الرئيسية / News / Latest / العلمنة

العلمنة

 العلامة السيد محمد حسين فضل الله لـ”الشرق”:
ولاية الفقيه غير واقعية في لبنان ذي النظام العجائبي
لبنان سيبقى رئة تتنفس بها كل مشاكل المنطقة

أجرى الحوار: أسامة الزين – هانية غندور
الشرق – الأربعاء 15 تموز 2009  – العدد 18061

في التاريخ، رجال كبار، وفي كل عصر عظماء وعلماء قدموا للبشرية إنجازاً ما أو طوروا شيئاً ما، العلامة السيد محمد حسين فضل الله من هؤلاء الكبار الذين خرقوا سكون العقل وكسروا جموده، ليفتح أبواب الجدل بهدف الوصول إلى اليقين: وعلى أساس ما قاله وأفتاه تفجرت إمكانيات العقل والتطور. آمن بأن الدين يسر وليس عسراً، وبأن الله سبحانه وتعالى، علم الإنسان ما لم يعلم، فاستعان بالعلم الذي يعكس الحقيقة ويعبّر عنها، فاستحق ألقاباً متعددة منها العلامة، وهو لقب يحوي ما هو مخزون داخل هذا الرجل الكبير من فكر وإيمان وعلم، بل وكفاح ونضال دفاعاً عن المحرومين والمظلومين والأيتام والفقراء وفلسطين. أصاب في كل ما قاله فكان محللاً استراتيجياً من الدرجة الأولى، أغضب العدو الإسرائيلي فحاول اغتياله، ونجا مواصلاً الطريق الذي رسمه، على رغم أن هذا الطريق كان شاقاً وصعباً.
كنا نتمنى أن يطول الحوار معه، لكن سلسلة المواعيد التي ارتبط بها منعتنا من ذلك، على رغم أنه وبناء على طلبنا، استجاب لنا بلطف ومدّد اللقاء.
الأسئلة كثيرة على قدر اجتهاده، سألناه عن مستقبل لبنان وعن ولاية الفقيه وعن العراق وعن زواج المتعة وعلم الفلك، والاستنساخ والتلقيح الاصطناعي، وطلاء الأظافر عما إذا كان مفسداً للوضوء، وعن إيران وعن الديموقراطية، فكان بأجوبته ديموقراطياً.
اعتبر أن ولاية الفقيه لا تصلح في لبنان ذي النظام العجائبي، فيما وضع زواج المتعة في خانة الجدل مؤكداً أن الرسول محمد أجازه وأجاد السيد فضل الله الاستنساخ إذا كان لأهداف طبية، واصفاً كل شيء لاصق بأنه لا يفسد الوضوء.
أما عن رؤية هلال رمضان فأسهب في فتواه، بأن علم الفلك اليوم يستطيع إثبات هذه الرؤية التي إذا ظلت بالعين المجردة، قد تخطىء بسبب تلوث المناخ والبيئة، وفيما يلي نص الحوار:

كل شيء لاصق “كطلاء الأظافر” لا يفسد الوضوء
شرعنا طفل الأنبوب والتلقيح
والاستنساخ لأسباب طبية

