
بيروت في:21-8-2004
بقلم :غسان تويني
عباس بدر الدين... كيف ننساه، ولو كان نهجه في العمل المهني أن يغيب شخصيته وراء الخبر، وقدسية الخبر الصحيح في وكالة أنباء كانت الرائدة في حرية "الإعلام" غير الملتزم بأدوات التأثير ومغرياته والضغوط.
إلا أنه كان كذلك غير كل هذا.
لا أزال أتذكر، وكأنه الأمس، وجهه الصبوح الأنيس.
أرتاح، كلما حمل إلى "النهار" خبراً أو تحقيقاً في خبر...
كنت أحدق في عينيه الثاقبتي النظرة فإذا به، خلف الابتسامة المتواضعة، يحلل بدقة، متواضعاً أمام الوقائع، عقلاني المقاربة، حريص على الإلمام بشمول الأحداث كما بخلفياتها والجذور. فأدرك حينها أن وراء مهنية الكلمة المتحفظة رأي لا يحاول صاحبه فرضه عليك، ولا حتى الترويج له وتزيينه، فقط طرح الموقف والمناقشة والطموح إلى إقناع.
رأي "الأستاذ عباس" وموقعه؟
هو هذا الجوهر في الإيمان الذي جعله يختار ملازمة "الإمام"، وجعل "سماحته" يستوثقه و"يستسره" إلى حد اصطحابه دون سواه ممن كانوا يتهافتون على شرف المرافقة والشغف بالتعملق. وكان الإمام الصدر قد صار عنوان الحرية، فيتشرف بالانتماء إليه كل مؤمن بدعوته إلى وطن للأحرار، ينوره إيمان بالله الأحد، يجمع في وحدانيته فلا يفرق ولا يمزق.
كيف لا يتعزى واحدنا عندما يعرف أن الغياب مع الإمام موسى الصدر – إلى حيث ما كان الغياب، ما هم – فيه الوفير من النعمة وبهاء الخلود؟.