ والسيد شريف سوبرة.
(السبت 7/10/1978) تصريح وبرقية من المفتي قبلان إلى مفتي آسيا الشيخ ضياء الدين باباخانوف:
أدلى سماحة المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الأمير قبلان بتصريح استهله بالقول:
"إن مسيرة الإمام الصدر لم ولن تنتهي، وإن جماهيره بانتظار عودته لمتابعة الطريق في الخط الذي رسمه.
أضاف: إن مسؤولية عودته ملقاة على أصدقائه من أهل الشأن والكلمة، لأن محبيه يلتمسون النتائج الخيرة ممن عنده القدرة والسلطة على الاستجابة.
وقال: من هنا ينتظرون، ويتحرون الحكمة والروية والعقل في كل عمل يصدر من قبلهم. ولعل الأحداث الجسام التي أربكت أمتنا، ووضعت القادة على المحك لكي يسرعوا في التحرك المطلوب لحفظ ماء الوجه أو لقطع الطريق على المفسدين والمستغلين لطيبة وطهارة الشعب.
واستطرد المفتي قبلان: إننا نعذر، والكريم من أعذر، ولكن غياب الإمام الصدر يوازي الكثير من أوليات مشاكلنا وإني لا أكون مبالغاً إذا قلت إن قطع الاتصال بالإمام الصدر جعل إخوانه لا يشعرون بأزيز المدافع والصواريخ بل أنساهم غيابه كل حادثة تقع على أرضنا.
وإننا كمواطنين نطالب أصحاب القلوب الكبيرة التحرك المنتج والمفرج عن سماحة الإمام الصدر وصحبه لنعود كبقية المواطنين المهتمين بإزاحة هذا الكابوس الثقيل الذي جعل البلاد تسبح ببرك من الدم والخراب والدمار والله نسأل أن يحفظ البلاد والعباد من كل ضرر وكدر.
من جهة ثانية وجه المفتي قبلان برقية، بواسطة السفير السوفياتي في لبنان السيد الكسندر سولداتوف، إلى مفتي آسيا الوسطى الشيخ ضياء الدين باباخانوف، عر له خلالها ملابسات انقطاع الاتصال مع سماحة الإمام وصحبه والعمل على أمين عودتهم سالمين.
(الإثنين 9/10/1978) الأمين القطري المساعد وعضو القيادة القطرية لمنظمة حزب البعث العربي
الاشتراكي يزور مقر المجلس الشيعي على رأس وفد من "منظمة الطلائع اللبنانية":
في نطاق الاتصالات الجارية لجلاء قضية انقطاع الاتصال بسماحة الإمام السيد موسى الصدر وصحبه الأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب قام اليوم السيد محمد زكريا عيتاني الأمين القطري المساعد وعضو القيادة القطرية لمنظمة حزب البعث العربي الاشتراكي يرافقه أعضاء مكتب القيادة المركزية للطلائع التقدمية اللبنانية بزيارة المقر المؤقت للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في مدينة الزهراء بخلدة حيث اجتمعوا إلى سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين نائب رئيس المجلس وفضيلة الشيخ عبد الأمير قبلان المفتي الجعفري الممتاز والدكتور حسين اليتيم رئيس مدارس المعهد العربي وعضو المجلس بحضور عدد من رجال الدين وعلماء الطائفة الشيعية.
وقد أعرب السيد عيتاني عن استنكاره للحادث الذي أدى إلى انقطاع الاتصال بالإمام الصدر وصحبه وأكد أن ذلك من شأنه ترك آثار سلبية على مجريات الوضع الراهن نظراً للمكانة الروحية والسياسية التي يتمتع بها الإمام الصدر محلياً وعربياً ودولياً.
كما استغرب استمرار غياب الإمام وصحبه وأبدى الاستعداد الكامل للتعاون مع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وحركة "أمل" وجميع الجهات المخلصة للعمل على عودة الإمام الصدر وصحبه سالمين إلى أرض الوطن.
وقد شكر سماحة الشيخ شمس الدين للسيد عيتاني والوفد المرافق هذه البادرة الطيبة والمشاركة الإيجابية في الاتصالات والجهود القائمة لجلاء قضية الإمام الصدر.
(الإثنين 9/10/1978) أبحاث الرئيسين سركيس والأسد تشمل قضية الإمام الصدر وصحبه:
علم من بعض المصادر السياسية المطلعة أن الرئيسين حافظ الأسد والياس سركيس بحثا على هامش المواضيع والقضايا المتعلقة بالوضع الأمني والسياسي في لبنان، موضوع انقطاع الاتصال بالإمام السيد موسى الصدر وصحبه الأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب.
وقد تداول الرئيسان في المعلومات المتوفرة لديهما حول هذا الموضوع وأكدا على بذل أقصى الجهود والمساعي من أجل جلاء غموض هذه القضية وكشف ملابساتها.
(الثلاثاء 10/10/1978) اجتماع إسلامي لبحث قضية الإمام في دار الفتوى:
عقد في دار الفتوى مؤتمر إسلامي عام هو الثاني في نطاق التداول والتشاور في آخر تطورات قضية سماحة الإمام موسى الصدر ورفيقيه الأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب.
وحضر الاجتماع سماحة مفتي الجمهورية الشيخ حسن خالد، وسماحة شيخ عقل الطائفة الدرزية محمد أبو شقرا وسماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، وأعضاء التجمع الإسلامي وجبهة المحافظة على الجنوب والمجلس الإسلامي الشيعي.
بيان المجتمعين:
وفي نهاية اللقاء صدر عن المجتمعين البيان الآتي:
في الاجتماع الإسلامي العام الثاني المنعقد في دار الفتوى بحضور أصحاب السماحة مفتي الجمهورية اللبنانية وشيخ عقل الطائفة الدرزية ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والتجمع الإسلامي والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والجبهة الوطنية للمحافظة على الجنوب، استمع المجتمعون إلى التقرير المفصل الموضوع من قبل اللجنة المنبثقة عن الاجتماع الإسلامي العام الأول المنعقد بتاريخ 5/10/1978، والمتضمن كافة الوقائع والمعلومات التي وصلت إلى علم المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وغيره من المؤسسات والهيئات المعنية بالأمر والمتعلقة بقضية انقطاع الاتصال بسماحة الإمام السيد موسى الصدر وصحبه حتى هذا التاريخ.
ولقد أعرب المجتمعون عن تصاعد قلقهم للبطء في تدارك هذه القضية وحلها محملين مسؤوليته إلى ضمائر جميع المعنيين في الوطن العربي والإسلامي.
وبعد التداول تقرر في ضوء هذه الوقائع والمعلومات إيفاد ممثلين عن الاجتماع الإسلامي العام للاتصال بالجهات الرسمية اللبنانية والعربية في سبيل إثارة القضية معها وحثها على بذل أقصى الجهد لضمان سلامة سماحة الإمام الصدر وصحبه وتأمين عودتهم إلى وطنهم.
الحضور:
وقد حضر الاجتماع السادة: عبد الله اليافي، تقي الدين الصلح، رشيد الصلح، حسين الحسيني، علي العبد الله، علي الخليل، رفيق شاهين، محمود عمار، عبد اللطيف الزين، عبد اللطيف بيضون، أنور الصباح، محمد يوسف بيضون، نسيب البربير، شفيق الوزان، مالك سلام، محمد جارودي، معين عسيران، عبد الأمير قبلان، نبيه بري، محمد شعيتو، سميح فياض، محمود الحافظ، علي بزي، محمد صفي الدين، جعفر شرف الدين، عبد الله المشنوق، الشيخ خليل الميس، حسين القوتلي.
(الثلاثاء 10/10/1978) وفد إلى دمشق:
ومن جهة أخرى تشكل وفد لزيارة دمشق بهدف مقابلة الرئيس السوري حافظ الأسد، ويضم الوفد كلاً من السادة: مفتي الجمهورية، شيخ عقل الطائفة الدرزية، الشيخ محمد مهدي شمس الدين، والرؤساء عبد الله اليافي، عادل عسيران، تقي الدين الصلح، والسادة: شفيق الوزان، مالك سلام، محمد يوسف بيضون، حسين الحسيني، حسين القوتلي، عبد اللطيف الزين، عبد اللطيف بيضون، أنور الصباح وفريد أبو شقرا.
وبعدها ستقوم وفود أخرى بجولة على بعض الدول العربية وفي طليعتها الجزائر وليبيا.
(السبت 14/10/1978) رسالة من المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الأمير قبلان لوزراء الخارجية العرب في بيت الدين:
السادة أعضاء مؤتمر بيت الدين المحترمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن حرصكم على وحدة الصف الوطني والإسلامي واللبناني، حداكم لتلبية دعوة فخامة الرئيس الياس سركيس، ورغبة من قادة بلادكم في تخفيف الأعباء التي ينوء بحملها المواطن والوطن، من هو ما حدث وسيحدث من صراعات وتناقضات محلية وعربية ودولية على الساحة الصغيرة لبنان، ما يعجز عن حمله قارة.
حضرات السادة:
إن هذا الوضع يتطلب مزيداً من العمل المخلص لإزاحة هذا الكابوس المظلم، ولتحجيم وتضييق شقة الخلافات.
أيها السادة
إن حجز حرية الإمام السيد موسى الصدر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان وصحبه، يزيد حجم هذه الممارسات الخاطئة والشاذة، ويضيف حملاً ثقيلاً إلى أثقال هذا الوطن الباهظة والكبيرة.
ومن هذا المنطلق نتوجه إلى مؤتمركم الكريم، واضعين أمامكم هذه الحقيقة لتأخذ من مباحثاتكم القسم الكبير، وبما أنكم من المهتمين في إعادة المياه إلى مجاريها، والراغبين بجدية بعودة الاستقرار إلى هذه البقعة التي عاشت الويلات والقتل والدمار والخراب.
إن التحرك السريع والعمل الجدي لرجوع سماحة الإمام الصدر الذي يشكل حجر الأساس في طريق الحلول المناسبة لوحدة الشعب والأرض، ولاستمرار أمن البلاد واستقرار شعبه يجب أن يكون مدرجاً على جدول أعمالكم العاجلة.
إن المدهش في هذه القضية عدم ظهور أية نتيجة ملموسة مع كثرة المراجعات والاتصالات.
إن المواطنين ينظرون إلى اجتماعكم نظرة أمل وبارقة خير، ويأملون أن تكون قضية حجز الإمام الصدر وصحبه من أولى اهتماماتكم لأن عودته تعتبر صمام أمان لنتائج اجتماعاتكم المثمرة والهادفة إلى خير لبنان وأهله.
والله يرعاكم ويحفظكم لما فيه الخير للبلاد والعباد.
(الإثنين 16/10/1978) المجلس الشيعي لوزراء الخارجية:
إخفاء الصدر سابقة خطرة والرؤساء يتحملون مسؤولية مميزة
أبلغ المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى مؤتمر بيت الدين أنه يعتبر معالجة قضية اخفاء رئيسه الإمام موسى الصدر –وصحبه-عنصراً أساسياً من المهمة التي انتدب لها وزراء الخارجية العرب. وناشد الوزراء مواجهة هذه القضية بما يتناسب وخطورتها.
وقد وجه نائب رئيس المجلس الشيعي الشيخ محمد مهدي شمس الدين إلى مؤتمر بيت الدين رسالة سلمها المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الأمير قبلان إلى السفير خليل حداد المدير العام للمراسم في القصر الجمهوري، وهذا نصها:
"تجتمعون اليوم لتعالجوا وضع لبنان ومأساته ولتضعوا حداً للأوضاع الشاذة واللاشرعية التي أدت إلى تصاعد تيار العنف فيه.
وقد طرأت على الوضع اللبناني منذ نهاية شهر آب 1978 قضية شديدة الخطورة، خطيرة التفاعلات بالنسبة إلى الوضع اللبناني والعربي والإسلامي، ألا وهي قضية اخفاء سماحة الإمام السيد موسى الصدر ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وصحبه الأستاذ السيد عباس بدر الدين وفضيلة الشيخ محمد يعقوب.
فلقد كان الشغل الشاغل لسماحة الإمام قبيل سفره الذي لم يعد منه حتى الآن، تكوين قوة سياسية لبنانية تضم القيادات الحقيقية الفاعلة في الشعب اللبناني مسلميه ومسيحييه، تكون درع الشرعية وذراعها في مواجهة القوى اللاشرعية والتي ما فتئت تعوق سيطرة الدولة الشرعية على كل الأراضي اللبنانية وجنوب لبنان خصوصاً، وتتعامل مع إسرائيل واضعة وطننا في غمرة أخطار كبرى تهدده بالتمزق والإخلال بمقوماته الديموقراطية والجغرافية.
إن هذه القضية التي تعذب ضمائر اللبنانيين والعرب والمسلمين، والتي نخشى أن كون، إذا استمرت، فرصة لأعداء وطننا وأمتنا يستغلونها في إثارة الفتن والنعرات ويفتحون جرحاً يصعب اندماله.
إن المراجع الروحية في لبنان، كذلك القيادات السياسية الإسلامية، واثقة من قدرة الملوك والرؤساء العرب الممثلين في هذا المؤتمر الكريم على حسم هذه القضية بنهاية تضمن عودة سماحة الإمام وصحبه إلى وطنهم لبنان سالمين.
وإن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إذ يعتبر معالجة قضية إخفاء الإمام الصدر عنصراً أساسياً من المهمة التي انتدبتم لها، يناشدكم، ومن خلالكم شرف العرب ودينهم وتحسس ملوكهم ورؤسائهم بالمسؤوليات الكبرى في هذه المرحلة الخطيرة والدقيقة من تاريخنا، أن تواجهوا هذه القضية بما يتناسب وخطورتها، ولما يؤدي إليه التهاون في معالجتها من أخطار لا يعلم مداها إلا الله وعار على القضية العربية المعاصرة.