ولاية الفقيه
س: هناك أهداف سياسية حول موضوع ولاية الفقيه، فما هو رأي سماحتكم بولاية الفقيه من الناحية الدينية والسياسية؟
ج: أساساً بتعريف ولاية الفقيه نستطيع القول أنها نظرية فقهية، سياسية، عندما يبحث الفقهاء عن الشخص المؤهل ليكون قائد في الدولة.
ففي هذا المنحى هناك نظريتان، نظرية الشورى ونظرية ولاية الفقيه.
أولاً نظرية الشورى ترتكز على أن الأمة تتشاور في ما بينها وتختار القائد الذي يتمتع بمواصفات معينة في الدولة الإسلامية التي ترتكز في نظامها وقانونها على الفقه الإسلامي والذي يمثل ثورة قانونية يعتد بها حتى الآن، من خلال آراء المجتهدين في فهمهم للكتاب والسنة.
أما النظرية الثانية الموجودة فهي نظرية ولاية الفقيه وهي تتمثل بالآتي:
أنه إذا كان هناك دولة إسلامية فمن الطبيعي أن يحكمها الفقيه الخبير الذي يعرف أمور زمانه ويملك القدرة على الإدارة في السياسة وتحيط به مجموعة من المستشارين وينتخب من خلال المجلس الذي ينتخبه الشعب. ولذلك قضية ولاية الفقيه فيها تزاوج بين الديموقراطية في انتخاب الولي أي الفقيه وبين مسألة الولاية. ويمكن للمجلس الذي انتخب الفقيه بالأكثرية أن يعزله ولذلك فهي تمثل قيادة “تمثيلية” في حركة تنفيذية للقانون.
وفي النظرية الإسلامية تجوز المعارضة حتى لولي الفقيه، فهو عندما يخطىء أو ينحرف مثلاً فمن الطبيعي أن ينتقده البعض. فكان أبو بكر الصديق يقول: “وليت عليكم ولست بخيّركم”.
وكان الإمام علي (عليه السلام) يقول: “فلا تكلمونني بما تكلمون به الجبابرة ولا تتحفظوا مني بما يتحفظ به عند أهل البادرة (أهل السيف والقوة) ولا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالاً في حق قيل أو عدل يعرض علي فإن من استثقل الحق أن يقال له والعدل أن يعرض عليه فإن العمل بهما اثقل”…
إن الحكم بالإسلام سواء أأخضعناه لنظرية الشورى أو لنظرية ولاية الفقيه هو ليس حكماً استبدادياً بل حكماً منفتحاً يرعى شعوب الأمة ويتقبل الملاحظات عندما يخطىء ومن الطبيعي جداً أن هذه النظرية لما كانت نظرية فقهية اجتهادية فالعلماء يختلفون حولها كأي نظرية أخرى.
إننا نلاحظ أن علماء المسلمين الشيعة ومجتهديهم يختلفون، فالكثيرون لا يرون ولاية الفقيه العامة بل يرون أن للفقيه ولاية خاصة في الإشراف على الأيتام أو على القصر أو على الأوقاف التي لا ولي لها، ولذلك فمن الطبيعي أن موقع ولاية الفقيه ليس الدولة الإسلامية بل المجتمع الإسلامي الذي يغلب فيه المسلمون مثلاً، أما في مجتمع مثل لبنان فليس هناك واقعية لولاية الفقيه. ولذلك فنحن نعتبر أن الجدل السياسي حول الفوز بولاية الفقيه من قبل المعارضة، أو أي جهة معينة، لا معنى له لأنه ليس هناك أي جهة سياسية قادرة على أن تحكم النظام اللبناني بنظام ولاية الفقيه، لأن أساساً النظام اللبناني كما أسميته “نظام عجائبي، ولن يكون جمهورية إسلامية ولا جمهورية مسيحية بل سيكون جمهورية مختلطة فيها ديموقراطية، حتى أنها ليست ديموقراطية بالمعنى الذي نفهم فيه خطوط “ديموقراطية” بل هي أقرب إلى “المزرعة منها إلى الدولة”.
أنا لا أرى ولاية الفقيه المطلقة لكنني أرى أن هناك قاعدة في الإسلام وهي حفظ نظام المجتمع، حفظ النظام الأمني، الاقتصادي والاجتماعي.
وإذا توقف حفظ النظام على أن يتولى الفقيه بمستشاريه الحكم فنقرها، أما إذا لم يتوقف هذا النظام، فيمكننا بالتالي أن نختار شخصاً أميناً، مخلصاً وبمستشارين خبراء يستطيعون أن يعاونوه ويساعدوه في إدارة شؤون الدولة وبالتالي لا ضرورة لولاية الفقيه.
مع العلم أن على هذا الشخص المختار يجب أن يكون لديه فكرة عامة عن الفقه وإلى جانبه الفقهاء الذين يستشيرهم في أمور الفقه أما الخبراء فيستشيرهم في الجوانب الأخرى الإدارية.

