بيروت في 31 آب 2002
بقلم ميشال اده
الأستاذ عباس بدر الدين من رجالات القلم والصحافة والفكر الذي لم يثنه أمر ولا عائق عن نشدان الحقيقة. لقد جمعتني إليه علاقة وطيدة من الصداقة التي كم أتطلع إلى استعادة توهجها وألقها، من خارج الاستذكار، بالكثير الكثير من الأمل والرجاء.
وهل بوسع من تسنى له التعرف إلى عباس أن لا تطالعه تلك النزاهة التي هو عنوانها حقاً، وتلك الإستقامة التي ما فارقته يوماً في نظرته والسلوك، وذلك الحرص الشديد على الموضوعية المجردة من كل غرض أو هوى في مقاربته الدؤوبة للحقيقة مهما بدت مضنية مكلفة؟
على هدي هذه القيم، وبهذه الروحية من النبل الإنساني والضمير المهني الرفيع، كانت مبادرته إلى تأسيس "وكالة أخبار لبنان" التي سرعان ما احتلت موقعاً لافتاً وحضوراً مرموقاً. فاكتسبت طابعاً ريادياً في قلب أوائل وكالات الأنباء الخاصة التي شهدها لبنان.
ذلك أن عباساً لم يفهم الإعلام ولم يمارسه تحريضا. بل شاءه، بذهنية الانفتاح والشجاعة التي تحلى بها، أن يكون تواصلا مع وعي المواطن، وانتباهاً إلى المزيد من تعزيز ملكة الوعي لديه.
أما خير شهادة على المسيرة القدوة المثال لهذا الصحفي المتميز، فيظل اصطفاء الإمام الكبير المغيب موسى الصدر لعباس بدر الدين. واختياره الدائم إلى أن يكون بجانبه. يأمن لنزهاته، ولإخلاصه، ولوفائه، ولانفتاحه النير، ولعميق إيمانه الديني والوطني الذي ما شابته قط شبهة نزوع إلى تعصب طائفي أو مذهبي أو فئوي.
وبعد انقضاء ستة وعشرين عاما على غياب الإمام موسى الصدر ورفيقه عباس بدر الدين، فلا يسعنا إلا أن نصر على المطالبة بإظهار الحقيقة بشأن هذه القضية التي لا يمكن أن يسقطها لا مرور زمن، ولا أي اعتبار آخر.
إن الحقيقة التي طالما نشدها عباس بدر الدين تلح علينا جميعاً بإنصافها وبإنصافه، وبالاستجابة إلى حقنا جميعاً في معرفة مصيره. وكلي ثقة بأن النقيب الصديق الأستاذ ملحم كرم لن يألو جهدا للنهوض إلى هذه المهمة، إلى جانب جهود كل المخلصين الساعين إلى جلاء الحقيقة.
من وقف حياته على متراس إعلام مواطنيه بالحق المنزه إنما يظل حاضراً أبداً.