إن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إذ يتمنى ويقدر كل تعاطف نبيل، وكل سعي جاد ومخلص من الملوك والرؤساء الذين أتيح شرف الاتصال بهم وعرض القضية عليهم، كان يأمل في أن تثير قضية الإمام الصدر التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ اهتمام جميع الملوك والرؤساء في العالم العربي والإسلامي، وأن يهبوا يداً واحدة في جهد مشترك واحد لحلها، وبخاصة الرؤساء الذين يتحملون مسؤولية مميزة في هذه القضية، لأنها تشكل سابقة خطيرة تهدد القيم والتقاليد العربية التي ما تزال ثروتهم الأساسية، إن لم تكن الوحيدة، بأفدح الأخطار في المستقبل القريب والبعيد، ويدهش جميع القيادات السياسية الإسلامية أن هذا الأمر لم يحصل حتى الآن.
إن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى إذ يرفع نداءه هذا إلى مؤتمركم الكريم يبتهل إلى الله تعالى أن يسدد خطاكم في المهمة النبيلة التي نذرتم أنفسكم لها ويتمنى على كل منكم أن يرفع هذا النداء والمناشدة إلى رئيس الدولة الكريمة التي يمثلها".
(الثلاثاء 17/10/1978) اهتمام الرئيس سلام:
تداول الرئيس سلام مع نائبي كتلته في آخر المعلومات المتوفرة حول قضية استمرار انقطاع الاتصال مع الإمام السيد موسى الصدر.
(الخميس 19/10/1978) قبلان عاتب على مؤتمر بيت الدين لإغفاله موضوع الإمام الصدر:
عتب المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الأمير قبلان على وزراء خارجية الدول العربية الذين عقدوا مؤتمرهم في بيت الدين منذ يومين لأنهم أغفلوا إدراج قضية انقطاع الاتصال بالإمام موسى الصدر وصحبه في قائمة توصيات المؤتمر.
وقال الشيخ قبلان في كلمة له:
إن مؤتمر بيت الدين طالعنا بتوصيات هي طريق الحل لأزمة طال أمدها وتكاد تشرف على كارثة كبرى هي انتهاء الوطن وخصوصاً ما يتعلق من هذه المقترحات بتنفيذ مقررات الرياض والقاهرة التي تذكرنا بالتحركات الواسعة والجهود التي لا يحدها وصف لسماحة الإمام موسى الصدر من أجل تسهيل انعقاد مؤتمر الرياض وإنجاحه كما كان له اليد الطولى في إنجاح الكثير من المؤتمرات الهادفة لخدمة الوطن مما يجعلنا نتوجه إلى أعضاء مؤتمر بيت الدين بكلمة عتب لإغفال إدراج قضية الإمام موسى الصدر وصحبه في قائمة توصيات المؤتمر.
وخلص إلى القول: ومع تمنياتنا للمؤتمر بأن يحقق خطواته بنجاح لكننا نرى أن المؤتمرات لن تخرج إلى حيز التنفيذ الكامل ما لم ينتفض اللبنانيون من رقدتهم وما لم يشخصوا مشكلاتهم ويضعوا سبل معالجتها، لأن صاحب الدار أدرى بشعابها وأهل البيت أدرى بما فيه.
(الإثنين 23/10/1978) بيان للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى:
صدر عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى البيان الآتي:
عقد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى اجتماعه برئاسة نائب الرئيس سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين وبهيئتيه الشرعية والتنفيذية.
وعرض خلال الاجتماع سماحة نائب الرئيس المراحل التي قطعها المساعي والاتصالات بشأن قضية اخفاء سماحة الإمام موسى الصدر وصحبه الأستاذ السيد عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب، الهادفة إلى أمين سلامتهم وعودتهم إلى وطنهم بما في ذلك مساعي سيادة الرئيس الأسد وكبار المسؤولين السوريين ومنظمة التحرير الفلسطينية بشخص رئيسها السيد ياسر عرفات وكبار معاونيه.
قضية إسلامية عامة:
وقال البيان: إن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى قد فهم هذه القضية وواجهها من منطلق أنها قضية إسلامية عامة، تمس جميع المسلمين في كرامتهم وقياداتهم الروحية والفكرية ويسعده أن يرى أن جميع القيادات الإسلامية قد واجهت هذه القضية بنفس الفهم ومن ذات المنطلق وهي لا تزال ماضية في مواجهتها ومعالجتها على هذا الأساس ولذا فإنه قرر:
أولاً: إيفاد مندوبين إلى المراجع الإسلامية في العالم وبوجه خاص إلى المراجع الإسلامية الشيعية في العالم وفي مقدمتهم المرجع آية الله العظمى السيد شريعة مداري وآية الله العظمى السيد الخميني وآية الله العظمى السيد الكولبيكاني. وذلك استجابة لرغبتهم في التداول فيما ينبغي القيام به على الطائفة الإسلامية الشيعية في العالم في مواجهة التمادي في إخفاء سماحة الإمام الصدر وصحبه.
(الإثنين 23/10/1978) صلاة الجمعة:
دعوة جميع العلماء وأئمة المساجد في يوم الجمعة الواقع في 25 ذو القعدة الموافق 27 تشرين الأول إلى التركيز في خطب الجمعة على قضية اخفاء الإمام وصحبه وتوجيه النداءات للوطنين العربي والإسلامي من أجل بذل أقصى الطاقات لتأمين سلامة سماحة الإمام وصحبه وعودتهم، معبرين عن ضيقهم ومخاوفهم التي تتعاظم مع هذا الاستمرار في إخفائهم طوال ما يزيد على 50 يوماً.
وكان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى قد أخذ علماً بأن قضية إخفاء سماحة الإمام الصدر ستكون أحد أبرز المواضيع التي ستثار في اجتماعات مؤتمر رابطة العالم الإسلامي المنعقد حالياً في مكة المكرمة..
الوضع العربي بعد كمب دايفيد:
وعلى الرغم من انشغال المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بقضية سماحة الإمام الصدر انتقل إلى بحث ما جرى على الصعيد العربي من اتفاقات مؤتمر كب دايفيد وما نتج عنها من أخطار تمس مستقبل الأمة العربية وسلامة القضية الفلسطينية ومقدسات المسلمين في القدس وما ينتج عن ذلك من أخطار فادحة على وحدة الصف العربي بصورة عامة وعلى سلامة وحدة لبنان بصورة خاصة، ولا سيما ما خططت له هذه الاتفاقات من مشاريع التوطين التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بنزع هوية شعبها وتوطينه في أرض غير أرضه على حساب القضية الفلسطينية والطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان وكيان لبنان بالذات مما يؤدي حتماً إلى تنفيذ المخططات الصهيونية الهادفة إلى تفجير الوطن العربي وإقامة إسرائيلات طائفية عنصرية على أنقاضه.
رفض التوطين:
لذا فإن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يرفض التوطين بجميع أشكاله ويرى أن الواجب الديني والوطني والقومي يدعوه كما يدعو جميع القوى الوطنية والعربية والإسلامية إلى مواجهة هذه المؤامرة والتصدي لها بكافة الطاقات والوسائل وبحمل جميع الجهات الرسمية والشعبية اللبنانية والعربية والإسلامية مسؤولية مواجهة هذه المؤامرة.
(الإثنين 23/10/1978) جرائم جبيل:
اطلع المجلس على ما يجري من تجاوزات خطيرة في منطقة جبيل ضد القرى ذات الأكثرية الإسلامية تتمثل في تدمير المنازل على أصحابها وفي احتلال المساكن الخالية من أهلها العاملين في المدن لكسب عيشهم وفي طرد السكان المقيمين في مدينة جبيل وجوارها وفي تهديد الجميع بالتهجير والتشريد.
المخطط التقسيمي:
إن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يرى فيما يجري في هذه المنطقة أمراً عظيم الخطورة وخيم العواقب كما يرى فيه استمرار العمل الإجرامي الذي جرى في ساحل المتن وغيره من تهجير اللبنانيين المسالمين من بيوتهم وأملاكهم خدمة لمخطط التقسيم الجغرافي والطائفي الذي يهدد وحدة لبنان وكيانه.
ولذا فإن المجلس يحمل الفئات التي تدفع إلى ممارسة هذه الأعمال الإجرامية مسؤولية النتائج التي يسفر عنها استمرار هذا العدوان وتكراره ويطلب إلى السلطة اللبنانية الشرعية مواجهة مسؤولياتها الوطنية والدستورية بالعمل على حماية مواطنيها بالوسائل المتاحة من قوى أمن لبنانية أو من قوى الردع العربية بما يكفل إعادة الأمن إلى هذه المنطقة وصون كرامة أبنائها من جميع الطوائف والفئات.
(الجمعة 27/10/1978)
نقيب الصحافة: نحن في عصر لا مجال فيه للأسرار ويستحيل أن تظل قضية الإمام لغزاً
وبعد زيارته روما وطرابلس، أجاب رداً على سؤال:
"نحن في عصر لا مجال فيه للأسرار ويستحيل أن تظل قضية الإمام لغزاً مستعصياً لفترة طويلة، ثم إن دائرة البحث تضيق باستمرار".
كما أجاب أيضاً: إنه ليس متشائماً.
(الأربعاء 1/11/1978) المفتي الجعفري الممتاز يوجه رسالة إلى الرئيس الجزائري يحثه فيها العمل على عودة الإمام سالماً مع صحبه إلى لبنان:
نص الرسالة:
وفي ما لي نص رسالة المفتي قبلان:
من لبنان بلد النكبات حيث الخراب والدمار والتشتت، باسم الفاتح من تشرين الثاني والذكرى الرابعة والعشرين لانتفاضة عامة 1954 وانطلاقة المحرومين من فلاحين وعمال وطلاب ومثقفين، ذكرى البطولة والتضحية والإباء والإنفة الفريدة في عالمنا المقهور الرازح تحت وطأة الاستغلال والاستعمار للدول المختلفة إعلامياً وسياسياً واقتصادياً المتفقة على اقتسام الغنيمة واكتساب المصالح.
إنها الخيال الذي تحقق والبناء المشاد على رفات ملايين الشهداء والذكرى العزيزة على كل مواطن عربي وإسلامي.
السيد الرئيس.. والسادة أعضاء الحزب الحاكم، يا من وضعتم العالم أمام مسؤولياته ونفضتم عن الشعوب غبار السنين، واستجبتم لصوت الحق (علي بن أبي طالب) عليه السلام الذي يقول: همم الرجال تزيل الجبال.
وبهذه المناسبة نحيي صمودكم ونتمنى لكم الاستمرار في مسيرة الجزائر الناهضة الفتية، ونناشدكم أن تحملوا مع أعبائكم الكبيرة عبئاً جديداً ابتلى به إخوانكم في لبنان وهو فقد الاتصال بسماحة الإمام موسى الصدر رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وقائد مسيرة المحرومين وصديق الجزائر المخلص.
سيادة الرئيس إن ثقة شعبنا بقيادتكم الكبيرة، وبناء على هذه الثقة نستصرخكم للعمل من أجل عودته سالماً مع مرافقيه إلى وطنهم.
والله يرعى ثورتكم ويكلل جهودكم بالنجاح والخير.
حكاية المسيرة من البداية حتى النهاية: استدعاء نزار فرحات
القائم بأعمال سفارة لبنان في طرابلس الغرب
عندما استدعت وزارة الخارجية نزار فرحات القائم بأعمال سفارة لبنان في طرابلس الغرب، بعدما كان قد أقام على شرف الإمام حفلة إفطار يوم الثلاثين من آب الماضي، أي قبل ساعات من انقطاع أخباره، واستقبله الرئيس كامل الأسعد ليستوضحه سبب عدم وجوده في وداع الإمام قبل إقلاع طائرة "أليطاليا" من مطار العاصمة الليبية، قبل أن يجتمع فيما بعد بأركان المجلس الشيعي، تصور الكثيرون من المهتمين بتعقب آثار الإمام، أن الخيط الأبيض قد ظهر، وأن التحقيق قد سلك اتجاهاً معيناً، بعدما كان يخبط خبط عشواء، فإذا القائم بالأعمال عاجز – كما قال – عن إزالة الغموض، خصوصاً أن الإمام لم يحطه بخبر وصوله إلى طرابلس الغرب، يوم الخامس والعشرين من آب الماضي، ولم يعرف بأمر وجوه في العاصمة الليبية إلا عندما اتصل به الصحافي عباس بدر الدين على التليفون ليسأله الحصول على تأشيرة من السفارة الفرنسية في طرابلس الغرب لدخول باريس، بعدما حرمته سرعة الرحلة من الحصول على هذه التأشيرة في بيروت. وهو عندما سأل عن الإمام في فندق "الشاطىء" ليعرف ما إذا كان قرر السفر، ويكون في وداعه، أخبروه أنه ترك الفندق إلى المطار منذ أكثر من ساعة...
حكاية.. الموكب:
على أن الحوار الذي دار عند الساعة الواحدة صباحاً في فندق "شيراتون" بدمشق بين العقيد معمر القذافي والمفتي الجعفري الشيخ عبد الأمير قبلان، يبقى هو الجانب المثير للاهتمام في ملف البحث عن الإمام الصدر، وهو الملف الذي أنيط فتحه بالقاضي معين عسيران عضو المجلس الشيعي.