ولاية الفقيه ولبنان
س: سماحتكم تقولون إن ولاية الفقيه لا تتمتع بالأهمية في النظام اللبناني لكن ألا يوجد لها آثار سلبية تنعكس على الواقع السياسي؟
ج: سأكتفي بالقول إن هناك فريقاً من الناس يلتزمون بولاية الفقيه باعتبار أنهم يرجعون بالفتوى إلى “الفقيه” الذي يرى الولاية في هذا الموضوع ولذا فهم يلتزمون بها التزاماً دينياً لذلك فهي لا تمثل أية مشكلة للوضع اللبناني السياسي فلا يوجد أحد ينادي بتقليد ولاية الفقيه في القضايا السياسية والاقتصادية ولكن هي مسألة أقرب للمسألة الدينية منها إلى المسألة السياسية عندما تطرح في الوسط الثقافي.

فصل الدين عن الدولة
س: هل تؤيدون سماحتكم فصل الدين عن الدولة؟
ج: شعار فصل الدين عن الدولة هو شعار انطلق من خلال التجربة الغربية للدين بحيث أن المؤسسات الدينية كانت تتدخل في الدولة حتى أنها كانت تضطهد العلماء الذين يختلفون في نظرياتهم العلمية مع بعض النظريات التي يتبناها رجال الدين ولا يتبناها الدين.
ولذلك انفصلت أوروبا أو الغرب بشكل عام عن الدين كقاعدة لنظام الدولة أو منهج للسياسة وما إلى ذلك واعتبرت أن الدين هو علاقة بين الإنسان وربه.
أما بالنسبة إلى الإسلام، فعندما ندرس الإسلام من جوانبه، نرى أن هناك الفقه الإسلامي الذي يمثل التنظيم القانوني الشرعي للحياة في العبادات وفي المعاملات وفي العلاقات العامة على مستوى المجتمع وعلى مستوى الدول وقضايا الحرب والسلم.
لذلك فالإسلام يختزن الدولة في داخله، فلا معنى أن نفصل بين الدين والدولة في هذا المجال، لأن الدين يختزن الدولة فبذلك كأنك تريد أن تفصل بين الشيء وذاتياته.
لأننا عندما ندرس التراث الفقهي في الإسلام سواء ما تركه العلماء المسلمون السنة أو الشيعة فلا نرى أنه هناك أية قضية من القضايا التي تتعلق بالإنسان الفرد والإنسان في حياته الخاصة أو العامة وفي ارتباطات الدول ببعضها بعضاً وحقوق الإنسان وإلى ما ذلك.
فنحن نرى أن الدين لا نقصان فيه وما زال باب الاجتهاد مفتوحاً عند السنة والشيعة في الوقت الحاضر، فإن أية قضية جديدة تفرض نفسها على الواقع، فإن المسلمين المجتهدين تباعاً يجتمعون ويقربون الحكم الشرعي الإسلامي الذي ينظم لهذا الحدث الجديد مساره وطريقه. حتى أن الفقه الإسلامي عالج قضية علاقة المسلمين مع غير المسلمين، وغير المسلمين الذين يعيشون في المجتمع الإسلامي أو في الدولة الإسلامية. ونحن نعلم أن النبي محمد (ص) عندما هاجر إلى المدينة كتب وثيقة بين المسلمين واليهود وأعطى اليهود حقوقهم الحياتية والشخصية تماماً لما هي للمسلمين في هذا المجال وهذه كانت أول وثيقة رسمية قانونية إسلامية أكدت مسألة المواطنة باعتبار أن اليهود حتى وإن لم يكونوا مسلمين ولكنهم مواطنون لذلك أعطاهم الإسلام حق المواطنة ونحن نقرأ كما نستمع إلى بعض المسيحيين في الجدل السياسي الذين يقولون إن المسلمين يريدون أن يجعلوهم أهل ذمة.
وأوضح هنا أن قانون الذمة هو قانون إنساني عندما يدرس في عناصره القانونية ولكن إلى جانب هذا القانون، هناك قانون المعاهدة الذي يوجد نوعاً من المعاهدة الاجتماعية بين فئات المجتمع بحيث لو هناك أكثرية إسلامية وكان هناك يهود أو بوذيون فالإسلام سيعقد معهم على هذا الأساس معاهدة تحفظ حقوقهم الإنسانية، الدينية أو الطريقة التي يعيشون فيها حياة طبيعية فنحن نعرف الآن كما كنت أقول لبعض الغربيين إن المسلمين هم الذين قاموا بحماية اليهود، فاليهود موجودون في كل العالم الإسلامي بينما الغرب هو من اضطهدهم.
حتى أن الكنائس المسيحية موجودة في كل العالم الإسلامي وأننا نعلم أنه في إيران هناك الزردشتية، على رغم أن إيران دولة إسلامية كما تعبر عن نفسها فهناك ممثلون لليهود والنصارى في مجلس الشورى الإسلامي لذلك فنحن نقول أن مسألة فصل الدين عن الدولة لا تنسجم مع طبيعة التكوين القانوني والفكري والحركي للإسلام هذا إنما تنطبق على المسيحية، لأنها لا تملك نظاماً قانونياً شاملاً، كما هي المسألة في الإسلام وعلى أساس ما يرددوننه: “ما لله لله وما لقيصر لقيصر”.

إيران ليست معصومة عن الخطأ
س: لقد أشرتم سابقاً إلى أن الإسلام يجيز المعارضة وأعطيتم الأمثلة عن الخلفاء الراشدين، فهل تشير بشكل ما إلى المعارضة في إيران؟
ج: أنا أتصور أن هناك معارضة في إيران، ولكن إثارة هذه الأجواء، أي ما حدث إنما هو نوع من أنواع المعارضة، هناك إصلاحيون ومحافظون الآن في إيران ومجلس الشورى يضم الاثنين في تركيبته.
وقد حدثت الانتخابات على أساس أن الشعب الإيراني انطلق بكله فعندما ينطلق. مليون إيراني ليضعوا أوراقهم في صناديق الاقتراع لا بد من تواجد رابح وخاسر ومن الطبيعي جداً  أن الخاسرين بفعل التعقيدات الموجودة في الداخل وبفعل الحرب الإعلامية العالمية التي بدأت منذ زمن طويل ضد إيران ولا تزال خصوصاً في الجانب الإعلامي في هذا المقام أن يكون هناك نوع من الإثارة الذي جعل الخاسرين يشعرون بسلبية.
وقد قيل لهم من قبل المسؤولين في إيران بأن هناك قانوناً ودستوراً يحدد طبيعة الانتخابات أي حصولها على الجانب القانوني أو عدم حصوله. ولكن المعارضين لم يقبلوا ذلك، وقيل لهم تعالوا وقدموا ما عندكم مما تسجلونه على الانتخابات كي يصار إلى إعادة الانتخابات من جديد وهم لم يقدموا ذلك، بل قدموا ما يدعونه، وقدموا بعض الأشياء التي درسها لمصلحة مجلس صيانة الدستور.
لذلك فالقضية في إيران كانت مماثلة للقضية في لبنان فالخاسرون هنا أيضاً يتحدثون بالعودة إلى المجلس الدستوري ولكن هناك في إيران لم يقبلوا ومن الطبيعي فإيران ليست معصومة عن الخطأ، ففيها معارضة، هناك جماعة مع النظام وهناك من هو ضد النظام.
وأرادت الدولة أن تكون التظاهرات سلمية لكن دخل عليها من حولها إلى ما يشبه الفوضى وانطلقت الحرب الإعلامية لتصب الزيت على النار.
وحتى نعرف أن الرئيس السابق جورج بوش عندما نجح، فقد نجح من خلال المحكمة العليا، لأنه كان هناك جدل في الانتخابات إن كانت تعطى لآل غور مثلاً.
 وهذا الأمر كان طبيعياً في إيران ولكن طبيعة الأوضاع المحيطة بالجمهورية الإسلامية من خلال أميركا ومن خلال الغرب وإسرائيل، خصوصاً، في نظرتهم إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد فكل هذه العوامل اجتمعت وأدت إلى هذا الجو المحقون وغير المتوازن.