لقد اختار المجلس الشيعي يوم الجمعة ليكون يوم مسيرة سلمية كبرى بالسيارات إلى منطقة "المصنع"، وهي النقطة الفاصلة بين الحدود السورية، والحدود اللبنانية، والهدف هو مناشدة قمة الصمود والتصدي المنعقدة في دمشق أن تستكشف مصير الإمام، وترده إلى وطنه، وقومه. كان عدد السيارات المنطلقة من مركز مدينة الزهراء في خلدة 2713 سيارة، فإذا بسيارات أخرى من الجنوب، والبقاع، تنضم إلى الموكب، حتى يربو على الأربعة آلاف سيارة، وكانت اليافطات المرفوعة فوق السيارات تحمل عبارات مثل "أين الإمام يا عرب؟" و"لا صمود ولا تصدي بدون الإمام"، و"ليسوا أقوى من أميركا، ولسنا أضعف من فيتنام". وفيما كان حساب الموكب أن يتوقف عند منطقة "المصنع" ويعبر إلى دمشق وفد المشايخ والعلماء فقط، ويضم رئيس الوفد الشيخ عبد الأمير قبلان مفتي بيروت الجعفري، والشيخ أحمد الزين قاضي شرع صيدا للطائفة السنية، والشيخ عبد الحليم الزين مفتي النبطية الجعفري، والشيخ خليل شقير مفتي زحلة الجعفري، إذا بإشارة تشجع الموكب على المتابعة حتى "جديدة يابوس" أول نقطة حدود سورية.
هناك – يقول الشيخ قبلان – فتحوا لهم صالون الشرف، وجاء رئيس المركز يسأل بعد ربع ساعة من جلوسهم في الصالون عما إذا كانوا يرغبون في متابعة الطريق إلى دمشق، فقال مفتي بيروت الجعفري: بل نتمنى.
وهكذا دخلت المسيرة دمشق، لتتحول هناك إلى مجموعة مسيرات، بعدما انضم إليها في العاصمة السورية الوفد الفلسطيني برئاسة توفيق الصفدي، ووفد الجبهة القومية برئاسة كمال شاتيلا، ووفد الحركة الوطنية برئاسة نصير الأسعد. ولم يكن هناك تحفظ إزاء أية يافطة من اليافطات، وهذا دليل – كما تقول أوساط المجلس الشيعي – على أن سوريا تعطف على المسيرة، ومهتمة بمعرفة مصير الإمام الصدر كل الاهتمام. وقال الشيخ قبلان: لقد استقبلنا العقيد محمد الخولي في مكتبه بوزارة الدفاع ليرحب بنا باسم السلطات السورية، ويقول لنا إن الموعد مع رؤساء دول الصمود والتصدي قد تحدد في السادسة مساء، فانتقلنا إلى منزل الإمام الصدر في منطقة الروضة، وقضينا فيه الوقت الذي يفصلنا عن المقابلة المنتظرة..
لم يكن وفد المجلس الشيعي وحده حينما دخل فندق "شيراتون"، وجلس في غرفة الانتظار. كان هناك أيضاً ممثلو الوفد الفلسطيني، وفد الجبهة القومية، ووفد الحركة الوطنية. وقد أطل علينا الوزير عبد الحليم خدام – يقول المفتي قبلان – لنراجع معاً الموقف الناشىء عن انقطاع أخبار الإمام، ونتداول المعلومات التي نملكها عن الموضوع. كذلك زارنا السيد خالد الحسن (أبو السعيد)، عضو الوفد الفلسطيني إلى قمة الصمود والتصدي، وأخبرنا أنه يعيش معنا الهموم بالنسبة لموضوع الإمام.
ثم فتحت أبواب قاعة الرؤساء لاستقبال الوافدين.
الأخ معمر ينتظركم:
دخل على الرؤساء الأسد، والقذافي، وبومدين، وعلي ناصر محمد، وأبو عمار أربعة وفود: واحد منها جاء يسأل عن مصير الإمام، ويستحث جهود رؤساء دول الصمود والتصدي في سبيل الوصول إلى معرفة هذا المصير، وثلاثة وفود جاءت مؤيدة لقمة الصمود والتصدي، دون أن تغفل عن مساندة موضوع البحث عن الإمام. وأشار الرئيس الأسد للمفتي قبلان أن يتكلم. فقال إنه باسم المسيرة واسم جميع الطوائف في لبنان يطلب من رؤساء الدول البحث في مصير الإمام الصدر. ثم أخرج كتاباً من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى ووضعه بين يدي الرئيس السوري. كذلك فعل توفيق الصفدي إذ سلمه رسالة باسم الوفد الفلسطيني ركزت على ضرورة الاستفادة من إمكانات العراق في معركة الصمود والتصدي، وكمال شاتيلا إذ سلمه باسم وفد الجبهة القومية رسالة طلب من دول الصمود والتصدي دعم سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وكان الرئيس الأسد، وهو يتسلم الرسائل الثلاثة، قد طمأن الوفد الشيعي بأن مؤتمر الصمود والتصدي قد درس قضية الإمام الصدر في جلستين، واعتبرها واحداً من هموم المجتمعين. وهذا أيضاً ما نوه به أبو عمار وهو يقول للوفود الثلاثة أن موضوع الإمام الصدر هو الآن شاغل وطني عند الجميع. ثم بدأ تمرير الرسالة المتعلقة بالإمام الصدر. الأسد بعدما قرأها ناولها لبومدين، وبومدين ناولها للقذافي، والقذافي ناولها لعلي ناصر محمد، ورئيس اليمن الجنوبية ناولها لأبي عمار، وأبو عمار أعطاها للوزير عبد الحليم خدام.
وأدرك الوفد الشيعي – كما قال الشيخ قبلان – بأن كل الكلام قد قيل، وأنه لا بد من الانصراف، فلما استأذن أعضاء الوفد بمغادرة الجناح، وأصبحوا عند الباب، تبعهم وزير الخارجية الليبي عبد السلام التريكي، ووضع يده على كتف الشيخ قبلان وقال: الأخ العقيد يحب أن يجتمع بكم على انفراد. فماذا تقولون؟
قال الشيخ قبلان: حباً وكرامة.
قال الشيخ أحمد الزين: ومتى يكون ذلك؟
أجاب التريكي: الواحدة من صباح الغد (12 ليلاً بتوقيت بيروت).
وورد الشيخ قبلان: متفقون.
الرئيس القذافي ينتظر الوفد الديني الرباعي داخل جناحه في الطابق الرابع من فندق "شيراتون"، وهو ملتحف بعباءته، ويستقبله بترحيب مميز، ويدعوهم إلى الجلوس، ثم يلاحظ أن لباس الشيخ أحمد الزين مختلف عن لباس رفاقه الثلاثة المشايخ: قبلان، وعبد الحليم الزين، وشقير، فيسأل مداعباً:
- لماذا لباسه شيء ولباسكم شيء آخر؟
قال الشيخ قبلان: لأنه سني ونحن شيعة... ولكن الخلاف الشكلي في الزي لا يعني الخلاف في الرأي. فكلنا متفقون وجوهر إسلامنا واحد.
قال القذافي: شوفوا أيها الأخوة. أن القضية الإسلامية هي عملي اليومي، بل هاجسي في كل لحظة. ولا تفريق عندي بين مسلم في الشرق ومسلم في الغرب. فكلهم عندي متساوون. من أجل ذلك أدعم مسلمي مالطا، كما أدعم مسلمي الفيليبين، وأساند مسلمي أفريقيا وآسيا، كما أساند مسلمي أميركا من الزنوج. وعندنا مبشرون بالإسلام في كل مكان، وهم يرتدون لباساً مدنياً، وليسوا بالضرورة من رجال الدين.
ثم التفت إلى الشيخ قبلان وقال: تفضل. الكلام لك.
وقال المفتي الجعفري: انطلاقاً من هذه المعطيات التي ذكرها الأخ العقيد جئنا نخاطب الضمير العربي والإسلامي في موضوع الإمام الصدر. إن غياب الإمام يا سيادة الرئيس منعطف خطر في حياتنا السياسية والوطنية المقبلة. إنه خسارة كبيرة لو جرى له أي مكروه. بل إنها الكارثة نفسها. وأنت يا سيادة الرئيس قد لا تعرف الإمام الصدر جيداً.
قال العقيد القذافي: أخبروني أنه يراني. أو ليس كذلك؟
ورد الشيخ قبلان: ومن قال ذلك يا سيادة الرئيس؟ إنك لو زرت مدينة "قم" في إيران لحدثوك عن ثلاثة قبور لمراجع دينية بارزين في تاريخ إيران، أحدها قبر السيد صدر الدين الصدر العاملي، وعلى مشاهد القبر رثاء باللغة العربية. صدر الدين الصدر العاملي هذا يا سيادة الرئيس هو والد الإمام موسى الصدر، وهو في الأساس من بلدة "معركة" قرب مدينة صور في جنوبي لبنان، وكل ما أخذه من إيران هو العلم والدراسة في مدارس وجامعة "قم".
قال القذافي: باهي.. باهي (باللهجة الليبية معناها حسناً حسناً).
وتابع الشيخ قبلان: وأحب هنا يا سيادة الرئيس أن أعرفك إلى شخصية موسى الصدر بكل أبعادها. عندما ضربت إسرائيل بلدة كفرشوبا، عند سفح جبل الشيخ، على الحدود اللبنانية الإسرائيلية لأول مرة عام 1969، شكل الإمام الصدر هيئة نصرة الجنوب من جميع الطوائف الدينية في لبنان. وذهب إلى القرية في ساعة الظهيرة على رأس وفد جامع، ودخل باحة المسجد الذي لم ينج من القصف الإسرائيلي، ففرش عباءته، وصلى فينا جماعة، ثم تبرع بمبلغ عشرة آلاف ليرة لأحد المتضررين في البلدة، وهو يقول: أصمدوا مع الأرض. فالبطولة تبدأ من هنا.
وبدا على وجه الرئيس القذافي اهتمام المستزيد، فمضى الشيخ قبلان يقول:
- لقد التزم الإمام الصدر بخط وطني واضح وقوي أضاع علينا قرى بحالها. لقد خسرنا تل الزعتر، والنبعة، والفنار، وبياقوت، وحارة الغوارنة، وبيت شاي (قرب بعبدا)، وغيرها، وغيرها، لأن الشيعة الموجودين هناك ملتزمون أيضاً بخط "السيد". لقد ضحينا في سبيل العنفوان الوطني بحصيلة مكاسب ربع قرن. كثيرون في الجنوب باعوا أراضيهم، ورحلوا إلى المهاجر. والباقون مشردون، ومهجرون، أو في مرمى المدفع الإسرائيلي. والإمام ثابت على موقفه، ومتمسك بخطه الوطني بلا هوادة، ويقول لأبناء الجنوب رغم كل المآسي: "بأسنانكم.. بأظافركم.. يجب أن تتصدوا لليهود". وكان كلما التقى بفلاح جنوبي يبادره قائلاً: بع فرشتك.. بع براد. بع بقرتك.. وبع غنمتك.. واشتر سلاحاً لمحاربة إسرائيل.
حبة الملح:
ثم توقف المفتي الجعفري لحظات، وهو يعاين الانطباع الإيجابي على وجه الرئيس الليبي، ثم قال:
- في مهرجان تأبين معروف سعد بصيدا قال الإمام: السلاح زينة الرجال. وقد انتقده بعض الناس لأنه قال هذه العبارة، ولكن الذين انتقدوه لم يفهموه. لأن المعنى في العبارة هو الزينة التي يجب أن تستقبل بها إسرائيل. وقبل أيام من سفره إلى الجماهيرية الليبية خرج من مقابلة الرئيس سركيس في القصر الجمهورية ليدلي بتصريح عنيف ضد مناحيم بيغن رئيس وزراء إسرائيل لأنه ادعى لنفسه حماية الموارنة والشيعة في لبنان هذا هو الإمام الصدر يا سيادة الرئيس. وهكذا هي مواقفه الوطنية التي كانت بذلاً وتضحية وفداء. ونحن نفهم أن يموت الإمام، مثل كل الناس، فهو بشر مثلهم. نفهم أن يقتل – بضم الياء – أو أن يحتجز – كل هذا ممكن. ولكن لا نفهم أن يضيع. لا نفهم أن يكون كحبة الملح التي تذوب في الماء. تقولون إنه ليس عندكم، وغير موجود في الأراضي الليبية، وأنه غادرها إلى مطار روما يوم الواحد والثلاثين من شهر آب الماضي. حسناً جداً. ولكن الإيطاليين أيضاً يقولون إنه ليس عندهم، ولا دخل أراضيهم. والفرنسيون يؤكدون الأمر نفسه، وكذلك الجزائريون. ومعنى هذا يا سيادة الرئيس أن يكون هناك صاروخ طلع به إلى السماء، أو صاعقة نزلت به إلى أعماق الأرض.
ثم وصل إلى النقطة الحساسة إذ قال:
- إذاعة الكتائب يا سيادة الرئيس تقول إنه تعرض لتصفية، وأنه اعتقل في ليبيا. وأشياء أخرى. والناس يسمعون، ويطلبون تفسيراً. وقد أصبح الموضوع أخطر من غياب الإمام الصدر نفسه. أصبح كلاماً أشبه بالتشفي. أصبح يقال يا سيادة الرئيس: هذا جزاء الذي ينذر نفسه للقضية العربية. هذا جزاء الذي يبشر بالأخوة العربية. ونحن نتمنى على الرئيس القذافي، وهو المسلم المؤمن أن يضع يده في يدنا ونبحث معاً عن الإمام، لأننا بذلك نبحث عن أنفسنا، وعن روابطنا التي تكاد تتعرض للضياع.
وهنا أخرج القذافي رسالة تلقاها من سفارة الجماهيرية الليبية في روما، وقال، وهو يقرأ بعض سطورها:
-سفارتنا تقول إن الإمام دخل الأراضي الإيطالية. ومن أجل ذلك أرسلنا إلى روما وفداً برئاسة الأخ أحمد شحاتة رئيس مكتب العلاقا العربية في الجماهيرية الليبية ليبحث عن الحلقات المفقودة في هذا الموضوع.