الوضع العراقي
س: ماذا تقولون عن الوضع في العراق؟
ج: أنا لا أثق بأميركا لأنها دخلت العراق بالبداية كما قال”جوني أبو زيد” هذا القائد الأميركي – اللبناني الأصل: “دخلنا العراق للسيطرة على النفط، ولأن العراق جسر لكل الدول المجاورة (جسر للسعودية، لتركيا، لسورية ولإيران).
لذلك أميركا دخلت العراق من جهة للسيطرة عليه كموقع استراتيجي لحماية مصالحها في المنطقة، لكن كما يقال: “لم يجر حساب الحقل على حساب البيدر”.
فقد عانت من العراق كثيراً، فنحن نقرأ في الإحصائيات أن عدد قتلى الجيش الأميركي بلغ 4 آلاف وأن الجرحى يزيدون عن 30 ألفاً. لذلك فإن الوضع الأميركي في العراق أصبح وضعاً مثيراً للرأي العام الأميركي من العراق، لا سيما بعدما دخلت الحرب في باكستان وهي أيضاً تعمل على ما يسميه بوش: “الفوضى الخلاقة” بحيث أنها دخلت لتربك الواقع في الصومال وفي السودان وحتى في لبنان كما نلاحظ في موقفها في الانتخابات وفي موقفها الآن في تعقيد قضية تأليف الحكومة وما إلى ذلك.
ولاحظنا أن نائب الرئيس الأميركي جون بايدن عندما جاء إلى العراق حاول أولاً التدخل في قضية المصالحة بين العراقيين وبين الأكراد والعرب وكان يقول إذا امتد العنف فسوف تتخلى أميركا عن التزاماتها في العراق.
وثم نلاحظ أن أميركا التي وقعت اتفاقية أمنية مع الحكومة العراقية وبدأت الآن في الانتقال من المدن إلى خارج المدن ربما نجد أنها تفكر من خلال التطورات في أن تجعل من العراق قاعدة عسكرية تماماً كما في القواعد في الكويت وقطر.
أنا لا أثق بها باعتبار أنها تعمل على أساس أن يكون بيدها قيادة العالم. وكذلك هي تخاف من أن يحصل العراق على قوة عسكرية، لأنها دخلت العراق من اجل إسرائيل كما صرح بعض القادة الأميركيين: “إننا أنقذنا إسرائيل من قوة كبرى كانت تمثل خطراً عليها وهي العراق لذلك كان من بين أهداف أميركا إضعاف العراق وإسقاط قوته من أجل حماية إسرائيل من كل المناطق القوية العربية التي تحيط بها”.
وإسرائيل بالنسبة إلى أميركا تمثل موقعاً يكاد يكون أقوى من أية ولاية أميركية ولذلك كنت أقول لبعض الصحافيين الأميركيين أن الانطباع عندنا في العالم العربي والإسلامي أن إسرائيل تتمرد على أميركا في هذا المجال بطريقة أو بأخرى.
وعندما رأت إسرائيل أوباما يتحدث عن الدولتين، تحدث بالتالي نتانياهو عن دولة لا لون لها ولا طعم ولا رائحة، دولة لا تملك جيشاً ولا سلطة لها على المياه والحدود. دولة لا سلطة لها على أية علاقات مع الخارج وتبقى المستوطنات.
وقد ارتاح أوباما لمجرد كلمة الدولة الثانية وإن كانت فارغة من المضمون وإنني قرأت لمسؤول إسرائيلي قوله: “فليسمونها دولة فليسمونها امبراطورية، هذا أمر لا يخصنا المهم نحن علينا أن نعمل على ما يمثل مصالحنا وأما التسويات فلنناقش بحسب ما يريدون”.
كأنهم يضحكون على ذقون العرب كما ضحكوا مدة ستين سنة!

أحمل لواء الوحدة الإسلامية منذ 1952 ومرجعيتي
ليست محصورة فقط بالشيعة
س: يقول الكثيرون أن مرجعيتكم محصورة فقط بالطائفة الشيعية مع العلم أنها مقبولة عند مختلف الطوائف ولا سيما عند الطائفة السنية فما هي الخطوات لتوحيد المسلمين؟
ج: الكلام عن انحسار حركتي الشرعية والفقهية في الدائرة الشيعية غير واقعي لأنني منفتح على الواقع الإسلامي، وأن انطلقت في الحياة، من أول الخمسينيات كإسلامي.
وأذكر أن في  أول سفرة أتيت فيها إلى لبنان سنة 1952، وأنا في الأصل ولدت في العراق ألقيت قصيدة في بيروت في منطقة قصقص في تأبين السيد محسن الأمين دعوت فيها إلى الوحدة الإسلامية وأنا أحمل لواء الوحدة منذ ذلك الوقت.
وأنا على يقين أن الكثير من إخواننا المسلمين السنة يصومون ويفطرون بناء على الفتوى التي أفتيها على أساس الحسابات الفلكية العلمية.
وأنا قلت لا فرق بيننا وبين السنة في أوقات الصلاة، لذلك كانت تأتينا بعض الاستفسارات عن مسلمة مثلاً شيعية متزوجة من مسلم سنّي وعند وضع المائدة للإفطار، مثلاً فالشيعة عادة يبقون إلى ذهاب الحمرة المشرقية، فأنا قلت لهم إنكم تستطيعون أن تفطروا معهم، لأننا نتفق مع إخواننا المسلمين السنة في قضية أن الغرب يتحقق بسقوط القوس.
الحسابات الفلكية أدق من الرؤية ولن تخطىء
ولو حتى واحد في المئة؟
“الله خلق الشهور قبل أن يخلق العيون”.
س: أين أصبحت فتواكم في العالم الإسلامي بالنسبة إلى موضوع اعتماد الفلك؟
ج: أنا أعطيت هذه الفتوى انطلاقاً من دراسة عميقة وهي أن العلماء المسلمين من السنة والشيعة يعتمدون على قول الرسول (عليه الصلاة والسلام): صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته”، فيعتبرون أن الرؤية هي الأساس إنما أنا أرى أن الرؤية هي وسيلة من وسائل المعرفة وليست لها موضوعية بحيث يدور الحكم مدارها وجوداً وعدماً ولذلك كنت أضرب المثل الآتي لبعض الناس الذين يستفهمون في هذا الشأن أنه إذا قال لك شخص إذا رأيت فلاناً فأخبره هذه الخبرية، ولكنه اتصل بك ولم تره إلا تخبره؟ ولكنك لم تره! ما يبرهن أن الرؤية إنما هي وسيلة من وسائل المعرفة.
هذا جانب، أما الجانب الثاني فهو أن الحسابات الفلكية أدق من الرؤية، لأن الفضاء أصبح ملوثاً من خلال المصانع والمعامل حتى أنه يمكننا رؤية 20 هلالاً تلمع في الأفق ولا هلال حقيقياً.
لذلك فالرؤية قد تخطىء ولكن الحسابات الفلكية لن تخطىء ولو حتى 1% في هذا الموضوع، ولذلك كنت أقول أن الشهر يمثل النظام الكوني في الزمن، لأنه ليس هناك حواجز مادية بين شهر قمري وشهر قمري آخر، وإنما ينطلق الشهر القمري إذا دخل القمر في الميحاق مثلاً ودخل في الجانب المظلم فينتهي الشهر وإذا دخل في الجانب المضيء يبدأ الشهر الآخر.
فالقضية أن الله (سبحانه وتعالى) يقول: “إن عدة الشهور عند الله 12 شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض” فالله بالتالي خلق الشهور قبل أن يخلق العيون.