وتابع القذافي: خسارة.. كان لي موعد مع الإمام في الواحدة والنصف من يوم 31 آب. ولكن الاجتماع لم يتم.
وانتهى اجتماع الفجر، وعاد الوفد الرباعي إلى بيروت ليستأنف مع المجلس الشيعي مهمة توضيح الصورة، انطلاقاً من السؤال: وبعد.. أين الإمام؟
الفصل السادس عشر
(الخميس 2/11/1978) الحسيني: إخفاء الإمام لا يمكن فصله عما يخطط للوطن والأمة من مؤامرات
صرح النائب حسين الحسيني الأمين العام لحركة "أمل" أن الأولوية في العمل معطاة لكل ما يؤول إلى تأمين سلامة وعودة الإمام موسى الصدر وصحبه.
وهاجم الحسيني الذين يحاولون توظيف قضية الإمام لتحقيق مآربهم واستغلال غضبنا لتحويلنا عن أهدافنا الوطنية والقومية لمصلحتهم لأن إخفاء الإمام لا يمكن فصله عما يخطط للوطن والأمة من مؤامرات.
وقال الحسيني في تصريحه:
إن المعطيات المتوفرة لدينا حول قضية إخفاء سماحة الإمام الصدر ومرافقيه السيد عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب، تجيز إفساح المجال أمام المساعي والاتصالات الجارية الآن على أعلى المستويات اللبنانية والعربية والإسلامية، والهادفة إلى تأمين سلامتهم وعودتهم، اللذين يكمن فيهما صمام الأمان تجاه معظم الأخطار الناتجة عن هذا الإخفاء، ولذا فإننا نمتنع الآن عن مناقشة ما قيل ويقال من هنا وهناك، خاصة وأن الأولوية في عملنا معطاة لكل ما يؤول إلى تأمين السلامة والعودة دون سواهما، ولنا الثقة بالقائمين بالاتصالات والمساعي، حيث لا شك في حرصهم الشديد على المصالح الوطنية والعربية والإسلامية، ولا سيما في هذا الظرف الدقيق الذي تجتازه أمتنا على أكثر من صعيد.
أما الذين يحاولون وضعنا في حقول تجاربهم وتوظيف قضيتنا في تحقيق مآربهم، واستغلال غضبنا لتحويلنا عن أهدافنا الوطنية والقومية لمصلحتهم، فإنهم بالتأكيد قد أخطأوا الاختيار، لأن من تربى على العقيدة التي آمن بها الإمام الصدر، وورث التراث الذي حافظ عليه الإمام الصدر، والتزم بالخط الذي رسمه الإمام الصدر، لا يمكن تضليله وإزاحته عن خطه الصحيح، ويدرك بأن إخفاء الإمام الصدر وصحبه، لا يمكن فصله عما يخطط للوطن والأمة من مؤامرات.
وأما على صعيد التفاؤل أو التشاؤم، فإننا لا نعمل في حقول التبصير والتنجيم، فلدينا الإيمان بالله تعالى ولدينا الأمل، ولكن ليس لدينا الاطمئنان، الذي لا يمكن حدوثه إلا بالسلامة والعودة الفعلية للإمام وصحبه.
(الجمعة 3/11/1978) في احتفال تأبيني للعلامة كالباليكاني:
شمس الدين يناشد القمة وضع حد سليم لقضية الصدر
وصف العلامة الشيخ محمد مهدي شمس الدين نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى اخفاء الإمام وصحبه بأنه "أغرب حدث في التاريخ"، وقال: "إن قضية الإمام الصدروصحبه التي أصبحنا نعرف جميعاً ملابساتها والظروف التي أدت إلى إخفائه، علينا أن نتذكر دائماً ونقول إننا ننظر إليها على أنها قضية تتجاوز البعد الشخصي والمؤسسي والطائفي اللبناني والطائفي الشيعي للإمام، لتكون قضية إسلامية عالية وعدواناً على الإسلام والمسلمين جميعاً. وقد أظهرت التحركات التي قادها ودعا إليها وشارك فيها المجلس الإسلامي الشيعي إنه ليس وحيداً في لبنان وإنما تشاركه في هذه القضية المؤسسات والقيادات الروحية والسياسية الإسلامية في لبنان، وأن القضية ليست قضية اللبنانيين، بل هي قضية ذات بعد شيعي عالمي، وحينما تدعونا الظروف والإهمال والتمادي في إبقاء الغموض والحيرة في شأنها فإن تحويلها إلى البعد الشيعي والإسلامي والتحرري هو في يدنا، وإذا أبقيناها الآن في إطارها اللبناني، فلأننا لا نريد أن نعادي أحداً أو ندخل في خصومة مع أحد، وإنما نريد أن نسترجع الإمام وصحبه أحياء سالمين ليعود كل واحد منهم إلى موقعه وعمله ودوره الذي هو الدور الوطني الصافي والإسلامي المخلص والقومي الصحيح. ننتظر كل مساعي الخير التي نثق بإخلاص أصحابها وقدراتهم على أن يضعوا حداً لهذه الجريمة. وأقول هنا، ليس باسمي وباسم المجلس الشيعي الأعلى بل باسم جميع القيادات الإسلامية في لبنان لأن اجتماع دار الفتوى الأخير الذي حضرته القيادات الإسلامية والروحية والسياسية وضع الأساس النهائي لهذه القضية، أقول إنه ليس من مسلم أولى بها من مسلم ولا من مؤسسة أولى بها من مؤسسة ولا من شيخ أولى بها من رئيس الوزراء و رئيس وزراء أولى بها من رئيس مجلس النواب ولا من سياسي أولى بها من سياسي، إنها قضية المسلمين جميعاً. ومن هنا ننطلق ونعتبر، نحن المسلمين في لبنان، إن هذه القضية جريمة لا يغفرها شيء إلا وضع حد سليم وسريع لها، أما إذا لم يوضع لها حد فستدان وسيحكم عليها كجريمة. كفى، كفى، وأتوجه من هنا في هذا اليوم وفي هذا الشهر وفي هذا المكان إلى مؤتمر القمة في بغداد لأقول باسم المسلمين جميعاً أن كفى وأن جميع القادة والحكام العرب قادرون على أن يضعوا حداً سليماً لهذه القضية، فليضعوا هذا الحد رحمة بالناس والعرب والمسلمين إذ لا يجوز أن تستمر هذه المهزلة ولا يجوز أن تهدر الكرامة العربية التي لا يملكون شيئاً غيرها والتي تنزف من أكثر من جرح، وهذا أحد أكبر جروحها.
إننا ننظر إلى قضية الإمام الصدر على أنها يجب أن تمثل قضية أساسية في مؤتمر القمة في بغداد، ولدينا أكثر من وعد كريم ونبيل بأن المساعي ستثمر خيراً. ليس لدينا أي معلومات أو أخبار، لدينا آمال نحتضنها باعتزاز وإشفاق واحترام لأنها صادرة من رؤساء نجلهم ونحترمهم ونثق بهم".
إننا ننظر إلى قضية الإمام الصدر على أنها يجب أن تمثل قضية أساسية في مؤتمر القمة في بغداد، ولدينا أكثر من وعد كريم ونبيل بأن المساعي ستثمر خيراً. ليس لدينا أي معلومات أو أخبار، لدينا آمال نحتضنها باعتزاز وإشفاق واحترام لأنها صادرة من رؤساء نجلهم ونحترمهم ونثق بهم".
وقال: "إن هذه القضية هي إحدى قضايا وطننا لبنان وكأن لبنان لم يكفه كل النار والجروح وكل الهدم ليصاب بهذه القضية الخطيرة والمحيرة.
ماذا نعاني في لبنان؟ نعاني كل شيء فلا أمن ولا حكم و اشتراع ولا اقتصاد، لا شيء في لبنان، أرض سائبة في الجنوب تعبث فيها إسرائيل مع حلفائها وعملائها، وفي غير الجنوب تعتدي قلة ضئيلة متعاونة مع إسرائيل لتذهب بكل أمن البلاد وباستقراره ولتضع العراقيل والمعوقات أمام أي خطوة يريد الحكم والحكومة وجميع المخلصين من سياسيين وغيرهم أن ينتقلوا بالبلاد إليها وإلى الاستقرار والوفاق. وقضية الإمام الصدر تأتي لتضيف عبئاً جديداً على الشعب وقياداته. ما هو الخلاص؟ لو فرضنا أن الدنيا كلها أرادت أن تساعد إنساناً مشلولاً فلن تستطيع مساعدته قبل أن يساعد هو نفسه. إن الله لا يساعد من لا يعمل ويساعد نفسه. أمن واقتصاد، كل شيء مستورد فإلى متى؟"
وأضاف: "لن يكون للبنان إلا إحدى نهايتين، إما أن يضيع لبنان وإما أن يعي اللبنانيون أن عليهم أن يتفقوا على أساس المشاركة والمواطنية المتساوية وعلى أساس أنه لا يوجد لبنانيون كاملون وأنصاف لبنانيين، ولا يوجد لبنانيون مخلصون ولبنانيون خونة، يوجد لبنانيون فقط لا فضل لأحد منهم على أحد إلا بمقدار ما يكونون جاين ومخلصين في الوصول إلى صيغة، أي صيغة يتفقون عليها من صيغ الوفاق، لكنها بالتأكيد يجب أن تضع لبنان في محيطه العربي وفي علاقاته الحيوية، ومن دون هذا لا يمكن أن تقوم أي صيغة من الصيغ وأي شكل من أشكال الوفاق. ولا مخرج إلا أن يجد اللبنانيون أنفسهم وفاقاً ينبع من قلوبهم وعقولهم وارداتهم الحرة إذا شاؤوا. نعم إذا استمر فريق منهم يريد أن يستأثر بكل شيء ويبني الدولة على صورته سياسياً واقتصاديا وفكرياً، فلن يكون هناك لبنان وستبقى المحنة لا إلى ما شاء الله أن تبقى، بل إلى ما شاءت الإرادات الشريرة لها أن تبقى، إذن لا مخرج ولا فرج إلا بهذا، وركن كبير من أركان ذلك أن يعود الإمام الصدر الذي نذكر جميعاً أنه كان يعمل قبيل هذا السفر المشؤوم في سبيل تكوين الكتلة السياسية التي تجمع القوى الحقيقية والفاعلة والقادرة لتكون سنداً للحكم ودعامة للوفاق ومنطلقاً للمستقبل".
(الثلاثاء 7/11/1978) شمس الدين يتابع مع الحص قضية اخفاء الصدر وبدرالدين ويعقوب:
عرض رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص مع نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين آخر التطورات بقضية اخفاء سماحة الإمام وصحبه.
كان الشيخ شمس الدين قد زار الرئيس الحص في الساعة السادسة من مساء الثلاثاء 7 تشرين الثاني سنة 1978م ولم يدل بأي تصريح.
(السبت 11/11/1978) المفتي الجعفري في رسالة الأضحى: كان المفروض أن يطل عليكم الإمام الصدر في رسالة العيد
لمناسبة عيد الأضحى المبارك وجه سماحة المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الأمير قبلان رسالة دينية هذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلقه وأعز رسله محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين.
اللهم من تهيأ أو تعبأ أو أعد أو استعد لوفادة إلى مخلوق رجاء رفه وجائزته ونوافله وفواضله، فإليك يا سيدي تهيئتي وتعبئتي وإعدادي واستعدادي رجاء رفدك ونوافلك وجائزتك، فلا تخيب اليوم رجائي يا من لا يخيب عليه سائل، ولا ينقصه نائل، فإني لم أشك اليوم ثقة بعمل صالح قدمته، ولا شفاعة مخلوق رجوته، ولكني أتيتك مقراً بالظلم والإساءة على نفسي فإنه لا حجة لي ولا عذر.
فأسألك يا من هو كذلك أن تصلي على محمد وآله وتعطيني مسألتي وتقينني برغبتي، ولا تردني مجبوهاً ممنوعاً ولا خائباً يا عظيم يا عظيم أرجوك للعظيم أسألك يا عظيم أن تغفر لي الذنب العظيم ولا إله إلا أنت.
أيها الأخوة المؤمنون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع بدايات خيوط ضوء النهار الخجول، والأجسام تهتز في الخاشعين في محراب العبادة، يبزغ فجر الأضحى المبارك مع نسيم الصباح العليل، ومع غثاء قوافل الشياة المنساقة لمذبح العذراء، مصاحبة لأشعة الشمس الذهبية والجموع المؤمنة تتحرك متدفقة من المشعر الحرام كالسيول الجارفة بصورة حمائم السلام البيضاء يحدوها الأمل والرجاء، مظللة بالأمن والأمان. متسربلة بثياب التقوى والإيمان متوجهة إلى منى الخير والصفا حيث يقام مهرجان الفداء، ومحط الرحال والأثقال، والتخلص من الأوزار والرواسب المحمولة عبر الزمان.
إنها أرض طيبة مباركة أرض الخلاص حيث تلقى المعاصي لصاحبها الشيطان، وتبقى بعهدته مصحوبة بأحجار مسنونة، حيث بقاء الثقل والأتعاب لترسو في مينائه، وينجو حاملها من مخاطرها مصحوباً بالسلامة إلى شاطئها. ومن هناك يتوجه لتقديم الفداء وتوزيعه حصصاً ثلاثة: للفقراء وللأصحاب ولنفسه ليشعر بلذى الهدى من بعد العناء ويتساوى مع الآخرين ويتخلص من البلاء لأنه البديل، كذبح إبراهيم وابن عبد المطلب، كلها كانت فداء عن أصحابها النجباء، وبعدها يؤوب ليزيل عن رأسه العناء ويخلصه من كل الشوائب ويحلق الشعر أو يقصره ليرجع إلى حجمه ويعود عن كبريائه ويشعر بطعم المؤاساة "كلكم لآدم وآدم من تراب" ويصفو له العيش ويتخلص من كل كدر وعند ذلك يصبح صافي السريرة، طاهر القلب، نقي الذات، خارجاً من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه معقباً عمله بقوله: الله أكبر، الله أكبر، اللهم ادحر عني الشيطان، اللهم تصديقاً بكتابك وعلى سنة نبيك، اللهم اجعله لي حجاً مبروراً وعملاً مقبولاً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً.
هذه لمحة عن عمل المؤمنين يوم العيد في أيام جمعهم في الأماكن المقدسة في الحجاز.
أيها الأخوة المؤمنون
أما نحن في لبنان فيطل علينا عيد الأضحى المبارك حاملاً بين طياته ضراوة ما يقاسيه إنساننا المعاصر من أعباء وهموم تزداد مع تقدم الإنسان ثقلاً، ومشاكل يعجز المؤمن تحملها بل ينوء بثقلها، وفي جوف هذا الوقت البهيم الموحش، يتكوم شعبنا هنا وهناك ممن مزقتهم الحرب القذرة وأكلتهم وحشة التشرد والاغتراب.
أيها الأخوة المواطنون
كان المفروض أن يطل عليكم في رسالة العيد سماحة الإمام السيد موسى الصدر صاحب المواقف الوطنية والقومية والإسلامية، الذي توج هذه المواقف بتصريحه الذي أدلى به لمندوب صحيفة النهضة الكويتية، أثناء وجوده في ليبيا بتاريخ 30/8/1978، أي قبل اختفائه الساعة الواحدة والنصف بعد ظهر يوم 31/8/1978 قال فيه: "تلوح إسرائيل بأنها تلعب دور حامية للأقليات في الوطن العربي، وبذلك تكشف عن نواياها التي تتجاوز الساحة اللبنانية إلى الوطن العربي بل وجميع منطقة الشرق الأوسط أيضاً، قد نسمع غداً دوراً إسرائيلياً في صيانة منابع الطاقة أو منعها عن جانب من العالم.
ولدت إسرائيل في غفلة من العالم العربي وعاشت في سباق مع الزمن ولا يدرك العرب مراحل تقدمها إلا بعد فوات الأوان فيحاولون إزالة آثار العدوان وتستمر إسرائيل في التحضير لعدوان جديد لا على الأرض فحسب بل على كل شيء.
إذا تم الانفتاح العربي على إسرائيل – لا سمح الله – فسوف نجد إسرائيل حاضرة ومسيطرة في جميع شؤوننا الإنمائية والاقتصادية والتربوية والثقافية وغيرها.
لبنان العربي المسالم مع إسرائيل يعد طابوراً خامساً ضمن الوطن العربي. يجب أن تولد في لبنان جبهة وطنية تضم قيادات مسيحية تثبت أن لبنان بجميع فئاته يريد السلام والوحدة والعلاقات الأخوية مع العرب ويرفض التعامل مع إسرائيل وأن يصبح أداة لخلق الفتن داخل الوطن العربي.
نحن دائماً وأبداً مع استمرار الوجود الفلسطيني المسلح وسنبقى مع المقاومة في خندق واحد.
اختارت قيادة الطائفة الشيعية الكرامة مبتعدة عن السلامة المهينة وتحملت المآسي حزينة راضية.
إننا نرفض بشدة تصريح مناحيم بيغن عن استعداد إسرائيل لحماية الشيعة في لبنان، ونرد بوضوح إنها مؤامرة إسرائيلية لحماية الشيعة في لبنان مؤامرة جديدة من إسرائيل على لبنان، وعلى كرامتنا وتاريخنا حتى ولو أدى ذلك إلى مآسي أخرى نتوقعها.
رفضنا أن تلعب الشيعة دور أقلية، وأن تقف في وجه المقاومة، وأن تعود فتنة السنة والشيعة من جديد في أقطار العالم الإسلامي".
هذا بعض ما صرح به سماحة الإمام الصدر في سفرته الأخيرة المشؤومة. أن تضييعه والتكتم بمصيره ووجوده وهو على هذا المستوى من المواقف القومية والوطنية، إنها ضربة لئيمة موجعة لكل الحركات الثورية العربية والإسلامية والعالمية والمفروض على القادة والرؤساء التحرك السريع لعودته قبل فوات الأوان ولقد أعذر من أنذر.
أيها المواطنون الأعزاء
إن هول ما أصاب أهلنا من تشرد في هذه الأزمة التي ما زلنا نعاني ويلاتها إنها سيول رهيبة تندفع بقسوة حتى أنها تكتسح كل ما يتصادف وجوده في مجراها وتتحول هذه السيول الضخمة إلى علب محجمة في زوايا النسيان. بعد ذلك الزخم الهائل الهادر من النشاط والحركة والقوة، أصبحنا نسير كسلحفاة تتحرك ببطء كعجلة الزمن عند المتعبين، أما النسوة فإنهن من جراء ما ابتلينا يتوشحن بسواد داكن كأنهن الليل المظلم الأسود.
أيها الأخوة الكرام
وفي البعيد عن أرضنا تتناغم الأصوات الغنية في قهقهة طروب غير مبالين بشكوى البؤساء وأنين الضعفاء، حيث تتصاعد أدخنة من باطن الأرض إنه الذهب الأسود الذي يتنعم به أصحاب الحول والطول.
أيها الأخوة
نعم إن للذهب الأسود قيمة، ولكن ليس له كرامة، الكرامة مفتاح شخصية الفقراء ومعقل عزة للسعداء ونهاية سعيدة للشرفاء، إن شعورنا بكرامتنا يزيدنا حفظاً لها وكرامة الإنسان لا تقدر بمال، إن العيش الكريم هو أن يكون المرء قادراً على التعبير وعلى العطاء والحب مادته الشخصية الذاتية وميدانه الأخلاق البشرية السامية يجب أن نحول هذا العيد إلى شجاعة وعطاء، لأن شعبنا معطاء وبحاجة أن يعامل بالمثل وإن أهلنا أوفياء يجب أن نفي لهم، إنهم صامدون والمطلوب أن ندعم صمودهم ونقوي في نفوسهم كل معاني التصدي والصمود، وتبقى بعد ذلك كلمة صريحة أقولها كمواطن لبناني عربي مسلم إننا لا نقل التآمن ضدنا من أحد وسوف نرد هذا التآمن على أهله، لأننا لا نصبر كثيراً على أحد من خصومنا وأعدائنا كما سبق أن صبرنا وصابرنا، إننا نخشى أن يفيض بشعبنا الكيل، فيتخذ من المواقف ما لا نحب له أن يتخذها.
بالفم الملآن نقول لهم كفى إن أرضنا وشعبنا يتعرضان لشتى المؤامرات اتركونا نعيش آلامهم ونبلسم جراحهم ونصمد معهم وندافع عنهم بحسب قدرتنا، إن أهلنا لن تضار بأكثر ما أضرت إنما الذي سيضار من كل تلك الحركات المشبوهة والتصرفات اللامسؤولة الذي سيضار حقيقة حركة النضال العربي التي نحرض كل الحرص على بقائها واستمرار قوتها كما نحرص على حياتنا التي هي أعز ما نملك. والله سبحانه وتعالى نسأل أن يجمع الشمل ويرأب الصدع ويعيد هذا اليوم المبارك على الأمة وهي بأعز أيامها متحصنة بالمنعة والقوة والكرامة وعلى ربوعنا اللبنانية بالإلفة والمحبة والوحدة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
"لنضع الحرب والسلام في مكانهما فننقذ الحدود، وننقذ لبنان..."
بقلم الإمام موسى الصدر
إن الكابوس المرعب الذي غشينا أخيراً، فشل الدفاع من التصرف، والجسم من الحركة، لا يوازي في ثقله إلا الخفة في معالجته، واللامبالاة في تقدير خطره وخطورته والتصدي له.. وإلا فما معنى أن تنظر الأكثرية الساحقة إلى المتحدثين عن الجولات الآتية، بعيون أفرغت حتى من جماد الزجاج؟..
يحلل أحدهم الأحداث، وتظنه سيدل على الدواء، وسرعان ما ينقع الدراسة في قارورة الهوى والكيف والمصلحة، كأن الوطن ليس إلا حقل تجاربه الشخصية، وكأن المواطنين ليسوا إلا أرانب اختباراته الأيديولوجية أو السياسية، أو أن رؤوسهم ليست سوى أهداف للتمرن على أحدث أنواع المبيدات الهمجية...
ذاك جانب من اللوحة، فماذا في الطرف الآخر؟.
مواطنون ينتظرون بفارغ الصبر، أن يأخذوا دورهم ليقدموا الغالي قبل الرخيص في سبيل وطن حر معافى، مصون الكرامة والأرض..
والجنوب وهو قلب لبنان الفعلي، فلماذا يترك المواطن فيه بين ثلاثة خيارات: القتل أو الإذلال أو الرحيل؟..
إن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، بقيت حتى الآن دون رد وهي في تزايد، وترسم مستقبلاً مظلماً أمام المواطن الجنوبي...
فبأي واحد ننصح المواطن الجنوبي من هذه الخيارات الثلاثة؟. أجل، بقي خيار آخر في النسيان: أننصحه بالتعامل مع العدو؟!
أليس البقاء في هذا الضيم: إن الجنوب أرض بلا شعب، وهو تسهيل، إن لم أقل تواطؤ مع الاحتلال الإسرائيلي؟..
إن الحديث عن الجنوب طويل وذو شجون، وقد عشت المحنة منذ بدايتها في صمت تارة، ومع الصرخات تارة أخرى، وسأبقى حاملاً همومه قدر المستطاع حتى نحمل الجميع على تبنيه في وضعه الداخلي، وفي وجوده على الحدود، وفي إنسانه الكريم المحرم، فننقذه، وننقذ به لبنان...
إن الواجب الوطني يتطلب أن يجعل كل مواطن موضع المواطن الجنوبي، ويعيش مأساته: الاعتداءات، جمود الحياة، الدمار، الظلم، ثم اللامبالاة والصمت الإعلامي...
فباسم الذين يعيشون في جحيم الاعتداءات الإسرائيلية، وباسم الأبرياء الذين يموتون في بيروت وضواحيها، وفي البقاع والشمال، ويسحقون تحت وطأة الأحداث دون ذنب، وباسم الوطن الذي يحمل في ضلوعه جرحين: جرح الاقتتال في الداخل، وجرح الاستسلام في الحدود...
لو كان كلامي عن نفسي يحمل على محمل الفخر، لاستغفرت الله كثيراً عن هذا الزهو، لكن نفسي، وقد شاء قدري ألا تكون ملكاً لي، وإنما أضحت ذرة متواضعة من رصيد هذا الوطن الغالي، ولهثة رجاء، أو خفقة أمل على شفاه المتعبين، وفي قلوب المعذبين والمحرومين، لذلك سمحت لها بالاسترسال قليلاً، لإزالة بعض الأوهام.
باسم هؤلاء جميعاً، أناشدكم جميعاً، أيها اللبنانيون الشرفاء، أن نتعاون جميعاً، فنضع الحرب والسلام في مكانهما المناسب، فننقذ الحدود، وننقذ لبنان.
(الجمعة 15/12/1978) بيان "أمل" يحذر من المشبوهين الذين تعرف الحركة دورهم قبل وخلال وبعد إخفاء الإمام:
إن حركة "أمل" وخلال متابعتها ومواجهتها قضية إخفاء مؤسسها وقائدها سماحة الإمام السيد موسى الصدر وصحبه الأخ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب، كانت وما تزال، تعطي الأولوية في مختلف تحركاتها، لسلامة الإمام ورفيقيه، وتأمين عودتهم إلى وطنهم.. وهذا الحرص على السلامة والعودة، وعلى استمرارية الخط الذي رسمه الإمام، يفرض على الحركة العمل في إطار تحمل المسؤولية الوطنية والقومية والإسلامية..
ومن هذا المنطلق بالذات، امتنعت الحركة عن مناقشة ما قيل ويقال من هنا وهناك، مبتعدة عن المماحكات التي تؤدي إلى هدر أوقاتها وإلهائها عن أهدافها، مغلبة العمل الهادف المسؤول، على العمل المحكوم بردات الفعل الغضبية، التي من طبيعتها السير على غير هدى...
غير أن بعض المشبوهين، الذين تعرف الحركة دورهم المشبوه، قبل، وخلال، وبعد، إخفاء الإمام الصدر، كما يعرفهم الرأي العام تمام المعرفة، كما لم ينس الرأي العام بعد اجتماعاتهم المشبوهة مع عملاء إسرائيل...
غير أن هؤلاء، أخذوا مؤخراً يدسون المناشير التحريضية، الرامية إلى إثارة الفتن، التي حالت الحركة منذ البدء دونها، ووقفت الموقف الحازم حيالها عبر جميع مواقفها وخطواتها، الأمر الذي دفعهم بالأمس، وبينما كانت الصحف تنقل وقائع المسيرات الشعبية الضخمة والشاملة التي حملت صور الإمامين السيدين الخميني والصدر، التي تعبر عن تأييدها لحركتيهما المؤمنتين بمناسبة ذكرى استشهاد سيد الشهداء الحسين عليه السلام، الأمر الذي دفع هؤلاء، إلى أن يطلوا برؤوسهم الصغيرة من نافذة ادعاء الحرص على الإمام الصدر، وهم الذين لم يتركوا مناسبة إلا وأساءوا له فيها، وليتهموا المخلصين "بالتفريط بالإمام الصدر"، وبأن قضية إخفائه "قد أعطيت بعداً إعلامياً، بينما كان المفروض أن تعطى بعداً قومياً ووطنياً".
في حين أن هؤلاء بالذات، يعلمون علم اليقين، بأن قضية إخفاء الإمام الصدر وصحبه، قد شغلت وتشغل اهتمام كبار القادة والرأي العام الوطني والقومي والإسلامي، وما الاهتمام الإعلامي سوى الانعكاس لهذا الاهتمام الكبير...
كما أنهم يعلمون حق العلم، بأنها قضية كبيرة، على قدر أهمية صاحبها ومبادئه ومثله العليا، وقد فرضت نفسها لأن تبحث وتعالج في مؤتمرات قمة قومية، كإحدى أكبر القضايا الوطنية والقومية، تشغل اهتمام الكبار، الذين يواصلون مساعيهم واتصالاتهم ويكثفونها، لتأمين سلامة وعودة الإمام الصدر ورفيقيه. وتشغل اهتمام الرأي العام الشعبي الذي عبر عن اهتمامه من خلال الإضراب السلمي الشامل، واعتصامه السلمي في المساجد، ومسيرته السيارة الضخمة، التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ المسيرات الشعبية...
ولعل هذا الاهتمام الوطني والقومي والإسلامي الكبير، هو بالذات ما يدفع بهؤلاء الصغار، إلى افتعال ما يتوهمون أنه يجعل قضية إخفاء الإمام الصدر بحجمهم الصغير...
إن حركة "أمل" إذ تكشف عن خلفيات هذه الأفعال، وعن مفتعليها، فإنها حذرهم، وتحملهم مسؤولية ما قد تجره أفعالهم وأقوالهم عليهم، وتكرر الإيضاح للمواطنين بأن لا يأخذوا إلا بالبيانات الصادرة عنها أو عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، في معرض متابعة قضية إخفاء الإمام الصدر وصحبه.
حركة "أمل" المكتب الإعلامي
(الخميس 187/1/1979) "صدريون" يخطفون طائرة لبنانية والنيابة العامة تدعي على "الصدريين" الخمسة بتهمة الإرهاب والخطف والتزوير والتهديد:
ادعت النيابة العامة في جبل لبنان أمس، على خاطفي الطائرة اللبنانية المتوجهة إلى عمان، بجرائم القيام بأعمال إرهابية والخطف والتزوير ونقل الأسلحة والتهديد.
وكان مدعي عام التمييز الشيخ كميل جعجع قد توجه مساء أمس الأول إلى المطار وأشرف على التحقيقات منذ بدء الحادثة.
واعتبر المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان الأستاذ سعيد ميرزا، أن الأفعال التي ارتكبها الفاعلون وهم: هاني حبيب سعد (18 سنة) ويوسف أحمد حسين (26 سنة) وقاسم محمد حسين (24 سنة) وأحمد محمود فاضل (21 سنة) ومحمد أسعد سعد (23 سنة) منطبقة على الفقرة السادسة من المرسوم الصادر في 11/1/58 (الإرهاب)، والمرسوم رقم 27 لسنة 59 (الخطف) إضافة إلى المواد 213 و217 و214 و200 و463 و465 من قانون العقوبات.
وتنوي التهمة الأولى، وهي الإرهاب، على عقوبة السجن المؤبد.
وقد نقل الموقوفون الخمسة إلى السجن المركزي (سجن النساء سابقاً) حيث سلموا إلى قاضي تحقيق جبل لبنان الأستاذ محسن مرتضى، الذي استجوبهم ثم أصدر مذكرات بتوقيفهم.
وأظهرت التحقيقات أن يوسف حسين، هو المسؤول عن المجموعة "الصدرية" التي خطفت الطائرة.
ودار التحقيق أمس حول دور كل من الموقوفين الخمسة، وكيفية نقل الأسلحة (مسدسات) التي استخدموها في عملية الخطف إلى داخل الطائرة.
الإجراءات القضائية ووعود الوزير:
ولوحظ أن الإجراءات القضائية التي اتخذت على صعيد الاتهامات الرسمية، تختلف، أو لا تتوافق، على الأقل، مع التعهدات التي قيل إن وزير الداخلية قطعها على نفسه للخاطفين، بالإفراج عنهم خلال ثلاثة أيام، مقابل الإفراج عن الرهائن.
وهذه النقطة كانت أمس مدار اتصالات قضائية على مختلف المستويات.
وتحدثت مصادر التحقيق عن ملابسات خطف الطائرة، فقالت: إن عملية الخطف تمت بينما كانت الطائرة دخلت الأجواء الأردنية.
فبعد أن انتهى الركاب من تناول طعامهم، فوجىء ركاب الدرجة الأولى، ومنهم النائب محمود عمار بشاب يقف وبيده مسدس يضرب بقوة على ظهر أحد المقاعد، ويصرخ بكلام غير مفهوم.
عندئذ انتصب بقية الخاطفين في الدرجة السياحية، بينما راحت إحدى المضيفات تصرخ خوفاً.
هنا سارع فألقى بنفسه فوق المضيفة، محاولاً إسكاتها بأي ثمن، حتى لا تنعكس حالتها النفسية، على الركاب، لكن الأمر لم يبق خفية عن الركاب فارتفع الصراخ من قبل النساء والأطفال، حتى بدت الطائرة وكأنها تهدر من الداخل.
هنا اقتحم قائد العملية "كابينة" القياة، بعد أن بادر رفيقه الذي كان يجلس قبلاً إلى جانبه على المقعد الأمامي الأيمن من الدرجة السياحية إلى إخراج ركاب الدرجة الأولى إلى الدرجة العادية.
وكان أول اتصال بين الخاطفين والركاب، هو في نداء وجهه أحدهم بقوله: الطائرة الآن تحت سيطرة الصدريين، وإذا لم تستجب مطاليبنا، فإنكم تذهبون ضحية اخفاء الإمام الصدر وصحبه..
وسيطر الوجوم والخوف على كل الركاب، فيما حاول النائب محمود عمار الذي كانت زوجته عفت بعجور بجانبه وهي في حالة انهيار من شدة الخوف، التفاهم مع الخاطفين، فكان أن أبدوا حذراً بادىء الأمر، وسرعان ما خفت حدة انفعالاتهم.
وهنا أبلغ الركاب أن الطائرة غيرت وجهة سيرها، من عمان، إلى قبرص، للتزود بالوقود.
وعندما وصلت إلى الأجواء القبرصية، اتصل قائدها بمطار العاصمة القبرصية، الذي أقفل مدارجه وأطفأ أضواءه وأبلغ قائد الطائرة رفض استقباله.
وشدد قائد الطائرة على ضآلة الوقود في خزانات الطائرة، وعلى حاجته بالتالي إلى الهبوط بأقرب مطار. وتفاهم مع الخاطفين على العودة إلى مطار بيروت، لكنه ترك انطباعاً لدى الركاب بأنهم لا زالوا فوق قبرص، حتى أنهم ظنوا أنفسهم يهبطون في مطار نيقوسيا، لولا ان أحدهم وهو مسافر ائم تنبه إلى أن الطائرة أصبحت فوق ضواحي بيروت الشرقية، ومن ثم هبطت على المدرج الشرقي للمطار وربضت في الباحة الرئيسية، بعيداً عن المبنى الرئيسي.
(الخميس 18/1/1979) مؤتمر صحافي:
وعند منتصف الليل توجه النائب الحسيني إلى الطائرة وعاد ومعه أحد الخاطفين الذي عقد مؤتمراً صحافياً في قاعة الترانزيت في المطار أورد فيه البنود التالية:
البند الأول: نحن أبناء الإمام موسى الصدر نطلق صرختنا إلى العالم من أجل قضيتنا الإنسانية العادلة.
البند الثاني: قضيتنا هي إخفاء سماحة الإمام موسى الصدر رائد الإنسانية في العالم أثناء زيارته إلى ليبيا بدعوة رسمية من حكومتها في 31 آب 78 مع مرافقيه.
البند الثالث: أعلنت السلطات الليبية أن سماحة الإمام غادر ليبيا إلى روما على متن طائرة شركة "أليطاليا" في 31 آب 78 رقم الرحلة 881.
البند الرابع: أعلنت لجنة التحقيق التي كلفتها الحكومة اللبنانية بالتفتيش عن سماحته ورفيقيه أنهم لم يكونوا في عداد المسافرين على الطائرة. وتبين أيضاً أن أحداً من ركاب الطائرة لم يشاهد الإمام وصحبه. إذن الإمام لا يزال في ليبيا وجميع المعلومات تؤكد هذه الحقيقة الواضحة.
البند الخامس: لقد قام الشعب اللبناني بتظاهرات واعتصام حتى الموت وبمسيرة إلى دمشق. وبهذه الطريقة السلمية أعطى شعبنا أكثر ما يمكن سلمياً لإيجاد حل لهذه القضية.
البند السادس: أكثر من 4 أشهر ونصف، مرت على إخفاء الإمام بدون اي نتيجة، بل بالعكس سكوت من جميع الجهات وعدم اهتمام من المسؤولين.
البند السابع: إن خطف الإمام هو ضد جميع القوانين الدولية وحقوق الإنسان، والمفاوضات السلمية كانت صعبة جداً، ولكننا نؤمن باحترام القانون. والآن لا يوجد أي سبب لاتهامنا بأعمال إرهابية لأن الجميع يدفعوننا للقيام بمثل هذه الأعمال.
البند الثامن: نلفت نظر الحكومة الليبية المسؤولة الأولى ومن ثم الأمة العربية بأكملها وكذلك المجتمع الدولي للعمل لإيجاد حل لهذه القضية وبأسرع وقت.
البند التاسع: وإلا فإننا نحمل كل المسؤولين عن هذه الجريمة سلبيات عدم الحل السريع ونعتذر من الجميع للجوئنا إلى هذا الأسلوب.
البند العاشر: سنكون أول من يحمل الإرهاب بعد الآن، لأن عدم عودة الإمام تخريب وتدمير للإنسانية وللعالم. وإننا لمستمرون حتى النهاية.
(الخميس 18/1/1979) عمار يروي لـ"الأنوار" اللحظات الحرجة كانوا ينوون الهبوط في أكثر من مطار:
روى النائب محمود عمار لـ"الأنوار" قصة اللحظات الحرجة التي واجهها ركاب الطائرة اللبنانية مساء أمس الأول، وكشف النقاب عن أن الخاطفين كانوا ينوون إرغام لطائرة على الهبوط في أكثر من مطار دولي، لعقد أكثر من مؤتمر صحافي.
وشرح عمار ظاهرة "الصدريون" وتوقع أن يكون لها ظلال على الواقع اللبناني بالنسبة إلى قصة الإمام الصدر وقال إنه هو الذي أقنع الخاطفين بالعودة إلى مطار بيروت، وطلب وساطة الشيخ محمد مهدي شمس الدين، والنائب حسني العويني.
وقد جرى الحوار مع النائب عمار في منزله بمحلة "مار تقلا" قبيل أن يخلد للنوم والراحة بعد حوالي 20 ساعة منها ليلة قاسية وحرجة أمضاها من دون نوم.
المواجهة الحرجة:
وقال النائب عمار: أكثر اللحظات حراجة كانت عند ظهور الخاطفين فقد وقف أحدهم، وهو قائد العملية، وتوجه إلى كابينة القيادة في الطائرة. أنا كنت في مقصورة الدرجة الأولى، وفي الصف الأول، قائد العملية توجه إلى ربان الطائرة، وشاهدت 3 أو 4 شبان يقفون في تلك اللحظة في الممر بين مقاعد الدرجة السياحية. كانوا موزعين توزيعاً بشكل مدروس. وكان هؤلاء يصرخون في وجه الركاب: ابقوا في أماكنكم، لا أحد يتحرك من مقعده. ثم دخل قائد العملية إلى "الكابينة"، وطلب من قائد الطائرة تغيير وجهة سيرها إلى قبرص، ثم عاد إلى الركاب، وأبلغهم أن الطائرة متوجهة إلى مكان غير محدد.
وتابع النائب عمار: بعدئذ طلبوا مني ومن بقية ركاب الدرجة الأولى الانتقال إلى الدرجة السياحية، ليستطيعوا مراقبة الركاب.
بعدها تناول قائد العملية المذياع، وراح يخاطب الركاب مبرراً أسباب الخطف، مؤكداً على سلامة الركاب، ومعلناً أن الغاية من هذه العملية هي إطلاع الرأي العام العربي على قضية إخفاء الإمام، رجل الإنسانية الحقة.
ثم روى قصة اختفائه وسجنه في ليبيا، وحمل العقيد معمر القذافي، مسؤولية إخفائه، وأنه أي قائد العملية يتوخى إثارة الضمير العالمي، ثم أكد لنا بأن الرحلة، مهما طالت ومهما حصل، فإنه ورفاقه ملتزمون بالمحافظة على سلامة الركاب، واستطرد عمار قائلاً: فعلاً إن تصرفاتهم داخل الطائرة أوحت بأنهم كانوا هادئين.
مرحلة الحرج الثانية:
وتغير اتجاه الطائرة، واتجهت إلى قبرص، وحومنا فوق مطار "لارنكا"، وهنا تدخل مرحلة الحرج الثانية..
وتابع عمار: لقد وافقت سلطات المطار القبرصي على هبوط الطائرة، ثم عادت ورفضت، وأطفأت أضواء المطار وسدت مدارجه.
فوق لارنكا بدأ دوري:
فوق "لارنكا" بدأ دوري – قال النائب عمار – فعندما شعرت بأن سلطات المطار ترفض هبوطنا والشباب يصرون وقائد الطائرة يوضح المخاطر، وأقلها انفجار الطائرة، تمكنت من إقناع قائد الطائرة، بعد أن عرفته على نفسي.
قال لي: ما تؤاخذني ما عرفتك، أنا مستعد أن أتجاوب معكم.. ولقد اقترحت عليه العودة إلى مطار بيروت بسبب نفاذ الوقود من الطائرة.. فوافق وكرر اعتذاره مني، ودعاني للعودة إلى الدرجة الأولى، فقلت له: "بفضل ظل بين الركاب" لأنهم شاهدوني واستأنسوا بي وتصوروا أني سأكون خشبة الخلاص لهم.
وقال عمار: عندما تعرفت بهم جميعاً، بدأ بيننا تعاون مثمر وفعال.. كانت تهمهم الناحية الإعلامية، وهدفهم عقد مؤتمر صحافي في المطار، كانوا ينوون الجولة على كل المطارات، وتوزيع بيانات معهم، تتعلق بموضوع اخفاء الإمام وصحبه، بغية استثارة الرأي العام العالمي.
ولما وفقت باقتناعهم بالعودة إلى مطار بيروت، كنا قطعنا المرحلة الصعبة.
المفاوضات مع السلطة:
في المطار بدأ التفاوض مع وزيري الأشغال والداخلية، حول عقد المؤتمر الصحفي وقضايا تموين الطائرة بالمأكولات والمؤن، بعض الاتصالات كانت محرجة، لاحظنا أن الشباب يهمهم نجاح العملية الإعلامية، وطالما هم حريصون على حياة الركاب، فلا بأس من أن نمد لهم يد المساعدة.
وعلى هذا الأساس، اقترحت شخصياً على وزير الداخلية، استدعاء الشيخ محمد مهدي شمس الدين والسيد حسين الحسيني، لأني أعرف علاقة منظمة "أمل" بهم، من خلال أحاديثهم استنتجت ذلك بإعلانهم تبين أنهم "صدريون".
وبالواقع – تابع النائب عمار – عندما حصل الاتصال بينهم وبين النائب الحسيني، من "كابينة" الطائرة إلى برج المراقبة، لم يكن التجاوب تاماً بينهم وبينه. فتدخلت شخصياً مع قائد العملية ودعوته إلى تسهيل الأمور، وأقنعته بسلامة نية السلطة. فقائد الطائرة كان يخشى تدخلاً عسكرياً، وقد طمأنهم وزير الداخلية شخصياً.
"الصدريون"؟
• ماذا عن قضية "الصدريون"؟
- "الصدريون" هم الشباب الذين تهمهم قضية الصدر، وهم يعتقدون بأن السياسيين لم يواجهوا، الحقائق حتى الآن، ولم يحددوا المسؤوليات تماماً، خصوصاً وأنه مضى على اخفاء الإمام نحو خمسة أشهر، لهذا السبب قرروا إيقاظ الرأي العام العالمي، عبر ضجة إعلامية سلمية، للتأكيد على أن قضية الإمام لن تطوى.
وقال عمار: إن الخاطفين أكدوا بأن لبنان لن يكون مكان التفجير لهم، إنهم على خطى الإمام حريصون على وحدة لبنان وسلامة أرضه ولا يعتبرونه مسؤولاً، ويحملون المسؤولية لليبيا.
• ما رأيكم الشخصي بعملية الخطف هذه؟
- من تحصيل الحاصل، إني لا أوافق على خطف الطائرات، أنا أعتبر أن مثل هذا العمل يسيء إلى قضية الإمام، وأرى أن مجرد خطف طائرة، هو عمل إجرامي، إنما تصرفهم خلال العملية أثار إعجابي نظراً لما انطوت عليه نفوسهم من إنسانية وتهذيب. إن قائدهم كان قمة في التهذيب. وفي السيطرة على أعصابه وعلى رفاقه، وقد اعتذر من الركاب وكأنه يريد أن يقول بأنه مرغم على ما يفعل.
الحركة الصدرية ستتسع:
• هل تتوقعون أن يكون لهذه الظاهرة ظلال على الواقع اللبناني في أوساط الشيعة، وأية أبعاد تترتب على ذلك؟
مما لا شك فيه أن هذه الحركة، ستتسع وتكبر وتشكل خطراً على كل من يسيء إلى الإمام الصدر، وهي ممكن أن تسيء إلى لبنان أيضاً، بقصد أو بدون قصد، هؤلاء الشباب عندما ينشرون نشاطهم، سينعكس هذا "النشاط" على لبنان، غير أن ما يطمئنني هو ما لمسته من حرص لديهم على تطبيق المبادىء الإنسانية التي ينادي بها الإمام.
• هل يعني ذلك، أنكم أنتم الساسة الشيعة، لم تجرؤوا على مصارحة الناس بحقيقة اخفاء الإمام وصحبه؟
- إننا نعالج القضية بطريقة سمح لنا، أو تساعدنا، على الإفراج عن الإمام. إننا في الحقيقة لا نملك اتهام أحد، إنما نطالب بالكشف عن اخفاء الإمام وصحبه، ونطالب قبل كل شيء السلطات الليبية نفسها، بالسعي للكشف عن ملابسات اختفائه، نحن كسياسيين ليست لدينا أدلة راهنة على من أساء للإمام. لكن عندنا أدلة على أن الإمام اختفى في ليبيا، ولذا نحن نطالب السلطات الليبية بالكشف عن ملابسات اختفائه، ونحن نقول: إن الإمام لا يزال حياً.
* ماذا عن الوساطات العربية، الرئيس حافظ الأسد، لم يأخذ وعداً من السلطات الليبية بشكل بصيص نور أو خيط أمل؟
- كما تعرفون، ليبيا تقول إن الإمام تركها إلى إيطاليا، وشركة أليطاليا تقول إنه لم يغادر على متن أي من طائراتها، من ذلك نستنتج أنه ما زال في ليبيا، كل الرؤساء العرب أظهروا استعدادهم للمساعدة، ولا أحد أعطانا جواباً واضحاً ومحدداً بهذ الموضوع، إنما كلهم أبدوا الحرص على متابعة هذه القضية.
عودة إلى موضوع الخطف:
• لنعد إلى موضوع الخطف، هل كان أحد الخاطفين ينقل رشاشاً أو قنابل يدوية؟
- عمار: أنا لم أشاهد سوى مسدس واحد.. وعلى أي حال لم يوجه أي تهديد للركاب، عدا قبطان الطائرة الذي تعرض للتهديد بغية السيطرة على الطائرة. وليل الاطمئنان عند الركاب، أنه عندما خاطبهم قائد الطائرة، وشرح لهم أهداف العملية وهي الناحية الإعمية، لقضية الإمام الصدر، لاقى تأييداً وتصفيقاً عفوياً من قبل كل الركاب..
* هل صحيح أن ثمة لهجات إيرانية سمعت من قبل بعض الركاب داخل الطائرة؟
- أؤكد بأن جميع المشتركين هم لبنانيون من الجنوب ومن منطقة البقاع.
* السيدة حرمكم، أصيبت بانهيار أعصاب؟
- لم يحصل تهديد بنسف الطائرة، الخوف نتج عن طول الانتظار على أرض المطار..
(السبت 20/1/1979) حديث للمفتي الجعفري الممتاز: نأمل أن تعقد القمة الروحية من أجل المطالبة بعودة الصدر:
تحدث المفتي الجعفري الممتاز الشيخ عبد الأمير قبلان، حول أربع قضايا بارزة وهي: قضية الإمام الصدر، أوضاع الجنوب، القمة الروحية وأحداث إيران.
وفيما يلي نص الحوار:
• أين وصلت قضية سماحة الإمام السيد موسى الصدر ورفيقيه الأستاذ عباس بدر الدين والشيخ محمد يعقوب؟
- إنها الشغل الشاغل. وقد دخلت مرحلة جديدة لا يمكن التراجع عنها لأن الإمام الصدر يشكل في حساباتنا عنفوان هذه الأمة ورمز كرامتها، و نترك هذه القضية تعبر أمام وجودنا عبور اللامبالاة، وليس بسكوتنا في هذه الفترة خوفاً أو وجلاً لكنه استجابة لنداء الواجب ومحافظة على وحدة الصف الوطني اللبناني انصياعاً لمطالب بعض الرؤساء المخلصين من أجل العمل لإرجاعه وتأمين سلامته مع مرافقيه.
إن المطلوب من المسؤولين اللبنانيين ألا يهملوا هذه القضية بل يجب أن تعطى الأولوية المطلقة في تحركهم السياسي والدبلوماسي، وأن يكثفوا الاتصالات العربية والدولية.
أضاف: وإن كانت الاتصالات قد جعلتنا نعيش في جو من الأمل والطمأنينة فإن الانتظار كثيراً يضعنا أمام أهلنا وإخواننا مكتوفي الأيدي وليس بإمكان أي مسؤول من الطائفة الكريمة أن يملك القدرة على منع التحرك السلبي، وحادث الطائرة أكبر شاهد وإن كان المقصود منه كما ادعى أصحابه إنه عمل إعلامي وإنساني. ولكن إذا زاد الإهمال والتحدي واللامبالاة ستكون المصائب أعظم والخسائر أكبر وعند ذلك يجب علينا أن نحفظ رؤوسنا نحن قبل رؤوس الآخرين.
• كيف تقيمون الأوضاع الحاضرة، وخاصة في الجنوب؟
- الجنوب هو موضع الداء، والجميع يعرف الدواء، ولكن من ينفذ.. نعم إن أهلنا يعيشون المآسي والإهمال من يوم وجود لبنان، وتزايدت عليه من مدة ثلاثين سنة أو أكثر. العدو يطمع بمياهه، وأهله ظمأى كالعيش في الصحراء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول، وأما الجو المحموم والمبادىء المستوردة والأفكار الهزيلة والممارسات السيئة، والسلطة المتعددة جعلت المواطن العادي يتفيأ بظلال إصبعه. إنهم يعيشون على عتبات الموت البطيء، والحرب تشن عليهم من الداخل والخارج، كان هناك مؤامرة متفقاً عليها من جميع الفرقاء والمتخاصمين لضرب وتهجير وحرق هذه المنظمة بمن فيها والله وحده العالم بمصير هذا الشعب.
أضاف: لكن الشعب الذي يفرز من صفوفه الإمام موسى الصدر وقبله العلماء والمجاهدين، وبالخصوص علماء إيران الذين حطموا بصمودهم جميع التحديات والقوى الكبيرة، إن هذا الشعب لا يعدم الوسيلة لأن يقف صامداً في وجه كل الأعداء رافضاً كل الشواذ.
القمة الروحية:
• ما رأيكم بالقمة الروحية والاتصالات الجارية بهذا الشأن؟
- صاحب هذه الدعوة هو سماحة الإمام السيد موسى الصدر وهو محركها والداعي إليها والسائر في ركابها، بل هو دمها الدافق والمتحرك وكم كنت أتمنى أن تعقد بغيابه احتراماً له وتقديراً لجهوده، أو كم كنت أتمنى أن تعقد هذه القمة الروحية لأجل المطالبة بسماحة الإمام السيد موسى الصدر من باب الوفاء وحفظ العهد، لأنه الوحيد المنفتح على جميع الطوائف وله فضل وزيارات متكررة لقصورهم العاجية فإن الحق عليهم أن يعقدوا هذه القمة للوقوف في وجه كل من تسول له نفسه بالتحدي والاعتداء والتطاول على القمم التي ندين لها جميعاً بالاحترام والتقدير.
وإذا كان لا بد من اجتماع لهذه القمة فعليها أن تعقد في بيت الطائفة الإسلامية الشيعية في الحازمية وبذلك نكون قد كفرنا عما قصرنا به تجاه الإهمال من أجل سماحة الإمام السيد موسى الصدر.
ثورة إيران:
• كيف تقيمون الثورة في إيران؟
- أتمنى أن يكون السؤال كيف تقيمون العلماء الذين هم وراء التحرك في إيران. ومن هنا أجيب، إن قوة الإعلام في إيران من قوة المبادىء والقيم والأخلاق الذين وقفوا أنفسهم من أجلها. عمل أو سلوك أو قوة يخالف هذه المبادىء والقيم فعلماء الدين هم المسؤولون بالتحديد عن إصلاحها وتقييمها وتصحيحها.
إن إيران تمتاز عن بقية الدول بأنها تحمل تراث آل بيت محمد عليه السلام، التراث هو أمانة ثقيلة في أعناق رجال الدين ومنهم من كان يدعى إليها بالوعظة والدرس والتأليف والكتابة لعل هذا الأمر يرجع إلى أهله. ولكن عندما ضاق الخناق واتسع الخرق، واختلط الحابل بالنابل، وضاعت القيم وتعطلت الأحكام وأصبح الناس عبيد الدنيا والدين لعق قلي ألسنتهم تغيرت الرؤية عند العلماء وأصبحوا أمام وضع حرج أما السكوت وهو تضييع الحق، لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس.. وأما الانتفاضة فمن ورائها النصر الأكيد لأن من أحب الموت توهب له الحياة.
إن موقف علماء الدين في كل إيران موقف مشرف ويعتز به لأنه الموقف الصحيح، ولأنه امتداد لقول النبي لعمه أبي طالب: يا عم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر أو أموت دونه لما تركته.
إن ثورة إيران ومضة من ومضات الحسين عليه السلام وإن عاشوراء مدرسة الحسين التي علمت الأجيال والعلماء في إيران التحرك من أجل الحق وإحقاقه وإزهاق الباطل وانعدامه.
(الأحد 21/1/1979) حسين الحسيني: الصدر ومرافقاه إحياء الانتفاضة الإيرانية بقيادة الخميني قضت على حكم العمالة لإسرائيل التوطين كما التقسيم زوال للبنان:
كتب نور الدين الجمال:
نائب منطقة بعلبك – الهرمل، أمين عام حركة "أمل" والعضو الفعال والبارز في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، السيد حسين الحسيني، تحدث إلى "الأنوار" عدة مواضيع مطروحة في طليعتها قضية الإمام الصدر والتوطين ومقررات بيت الدين وثورة إيران وتأثيرها على وضع الطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان، إضافة إلى توضيح موقع منظمة "أمل".
• هل تعتبرون أن التوطين بشقيه الفلسطيني والإسرائيلي إذا تم في الجنوب له سلبيات، لأن البعض يعتقد أن للتوطين إيجابيات؟
- إن عملية التوطين كلها سلبيات وأول سلبية هي تصفية القضية الفلسطينية وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة. وثاني السلبيات وهي لا تقل عن الأولى، هي توطين الفلسطينيين على حساب نكبة شعب آخر. هو شعب الجنوب اللبناني وثالث السلبيات وهي نتيجة طبيعية للسلبيتين الأولى والثانية، وهي زوال لبنان، لأن هناك ترابطاً أساسياً بين التوزيع الديمقراطي والتقسيم الجغرافي في لبنان، خلل في التوزيع الديمغرافي يؤدي إلى خلل في التقسيم الجغرافي وبالتالي زوال لبنان.
وما التوطين وبالتالي التقسيم إلا مشروعاً لإقامة إسرائيل ثانية على الأرض العربية وربما ثالثة ورابعة.. علماً بأن الذين يريدون التقسيم قد بذلوا جهوداً جبارة في سبيل التوطين، ولكن جميع آمالهم قد خابت لتبل المعادلات الدولية التي أنتجت إسرائيل الأولى، وبالتالي فإن أي كيان عنصري طائفي أصبح مرفوضاً إقليمياً ودولياً، وهذه الحقيقة كانت موجودة منذ حرب تشرين 1973 عندما أصبح دور الشرطي الإسرائيلي في المنطقة الكلف تشرين 1973 عندما أصبح دور الشرطي الإسرائيلي في المنطقة الكلف تأمين المصلحة الغربية فيها، قد أصبح دوراً ثانوياً، وأصبحت كلفة المحافظة على إسرائيل أغلى بكثير من فائدتها للمصالح الغربية، وإسرائيل منذ ولادتها قد أصيب بمرض الشيخوخة المبكرة، وعجزت عن النمو وعن الاستقرار في هذه الأرض لأنها عجزت عن تبديل طبيعة وجودها كمغتصبة لأرض شعب آخر، وبالتالي فإن دواء الاتفاقات الثنائية التآمرية مع النظام المصري أو غيره لا يبدل طبيعة وجودها الذي سيزول مهما طال الزمن.
إن خطر احتلال إسرائيل للجنوب هو واقع لأنها ما تزال تحتل قسماً كبيراً من الجنوب، وما الذرائع والستائر التي تتستر وراءها سوى شهود زور لا يخرجون عن كونهم أدوات إسرائيلية لا حول لهم ولا قوة، وأعتقد أن مجلس الأمن الدولي يتحمل مسؤولياته وسينفذ مضمون قراره 425 وليس له خيار في ذلك. وإسرائيل اليوم لا ينفعها إلا البكاء على حائط المبكى، لأنها سوف تفقد حتى هذا البكاء وهذا الحائط.
ما زال على قيد الحياة
• أين أصبحت قضية اخفاء الإمام الصدر وصحبه، وماذا تتوقعون أن يتم على صعيد هذه القضية؟
- نحن نعلم أن القاة العرب المخلصين والمراجع الإسلامية تسعى وتستمر في السعي استناداً إلى معلومات ومعطيات تشير إلى أن الإمام وصحبه ما زالوا على قيد الحياة، ولولا هذه المعطيات وهذه المعلومات لما كان الاستمرار في السعي.
نحن لا نشك في إخلاص هؤلاء القادة خصوصاً عندما يكون من بينهم لا بل من طليعتهم الرئيس حافظ الأسد والإمام آية الله الخميني، والملوك والرؤساء الذين في موقعهم. يجب على الجميع أن يدركوا بأننا نتعامل مع قضية خطيرة لم يسبق لها مثيل في تاريخنا وتمس قيمنا ومعتقداتنا وتشكل الخطر على قضايانا الوطنية والقومية.
وما اندفاع القادة العرب إلا لشعورهم بالمسؤولية نحوها، من هنا يجب أن نتعامل معها بموضوعية وبتصميم هادف وأن نبتعد عن العاطفة وردات فعلها الغضبية، ولا يجوز مع هذه القضية التفريط بها أو السماح بالخطأ لأن التجربة لا تعاد مرة أخرى والخطأ لا يمكن إصلاحه مرة أخرى.
حركة أمل
• هناك اتهام لك بوصفك نائباً في مجلس النواب وعندك ميليشيا مسلحة، مع العلم أنك في تصريحات لك كنت ضد الميليشيات وقادتها؟
- كنت وما زلت ضد الميليشيات التي تعيق الدولة وإعادة الأمن والاستقرار إلى لبنان، وعندما نعود بالذاكرة إلى بدء العمل في إنشاء حركة "أمل" نتذكر بأن جناحها العسكري قد قام عندما عجزت الدولة عن حماية الناس وخصوصاً في الجنوب ومنذ اللحظة الأولى حتى اليوم نقول وعلى استعداد لإقران القول بالفعل بأن هذا الجناح على استعداد لأن يعطي بكامل إمكاناته لصالح الوطن، فمن الظلم إذن المقارنة بين هكذا تنظيم عسكري وبين الميليشيات التي خربت الوطن وارتكبت الجرائم وقتلت الناس على الهوية، علماً بأنني أتولى مسؤولية حركة "أمل" خلال غياب الإمام الصدر والتزم بما التزم به الإمام الصدر حتى عودته مع مرافقيه إلى وطنهم سالمين، وأشكر الله على أن حركة "أمل" الحركة التي تشرف من توليه ثقتها إن لجهة ممارساتها وإن لجهة خلقيتها وإن لجهة أهدافها السامية المؤمنة، وهذا ما يجعلني على استعداد لأن أسأل عن أي خطأ أو أي تجاوز قامت بها الحركة، وأستطيع أن أؤكد استعدادها للتخلي عن جميع سلاحها في سبيل إقامة الدولة اللبنانية ذات القوانين والمؤسسات التي من شأنها مساواة الجميع في الحقوق والواجبات وإزالة عقد الخوف من أذهان الجميع.
الحل اللبناني
• يقال أن الحل للأزمة اللبنانية ينطلق من تفاهم اللبنانيين فيما بينهم، فهل هذا القول صحيح مع ارتباط بعض فرقاء الصراع بقوى خارجية؟
- إن الذين تقصدونهم لا يشكلون أكثر من خمسة بالمئة من مجموع الشعب اللبناني وأما 95 بالمئة من الشعب قد أثبتوا ولاءهم لوطنهم الذي لا يعلو عليه ولاء، بدليل أنهم بالرغم من كل المآسي التي حلت بهم ما زالوا يعملون على بقاء وطنهم، لا بل وعلى إعماره في أقسى الظروف. إذ قد لا تجد شعباً في العالم قد واجه محنته كما واجه الشعب اللبناني محنته، فهو لا يزال يعمل ويبذل الجهد على إنقاذ وطنه، وتستغرب عندما ترى اللبناني وفي ظل حالة الحرب يذهب ويأتي بالمال ويبدأ مسيرة الإعمار من جديد، وما زال المدفع لم يصمت بعد، فأي دليل على صحة مواطنية اللبناني أكثر من هذا الدليل؟
وترى الجنوبي بالرغم من كل المصائب التي حلت به ما يزال يتشبث بأرضه وبزرعها وإعمارها. ولذلك نقول بأن الحل هو في المبادرة لطرح صيغة وطنية صحيحة تزيل النتوءات التي اصطنعت في تكوينه الوطني، بدءاً بتحديد هوية الوطن ومروراً بتحديد ولاء المواطن، وانتهاء بتربية وطنية ترسخ هذه الهوية في دولة للبنان الوطن كل لبنان بجميع أجزائه وأبنائه. هذه الصيغة فيما لو قيض للحكم الجرأة المطلوبة تستطيع استقطاب الـ 95 بالمئة من الشعب اللبناني ويصبح الوفاق السياسي أمراً واقعاً ووفاقاً وطنياً لا عودة عنه.
موقف الحكم
• بعض الأوساط السياسية اللبنانية والعربية تتهم الحكم في المماطلة لتنفيذ مقررات بيت الدين فهل هم محقون في ذلك؟
- إن مصلحة الحكم الشخصية والمعنوية هي في تنفيذ مقررات بيت الدين، غير أن انعدام الثقة بالنفس يجعل الحكم يستنكف عن مواجهة الأمور بما تتطلب من تضحيات حتى ولو بالنفس، وهذا شأن من يوطن نفسه على مخاطر المطالب الكبيرة، وفي تصوري إن استخدام الساحة اللبنانية في لعبة الأمم هي التي أوهمت الحكم أو أجبرته على هذا الموقف الذي من حق الآخرين تفسيره حيث تذهب الظنون وباعتقادي وضع الأمور في نصابها، وعندها سيرى أنه أقوى الفرقاء، وإن الآخرين تجاه الشرعية وحقوق الشرعية ومطالب الشعب العادلة إنما هم نمور من ورق.
وقد آن الأوان لاتخاذ هذا الموقف بعد أن ثبت بما لا يقبل الجدل هزال الطرح التقسيمي وبعده عن الواقع، وبعد أن ثبتت استحالة تحقيق مثل هذه الطروحات، لأن سوريا والدول العربية المخلصة قد أخذت على عاتقها منع التقسيم ومنع قيام إسرائيل الثانية مهما كلف ذلك من تضحيات، فكيف إذا أضفنا إلى هذه القوى إرادة الشعب اللبناني بأكثريته الساحقة.
والأمر الذي يدفع الحكم لاتخاذ الموقف السريع هو وجود الأكثرية النيابية الحديثة والتي تغنيه عن تبويس اللحى ومراضاة الخواطر، فهذه الأكثرية النيابية منسجمة مع مصلحة الشعب اللبناني، وباستطاعة الحكم الاتكال عليها مهما كان غضب الآخرين، علماً بأن الذين كانوا يتشبثون بالتعددية والتقسيم والفيدرالية قد فقدوا السند الرئيسي الذي كان يشجعهم على الاستمرار في نهجهم ويمولهم بالمال والسلاح بنسبة كبيرة قد تبلغ 80 بالمئة من نفقات تحركهم والذي هو نظام حكم شاه إيران المنهار، وهذا ما جعلهم يظهرون في الفترة الأخيرة بمظهر المعتدل والغيور على سرعة تحقيق الوفاق، وهذا أيضاً ما يجب أن يشجع الحكم على اتخاذ الموقف مع مصلحته ومصلحة الشعب اللبناني.
أحداث إيران
• كتائب مسلم شيعي، ما هو تقييمك لظاهرة الإمام الخميني وأحداث إيران ومدى انعكاسها على وضع للطائفة الإسلامية الشيعية في لبنان.
- كنائب لبناني ومسلم شيعي وكمنتم لحركة "أمل" وكأمين عام لها فإني أنظر لأحداث إيران من زاويتين، الأولى كون المسلم الشيعي كان وما يزال يضحي ويقدم الغالي والنفيس من أجل قضاياه القومية، ومع ذلك كان يتهم دائماً ويشكك في وطنيته وفي قوميته، لا لسبب إلا لأن إيران ذات الأكثرية الإسلامية الشيعية تساند إسرائيل، وتدعم وجودها وتعمل على استمراريتها بشتى الوسائل حتى إلى حدود التموين بالنفط الإيراني لطائرات إسرائيل التي بواسطتها يغتصب الحق العربي في فلسطين وتهدد الأراضي العربية الأخرى من قبلها.
وكان المسلم الشيعي حيال ذلك يشعر بوصمة عار شكلت له عقدة نفسية مذلة، واليوم عندما يرى المسلم الشيعي هذه الانتفاضة الإيرانية المباركة بقيادة الإمام آية الله الخميني تدمر ذلك الحكم الذي كان سبب العار وترفع شعارها الأول والذي هو معاداة إسرائيل والاستعداد للمشاركة في تحرير القدس، إنما يشعر المسلم الشيعي بأن حركة الإمام الخميني قد أزالت العار كما أزالت الاتهامات والشكوك دفعة واحدة، وشكلت له عنصر الفخر والاعتزاز.
والزاوية الثانية هي إدراك العربي لأية طائفة انتمى بأن الصهيونية العالمية لم تستطع السيطرة على أرض فلسطين واغتصابها من أهلها، إلا بعد تخلي القوى الإسلامية العالمية عن فلسطين وبالتالي عن القدس بواسطة النظامين العميلين، ونظام أتاتورك وشاه إيران، ولذلك يرى العربي بأن انتفاضة الشعب الإيراني إنما هي وضع نهاية لهذا التحييد ووضع نهاية لعملية استفراد العرب وبالتالي تأهيلهم لأن يستفيدوا من القوى الإسلامية من أجل تحرير أرضهم وإزالة المغتصبين عنها.
خاتمة
وبعد....
فقد تم الكتاب وبقي اللغز... لغزاً.
والأمل أن يحل هذا اللغز بحل قضية اخفاء الإمام - وصحبه - وعودته فلطالما حل السيد أموراً مستعصية وألغازاً صعبة الحل، أم... سيبقى اللغز لغزاً؟... ويبقى موسى الصدر رمزاً...
"الناشرون"
Last Updated (Thursday, 10 March 2011 13:04)