الاستنساخ لا يُعتبر خلقاً لأنه لا يخلق القانون
نشرع طفل الأنبوب والتلقيح الصناعي
س: سماحتكم اجتهدتم ففتوتم وحللتم الاستنساخ لماذا؟
ج: الاستنساخ فيه جانبان أولاً الجانب الذي يتصل بالخلق وجانب يتصل بعملية مفاسد الواقعية المترتبة عليه.
الاستنساخ لا يعتبر خلقاً لأن الخلق هو خلق القانون لا خلق الشكل ولذلك فنحن مثلاً نشرع طفل الأنبوب والتلقيح الاصطناعي، لأن مسألة ولادة الكائن الحي يخضع لخلية مؤلفة من 46 كروموزوم، 23 نطفة و23 بويضة.
والمستنسخ يفرع البويضة من الـ23 ويأتي بخلية ناضجة ويزرعها فيتحقق الكائن الحي فإذا معناها أننا ما زلنا على قانون الـ46.
وهو القانون الذي أودع الله فيه “سر الخلق” وإذاً معناها أن الإنسان لم يتحول إلى خالق ولكنه استهدى الخالق في القانون الذي يمكن فيه من تكوين الكائن الحي.
أما في مسألة تحويل الاستنساخ إلى واقع فهذا لا بد أن يدرس من خلال التجربة هل أن النفع أكثر من الضرر أو أن الضرر أكثر من النفع؟.
هذا لا نستطيع أن نحكم به الآن، إلا بعد أن ينتشر الاستنساخ وهذا ليس بوارد ولا يمتلك فرصة، لأن الناس تستخدم موانع الحمل كي تحدّ وتقلل الإنجاب. كما أن الاستنساخ بالنسبة إلى مال وجهد وإلى ما ذلك.
ولهذا فهو مجرد نظرية علمية قد نحتاج إليها في ما إذا أمكن استنساخ عضو واحد مثلاً أو ما شابه ذلك وعملية استخدام الأعضاء إذا كان هذا واقعياً، ولذلك لا أرى ذلك حراماً، فليس هناك اساس للتحريم.
س: السنة يتهمون الشيعة بأن زواج المتعة لا يجوز فما قولكم في ذلك؟
ج: علينا إذاً، أن نعترض على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأن المسلمين كانوا في غزوة وجاؤوا إلى رسول الله ورخص لهم الاستمتاع. والسنة والشيعة متفقون على أن النبي شرع المتعة.
ولكن السنة يقولون إن النبي نسخها بعد زواجه ولكن الشيعة يقولون أنها لم تنسخ ويروون عن ابن عباس وعن عبد الله ابن عمر أنهم كانوا يستمتعون في عهد الرسول وفي عهد أبي بكر وفي قسم من عهد عمر، حتى حرمها عمر، وقال: “متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما” (متعة النساء ومتعة الحج).
وقيل إن هذا تحريم إداري وأن ليس له حق التشريع.
والمسألة هي محل جدل فقهي بين السنة والشيعة وقد كتب فيها الكتب الكثيرة بين من يثبت النسخ ويقول إنها غير شرعية وبين من ينفي النسخ وهم الشيعة.
وذلك أتصور أن المسألة لا بد أن تدرس فقهياً ولا يرجع في هذا المجال إلى الوسائل التشهيرية التي ربما يكذب بها أحدنا الآخر لأنها مجرد مسألة فقهية لا بد أن تبحث في الأصول الفقهية في هذا المجال.

لا فائدة للمؤتمرات الدينية
س: مع اقتراب شهر رمضان المبارك فما قولك على اختلاف بدايته ونهايته حتى بين الشيعة نفسهم والسنة نفسهم؟
ج: إن الوقائع العلمية التي شهدها العالم كله، وخصوصاً في السنوات القليلة الماضية، تؤكد بأن الحل المنطقي والشرعي لهذه المسألة تتمثل في الأخذ بالحسابات الفلكية الدقيقة، ولكنني منفتح على أي مؤتمر يضم الفاعليات العلمية والوحدوية السنية والشيعية، لأننا منفتحون على كل ما يمثل مصلحة الأمة ومصلحة الإسلام في مختلف المسائل الشرعية والميدانية.
س: هل يفسد طلاء الأظافر الوضوء؟
ج: كل شيء لاصق لا يفسد الوضوء. ولقد أصدرت فتوى بهذا الموضوع.

سيبقى لبنان مجرد رئة تتنفس بها مشكلات كل المنطقة
س: بالنسبة إلى مستقبل لبنان في ظل الوضع السياسي الحالي فما رؤيتكم؟
ج: استشهد ببيت شعر يصف الحال:
وكأننا والماء حولنا  
قوم جلوس حول الماء
إن لبنان سوف يبقى مجرد رئة تتنفس فيها مشكلات كل المنطقة ومجرد شعب يتبع أشخاصاً.
فالانتخابات ليست انتخابات الشعب اللبناني وإنما هي انتخابات أشخاص عدة يسير وراءهم كل الأبناء.

Print Friendly

عن admin

شاهد أيضاً

نشرة الأربعاء 16 تشرين الأول (10) 2019 العدد 5781

رئيس الجمهورية تابع التطورات المتعلقة بالحرائق في عدد من المناطق، وقمة لبنانية-ايرلندية غدا في قصر ...

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *